تابعوا ڤوغ العربية

نهضة الأزياء في المنطقة العربية تبدأ الآن

aus_credit_modas_touchhanaa_ben_abdesslem_vga_20161027_01_b

مهيب دهبية في موقع التصوير مع حنا بن عبد السلام، 2014 (ترتدي تصميم من غوتييه باريس). حقوق الصورة لموداز توتش

يعتبر مدير المشاريع الخاصة في مجلة ﭭوغ العربية مهيب دهبية الرجل المثالي الذي يجمع بين الشخصيات البارزة والعلامات الفاخرة على حد سواء. حيث يشتهر بتعاوناته الإبداعية التي تربط الشرق بالغرب بأسلوب فكاهيّ لطيف وعصري وأنيق.

الأزياء المُلفتة
كنت متحمساً جداً في الـ18 من عمري للحصول على شهادة بكالوريوس في تسويق الأزياء من جامعة سنترال سانت مارتنز (CSM) عندما انتقلت للعيش في لندن عام 1998. وشكّل هذا الانتقال أول تحد كبير لي في المملكة المتحدة مع أصولي السورية. كانت التوقعات في بدايتها. ومع ذلك كانت تشتهر جامعة سنترال سانت مارتنز حول العالم بكونها حاضنة لأزياء المصممين الأشقياء. تخرج من الجامعة في ذلك الحين كلاً من جون غاليانو (1984) وألكسندر مكوين (1982) إضافة إلى حسين شاليان (1993). كانت عبقرية الطالب وحسن تصرفه هي ما يمكن أن يميزه هنا.

وكانت جامعة سنترال سانت مارتنز أشبه بمختبر يعمل على تشكيل وإبراز المواهب العبقرية المتمردة والاستثنائية، وقد ولّدت لديّ الفكرة الراديكالية السائدة هذه شيئاً من مشاعر الخوف والإثارة في الوقت ذاته. حتى أن البناء ذاته الواقع في شارع تشارينغ كروس رود (تم تشييده عام 1939) كان بناءً مشققاً ومتسخاً. فقد آمنت رئيسة قسم الدراسات العليا في الأزياء الراحلة لويس ويلسون بأن الجو العام المتداعي هذا هو ما يحفز طلابها ويدفعهم إلى النجاح.

لم يكن هذا النوع من التصاميم طقساً سرياً على الإطلاق، فقد تسرب إلى تصاميم أزياء باريس الراقية بفضل مجموعة ألكساندر مكوين إيكلكت ديسكت Eclect Dissect. حيث قال مكوين عن مجموعته التي صممها لعلامة جيفنشي خريف 1997.

لم تمنحني السنوات التي قضيتها في كل من سوريا ولبنان شيئاً يهيئني لمثل هذه البداية على الإطلاق، فقد نشأت في جيل مهووسٍ بالخوف والبشاعة.

بيروت، لؤلؤة الشرق الأوسط
يعود المصمم اللبناني ربيع كيروز بذاكرته قائلاً: “من سوء الحظ، لم يكن الحفاظ على التراث الثقافي في بيروت يمثل أولوية لدى أحد خلال سنوات الحرب الأهلية الطويلة (1975- 1990)”. وأضاف: “كان علينا أن ننظر إلى الثقافات الأخرى في الخارج لاستيراد الفنون والتصاميم المعمارية وحتى الأطعمة والمواد الغذائية نظراً للظروف السياسية السيئة والتدهور الاقتصادي الكبير في ذلك الحين.”

كانت بيروت قبل الحرب عاصمة المنطقة الفكرية في مشهد يعج بالنجوم والمشاهير إضافة إلى تنامي الطلب المتزايد على الأزياء. وقد استغلت ذلك مجموعة من ورشات الخياطة المحلية وحاولت تقليد دور الأزياء الراقية في باريس لدرجة أنه تم الاعتراف بهم من قبل الدور الفرنسية ليكونوا بمثابة ممثلين محليين لها أمام الزبائن الأثرياء الذين توافدوا من دول الخليج والذين كانوا يعتبرون السفر إلى بيروت أسهل بكثير من باريس. فقد كانت كل من المدام صالحة (فالنتينو) والمدام شانتال (ديور) والمدام جيني برونست (شانيل وفيونيه) شخصيات بارزة بحد ذاتها.

ابتكر جان بيير ديليفيه أزياءً مصممة حسب الطلب للعديد من إطلالات السيدة فيروز في مهرجان بعلبك الدولي السنوي، وقيل بأن المطربة صباح وحدها قد ظهرت بأكثر من 300 فستان من تصاميم الراحل وليام خوري (بدءاً من عام 1964). كما تم تكليف وليام خوري بتصميم عباءات رائعة لكل من شاه إيران وزوجته فرح ديبا. ومع ذلك فلا أحد يعرف الكثير عن هذين المصممين.

أهدتنا مصر كليوبترا وشريهان
بينما ازدهر مشهد الموضة والأزياء في بيروت، تألقت القاهرة بعالم السينما والتلفزيون. حيث أعطتنا المدينة الصاخبة هذه ما قد يكون أهم نهضة شهدها العالم العربي في مجال الأزياء تمثلت بفوازير رمضان. جذبت عروض الإيقاعات السريعة والرائعة هذه التي كانت تُبث خلال شهر رمضان كافة طبقات المجتمع من جميع الأعمار، وكانت المفاجأة التي تعرضها كل عام على الهواء من الفن المذهل البسيط والخيالي تفوق السنة التي قبلها. تخيلوا تعاون كل من بوب ماكي وديفيد لاشابيل وجان بول غودي في عرض مسرحيّ راقص بميزانية ضعيفة. يُعرف المخرج فهمي عبد الحميد بأنه مبتكر هذا النوع من الفنون وصانع نجماته البارزات، نيلي (1975-1981) وشريهان (1985-1987). ومع هذا لم يتم إلقاء الضوء على الأزياء المثيرة والجذابة التي كانت تعتبر إطلالات عصرية رائدة على مستوى المنطقة في ذلك الوقت. كانت كل من أمل رضوان ووداد عطية من المصممات القلائل اللواتي ظهرت أسماؤهن في شارتي البداية والنهاية من عروض شريهان.

تم بيع فستان بوب ماكي الذي ارتدته شير في برنامج شير آند سوني عام 2005 ست مرات تقديراً لأهميته ومن المتوقع بيع فستان جان لويس الذي ارتدته مارلين مونرو في أغنية Happy Birthday, Mr. President بما لا يقل عن مليوني دولار أمريكي في مزاد علني الشهر القادم. كم ستساوي أزياء شريهان لو تم بيعها في مزاد علني الآن؟ وهل تم الاحتفاظ بها جميعها أم لا؟ كم ستكون قيمتها؟ من أين علينا أن نبدأ؟ هذه الإبداعات هي الكنوز الثقافية الحقيقية لمنطقتنا وهي جديرة بأن تُخلّد في معرض خاص بها.
يجب أن يكون لمجلة ﭭوغ العربية دور أساسي كبير في إعادة إبراز قيمة الأعمال القديمة المنسية في منطقتنا للمصممين الذين توقفوا الآن عن الإبداع إضافة إلى تحديد المعالم الثقافية الاستثنائية فيها.

لدينا إمكانيات مذهلة، دعونا نبهر العالم بها الآن

يعود سحر الأزياء في الوطن العربي إلى فترة العشرينيات من القرن الماضي عندما استلهمت مدام لانفان الكثير من تصاميمها من خلال رحلاتها إلى مصر وفترة الثلاثينيات عندما تأثرت إلسا سكياباريللي كثيراً بإطلالات سكان شمال أفريقيا وخاصة في تونس حيث بنت منزلاً لها هناك. كما صممت ثيا بورتر في ستينيات القرن الفائت أثواب قفطان مستخدمة الحرير والأقمشة المطرزة الغريبة والمثيرة التي جلبتها معها من دمشق، المكان الذي نشأت فيه.

بدأت أول مغامرة لمجلة ﭭوغ في الشرق الأوسط خلال فترة الستينيات. حيث تطلعت كل من النسختين الأمريكية والبريطانية خلال بحثهما عن الخلفيات الجذابة لأغلفتها إلى هذه المنطقة بسبب مناظرها الطبيعية الخلابة. حيث أرسلت بيتركس ميلر المصور الفوتوغرافي جون كوان إلى أبو ظبي بصحبة المحررة بولي ﭭيرنون وهي أول امرأة تسافر إلى الإمارات (في أمان الله أبوظبي) عام 1965 أي قبل أن تصبح الإمارات دولة غنية بالنفط. بينما أرسلت ديانا ﭭريلاند كلاً من هنري كلارك وليسلي بلانتش في رحلة إلى سوريا والأردن (مقالة Match Me Such Marvel، عدد ديسمبر 1965). استمر التركيز على صور وقصص الأزياء في الشرق الأوسط وأرسلت محررة ﭭوغ البريطانية ألكساندرا شولمان كلاً من توم كريغ وستيلا تينانت في مهمة خاصة بذلك إلى سوريا عام 2009 حيث نشرت ستيلا تينانت مذكراتها اليومية لهذه التجربة في المجلة تحت عنوان (The Road to Damascus، مايو 2009).

صرحت آنا ونتور في فيلم وثائقي بعنوان أبسلوتلي فاشن Absolutely Fashion عُرض على قناة البي بي سي بأنه يجب على ﭭوغ أن تمثّل البلد التي تُنشر فيه وأنه يجب على محرري ﭭوغ “إنشاء توازنٍ بين مستقبل الأزياء وما هو موجود الآن.” تقع على كاهلنا في ﭭوغ العربية مسؤولية توثيق التراث الثقافي العام والتراث الإبداعي لمجال الأزياء في المنطقة. حيث نضع الآن خلال رحلتنا في عالم الموضة والأزياء الركائز والدعامات الأساسية لمستقبل المنطقة إضافة إلى إظهار معالمها القديمة والمنسية.

عقّب ربيع كيروز قائلاً: “علينا الآن وبعد أن انطلقت ﭭوغ العربية أخيراً أن نكون شديدي الملاحظة وأن نتمسك بإرث أجدادنا لإنقاذ الفنانين الذين أُهملوا لفترة طويلة. هذا ما تقتضيه روح الحداثة والتطوير.” وأضاف: “لدى كل منا دور هام عليه القيام به على مختلف الأصعدة.” لن نقوم بإعادة تطبيق ما أنجزه الآخرون قبلنا، لكننا سندعم طريقة التفكير المتجددة لتشجيع صناعتنا الناشئة المتنامية في إنشاء جيل يتحلى بنمط التفكير الحر الخاص به.
aus_credit_modas_touchyoussra_02_vga_20161027_03_b

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع