تابعوا ڤوغ العربية

سوزي مينكيس ودينا الجهني: مقابلة ﭭوغ العربية

تحريرنا احتفالاً بإطلاق مجلة ﭭوغ العربية بصديقتها الشهيرة أبرز صحفية متخصصة في الأزياء حول العالم سوزي مينكيس للتعرف على وجهة نظرها حول علاقة المنطقة العربية بصناعة الأزياء والاطلاع على السبب الذي جعلها تختار سلطنة عمان كمكان لعقد مؤتمر كوندي ناست إنترناشيونال Condé Nast International عام 2017.

prb_credit_fondation_piere_berge_yves_saint_laurent_paris_guy_marineau_suzy_deena_vga_20161028_1070x600

فستان سهرة لاميه باللون الأسود والذهبي من عرض أزياء إيف سان لوران للأزياء الراقية خريف شتاء 1986 الاستذكاري في مركز جورج بومبيدو في باريس، يناير 2002. الصورة: ©فاونديشن بيير بيرجيه – إيف سان لوران، باريس/غاي مارينو

دينا الجهني: بدايةً، هل لي أن أعرف لمَ وقعَ اختيارك على مدينة مسقط عاصمة سلطنة عمان كمكان لعقد مؤتمر Condé Nast International.

سوزي مينيكس: يشير عنوان مؤتمر Condé Nast International “نهج الفخامة” إلى أهمية الاطلاعٍ البطيء والعميق على الأشياء الجميلة والراقية. وأعتقد بأن عمان تندرج تحت تلك الفئة، كما أنها تتميز بتاريخ طويل يشهد على اهتمامها بثقافات الدول المقابلة لها جغرافياً مثل الهند. لذا سيتمكن ضيوفنا البالغ عددهم 500 شخص من الوجوه البارزة والمؤثرة من مختلف الدول من أخذ فكرة عامة عن المنطقة العربية كلها من خلال عمان.

د. ج.: ما هو الغلاف أو الصورة التي برزت فيها الفخامة والترف العربي من أرشيف ﭭوغ؟

Weekend vibe from my upcoming interview #staytuned @voguearabia #veruschka #ysl #fashionhistory101

A photo posted by Deenathe1st (@deenathe1st) on Oct 28, 2016 at 7:40am PDT

س. م.: كانت صورة بذلة السفاري التي أبرزها إيف سان لوران وارتدتها عارضة أزياء ﭭوغ فيروشكا وصورها المصور الفوتوغرافي فرانكو روبارتيلي أكثر صورة استثنائية بالنسبة لي. ولم يكن المقصود منها تصوير “العرب” على هذا النحو، لكنها عبرت عن قوة النساء وتأثير العالم الكبير على الأزياء الراقية التي تجعل تلك الإطلالة جذابة وملائمة حتى يومنا هذا. رسمت علامة إيف سان لوران بعد عقدٍ من الزمن صوراً لنساء ارتدين ملابس عربية تقليدية مع فساتين قد تكون مستوحاة من مسقط رأس المصمم في الجزائر. حيث تمنحنا الصور الحديثة لفساتين فالنتينو الطويلة والجميلة مثالاً حقيقياً عن تشابه الأزياء الغربية بأسلوب نظيرتها العربية في طريقة لباس المرأة.

د. ج.: ومن هو مصمم الأزياء العربي الذي تمكن من الارتقاء بمعايير الجودة التقنية؟

س. م.: أذهلتني الأعمال اليدوية التي رأيتها مؤخراً خلال زيارتي لورشات أزياء إيلي صعب الراقية في لبنان. فقد بدت تصاميمه وكأنها من إبداع أيدي عاملة باريسية، بدءاً من التطريزات المتقنة الدقيقة وحتى الأقمشة الحريرية ودمى عرض الأزياء الراقية التي تستخدم لزبونات الشركة البارزات في جميع أنحاء العالم. كما رأيت مجوهرات من الشرق الأوسط مصممة ومصنوعة بطريقة ساحرة وجميلة.

د. ج.: ما الذي تغير في المناخ الثقافي لمجلة ﭭوغ حتى رغبت بدخول منطقة الشرق الأوسط الآن؟

س. م.: وسّعت ﭭوغ نطاق المجلة تدريجياً بخطوات دقيقة وثابتة خلال تاريخها الطويل. وتود ﭭوغ الآن أن تكون مجلة شاملةً لكافة دول الوطن العربي التي تتميز بتقاليد ثقافية مختلفة رغم اشتراكها في اللغة والتاريخ، وأن تطَّلع على كل ما يجري فيها بشكل عام بدلاً من التركيز على واحدة منها.

د. ج.: أود أن أشكرك على إجاباتك الرائعة خلال مقابلتنا عبر البريد الإلكتروني. أذهلتني حقاً إطلالة إيف سان لوران التي عرضتها فيروشكا والتي تأثرنا بجمالها ورونقها. كما أنني مسرورة جداً بنظرتك الشخصية لطريقة تجسيد النساء العربيات للفخامة والترف وكيف أصبحن زبونات أساسيات للأزياء الراقية خلال المدة الطويلة تلك، إضافة لأفكارك الخاصة حول رؤيتهن للأزياء.

حضرت مؤخراً حفل تأبين زها حديد [في لندن] الرائع والمؤثر للغاية وأعتقد بأننا متفقتان على أن ما حققته هذه المرأة خلال حياتها يعتبر إنجازاً عظيماً يعجز الكثيرون عن القيام به حتى لو عاشوا أضعاف عمرها. لقد كانت بالنسبة لي المرأة التي غيرت الصورة أو المفهوم العام لما يمكن أن تكون عليه المرأة العربية.

س. م.: غيرت زها حديد الرؤية العالمية لما يمكن أن تحققه مهندسة معمارية أثنى، لأن جميع المهندسين المعماريين السابقين الذين فازوا بالجوائز العالمية الكبرى كانوا من الذكور. أعتقد بأن تميزها وإدراكها الحقيقي لمجال يمكن تحقيقه في العالم الرقمي فقط كان أمراً مذهلاً واستثنائياً بكافة المقاييس، وهو أمر مثير للاهتمام لأن معظم بلدان الشرق الأوسط كانت دولاً متقدمة في كل ما يتعلق بالرياضيات والعلوم منذ فجر التاريخ. دمجت زها حديد القدرة على تصوّر الأشياء والعمل على تطبيقها بطريقة فريدة حتى عندما كان يتوجب عليها الانتظار لسنوات قبل أن تتمكن من تطبيق رؤيتها على أرض الواقع. ولم يكن هذا متاحاً حتى جاءت تقنيات الحاسوب المتطورة لتؤتي ثمارها بين يدي زها التي أصبح بإمكانها صياغة أفكارها المذهلة وتشكيلها كما تريد.

aus_zaha_hadid_quote_suzy_menkes_deena_vga_20161028

د. ج.: كلام رائع جداً فهذا ما أراه أنا أيضاً. ما جعلها امرأة خاصة واستثنائية برأيي لا يكمن بكونها امرأة تعمل في مجال خاص بالرجال، بل العقبات التي ربما تكون قد واجهتها باعتبارها عربية مسلمة وسنية. أعني بأن هذه التركيبة هي شيء مذهل وفريد بكل تأكيد. أود أن أسألك عن دور إرثها وأهميتها لدى الأجيال القادمة برأيك. فعندما التقت بها ابنتي وأخبرتها بأنها ترغب بأن تصبح مهندسة معمارية يوماً ما، تحدثت إليها زها طويلاً. تخيلي! فتاة في الـ17 من عمرها تطمح لأن تكون كالمرأة الأسطورية التي غيرت قواعد العالم.

س. م.: أعتقد أنه من الجدير أيضاً أن نذكر بأنها كانت امرأة بارزة ومعروفة على مستوى العالم. فهي لم تُغير وجه الهندسة المعمارية وحسب، بل أرتني أشياءً صنعتها من الأحذية والحقائب والأزياء. كانت امرأة استثنائية، حظيت باحترام وتقدير على المستوى العالمي ويشكل غيابها خسارة كبيرة للعالم أجمع.

د. ج.: هل هناك احتمال بأنها صممت مجموعة للأزياء الجاهزة قبل رحيلها؟

س. م.: أعتقد بأنها كانت مهتمة بالملابس بشكلٍ واضح، وبأنه ينبغي على الأزياء من وجهة نظرها أن تكون انسيابية وعصرية ومتقنة بناءً على تصاميمها المعمارية. ومع ذلك لا أظن بأنها رغبت في أن تكون مصممة أزياء على الإطلاق. فلمَ تقوم بذلك ولديها أعمالها المتميزة ومهنتها التي تحب؟ علينا أن نتذكر بأن هناك الكثير من الأعمال التي لم تنتهي بعد وبعضها في الشرق الأوسط، إضافة إلى العديد من المشاريع التي كانت تفكر بإنجازها أيضاً.

د. ج.: كان العمل الأخير لها هنا في الرياض بالمملكة العربية السعودية [مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية]. يا لها من صدفة!

س. م.: وهناك جسر الشيخ زايد المتعرج الرائع في أبو ظبي والذي أعتبره عملاً فريداً يظهر عبقرية إبداعها المهني بشكل كبير. كما شاهدت أيضاً أحد تصاميمها التي تبدو بقمة الروعة والإبهار حتى في حالتها الغير مكتملة خلال زيارتي الأخيرة إلى بيروت. لم أكن أدرك أهمية مكانتها كامرأة عربية وأهمية بلدها وما تعنيه إنجازاتها، لكن أعلم الآن بأنها أهم قدوة للفتيات عموماً وشابات الوطن العربي بشكلٍ خاص. أتمنى بأن تُلهم زها حديد الكثير من الأشخاص للسير على خطاها.

د. ج.: بالتأكيد! تحدثت إليها في العديد من المرات بهذا الشأن. واعتادت زها أن تقول لي طوال الوقت: “ما هي أهمية إعجابهم بي وما تأثير ذلك؟ عليهم أن يبدؤوا بالعمل ليثبتوا من خلاله تقديرهم لتلك الإنجازات.” وهو أمرٌ منطقي طبعاً.

BAY0263A_12.tif

زها حديد. الصورة: ستيف دوبل

أودّ أن أتحدث الآن عن دورك كمحررة أزياء عالمية في 19 نسخة وموقعٍ إلكتروني لمجلة ﭭوغ. وستكون ﭭوغ العربية هي النسخة الـ20 التي تشاركين بها والأولى من نوعها التي ستنطلق عبر الإنترنت

قبل نشرها كإصدار مطبوع. كيف وجدتِ الانتقال إلى العالم الرقمي بعد قضاء فترة طويلة من حياتك المهنية في وسائل الإعلام التقليدية المطبوعة الأكثر شهرة حول العالم؟

س. م.: تحافظ الكلمة على أهميتها سواء كانت مطبوعة أو على الإنترنت. لا يهم إن كانت منقوشةً على قطعة من الحجر كما في العصور القديمة أو مكتوبةً بالريشة
أو على الآلة الكاتبة القديمة أو حتى منشورة عبر الإنترنت. ومن الهام جداً أن نفكر بهذه الطريقة لأنه لشيء غريب أن نفترض بأن ما نقرأه على الإنترنت أقل أهمية مما نراه في الصحف أو المجلات أو الكتب. المهم في الواقع هو نوعية الكتابة وليس الطريقة التي نشرت أو كُتبت بها.

د. ج.: هذا صحيح! وهو ما أفعله الآن عبر إطلاق المجلة من منظور الأزياء والصور. فالصورة المميزة بالنسبة لي هي الصورة الجميلة، ولا يهم الطريقة التي التُقطت أو عرُضت بها سواء كانت صورة رقمية أو حتى بكاميرا ﭙولارويد، حيث تكمن الجودة في المحتوى.

لنتحدث الآن عن شغفك الكبير بالمجوهرات فقد ألّفتِ العديد من الكتب في هذا المجال. هل لك أن تخبرينا أكثر عما يعجبك في مجوهرات الشرق الأوسط؟

س. م.: أعتقد بأنه موضوع في غاية الأهمية، فقد كانت المجوهرات في الشرق الأوسط عبر التاريخ عبارة عن إبداعات راقية وجميلة جداً وفقاً للنظرة العالمية العامة، ووصفها بكلمة “خيالية” لا يوفيها حقها إطلاقاً، حيث كانت تعج بالزخارف والزركشات في أجمل صورها وتتميز بالتزامها الشديد بالدقة والحرفية العالية، كما كان الحال ذاته في الهند أيضاً.

aus_credit_alex_aubry_deena_vga_2016_10_28

دينا الجهني

إنها مهارات هامة جداً فضلاً عن أن الطرق التي اتبعوها كانت مذهلة. هناك شيء آخر يجري الآن ولا أعلم عن مدى انتشاره في العالم العربي. أود في الحقيقة أن أعرف أكثر حول ذلك لأنني شاهدت فتيات شابات من أصول شرق أوسطية يبتكرن تصاميم رائعة وجذابة. لا أعلم إن كنت قد شاهدت أعمال سابين غيتي، الفتاة اللبنانية المصرية التي تعيش في أوروبا. لقد لَمَستُ رقةً ونعومةً في أعمالها، لكن لا تغرّك بساطتها لأن وراءها كماً هائلاً من العمل. وينطبق الأمر ذاته على تصاميم داليا ضو أيضاً. أنا متأكدة بأن الجيل الجديد من الفتيات لا يرغبن بالضرورة أن يعتقد الآخرون بأن رجلاً ما قد أهداهن المجوهرات التي يرتدينها. وأنا على يقينٍ طبعاً بأن النساء في الدول العربية كباقي النساء حول العالم يعشقن ارتداء قطع المجوهرات الرائعة في أصابعهن أو حول أعناقهن خصوصاً إن كانت تعبيراً عن حب أحد الرجال لهنّ. من منا لا تحب ذلك؟ لكن أصبح بإمكان النساء الآن تصميم قطعٍ تمنح مالكتها تلك السعادة دون أن يكون هناك رابط بين المجوهرات وحياة الفتاة الخاصة.

د. ج.: تماماً، ذلك هو التغيير الكبير الذي حدث خلال الـ30 عام الماضية. لطالما تعاملت النساء مع المجوهرات على أنها قطع للاستعراض، ومع ذلك يمكنني القول بأنه لطالما كانت المجوهرات موضع تقدير كبير من قبل النساء، ولطالما اشترت نساء الشرق الأوسط المجوهرات لأنفسهن، بينما كانت النساء في الغرب وحتى بضعة عقود ماضية تُمنح المجوهرات من قبل الرجال فقط. وترغبن النساء اليوم بتزيين أنفسهن على الدوام وهو أمر رائع حقاً.

س. م.: أعتقد أن علينا أن نتحدث أيضاً عن تجارة “المجوهرات ذات الطابع القَبَلي.” حيث تبدو هذه المجوهرات فوضوية قليلاً وبعيدة عن روح الموضة والفخامة، غير أن بعض القطع مصممة بأسلوب جميل للغاية. أتوق لرؤية صائغٍ أو صائغة تتبنى روح المجوهرات القَبَلِيّة هذه التي توشك على الزوال قريباً. غالباً ما توضع تُحف الماضي الثمينة في المتاحف وترين عندما تنظرين إليها روعة تصميمها ومدى حيويتها ومقدار التألق فيها. هذا هو المجال الذي قد تتمتع المجوهرات العربية فيه بميزة إضافية تمنحها الروح والحيوية حسب اعتقادي.

د. ج.: بالتأكيد، وأظن أن هذا ما سيحدث قريباً. قد لا يُعجب الناس عادةً بالأشياء التقليدية القديمة، لكن أصبح بإمكانهم الآن رؤيتها من منظور آخر وإبراز أهميتها بأسلوب جديد. وينطبق الأمر ذاته على الهندسة المعمارية والفنون أيضاً، حيث يستغرق الأمر بعض الوقت ليُقدّر كل منا الأشياء التي كان قد أهملها، وأعتقد بأن موجة التقدير أصبحت ظاهرةً للعيان الآن. سأريكِ عندما نلتقي في المرة القادمة بعض أعمال مصممي المجوهرات المحليين التي ستذهلك وتثير اهتمامك بالتأكيد. هناك الكثير مما يجري والكثيرات من الفتيات الشابات اللواتي يبتكرن مجوهرات جميلة ذات طابعٍ تقليديّ بلمسات حديثة في الوقت ذاته.

ما رأيك بالأعمال اليدوية لمصممين من أمثال إيلي صعب. هل تأثرت شخصيات مثل صعب والمصممين العرب الآخرين بالإرث الثقافي والتقاليد العربية في تصاميمهم أم كانت تأثيرات الحضارة الغربية طاغية بشكلٍ أكبر على إبداعاتهم حسب اعتقادك؟

س. م.: لم أشاهد ما يكفي من تلك الورشات في البلاد العربية للإجابة على هذا السؤال بشكلٍ دقيق، لكنني ذهبت مؤخراً إلى بيروت وشعرت بالفخر لدى زيارتي لورشات إيلي صعب للأزياء الراقية. أعتقد بأنهم أشخاص استثنائيون ولاسيما في ضوء ظروف بلدهم الغير مستقرة. شعرت عندما ذهبت إلى هناك وكأنني في مشغل أزياء في إيطاليا أو فرنسا. قد

prb_credit_elena_olay_courtesy_of_vogue_espana_suzy_menkes_vga_20161028

سوزي مينكيس. الصورة: إلينا أولاي، حقوق الصورة لڤوغ إسبانيا

يقول قائلٌ رداً على هذا: “ألا يبدو أقرب إلى استوديوهات التصميم في الوطن العربي؟” لا يمكنني الإجابة على سؤال كهذا لأنني غير مطلعة على وضع تلك الاستوديوهات في المناطق الأخرى.

د. ج.: أنا أفهم ما ترمين إليه حيث أعرف الورشة ذاتها كما أنني رأيت الورشة القديمة أيضاً، لذا أتفق معك في ذلك. أعتقد بأن الاختلاف الوحيد هو الأيدي العاملة التي تصنع تلك القطع يدوياً. هل لاحظتِ أي اختلاف في التصاميم هناك؟

س. م.: لم أبحث بشكل كافي في تفاصيل أقمشة كالدانتيل مثلاً لأتمكن من معرفة الفروق الدقيقة. وإنها نقطة هامة لأن هناك أياد بشرية مستعدة للقيام بأشياء رائعة كهذه، ويجب أن يحظى الرجال والنساء بتشجيعٍ كبير في جميع أنحاء الوطن العربي لدخول هذا المجال، حيث وصلت أوروبا وخاصة في باريس كما نعلم إلى مستوى تتقاضى فيه الأيدي العاملة البسيطة “ذوي الورشات الصغيرة” أجوراً مجزية جداً بسبب أعمالهم الرائعة والاستثنائية.

أعتقد بأنه حال الأعمال اليدوية في الهند أيضاً، وأشعر أننا بحاجة إلى دعم وتعزيز هذه المهارات في كلٍ من الوطن العربي والهند وغيرها من البلدان التي مازالت تمتلك مثل هذه المواهب والقدرات. تعلموا من تجربة إيلي صعب وساهموا في دعم مدارس كهذه.

د. ج.: هذا ما يحدث الآن بالفعل! حيث يوجد في المملكة العربية السعودية مدرسة تُعلم النساء المحتاجات هذه المهارات وهن ينتجن أشياء جميلة للغاية. هي ليست بمستوى إبداعات السيد إيلي صعب طبعاً، لكن المفهوم بحد ذاته موجود ويطبّق. أنا أوافقكِ الرأي في هذا أيضاً، وأعتقد بأنه فن يحتضر ولا أريد رؤيته يتلاشى مع الوقت.

س. م.: لا أعتقد بأنه سيتلاشى في الوطن العربي، فهو يمثل أحد نقاط قوتها، وعلينا دفعه نحو الأمام، كما ينبغي بذل كافة الجهود لتوعية الناس حول قيمة تلك الملابس والمجوهرات باعتبارها نوعاً من أنواع الفن.

د. ج.: نعم بالطبع، لكن الجيل الجديد يعيش في قرية عالمية صغيرة حيث يفضل الشباب والشابات أن يكونوا نجوماً على انستقرام أكثر من تعلم حرفة من هذا النوع. لذا أصبح الأمر أشبه بصراع بين الأصالة والحداثة، فبعض الناس يحاولون التخلي عن تقاليدهم أحياناً. لكنني أعلم بأنه لن يتلاشى بالضرورة كما حصل في الغرب. آمل أن نكون قادرين على المساهمة في تعزيز الأسس التي ستساعد على دعمه والنهوض به.

س. م.: لمَ لا يكون الشخص نجماً على انستقرام وصائغ مجوهرات في الوقت ذاته؟ فقد لاحظت من خلال منشوراتي على انستقرام بأن القصص المتعلقة بالمجوهرات تحظى بعدد هائل من الإعجابات.

د. ج.: بالطبع، حيث سيجلب إبداع الشخص في مجال الفنون أو الأعمال اليدوية له الشهرة بالتأكيد. أظن بأن هذه الحرف تحتاج إلى الكثير من الجهد وأغلب الناس يريدون إرضاء رغباتهم والحصول على تقديرٍ ومجدٍ فوري. سيكون من المشوق أن نرى ما سيحدث خلال السنوات العشر المقبلة.

وماذا عن اختيار مسقط كمكان لعقد مؤتمر Condé Nast International؟ من أين أتت فكرة مؤتمر الفخامة وكيف بدأت؟

aus_joerg_zuber_muscat_oman_ir6b8681_vga_20161026_b

مسقط، عمان. الصورة: يورغ زوبر

س. م.: بدأت بعقد هذه المؤتمرات منذ 16 عاماً عندما كنت أعمل في صحيفة إنترناشيونال هيرالد تريبيون International Herald Tribune. كانت تُعقد المؤتمرات في ذلك الحين في كافة المجالات والموضوعات، لكن لم يكن هناك اهتمام بما يخص الفخامة. وسيكون هذا ثالث مؤتمر أقوم به لكوندي ناست، حاولنا فيه بأقصى ما نستطيع أن نتعمق في جوهر عالم الترف والفخامة ورؤية توجهاته وماذا يحدث فيه وما الذي يرغب به الناس.

لا تهدف هذه الندوات إلى الاحتفال بالفخامة على الإطلاق، على الرغم من أننا نمجد جودة العمل والحرفية العالية وطريق التسويق العبقرية. لكن ما تسعى إليه هذه المؤتمرات أبعد من ذلك بكثير، فهي تهدف إلى التعمق أكثر في الأمور وتوعية الناس حول المعنى الحقيقي للفخامة. فلا ينبغي أن تتلخص الفخامة بمعطف مليء بالتطريزات أو حقيبة يد مثقلة بالزركشات، بل يمكن أن تحمل العديد من الأفكار الأخرى المرتبطة بها. أعتقد بأنه أمرٌ بالغ الأهمية.

أود أن أضيف أيضاً، بأنكم لستم بحاجة إلى تعريف الناس بالفخامة في الشرق الأوسط. فالناس هنا واعين ومطلعين على صناعات العطور والتجميل منذ آلاف السنين، كما أنهم أدركوا أهمية حواس الشم واللمس والذوق … وهي جزء هام من عالم الترف والفخامة. نحن نتحدث الآن عن مجتمع متطور جداً بما يتعلق بالرفاهية والفخامة.

س. م.: كان الزبائن العرب حسب ما أذكر في مقدمة الأشخاص الذي يطلبون من المصممين ابتكار القطع الجميلة على الدوام. ما زلت أذكر زيارتي إلى استوديوهات كريستيان لاكروا منذ حوالي 15 عاماً أو أكثر حيث رأيت الاتقان العالي في تصميم فستان زفاف مذهل للغاية لدرجة أنني لم أصدق ما رأته عيناي حينها.

أعتقد بأنه على مصممي الأزياء الراقية أن يشكروا المجتمع العربي بطريقة ما لأنه أحب وقدّر أهمية الأزياء الجميلة المصممة بإتقان في الوقت الذي اختار فيه الآخرون الملابس الجاهزة أو الأشياء الأكثر استعراضاً كالظاهرة التي أحدثتها كيم كارداشيان. فقد حافظن النساء العربيات بطريقة أو بأخرى على تراث ربما يكون قد بدأ في باريس لكنه انتشر الآن في جميع أنحاء العالم.

د. ج.: شعرت بعض النساء بالحزن الشديد عندما أغلقت علامة لاكروا، وكان الأمر أشبه بحِداد مونا ﭭون بسمارك على إغلاق كريستوبال بالنسياغا لأبواب علامته. لقد كُنَّ مكتئبات فعلاً، وأنا أتفهم موقفهن تماماً.

كيف ارتبط مفهوم المؤتمرات مع فكرة طريق الحرير إن صح التعبير؟

س. م.: إنني مفتونة بفكرة طريق الحرير. لقد صدر مؤخراً كتابان وتم إنتاج برامج تلفزيونية عن هذا الموضوع في المملكة المتحدة. ولطالما سحرني أيضاً المبدأ العام للطريقة التي انتقلت بها التجارة حول العالم، فقد كانت طرق التجارة هذه مذهلةً للغاية مثلما هي عليه الآن تماماً. نعرف جميعاً بالطبع مسار طريق التجارة في الماضي، حيث كان يبدأ من السواحل الإيطالية مروراً بالشرق المتوسط ووصولاً إلى الشرق الأقصى.

وقد كان أحدد أسباب اختياري لمسقط عاصمة عمان لأنها بلد كان فاتحاً أبوابه للخارج على الدوام. لا أعني بهذا أن باقي الدول العربية كانت منغلقة عن العالم الخارجي، لكن وبسبب موقعها الجغرافي من شبه الجزيرة العربية باتت فكرة السفر والمغامرة في جميع أنحاء العالم جزءاً لا يتجزأ من الثقافة العمانية. ويمكنك مشاهدة هذا في خرائط القرنين السابع عشر والثامن عشر. لقد دهشت عندما علمت أن الرحلة من سلطنة عمان إلى الهند تستغرق ساعتين ونصف بالطائرة وتستغرق 40 دقيقة فقط للوصول إلى دبي.

وهنا يكمن الأمر: يمكننا اعتبار بلد مثل الهند جزء من ذلك العالم وافتتاح منطقة تجارية جديدة بالكامل بدءاً من الشرق الأوسط وحتى الشرق الأقصى وبالعكس. نحن بحاجة إلى أن نطوّر فهمنا وإدراكنا لهذه الأشياء. كما أننا بحاجة لأن نتذكر طرق التجارة القديمة التي يعود تاريخ بعضها إلى ما يزيد عن ألف عام، لكن مع النظر أيضاً إلى طرق الحرير الحديثة اليوم بأساليب جديدة بحيث تنتشر كل تلك الأفكار على نطاق أوسع في جميع أنحاء العام.

د. ج.: أعتقد بأن اختيار مسقط كان فكرة عبقرية للغاية. فهي إحدى الكنوز الثمينة للشرق الأوسط والتي تغيب عن ذاكرة الكثيرين. وأظن بأن الناس سيشعرون بالسعادة حيال اختيارها.

هل تعتقدين بأن المصممين العرب متأثرين بالحضارة الغربية أكثر أم بالإرث المحلي والتقاليد العربية؟

prb_credit_fondation_piere_berge_yves_saint_laurent_paris_guy_marineau_suzy_deena_carmen_kass_vga_20161028

كارمن كاس ترتدي فستان سهرة لاميه منسدل من عرض أزياء سان لوران ريف غوش خريف شتاء 1991 الاستذكاري في مركز جورج بومبيدو في باريس، يناير 2002. الصورة: ©فاونديشن بيير بيرجيه – إيف سان لوران، باريس/غاي مارينو

س. م.: أعتقد بأن معظم المصممين حول العالم يتأثرون بالصيحات الرائجة لكل فترة. ومن النادر جداً انفصال المصممين عن الاتجاه الرائج والابتعاد عنه بشكل عام. أما المصممون العظماء الذين نبجلهم في الحقيقة سواء من المبدعين الذين رحلوا عنا منذ فترة طويلة أو أولئك الذين ما يزالون بيننا حتى الآن هم المصممون الذين سلكوا مساراً مميزاً وابتكروا طابعاً خاصاً بهم. هؤلاء هم الأشخاص الذي اختاروا المكانة التي يودون الوصول إليها. طبعاً أنا لا أعني بذلك أن يصطف الجميع خلفهم وكأن أعمالهم ليست جيدة بما يكفي أو أنها ليست بالمستوى المطلوب.

بدأنا حوارنا بالحديث عن زها حديد، وفي كل عمل هناك القادة وهناك الأتباع. ما أعنيه هو أن الغالبية العظمى من المصممين في جميع أنحاء العالم مروراً بالولايات المتحدة الأمريكية التي بالكاد تطرقنا إليها وحتى المنطقة العربية والشرق الأقصى وكافة الأماكن الأخرى هم أتباع أكثر من كونهم قادة ورياديين. إن تمكنا من الحصول على 10 قياديين خلال تاريخ الأزياء الطويل فهذا عدد ضخم وهائل جداً.

د. ج.: لقد كان حديثاً رائعاً معك يا سوزي. شكراً جزيلاً لك.

س. م.: أود أن أضيف شيء أخير أختتم به الحديث. أعتقد بأن الدول العربية بشكلٍ عام محظوظة جداً بوكلاء شرائها الذين تمكنوا من تعديل طابع الأزياء التي كانت تعرض عندهم وأنتجوا مثل تلك المجموعات المختارة الرائعة من الملابس الأوروبية الأصل في الغالب. وأتحدث هنا عن إنجي وباتريك شلهوب على وجه الخصوص. حيث تابعت أعمالهما لفترة طويلة من الزمن وإنجي تعرض مجموعاتها الآن في باريس كما تعلمون. لقد أعجبت جداً بالنهج الكامل لما فعلاه في دبي والطريقة التي قدما بها التصاميم مما جعلها مناسبة لزبائنهما. وأعتقد أن علينا أن نهنئ أشخاص من أمثالهم ونهنئ أنفسنا بهم. أنا على يقين بأن هناك مبدعين آخرين في كل دولة من دول الشرق الأوسط الذي أنت على اطلاع به أكثر مني من دون شكّ.

د. ج.: هذا بالضبط ما فعلته على مدى 10 سنوات. لقد كنت تاجرة تجزئة وقد جمعت ما رأيت أنه يلائم أسلوب حياة النساء اللواتي أعرفهن وأعيش معهن. وأظن أن الشيخ ماجد الصباح فعل ذلك أيضاً في الكويت عبر متجره ﭭيلا مودا. أعتقد أننا كنا من الذين ساهموا في الترويج لذلك في مجال تجارة التجزئة. لكن إنجي وباتريك فعلا ذلك لفترة أطول منا، لذا فأنت على حق، يجب أن نهنئ جميع الأشخاص وندعمهم على إبداعات كهذه.

س. م.: لقد أحببت حديثنا هذا وأنا متشوقة جداً لرؤيتك في المرة المقبلة حيث أتطلّع لتخبريني أكثر عن الموضة والأزياء في المنطقة العربية.

د. ج.: شكراً جزيلاً لك يا سوزي، كان حواراً رائعاً فعلاً. وأعجبتني إجاباتك كلها وأتمنى رؤيتك قريباً.

س. م.: شكراً لكِ على أسئلتك الذكية!

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع