خلال الأعوام القليلة الماضية، بدأ عالم الموضة يهتمُّ بشدة بكل ما هو غامض؛ فلا مفرَّ من تنشُّق دُخان المريمية، والحديث عن البلورات والشاكرات (مراكز القوة أو جدلات الطاقة في الجسم). والآن اتجه قطاع الموضة إلى النظرة، أو عين الحسد. ولأنها تُشاهَد غالباً على قطع تُستَعمل يومياً، فقد تحوَّلت من كونها قطعة للزينة إلى غرض لا غنى عنه في عالم الأناقة. وتأتي تميمة درء عين الحسد غالباً بشكل خرزة زجاجية زرقاء، وهي تعويذة الغرض منها درء اللعنات ونظرات الحسد الشريرة. ويمكن تتبع نشأتها إلى اليونان القديمة، وقد استعملها لاحقاً كلٌّ من الآشوريين والفينيقيين والعثمانيين، وهي تنبع من الإيمان بأن المرء قد يتعرض للعنة إن جرى مدحه أكثر من اللازم، حيث يصبح محاطاً بالاهتمام السلبي للحاسد. ويُعتقد أنَّ الإنسان يتملَّكه الغرور بحيث يفضي ذلك إلى دماره بفعل عين الحسد.
ومن بين جميع الأشياء المقدّسة والغيبية، بقيت تميمة درء عين الحسد مستعملة بعد مرور آلاف السنين. وتحمل نجمة غلاف ڤوغ العربية جيجي حديد تعويذة عين الحسد التي تمتلكها منذ أن كانت طفلة – حصلت عليها أثناء رحلةٍ قامت بها إلى الأردن لحضور حفل زفاف أحد أقربائها. وهي تعتبر أنَّ تلك التعويذة تتصل بطاقةٍ إيجابية وتُذكِّرها بالتخلص من الطاقات السلبية، فإن حصل وحاول أحدهم “رميها بعبارةٍ مهينة” الغاية منها الإيذاء أو أن تسبب لها سوء الطالع، يمكن لتلك التميمة أن تحميها (حسب اعتقادها).
وقد أسر سحرُ النظرة فعاليات الموضة المتنقلة؛ فخلال أسبوع الموضة في نيويورك ظهرت في عرض آنا سوي، حيث ضمَّنت المصممةُ الطبعةَ إلى جانب مجموعة من الأنماط الشاعرية من فترة الستينيات. وخلال عرض غوتشي لربيع وصيف 2018، كان بإمكانكم رؤية العين على حقيبة جلدية متحبّبة حمراء اللون. وتستقر العين، التي تتميز بدموع تنهمر من رموشها، تحت كلمة “وداعاً” بالإنجليزية مكتوبة بخطٍّ غرافيكي، في حين ارتقى بها أليساندرو ميشيل إلى شكل أكثر حرفيةً عبر إضافة مقلة عين ثالثة إلى جبين العارضات من أجل مجموعة العلامة لخريف وشتاء 2018. وشوهدت العين أيضاً خلال عرض ليبرتين، حيث غُطِّيت بالترتر اللامع وظهرت في مقدمة الفساتين والسترات ووسطها، فمن غير المسموح توجيه نظرات حاسدة هنا! وإن كنتِ تبحثين هذا الربيع عن قفطان ملائم لدرء كلٍّ من أشعة الشمس والنظرات الشريرة على حدٍّ سواء، ستجدين ضالتكِ بكلِّ تأكيد لدى علامة بونيتا كان في متجر صوص، والتي تقدم طبعات ضخمة نابضة بالحياة لعين الحسد على أقمشة بيضاء وسوداء متموجة.
كما أنَّ هناك عودة إلى المجوهرات التي لا تقدم القليل من البريق فحسب، بل أيضاً نوعاً من الحماية “السحرية”، فإن كنتِ تبحثين عن قطع عتيقة أثمن وأكثر قيمةً، فإنَّ علامة سو غراغ بريشوس جويلز تقدم خاتماً مرصَّعاً بالألماس مع عينٍ يمكن طلاؤها لتطابق عينك، في حين أن عيون الحسد من علامة ’بالعربي‘ تكملها رموشٌ مرصَّعة بالألماس مع بطانة مصقولة وكتابات بخطوط جميلة. قليلون فقط هم من يولون العينَ الاهتمام الذي تستحقه الآن أكثر من دار ليتو فاين جويلري، فعيون ليتو كاراكوستانوغلو الجريئة المطلية تتجاوز المجوهرات عبر مجموعتها الأحدث “لوبجيه”. ولدى سؤالها ما إن كانت تعتبر أنَّ مجموعتها من العيون تقدِّم نوع الخصائص الوقائية ذاته الذي تتمتع به التعاويذ العتيقة، تجيب المصممة: “نسمِّي مجموعة العين ’تو ايه بارتو‘ [أي: أنت في كلِّ مكان]. وهذا لتذكِّرنا أن ’عيننا‘ معنا على الدوام، تحمينا في كلِّ لحظة. كما أنها تذكرنا أيضاً أنّنا يجب أن نكون حاضرين في جميع أوقات حياتنا. في كلِّ مرة يصيب الضررُ إحدى قطعنا، نعتبر أن ذلك أمراً جيداً. فهذا يعني أنَّ كلَّ الطاقة السلبية قد ذهبت إلى العين وليس إلى الشخص”.
ومع تصاعد شعبية عين الحسد مؤخراً، يبدو الأمر كما لو أنَّ هذا الرمز سيحافظ على مكانته لألف عامٍ قادمة. أمَّا بالنسبة لمكانته في عالم الأناقة، فتهزُّ كاراكوستانوغلو كتفيها قائلةً: “جميعنا نريد أن نشعر بالحماية والأمان، وهل هناك أفضل من الشعور بالحماية والأناقة في الوقت عينه؟”
نُشِر للمرة الأولى على صفحات عدد مايو 2018 من ڤوغ العربية. بقلم كوربين تشامبرلين