غمرتني الدهشة خلال زيارتي الأولى لمرسم الفنان صفوان داحول في دبي، حيث غُطّيت الجدران بلوحات ضخمة، وشاهدت رسومات بحجم كبير بدت وكأنها تراقبني.
ها أنا أعود مرةً أخرى إلى عالمه، ولكني لم أجد لوحات على الجدران أو على الحوامل الخشبيّة، بل ظهر بدلاً منها لوحات منمنمة تبعثرت في أنحاء المرسم، وسُندت على الكراسي، وتكوّمت على الطاولات والأرضية. وكانت موضوعاتها تشبه أعمال صفوان كما نعرفه، ولكنها رسمت في لوحٍ أصغر باللونين الأبيض والأسود مع درجات الرمادي كذلك. وكانت تلك جزءاً من أحلام مستمرّة تصوّر كائناتٍ أنيقةٍ بوجوه دائرية وملامح وعيون جميلة، ولكن على مقياسٍ أصغر. بدأنا بالحديث بينما كنت أصوّر في المرسم، حيث ظهر متعباً جداً وأوضح أنه كان يعمل بلا توقف للتحضير لهذا المعرض، Miniatures أو “المنمنمات”، ليكون على أتم الاستعداد ليوم الافتتاح الذي يوافق اليوم، تحدثنا كما نفعل عادةً، أنا بلكنتي العربيّة المكسّرة، وهو بلكنته الإنجليزيّة المكسّرة.
وخلال حديثنا، سألته عن السبب الذي دعاه لتغيير أبعاد رسوماته، حتى لا يتعدى حجم بعضها قدم مربّع (وهو ما يعادل 1% من حجم أعماله السابقة)، وأخذ يريني بعضها واحدة تلو الأخرى وعن قرب، فلاحظت أن ملامح معظم السيدات كانت حزينة ومرعوبة نوعاً ما، كما لاحظت العامل المائي. وقد قال صفوان: “هؤلاء هن النسوة اللواتي أرسمهن عادةً، ولكنهن الآن يمثّلن اللاجئات السوريات؛ هؤلاء هن سيدات دمشق”، وأضاف مفسّراً: “النظرات والصمت والخوف… خوفٌ كبير. وانتظار لشيء مجهول. عندما أفكّر في الأمر أجد أن النساء -الآن كالبلاد- قد تغيّرن. أجد الحيرة، ولا شيء يرجى، بينما يسقط شيء ما… هنا دمشق”.
معرض “منمنمات” Miniatures يفتح أبوابه بحفل استقبال يقيمه الفنان من 7 – 9 مساء الإثنين 9 يناير، في صالة “أيام غاليري” في السركال أفنيو بدبي.