تعاقدت ستورم مانجمنت، وكالة عرض الأزياء الرائدة التي سبق واكتشفت موهبة كيت موس عندما كانت في الرابعة عشرة من عمرها، لأول مرة على الإطلاق مع عارضة أزياء محجَّبة، وهي شهيرة يوسف القادمة من العاصمة البريطانية لندن وتبلغ عشرين عاماً. شقت شهيرة درباً جديدة في عالم الموضة عندما أصبحت واحدة من أوائل عارضات الأزياء المحجَّبات اللواتي وقَّعن عقود عمل مع إحدى الوكالات الكبرى، بعد نجمة غلاف ڤوغ العربية حليمة آدن التي انضمت إلى أسرة وكالة آي إم جي العام الفائت. وبذلك، تنضم يوسف إلى قائمة وكالة ستورم مانجمنت الطويلة من العارضات، والتي تضم أيضاً سيندي برونا وألِك وِك. وهذه العارضة، التي ولدت في إنجلترا وتنحدر من الصومال وتمَّ اكتشافها في سنِّ السابعة عشرة (ولكنها لم تدخل عالم عروض الأزياء إلا بعد مرور ثلاثة أعوام)، تقرّ بأنها لم تكن مهتمةً يوماً بالانضمام إلى قطاع الموضة والأزياء حتى وقتٍ قريب، وذلك رغم كونها قد شبَّت على مشاهدة البرنامج التلفزيوني America’s Next Top Model، وتذكر العارضات إيمان، وتايرا بانكس، وناعومي كامبل، وألِك وِك، وليا كيبيدي، وليلي كول كملهماتٍ لها.
وتقول في حوارٍ جمعها مع ڤوغ العربية: ’’خلال نشأتي، ولأني نحيفة وطويلة، كنت أتلقى تعليقات من قبيل: ’يجب أن تعملي في عرض الأزياء‘ تقريباً في كل مرة أقابل فيها أحداً ما – أنا متأكدة أنَّ الكثير من الفتيات طويلات القامة يفهمن ما أقوله‘‘، وتضيف: ’’أودُّ أن أقول أنَّ عرض الأزياء كان أمراً تفهَّمته جيداً، من ناحية ماهية عارضة الأزياء، ولكن لم يكن لديّ شغفٌ بهذا المجال ولا بالموضة بحدِّ ذاتها. الأمر حصل لي وحسب‘‘.
وعلى الرغم من أنَّ عارضات الأزياء الشهيرات أمثال إيمان، وياسمين وِرسامي، وواريس ديري، جميعهن ينحدرن من أصول صومالية، فإن عرض الأزياء ليس مهنة تقليدية في ثقافة يوسف. ولكن مع ذلك تقول أن أصدقاءها وأسرتها كانوا داعمين بشدة لها: ’’لم أكن لأزاول عرض الأزياء لولا طلب أصدقائي وعائلتي مني بشكلٍ متواصل فعل ذلك. عندما يطلب منكِ الكثير من أصدقائكِ وأفراد عائلتك وحتى الغرباء النظر في احتراف مهنة عرض الأزياء، يجعلكِ ذلك بكلِّ تأكيد ترغبين في أن تصبحي عارضة أزياء‘‘.
وفي نوفمبر الماضي، أشعلت العارضةُ الصومالية موقعَ تويتر بعد أن قامت بنشر مجموعة من الصور ترتدي فيها بذلة بانتسوت رمادية كبيرة الحجم مع توربان أسود معقود بأناقة وحقيبة خصر مطابقة له. وأرفقت الصورة بالتعليق: ’’أنا لستُ كيندال جينر ولكنني مسلمة سوداء من شرق لندن ستسيطر على عالم عروض الأزياء ببراعتها‘‘. وقد حازت الصور على ما يزيد عن 57 ألف إعادة تغريد و122 ألف إعجاب، حيث انهالت عليها عبارات المديح من مستخدمي تويتر من جميع أنحاء العالم، حيث علَّقت إحداهن: ’’ملهمة للغاية. أنا أيضاً صومالية ومن شرق لندن، لذا أنتِ ملهمة جداً بالنسبة لي‘‘، في حين جاء في تعليقٍ آخر بطريقة مازحة: ’’سأفعل كل ما بوسعي لدعمكِ، أنتِ جميلة ما شاء الله‘‘.
تقول يوسف: ’’لم أتوقع أنَّ تحصد تلك التغريدة ذاك القدر من الاهتمام، وخاصةً أن يُعاد نشرها بذاك العدد من المرات وحصولها على اهتمام مماثل أيضاً على منصات التواصل الاجتماعي الأخرى مثل انستقرام. لقد تلقيت الكثير من الدعم وأنا سعيدة لنشري تلك التغريدة لأنه من الصعب للغاية التميُّز في مجالٍ تنافسيٍّ جداً كهذا المجال‘‘. وبالفعل، فبالرغم من أنَّ قطاع الموضة قد اتخذ خطوات هامة ليصبح أكثر شمولية، إلا أنَّ عدد عارضات الأزياء المسلمات محدود، ولكن شهيرة متفائلة حيث تقول: ’’أعتقد حقاً أن النجاح في هذه المهنة أصعب لكوني عارضة أزياء محجَّبة تتجنب العديد من أنماط عروض الأزياء. لذا، وكنتيجة لذلك، لديّ فرص أقل، ولهذا السبب أشعر أن الأمر يعود إلى قطاع الموضة لتوفير فرص أكبر لعارضات الأزياء مثلي. هناك سوق ضخمة للأزياء المحتشمة، وقد بدأ المزيد من الشركات في إطلاق خطوط للأزياء المحتشمة‘‘.
وهي متحمسة لتمثيل النساء المسلمات بطريقة نادراً ما رأتها خلال نشأتها، تقول: ’’لقد أصبحتُ عارضة أزياء في وقتٍ أصبح فيه المجتمع أكثر تقبلاً للناس من أعراق وأديان مختلفة. إنه الوقت المناسب ليكون لدينا تمثيلٌ متساوٍ، وأن نتجاوز مفهوم الأكثرية. نعلم أن هناك عارضات أزياء طموحات من خلفيات عِرقية ودينية مختلفة، لذا لا يوجد أيُّ عذرٍ حقاً لغياب التنوع‘‘.
وعلى الرغم من أنه لايزال عليها أن تؤمِّن أول إنجاز ضخم لها، تذكر يوسف إجراء حوار معها على صفحات مجلة مارفا جورنال كنقطة بارزة في مسيرتها المهنية. أمَّا هدفها الأهم، فهو: ’’أن أكون أول عارضة أزياء محجَّبة تظهر على غلاف مجلة ڤوغ البريطانية. سيكون ذلك أمراً مذهلاً. وهدفي الآخر الكبير هو المشاركة في عروض أزياء علامتيّ المفضلتين شانيل وبربري في المستقبل‘‘. ولكن الأمر الأهم بالنسبة لها هو الحفاظ على إخلاصها لقيمها، وعن ذلك تقول: ’’من السهل أن تفقدي السيطرة على نفسكِ مع الأزياء المذهلة والمكياج في عروض الأزياء، ولكنني أريد أن أحافظ على صدقي مع نفسي. وبتلك الطريقة يمكنني أن أنقل صورةً عن نفسي بالأسلوب الأصدق. سابقة أعمالي هي انعكاس لهويتي ولما أمثِّله. أعشق الحشمة، لذا أريد أن يعكس عملي ذلك‘‘.
وسواء شاءت أم أبت، تمثِّل يوسف منارة أملٍ في خضم عالمٍ أكثر شمولية؛ عالم يقدم مكاناً للجميع، وليس فقط لأولئك الذين ينجحون في التكيّف والاندماج.
حصرياً: حليمة آدن في حوارٍ شيّق مع ڤوغ تتحدث فيه عن دبي والأزياء المحتشمة وأسرار النجاح