تابعوا ڤوغ العربية

تعرّفوا إلى المبدع صاحب الإطلالة الأيقونيّة كارل لاغرفيلد

صورة لكارل لاغرفيلد بعدسة بينوا بيڤيريلي. بإذن من فندي

تم نشر هذا الحوار لأول مرة في عدد سبتمبر 2017 من ڤوغ العربية.

بمظهره اللافت وكأنه أحد مطربي الروك آند رول، وخصلات شعره البلاتينية التي صففها على هيئة ذيل حصان، ونظارته الشمسية، وملابسه المميّزة بالأبيض والأسود، بدا لي الرجل مثالياً وبلا أدنى عيب. ولستم في حاجة لتكونوا خبراء في الموضة لتعرفوا مَن هو كارل لاغرفيلد، لأنه في الواقع أحد أشهر الشخصيات في عالم الموضة، وقد بلغ القمة في هذا المجال، ولا يزال يعتليها في هذه الصناعة التي تتنكر لأصحابها بعد وقت ليس طويلاً. وقد تمكن لاغرفيلد من هز أركان عالم التصميم لأكثر من نصف قرن بفضل موهبته الإبداعية السابقة لعصرها، وقدرته على استشراف المستقبل، وتبنيه لأخلاقيات لا مثيل لها في عمله. وكان لاغرفيلد قد عمل، بعد انتقاله للإقامة في باريس في الرابعة عشرة من عمره، مع المصمم بيير بالمان، وبعدها عمل لفترة قصيرة لدى دار كلوي. بيد أن قيادته لداريّ فندي وشانيل، اللتين التحق للعمل بهما سنة 1965 و1983على التوالي، هي ما جعلته يحصد شهرة عالمية. واليوم، بفضل عمله مع العلامتين الفرنسية والإيطالية، وإطلاقه لمجموعته الخاصة تحت اسم كارل لاغرفيلد، صار مسؤولاً عن مئات من المنتجات التي تحظى بأعلى المبيعات كل عام. وقد التقيتُ القيصر(أحد الأسماء الكثيرة التي تُطلق عليه) في الاستوديو الخاص به في باريس، حيث يقود فريقاً من النجوم كلٌ في مجاله، من مايسترو تصفيف الشعر سام مكنايت إلى فنان التجميل بيتر فيليبس، لكي يصور بنفسه غلاف أول عدد يصدر من ڤوغ العربية في شهر سبتمبر. بثقة تامة، كان لاغرفيلد يقود جموع العاملين في غرفة خيم عليها الصمت بينما وقفت بيلا حديد تستعد للتصوير مرتديةً إطلالات من مجموعة فندي لخريف 2017. وبتلك الروح الغامضة، وكأنها نجمة سينمائية تحاول السير خلسة في شوارع روما كي لا يراها أحد، ارتدت حديد فراءً فاخراً ووضعت حجاباً شبكياً رقيقاً على وجهها الجميل كالدمية، فيما أضافت القفازات والحذاء الأحمر مزيداً من السحر على الشخصية التي تظهر بها كامرأة فاتنة لا يستهان بها. ورغم أن هذه الصور ذكرتني بأيام الشتاء المعتمة عند الغسق، على المرء ألا ينسى أن كارل لاغرفيلد معروف أساساً بشخصيته القوية ودعاباته الحادة كأنصال السيوف. وقد جمعت الكتب مقولاته الشائكة، وتناولت أفلام وثائقية لا تعد ولا تحصى تفاصيل حياته بالتحليل والتدقيق، غير مجموعاته التي أظهرت بجلاء غرابة أطواره. فمَن منا ينسى مجموعة شانيل لربيع 2008 التي قدّم فيها أحذية مزودة بحقائب صغيرة مبطنة تُعلق على الكاحل استوحاها من الجهاز الذي كانت تضعه ليندساي لوهان كسوارٍ على كاحلها لمراقبة تناولها للمشروبات؟ أو حظاظات ميني كارليتو التي تُعلق على الحقائب والتي صنعها من فراء فندي الملون والتي يجب اقتناؤها؟ وهو بعمله الذي امتد لأكثر من خمسين عاماً لدى دار فندي، وموهبته التي تجمع بين العبقرية والذوق الذي لا يبارى، يظل لاغرفيلد الشخصَ الذي يفوق أقرانه ويضحك في النهاية.

كيف بدأت العمل في مجال التصوير الفوتوغرافي؟

كانت البداية في الثمانينيات، حين تعيّن علي إعداد ملف صحفي في شانيل ولم أكن راضياً عن المصورين الذين تقدموا لهذه المهمة. فاستأجرت كاميرا، وطلبت مساعداً، وبدأت التقط الصور بنفسي. وبعد فترة وجيزة انتقلت إلى الإعلانات، والمقالات الافتتاحية، وتصوير الأشخاص، وتصوير التصاميم المعمارية. وكانت فكرة صائبة، فالتصوير أمر ممتع للغاية. وأحب أن أنظر إليه باعتباره هواية أشغل بها كل وقتي.

هل ترى أن التقاط الصور يختلف كثيراً عن تصميم مجموعة ما؟

إنها الخطوة التي تلي التصميم. وأنا أصور أزياء كثيرة ليست من تصميمي. فالتصوير الفوتوغرافي يضفي على الملابس تأثيراً بصرياً. وكل ذلك يتوقف على رؤيتك لها والغرض منها. وما تريد التعبير عنه يعتمد كذلك على ملايين من الأسباب المتباينة، ويمكن أن تنفذ ذلك بطرق مختلفة تماماً. كما أن الحالة النفسية للفتيات اللواتي تلتقط لهن الصور من الأمور المهمة أيضاً.

اذكر لنا أحد التحديات التي واجهتك كمصمم أزياء.

بالنسبة ليّ، من السهل أن أعثر على أفكار، ولكن ليس بذات السهولة أستطيع أن أجد أولئك القادرين على تنفيذها. ولحسن الحظ، أخذت فندي على عاتقها مشقة البحث عن الأشخاص المناسبين الذين يقومون بما أرى أنه يجب عليهم القيام به.

هل تؤمن بأهمية عقد الاجتماعات لتبادل الأفكار مع الآخرين؟

يجب أن تكون قادراً على العمل وحدك وكذلك مع الآخرين. وافتقارك لهذه المهارة قد يجعلك مثل الذي يعيش وحده في برج عاجي بقيّة عمره. أليس ذلك مملاً؟ على أي حال، أهم ما تمنحه لك الوحدةُ أو الاجتماعُ مع الآخرين هو الإلهام الذي لا ينتهي.

هل تحتفظ بأرشيف لأعمالك؟

ليس لديّ أرشيف، ولكن فندي لديها. على ما يبدو نفذت أكثر من 50 ألف رسم اسكتش للدار.

حدثنا عن إلهامك الإبداعي.

سأبدو مدعياً للغاية إن قلت إنني مبدع؛ فأنا لم أقرر أن أكون مبدعاً، ولكن الإبداع مثل النفس الذي استنشقه. ومعظم الأشياء التي أنفذها، أراها أثناء نومي. وأحسن الأفكار أسرعها. من دون تفكير. فالفكرة لابد أن تأتي سريعة كالوميض. وأنا أستطيع أن أرسم أسرع مما أتكلم. ولا أتبع أبداً حدساً ثانياً يخطر لي. ولا أؤمن بأنك تستطيع أن تعمل شيئاً يأتى في المرتبة الثانية. بعض الناس يخافون من الصفحات البيضاء، ويخشون البدء في مشروع جديد، وأنا لست منهم.

ما أفضل حالاتك الذهنية التي تثير شهيتك للإبداع؟

أحب مزيج الجنون مع الانضباط.

موضوع متصل: أجمل مقولات كارل لاغرفيلد وزملائه المصممين لتستمدوا منها الإلهام في الحياة

بيلا حديد ترتدي أزياء فندي. بعدسة كارل لاغرفيلد لصالح عدد سبتمبر 2017 من ڤوغ العربية

هل تصمم لامرأة بعينها؟

من الصعب للغاية تحديد امرأة ما. فمهمتنا اقتراح أفكار للمجموعات، على أمل أن يقدّر كثير من النساء ما نقوم به. والقول إن ’’هذا التصميم يخص فئةً معينةً من النساء ولا يخص غيرها‘‘ حاد للغاية. ومجموعة فندي لموسم الخريف هي أفكار نقترحها لجميع فئات النساء. والإلهام هو لجميع فتيات اليوم، وهن مُمَثَّلات هنا في بيلا حديد.

هل يثير إلهامك ما تبثه الأخبار وما يحدث في العالم من حولك؟

اللحظة التي تتوقف الأحداث عن إلهامك عندها وتبدأ التفكير في الماضي، من الأفضل لك أن تتقاعد. يجب أن تهتم باللحظة الآنية، بالأشياء القادمة، وبالتطور.

ماذا تعني الموضة بالنسبة إليك؟

الموضة هي ’’الحاضر‘‘. وأحسن ما يمكن أن يحدث لفستان ما أن يتم ارتداؤه. فالموضة ليست للعرض في المتاحف.

كيف ترى فكرة الفخامة اليوم؟
أرى أن الفخامة البعيدة عن الواقع لم تعد تثير أحلام الناس.

هل كنت دوماً شغوفاً بالموضة والأزياء؟

عندما كنت طفلاً، لم أكن أعلم بأنك تستطيع أن تكسب عيشك من الأزياء. ولم يكن لدي خطط ولكني كنت مستعداً دائماً لأي أمر غير متوقع.

أي نوع من الأطفال كنت؟

لم ألعب قط مع الأطفال الآخرين. ولم أكن أفعل شيئاً سوى رسم الاسكتشات والقراءة. أحببت رسم الاسكتشات لأنني في بداية حياتي أردت أن أكون فنان كاريكاتير. وكنت قد اكتشفت مجلة كاريكاتير شهيرة كانت تصدر في أوائل القرن العشرين في السندرة بمنزل والديّ وكانت تحوي كاريكاتير مرسوماً بجمال بالغ. ويجب أن أذكر أنها كانت معجزة أن يسمح لي والديّ بالسفر إلى باريس قبل أن أُكمل دراستي. وقد قال الجميع حينها: ’’سوف يكون مصيره الضياع‘‘! ولكن تَذكر: ليس كل مَن يولد يضل طريقه، وأنا جزء من هذه المجموعة. كنت بالفعل أتمتع بتركيز بالغ.

تدير أنشطة عديدة في نفس التوقيت – علامات مختلفة، وتصاميم، وتصوير، ودعاية. كيف تقوم بكل ذلك؟

في مجال الأزياء، من السهل أن تعمل معي. أرسم الاسكتش بأسلوب يُمَكِّن الناس تقريباً من صناعة الفساتين دون أن أضطر إلى الحضور بنفسي تجارب القياس. يمكن أن ترى التفاصيل الدقيقة، وجميع النسب، والقصّات… كل شيء! فاسكتشاتي مثل صور الأشياء الموجودة بالفعل. ما يعني أنني عندما أحضر تجربة قياس، فإن النتيجة تكون إيجابية للغاية وقريبة مما تصورت. لذا أستطيع أن أفعل الكثير. فلدي مفهوم وكل منهجي قائم على المفهوم الذهني. فلست من المصممين الذين يبدعون تصاميمهم دون اكتراث.

كارل لاغرفيلد يشهد تجربة قياس في مقر فندي. بإذن من فندي

كيف تغير رؤيتك بين فندي وشانيل؟

فندي هي النسخة الإيطالية، وشانيل هي النسخة الفرنسية، بينما علامة لاغرفيلد هي نسختي الخاصة وما أردته دائماً. ولا أخلط بينهم قط. فلم أصنع قط شيئاً يشبه شانيل في فندي، ولم أصنع قط شيئاً يشبه فندي في شانيل.

ماذا يعني يوم في حياة كارل؟

أحب البقاء في المنزل صباحاً لأرسم الاسكتشات. وأنهي معظم عملي صباحاً وأحضر جميع مواعيدي بعد الظهر، وقد أستمر حتى وقت متأخر بعد الظهر. أشعر بأن اليوم قصير جداً. وشعاري هو ’’لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد‘‘. ففي عالمنا الحالي وفي المجال التجاري، يجب أن تكون سريعاً.

هل أنت دقيق في مواعيدك أو تدير حياتك وفقاً لأوقات محددة؟

أنا معروف جداً بعدم التزامي بالمواعيد. وأتأخر عنها لأني أعمل كثيراً ولا أنظر للساعة أبداً وأقول: ’’عليّ أن أذهب الآن‘‘. وأكره أن أكون عبداً لمفكرة مواعيدي. وقد قال الفيلسوف الألماني شوبنهاور ذات يوم: ’’شراء الكتب أمر جيد إن تمكن المرء أن يشتري الوقت أيضاً لقراءتها‘‘. والوقت هو قمة الترف. وعدم النظر إلى الساعة هو قمة الترف بالنسبة لي.

تحولت إلى ظاهرة في العالم وأضفيت عليه بصماتك ومن الصعب أن تجد أحداً لا يعلم مَن أنت. كيف حدث ذلك؟

لا أعلم كيف حدث ذلك، ولا أحد يعلم. وليس لدي أدنى فكرة لأنها لم تحدث إلى مَن يقومون بنفس عملي. إنه شيء غامض جداً. ربما يكمن السر في تواضعي، فقد أضع تصاميم للسحاب، ولكني واقعي وأقدامي لا تبرح الأرض.

ما أهم ما يميز شخصيتك؟

لدي ذاكرة بصرية لا تصدق. أستطيع أن أذكر كل شيء وهذا شديد الأهمية.

هل هناك شيء لا تحبه حقاً؟

أكره الهواة. وأكره الأشخاص غير المهنيين.

ما أهم ميزة في الحياة بالنسبة إليك؟

أرى الحياة ليست منافَسة في الجمال. الذكاء يدوم، ولكن الشباب والجمال غير دائمين.

بيلا حديد تأسر القلوب بأناقة خريفيّة أخاذة على غلاف ڤوغ العربيّة

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع