رغم ما أحدثته وما زالت تحدثه قضية تمكين المرأة من ضجة بفضل الحملات الداعمة لها على مواقع التواصل الاجتماعي والأحاديث المدوّية لمشاهير الشخصيات التي دفعت بقضية حقوق النساء إلى الصدارة على طاولة النقاشات العالمية المعنيّة بالمساواة بين الجنسين، فإن هذا المصطلح ربما يتخذ أحياناً طابعاً عاماً قد يفقده معناه الحقيقي وسط هذه الزوبعة. وتأكيداً على أهمية هذه القضية، أقيمت الدورة الأولى من قمة الإرادة يوم 25 نوفمبر، حيث سعت إلى استكشاف المعنى العميق للإرادة بمختلف أشكالها، في حضور مجموعة من الشخصيات النسائية الرائدة اللواتي أسهمن في تغيير الخطاب حول قدرات المرأة وقيادة الحراك نحو العمل الاجتماعي داخل الشرق الأوسط.
أقيمت هذه الفعالية بالتعاون بين شركة نيرڤورا، ومجلة ڤوغ العربية، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، والاتحاد النسائي العام في الإمارات، وبرعاية نيتروجينا وبولغري، في فندق روزوود أبوظبي بهدف تمكين المرأة في العالم العربي من خلال توفير منصة تفاعلية تعرض تحت مظلتها مجموعة من أنجح الشخصيات النسائية بالمنطقة في مختلف مجالات الحياة رحلة نجاحهن الشخصي ورؤاهن الطموحة نحو المستقبل.
وشهدت القمة عقد حلقات نقاشية، ومقابلات مع شخصيات مهمة، وعروضاً حيّة ضمن فقرات عديدة شملت فقرة عن القيادات النسائية بعنوان She Leads، وأخرى عن الشخصيات النسائية المؤثرة بعنوان She Impacts، وعن المرأة العاملة بعنوان She Works، وعن الرياضيات الشهيرات بعنوان She Plays، وعن نجمات العروض الترفيهية بعنوان She Performs، ما أضاف عنصراً إنسانياً ملهماً لنقاشات قضية المساواة بين الجنسين التي في بعض الأحيان تحرّكها الإحصاءات ويتم تناولها على نحو شامل، بالإضافة إلى عرض مقاطع فيديو لسيدات عربيات حققن نجاحاً حول العالم، ما شجّع النساء من الحضور على التفكير في الدور الذي يمكنهن الاضطلاع به من أجل إحراز التقدم.
“إنه أمر مدهش حقاً أن تتبادل كل هؤلاء السيدات خبراتهن مع بعضهن البعض”، هكذا أشار مانويل أرنو رئيس تحرير ڤوغ العربية الذي يحرص دائماً على نشر مثل هذه التجارب على صفحات المجلة.
وافتتحت القمة بكلمة حثّت على التفكير ألقتها الدكتورة موزة الشحي، مديرة مكتب الاتصال بهيئة الأمم المتحدة للمرأة لدول مجلس التعاون الخليجي، تلاه حوار صريح أجراه أرنو مع معالي نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بدولة الإمارات تناول إمكانات النساء غير المستغلة داخل الدولة.
“تعتبر قمة الإرادة فرصة عظيمة لإبراز قضيتنا، والدفاع عنها بقوة”، هكذا صرحت معالي نورة الكعبي، مضيفةً: “دعونا سيدات من الحكومة ومن القطاع الخاص للتحدث عن أنفسهن وعن إنجازاتهن. لقد كان يوماً زاخراً بالقصص التي تهتز لها المشاعر. وما كنا لنسمع عن أي منها لولا ’قمة الإرادة‘”.
اقرئي أيضاً: الشيخة انتصار الصباح تصدر كتاباً لمساعدة النساء اللواتي عانين مآسي الحروب
وقد نجح بعضٌ من هذه القصص القوية، التي استمعنا إليها من أفواه مؤسِّسَات شركات ومبدعات موهوبات ومديرات تنفيذيات مميّزات، في التسلل إلى جوهر الأمل الكامن داخل نفوس اللواتي لا يزلن يجاهدن من أجل إحداث تغيير في حياتهن الشخصية والمهنية رغم ما يواجهنه من تحديات في مجتمعات يهيمن عليها الرجال وتتحيز لهم.
“عندما أمدُّ يدي لمساعدة الرجال، يعتبرونني الأم تيريزا”، هكذا قالت رائدة الأعمال الخيرية ماريا كونسيكاو التي أنشأت مؤسسة خيرية مكرّسة لانتشال أطفال بنغلاديش من براثن الفقر. مضيفةً: “أما إذا ساعدتُ النساء، فأُتَهَم بالاتجار بالبشر. إلا أنني عندما أنظر في عيون بناتي، لا أرى الفقر، ولكني أرى قدراتهن الدفينة”.
“اقتحمت المرأة اليوم ميدان العمل في مجاليّ النفط والغاز، وهو ما لم نسمع عنه من قبل”، هكذا صرحت فاطمة النعيمي، الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك)، وأضافت: “تواجهنا تحديات كثيرة بالمنطقة، إلا أن المشاركة الاقتصادية للمرأة لا غنى عنها من أجل إحراز التقدم”.
ومع ذلك، لا تزال المرأة في كل العصور مستمرة في مساعيها لاجتياز كل الحواجز، والتغلّب على كل القوالب النمطية من أجل قيادة أجيال من الرائدات في كل المجالات بالمنطقة.
أما زهرة لاري، بطلة التزلّج على الجليد الإماراتية وأول رياضية تمثل دولة الإمارات في المسابقات العالمية، فعلقت قائلة: “عندما بدأتُ ممارسة هذه الرياضة، لم يكن فيها أحد سواي”، موضحةً ما آلت إليه الأمور بقولها: “أما الآن، أصبحنا أكثر من 100 إماراتية، بل وأصبح لدينا فريق قومي مكوّن من خمس متزلّجات يتنافسن على المستوى الدولي”. ومن ناحية أخرى، ناقشت أسيل الحمد، وهي أولُ سعودية تنضم لعضوية الاتحاد الدولي للسيارات، ضرورةَ أن ينبع التطور من الداخل أولاً، قائلةً: “نحن في أمسّ الحاجة لنساء يكسرن الحواجز ويحملن لواء التغيير”.
وخلال الحوار معها، أوضحت إنجي شلهوب، مؤسِّسَة مجموعة إيتوال ورئيستها والمديرة الإبداعية لعلامة إنجي باريس: “إننا أحياناً ما نقارن أنفسنا بالرجال، لأن هذا ما يقودنا إليه مجتمعنا”، بحسب قولها، وأضافت: “ولكن المرأة تملك إمكانيات فريدة تستحق أن نسلط الضوء عليها ونضع ثقتنا فيها. وحدسي هو سلاحي، فالمرأة تملك حدساً عالياً للغاية – فاستخدميه ولا تحاولي أبداً أن تخفيه”.
وعلى الرغم من أن هذه هي أول مرة تعقد فيها قمة الإرادة، إلا أنها لن تكون الأخيرة في الغالب. فهذه القمة ما هي إلا غيض من فيض أهداف ’مبادرة الإرادة‘ واسعة النطاق التي تهدف إلى إحداث تغيير جذري بمنطقة الشرق الأوسط، والتي أطلقتها نيرڤورا وڤوغ العربية بالشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة والاتحاد النسائي العام في الإمارات للحثّ على مناصرة المرأة وتمكينها عبر عدد من البرامج.
اقرئي أيضاً: أسرار السعادة ربما تكون أسهل مما تتصورين