بسبب ظروف الجائحة العالمية، بات جدول عروض الأزياء في تغيّر مستمر بعد أن كان لا يقبل التغيير بأي حال من الأحوال، ما دعا كبار مصممي الأزياء إلى إعادة التفكير لإيجاد السُبُل التي يمكنهم من خلالها عرض أزيائهم للمواسم المقبلة. وقد أدت هذه المرحلة الحاسمة إلى إتاحة فرصة فريدة أمام علامة رالف آند روسو البريطانية لقلب نهج عروض الأزياء رأساً على عقب واقتحام عالم المستقبل عبر التركيز على الفضاء الرقمي. ومن هذا المنطلق، آثرت العلامة المعاصرة إزاحة الستار عن مجموعتها لخريف وشتاء 2020/2021 عبر الفيديو، في سابقة هي الأولى من نوعها طوال تاريخها الحافل بالإنجازات، وذلك يوم 6 يوليو، لتُقْدِم بكل اقتدار على تجربة جديدة من نوعها، بالتعاون مع الغرفة النقابية لصناعة الأزياء الراقية.
ولطالما فرضت علامة رالف آند روسو وجودها على السجادة الحمراء باعتبارها من العلامات المفضلة لدى أشهر النجمات، وهي أيضاً من الضيوف المنتظمين في أسبوع باريس للأزياء الراقية، إذ تضرب قطعها المميزة نموذجاً للبراعة والإبداع. وفي إطار سعيها لتنقل إلينا هذه الروح الابتكارية عبر هذا القطاع الافتراضي الجديد، تخطط الدار العريقة أيضاً إلى بث الحياة في مجموعتها المعلقة تلك، عبر الاستعانة بعارضة أزياء غير متوقعة، ألا وهي شخصية أڤاتار رمزية تدعى “هولي”. وتمثل هولي بذاتها “القوى الإيجابية للتغيير” في صناعة باتت على أهبّة الاستعداد للتطور والتقدم، كونها تعكس التآزر الفعّال بين الذكاء الاصطناعي من ناحية، والموضة من ناحية أخرى. وفي عرض حصري سريع وخاطف، تتألق هولي بعدد من الفساتين الرائعة من مجموعة خريف وشتاء 2020/2021 على خلفيات افتراضية لصور عجائب الدنيا، لتعكس بشكل مثير الطبيعة المذهلة لمجموعة الأزياء هذه.
وقبل انطلاق هذا العرض المذهل غداً الاثنين، تحدثنا مع تمارا رالف، أحد مؤسسي الدار الشهيرة، عن أهمية ابتكار شخصية هولي في هذه اللحظة الحاسمة، وسألناها عن أكثر فقرات العرض إثارةً والتي لا تطيق الانتظار حتى يشاهده الجمهور، وكيف ساعدها الانعزال الذاتي في استلهام أفكار جديدة ومبتكرة تتناسب مع توقعاتها بما يحمله لها هذا المستقبل المجهول.
ما أهمية هذا العرض، الذي تقيمه الدار لأول مرة على الإطلاق في الفضاء الرقمي، بالنسبة لمستقبل العلامة؟ وهل تعتقدين أنه سيصبح النهج المتبع في صناعة الأزياء الراقية ككل وليس في رالف آند روسو فقط؟
يؤكد المناخ الحالي على أهمية الفضاء الرقمي كقناة نطلّ من خلالها على جمهورنا، وعلى ضرورة أن تواصل العلامات نشاطها الرقمي بانتظام من خلال طرح محتوى فريد يجذب الجمهور، وهو ما يتطلب أيضاً ابتكار أساليب جديدة للوصول إلى العملاء. ولطالما كان ذلك مهماً في رأينا، ولكن تجلّت لنا قيمته الحقيقية خلال الأشهر القليلة الماضية. لقد استمتعت بهذه التجربة وتعلمت منها. وينطوي هذا القطاع في الواقع على فرص لا حصر لها، كما يفسح المجال أمام مزيد من الإبداع والابتكار.
ولا شك أن الاتجاه إلى القطاع الرقمي سيصبح من أولوياتنا في الفترة المقبلة، بل وسنعتمده نهجاً جديداً لنا. وأرى أن هذا الاتجاه سيمتد ليشمل صناعة الأزياء بأكملها، بل وسيذهب لأبعد منها ليشمل فئات أخرى من المنتجات. إلا أنني ما زلت على يقين أن هناك قيمة وفرصة كبيرتين للتعامل مع جمهور العلامة وعميلاتها وصديقاتها في الحياة الواقعية أيضاً. ومن هذا المنطلق، أرى أن الأمر يتعلق بمحاولة تحقيق التوازن المثالي بين هذين الصعيدين في المستقبل، والقيام بذلك على نحو مسؤول.
هل ترين أن العروض الرقمية المتكاملة لها مزايا أو فوائد أكثر من العروض العادية؟ وما أكثر أمر لا تطيقين الانتظار حتى يشاهده الجمهور؟ وما الذي تفتقدينه بشدة من العرض الحيّ؟
أعتقد أن الاتجاه إلى العرض الرقمي بالكامل يتيح فرصاً فريدة، كما يضعنا أيضاً أمام تحديّات. وبالنسبة للمزايا، فكما ذكرت آنفاً، يمنحك هذا العرض الفرصة لإطلاق العنان لملكاتك الإبداعية، فالخيارات تصبح أمامك لا متناهية. وعلاوة على ذلك، بإمكانك الوصول إلى أكبر عدد من الناس على المستوى العالمي نظراً للانفتاح الذي يوفره لك القطاع الرقمي، بينما تقتصر العروض الفعلية على نطاق الحضور من الجمهور أو المهتمين بمشاهدته بمجرد نشره عبر الإنترنت. وأنا متحمسة جداً لرؤية (أو لنقل: لقراءة) ردود فعل الجمهور على مجموعتنا لهذا الموسم، وعلى الطريقة التي اخترناها لإزاحة الستار عنها أمام العالم.
وبالنسبة للتحديّات، فأرى أن الافتقار إلى التفاعل وجهاً لوجه هو أكبر تحدٍ يفرضه ذلك علينا، وكذلك الافتقار إلى أن نكون جميعاً داخل قاعة واحدة أثناء تقديم العرض. فلا شيء يضاهي العروض الفعلية التي تمنحنا مشاعر فريدة من نوعها. وعلى الرغم من أن الوسائط الرقمية من الممكن أن تجعل من العرض تجربة استثنائية، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تكرار نموذج العروض الحيّة في مجملها، وأنا فعلاً أفتقد ذلك بشدة. ورغم كل ما قيل، لا يزال لديّ يقين راسخ بأن التغيير سيأتي إلينا بالأفضل، وأرى أنه من الأهمية بمكان ابتكار أساليب جديدة لعرض المجموعات وتطبيق تلك الأساليب. ببساطة، لن يتسنى لنا معرفة النتائج ما لم نخض التجربة أولاً.
كيف اختلفت عملية تصميم مجموعة خريف وشتاء 2020/2021 مقارنةً بالمواسم السابقة؟ وهل توصلتِ إلى درس بعينه أو عبرة ما أصبحت ركيزة أساسية في العمليات الإبداعية المقبلة؟
من المثير للاهتمام أنه قبل أن فرض الحظر في المملكة المتحدة، كنت أعمل بمفهوم عقلي مختلف تماماً وكان مصدراً لإلهامي، ولكن الوضع الراهن في العالم دفعني حقاً للإبطاء والتأمّل، ما قادني إلى التفكير في الجمال البالغ لعالمنا. أردت أن أبتكر مجموعة تسمح للناس بأن يلوذوا بعالم الخيال، وتحثهم على الاستمرار في الحلم بكل جميل. وفي مثل هذا الوقت، أرى أن الجمال وروائع الأزياء لا تحتاج إلى أكثر من ذلك.
وبلا شك، تطورت عملية التصميم أثناء العمل عن بُعد، فالعديد من اجتماعاتنا الخاصة التي تسبق تصميم الأزياء باتت تقام الآن عبر الفيديو – ولا تتوقف الاتصالات! ولكن أكبر قيد واجهناه كان في الواقع عدم قدرتنا على رؤية الأقمشة ولمسها، ولف الفساتين على مجسّمات المانيكان لعرضها. ولكننا تأقلمنا مع الأسلوب الجديد في العمل بقدر ما أمكننا، وحاولنا الاحتفاظ بهذا العنصر من خلال عرض التصاميم لبعضنا عبر مكالمات الفيديو، وتبادلنا العينات بالبريد كلما أمكنا.
وكان من أكبر التحديّات التي واجهتنا سعينا لإيجاد طرق للحفاظ على حماس الفريق، فقد كان من السهل في مثل هذا الوقت أن نُستنزَف بسبب ما يجري في العالم. وقد ساعد العملُ في هذا المشروع الجديد تماماً على استمرار الإلهام لدى الفريق والتفكير فيما سيأتي بعد، بما فيهم أنا نفسي. ومن ناحية تطور العملية الإبداعية، كان علينا أن نغيّر فكرنا لنكون أكثر مرونةً وتركيزاً على الجانب الرقمي، وهذا درس لن يبقى معنا فقط، بل وأصبحنا في أمسّ الحاجة إليه. فمجالنا ينطلق بسرعة كبيرة، وإن لم يكن هناك أي جانب إيجابي في كل ما حدث، فيكفي أنه أجبرنا على إعادة تقييم أسلوبنا في العمل.
من أين واتتكِ فكرة هذه العارضة الرمزية، وكيف استوحيتِ هذه الملهمة؟
لطالما كنتُ مولعة بالمجال الرقمي، وخاصة الذكاء الاصطناعي ومكانته المحتملة في عالم الموضة. ورغم أن الذكاء الاصطناعي من الوسائل التي أردتُ استكشافها منذ زمن طويل، إلا أن التطورات الأخيرة في العالم، والقيود التي فرضت فيما بعد، هي ما جعلني حقاً أشعر بأن الوقت قد حان للقيام بذلك. وقد لا تكون الشخصيات الرمزية بالشيء الجديد، ولكني أشعر بأنها لم تنفذ بالكامل في إطار الأزياء الراقية كفئة، نظراً لطبيعتها الأصيلة القائمة على الحِرَف اليدوية القديمة، والتقنيات، والعناية المذهلة بالتفاصيل.
وتعمل فتاتنا الرمزية، هولي، عارضة وملهمة للعلامة في الوقت نفسه. وتحمل اسماً تقليدياً باللغة السواحلية يعني الصلابة والقوة. وقد استوحيت هولي من روح وجمال النساء الملهمات اللواتي يغيّرن الحياة في أركان العالم الأربعة، وهي بمثابة تجسيد لهن. إنها تمثل العلامة وجميع القيم التي ندعمها. وتعد مثلاً جميلاً للمرأة العصرية، التي تجمع بين القديم والحديث، بين الأناقة والقوة، وتقف مع العلامة كقوة بناءة للتغيير.
كيف شكّلت هذه الجائحةُ مستقبلَ الدار؟ وهل لا زلتِ تخططين للتوسع داخل سوق مستلزمات الحياة العصرية أم ستحولين تركيزكِ على بناء هذا الواقع الجديد للأزياء الراقية؟
هناك العديد من الدروس المهمة التي ظهرت نتيجة للجائحة. ورغم أن تأثيرها على العالم كان مؤلماً، أرى أنه من المهم بنفس القدر الاعتراف بالدروس التي تعلمناها منها، على المستوى الشخصي والمهني. فقد دفعتنا، سواء الشركة بصفة خاصة أم الصناعة بصفة عامة، على أن ندرك جيداً تأثير أنشطتنا، وكيف يمكن أن نكون أكثر مسؤوليةً على المستويين الاجتماعي والبيئي. وكما ذكرت من قبل، نحن نتحرك بسرعة شديدة، وأرى أنه من المهم للغاية أن نجبر أنفسنا على التباطؤ وإعادة النظر في نهجنا في العمل. لقد فرضت الجائحةُ أسئلة عن كثرة السفر وهل هي ضرورية حقاً، وهل نحتاج إلى كل هذا العدد من القطع أو المجموعات التي نصنعها كل عام وغيرها من الأسئلة. سيكون حاضرنا الجديد، ومستقبلنا، وأسلوب تفكيرنا أكثر عمقاً، وعناية، وتخطيطاً. ولا يزال لدينا خطط للتطور لعلامة لمستلزمات الحياة العصرية ولكننا سنفعل ذلك بطريقة –ووتيرة– تكون منطقية للعلامة وصناعتنا المُجددة.
لا تفوّتي مشاهدة عرض مجموعة رالف آند روسو للأزياء الراقية لخريف وشتاء 2020/2021 على الهواء مباشرةً يوم الاثنين الموافق 6 يوليو، الساعة 5 مساءً بتوقيت باريس (7 مساءً بتوقيت الإمارات/6 مساءً بتوقيت السعودية) على موقع ralphandrusso.com.
اقرئي أيضاً: حصرياً، ڤيرجيني ڤيار تكشف عن مصدر إلهام مجموعة شانيل كروز 2020/2021