’’أقل ما يمكن أن يُقال عن هذا المشروع إنه كان ممتعاً للغاية بالنسبة لي‘‘.. بهذه الكلمات أجابت المصممة ساندرا منصور، مُؤسسة علامة الأزياء التي تحمل اسمها، عندما سألناها عن الفيلم الذي استوحته من عالم الأحلام وقدمته ضمن حملتها الدعائية الجديدة، الذي يحمل الاسم إحدى عشرة دقيقة وتنشره المصممة حصرياً على موقع ar.vogue.me. وأضافت: ’’كنت أتطلع لتوظيف الأفلام (في حملاتي الدعائية) منذ زمن بعيد، لذا تعاونت مع مجموعة من أفضل المواهب لكي يظهر هذا العمل إلى النور‘‘.
وكانت مصممة الأزياء النسائية اللبنانية قد تعاونت مع المخرجة مونيا عقل الحاصلة على عدة جوائز في الإخراج السينمائي، وكذلك مع المدير الإبداعي لوران سعد، لتصوير مشاهد فيلم يتضمن 11 لقطة، مدة كل منها دقيقة واحدة، في 11 موقعاً مختلفاً بهدف تشكيل رؤية فنية تجسد المرأة التي تتخيلها هذه المبدعة أثناء تصميمها لقطعها الفياضة بالأنوثة. وتشرح ساندرا قائلةً: ’’تحدثنا أنا ومونيا واتفقنا على أننا نريد صنع شيء جديد وفريد. فلدى كل منا مهارة مختلفة تماماً، لذا أردنا أن نجمعهما معاً لابتكار مشاهد تكون خير تعبير عن السريالية في الموضة والأفلام‘‘. وقد أسفر هذا القرار الذي اتخذتاه عن إبداع فيلم يتضمن سلسلة متتالية من السيناريوهات الشبيهة بالألغاز تم جمعها عبر الصور، والموسيقى، والألوان والأزياء الآسرة، واستغرق إنتاجه قرابة ثمانية أشهر.
’’أعدنا ابتكار عدد من الفساتين خصيصاً لهذا الفيلم‘‘، هكذا شرحت منصور التي غاصت حتى أذنيها في أرشيف مجموعة خريف 2017 (الذي حمل اسم ’’دوو ريف‘‘ أي ’’أحلام ناعمة‘‘) لتعيد تصميم الفساتين المذهلة التي خاطتها يدوياً بالترتر، ونسجتها من أقمشة التول المفعمة بالأنوثة –التي أتقنت صنعها خلال فترة عملها مع إيلي صعب– وارتدتها العارضات وهن يتجولن بين جنبات مواقف مهجورة للسيارات في لبنان، ويتنزهن بين سنابل القمح، والمناطق الصخرية الوعرة بوادي البقاع خلال لقطات الفيلم المتلاحقة. وتضيف: ’’على سبيل المثال، أحد الفساتين التي تظهر في الدقيقة التاسعة، ظهر في مجموعة خريف 2017 وكان باللون الأرجواني ومزيناً بأنماط هندسية متعددة الألوان، ولكني أعدت ابتكاره في هذا الفيلم بلوحة ألوان ناعمة من الأزرق الباهت المائل إلى الرمادي‘‘.
والعديد من مشاهد هذا الفيلم مستوحاة مباشرة من تجارب شخصية وحياتية حقيقية تم تجسيدها عبر تصويرها كما الأحلام المجردة. وتعليقاً على ذلك تقول منصور: ’’كل مشهد من مشاهد الفيلم يدور حول مفهوم اللاوعي الذي لا يمكننا السيطرة عليه أو على قدرته على الإبداع‘‘.
وكان لوران سعد هو صاحب فكرة تصوير 11 لقطة، مدة كل منها دقيقة واحدة، بدلاً من تصوير فيديو كامل يستغرق 11 دقيقة، لأنه يعتقد أن قدرة الناس على التركيز تقل بمرور الوقت، وبهذه الطريقة يسهل على المشاهدين استيعاب مضمون الفيلم. وتقول منصور: ’’تنتابنا أحلام كثيرة كل يوم، ونجد أنفسنا ننتقل سريعاً من حلم إلى آخر، لذا تبدو الأحلام بلا معنى وهذا ما أردنا تجسيده في فيلم إحدى عشرة دقيقة‘‘.
واختارت المصممة اللبنانية الرقم 11 اسماً لهذا الفيلم تيمناً بالكاتب العظيم ويليام شكسبير. وتقول في ذلك: ’’فيلم إحدى عشرة دقيقة مستوحى من فيلم حلم ليلة في منتصف الصيف المأخوذ عن مسرحية شكسبير، والذي أنتجته استديوهات فيتاغراف سنة 1909‘‘. وكانت مدة المسرحية 11 دقيقة أيضاً. أما عنوان كل مشهد فمأخوذ من أسماء قصائد الأديب الفرنسي أندريه برتون وعناوين كتبه، وهذه العناوين بمثابة تحية شخصية منها تهديها إلى كاتبها المفضل. ومثال على ذلك، تحمل الدقيقة الثانية من الفيلم عنوان ’’تراجكتوار دو ريف‘‘ (أي: مسار الحلم) الذي يعتمد على كتاب برتون الذي نشره سنة 1938، فيما تحمل الدقيقة العاشرة عنوان ’’لي با بردو‘‘ (أي: الخطوات الضائعة) المستوحى من باكورة المجموعات الأدبية التي ألفها هذا الأديب وتناولت مقالاته النقدية والجدلية.
ومع فيلم إحدى عشرة دقيقة، تبرهن المصممة بخطوة واحدة سريعة على براعتها في مجالات أخرى تتخطى مهارتها في التصميم متقن التفاصيل، وابتكار المجموعات الجديرة بالظهور على السجادة الحمراء التي تعشقها النساء، ومنهن ثريا بختيار ويكاتيرينا ماليشيڤا أميرة هانوفر (التي تألقت أثناء زفافها بفستان من تصميم ساندرا منصور هذا الصيف). بيد أن منصور، التي شاركت مباشرةً في كل ما يتعلق بتفاصيل تصوير هذا الفيلم، أشادت بفريق العمل الذي جمع نخبة من المواهب العربية الشابة لأنهم ساعدوها على تحويل أحلامها إلى حقيقة على حد قولها. واستطاعت ساندرا منصور تجسيد 11 موضوعاً فنياً متتالياً نجحت معاً في إظهار الجوانب المختلفة (الحيوية، والجرأة، والأناقة) التي تتميز بها نساؤها، وذلك بفضل تعاونها مع صناع أفلام، وملحنين، وملونين للأفلام من المنطقة، من بينهم جنى صالح التي وضعت موسيقى الفيلم بكامله من بدايته حتى نهايته، وبلال هبري الذي تولى مهمة تلوين الصور ليحول المقاطع إلى مشاهد سيريالية قدر الإمكان.
وإلى جانب فيديو هذه الحملة الدعائية الجديدة الذي يستحوذ على كل الانتباه، قامت ساندرا بتأسيس ’دار منصور‘ سنة 2010، ما يجعلها تشعر بمزيد من الحماس تجاه عملها. وتقول: ’’نقوم بإعادة تصميم مشغلنا في بيروت وتوسعته. وسنطلق قريباً موقعاً إلكترونياً جديداً، بالإضافة إلى طرح مجموعات لأزياء الزفاف وأخرى مصغّرة إضافية‘‘.
كما تجري منصور توسعات لعلامتها أيضاً في أوروبا والشرق الأوسط، وتعرض تصاميمها على موقع مودا أوبيراندي، ما جعل قطعها التي تتهافت عليها النساء متاحة لهن عالمياً، ولكنها لا تزال ترى أن جذورها اللبنانية ستظل تلعب دوراً مهماً في علامتها. وتشرح قائلةً: ’’تراثي هو جزء مني، لذا يؤثر دائماً وعلى نحو غير مباشر في كل ما أفعله. ولكننا ما زلنا عالميين لأننا نتوجه إلى النساء من جميع الجنسيات ولأن الحدود قد تلاشت بين الدول‘‘.
اِستمتعي بمشاهدة فيلم إحدى عشرة دقيقة لساندرا منصور من إخراج مونيا عقل، أعلاه.
شقراء ساحرة تلهمك أجمل الإطلالات في جلسة التصوير داخل عدد شهر ديسمبر من ڤوغ العربيّة.