تابعوا ڤوغ العربية

لقاء حصري مع المصمم اللبناني طوني ورد الملقب بمهندس التفاصيل

مصمم آمن بأنّ الإلهام يتغيّر، وأثبت أنّ الإبداعات تتأرجح، لكن الإرث باق. تحتفي مجموعات المصمم اللبناني العالمي طوني ورد بالمرأة وأنوثتها، بذوق وأناقة ساحرة تتخطى الزمن.

ولد المصمم اللبناني العالمي طوني ورد في كنف عائلة تقدّر الموضة والأزياء فهو ورث هذه المهنة عن والده «إيلي ورد» الذي اكتسب سمعة طيبة بصنع بدلات تدوم إلى الأبد مع إتقان فن قص البدلات وخياطتها. حدثنا طوني عن بدايته في عالم الموضة فقال: «تربّيت في مصنع خياطة، ولكنني قررت السفر إلى باريس عاصمة الموضة وتعلمت تقنية الهوت كوتور من عالم الهوت كوتور نفسه». بدأ طوني من باريس لتعلّقه بعالم الرفاهية، وتلّقى خبرة واسعة من دور الأزياء ومن مصممين حفروا التاريخ بالتغيرات التي أدخلوها على عالم الموضة، وقد شرح هذه المرحلة فقال: «بفضل وجودي في باريس أنا مختلف عن الآخرين. تعلّمت في هذه المدينة تقنيّات إبداعية ونقلتها معي إلى مشغلي في لبنان لأتفرد بها أنا وبعض المشاغل في لبنان». طوني ممتن لكل ما تلقّاه من عائلته ويعتبر أنّ رحلته مع الأزياء انطلقت من منزله وهذا ما ساعده على بناء مستقبل ناجح والوصول إلى ما هو عليه اليوم.

عام ١٩٥٢ تأسست دار «إيلي ورد» للأزياء الراقية وفي عام ١٩٩٧ أسدل الستار عن أول مجموعة تحت مسمى علامة طوني ورد، وفي عام ٢٠٠٤ أقيم أول عرض أزياء في أسبوع ألتا روما ألتا مودا بإيطاليا وفي غضون أربع سنوات تمّ إطلاق خط الأزياء الجاهزة وبعد سبع سنوات أي عام ٢٠١١ تم إطلاق خط فساتين الزفاف وفي عام ٢٠١٤ أطلقت الدار مجلة FORWARD الخاصة بالعلامة وفي نفس السنة أقيم أول عرض أزياء في باريس بفندق سالومون دي روتشيلد، وفي عام ٢٠١٧ تمّ إطلاق مجموعة لامارييه ومنذ حوالي ثلاثة أعوام تمّ افتتاح صالة العرض الجديدة بباريس الكائنة في 14-16 شارع دو فوبورج سانت أونوريه.

طوني ورد مصمم أزياء متعدد الثقافات يتمتع بموهبة فذة، درس في مدرسة الغرفة النقابية لتصميم الأزياء الباريسية. لديه خبرة واسعة اكتسبها من خلال العمل لدى «ديور» و«كلوي» و«لانڤان». يحظى طوني بانتشار عالمي فعلامته متواجدة في أهم دول العالم مثل باريس، دبي، شنغهاي، ميامي، جروتاميناردا، بنما سيتي، مونت كارلو، لوغانو، بياتشنزا، برمنغهام، بيڤرلي هيلز، نيويورك، بكين، دالاس، واشنطن، شنزن، هانزو، نابولي، تراني، هوكايدو، راغوسا، سول، ميلانو، أمستردام، زيوريخ، شيكاغو، سانت أونوفريو، ريجيو إميليا، تشنغدو، وينتشو، الرياض، الدوحة. وتحظى الدار بعميلات من كبار الشخصيات، كما تتمتع بحضور قوي على السجادة الحمراء في المناسبات الكبرى.

يستوحى المصمم، المُلقب عن جدارة بـ«مهندس التفاصيل»، إبداعاته من الهندسة المعمارية المعاصرة التي تساعده على تصور الأشكال النحتية وصنع تقنيات مبتكرة والتلاعب بحدود الضوء والشفافية. نجح المصمم في تحويل دار عائلته للأزياء الراقية، التي أسسها والده عام 1952، إلى علامة عالمية. وتقيم دار الأزياء عروضها خلال أسبوع الموضة في باريس وتقدم 7 مجموعات من الأزياء الراقية والجاهزة وأزياء الزفاف سنويًا. وتجذب إبداعات طوني ورد أفراد العائلات الملكية والنجمات والمتاجر العالمية الراقية. ويتم توزيعها حاليًا في أكثر من 50 متجرًا حصريًا وفي المتاجر المتعددة الأقسام بجميع أنحاء العالم.

يسعى طوني ورد وراء ابتكار فساتين فريدة مواكبة للموضة، وهو في بحث مستمر عن الأقمشة والزخارف الجديدة، فأقشمته مصنوعة في مختبرات أفخم موردي الأقمشة في إيطاليا وفرنسا وسويسرا، ويصمم طبعات ودانتيل يتم صنعها خصيصًا لمجموعاته باستخدام أجود أنواع الحرير. تتم خياطة الخرز يدويًا على ظهر القماش باستخدام تقنية التطريز «لونيڤيل»، والتي تعد عملية نادرة في الأزياء الراقية تتيح الحصول على تطريزات متقنة بلا شائبة. وتسمح هذه الخبرة الفريدة، التي ما زالت الدار تحتفظ بها، بإبداع تطريزات مذهلة باستخدام اللآلئ وكريستالات سواروڤسكي والزهور المصنوعة من الأقمشة، والأشرطة، وخيوط الحرير، والسيليكون. وتعد كل مجموعة بمثابة فرصة جديدة لطوني ورد لإبداع أعمال وتقنيات مبتكرة. وسواء استوحى من الأوريغامي أو الحصى أو قشر السمك، يهوى المصمم صنع قصات وأشكال معقدة وتفاصيل مذهلة يستحيل تقليدها.
تاثره طوني كغيره من اللبنانيين بالكارثة التي هزّت العاصمة بيروت في ٤ أغسطس ٢٠٢٠، فهو وإن لم يطاله الانفجار بشكل مباشر غير أنّ وقعه كان قاسياً على أكثر من صعيد، إذ جعله يدرك كم كان محظوظاً لعدم تعرّض أي شخص يعرفه لضرر جسدي. غير أنّ طوني وبعد هذا الدمار الكارِثي أصبح على معرفة تامة من هو الصديق الحقيقي وهذا ما اعتبره أصعب من ليلة الانفجار. طوني من الأشخاص الذين لا يستسلمون فهو دائماً ينظر إلى الأمام وقد قال: «ضع هدفاً نصب عينيك وإن لم تنجح في الوصول إليه فضع الثاني والثالث». فالمبدع بنظر طوني المصمم هو الذي يرى الجانب الإيجابي من الحزن ويخلق من اليأس قصة أمل جديدة لأنّ الإبداع من وجهة نظره هو انعكاس ومرآة لروحنا وهو دائماً يخلق من اليأس أم من الفرح ومن مختلف حالاتنا النفسية. وأكد طوني أنّ كل مجموعة يبدعها هي مرآة للذي يعيشه وانعكاس لحاجة السوق ورغبات عميلاته، بعبارة أخرى يجمع طوني بين الأشياء المطلوبة والمرغوبة، وعن مهمتّه كمصمم قال: «أنا مهمتي أن أقدّم عملاً خلاقاً وأسعى دائماً نحو التفكير الخارج عن المألوف».
يدرك طوني تماماً أهمية التكنولوجيا التي تساعدنا لتحقيق ما نريد دون حرق مراحل الكوتور وتقنياتها والعمل اليدوي المهم بعالم الكوتور. وهو على ثقة أن التقنية التي يعتمدها في عمله يصعب على أي أحد تقليدها لأنّها في النهاية عملية تنفيذ للهوت كوتور ولا يمكن معرفة كيف تمّ تنفيذها، غير أنّه لا يخاف لو سرقت فكرة تصاميمه فهذا خير دليل على الإبداع وجمالية القطع التي يصممها.

يتعامل طوني مع جميع النساء مهما اختلفت خلفيتهنّ، ولا يميّز بين العربية والأجنبية فهو يؤمن بأنّ لا يمكن فرض الأحكام وتعميمها. ويعتقد أنه بفضل العالم الافتراضي أصبحت الأزياء بمتناول الجميع ولا يمكن تحديد امرأة واحدة في تصاميمه ويشرح :«أحب العمل مع المرأة الراقية والأنيقة والكلاسيكية ويمكن أن ترتدي تصاميمي أي امرأة ففي النهاية هناك طابع خاص يميّز كل امرأة وكل واحدة لديها أسلوب فريد سيجعل القطعة فريدة من نوعها».

بكل فخر يسعد طوني أن يقول إنّه كان أوّل من يقيم عرض أزياء لمجموعة ربيع صيف ٢٠٢٢ في منزل السيدة كوكران بقصر سرسق في بيروت – والتي لسوء الحظ رحلت عن عالمنا نتيجة الأضرار التي خلفها انفجار 4 أغسطس. مجموعة أزياء طوني ورد لربيع وصيف 2022 ليس ما تراه على المدرج إنّما احتفاءً بمرور 70 عامًا على إنشاء مصنع ورد على يد إيلي ورد، والد طوني، كما تصادف الذكرى السنوية الخامسة والعشرين لابتكارات طوني ورد، حيث يتغير الإلهام وتتأرجح الإبداعات لكن الإرث باق.

طوني المصمم هو نفسه طوني الإنسان فهو يحاول عند عودته إلى المنزل فصل حياته المهنية عن الشخصية، ويتعامل مع الناس بتواضع وعلى حد تعبيره «أبقي قدّمي على الأرض». يعيش طوني كل مرحلة على قدر ما تستحق ويقدّر اللحظات التي يعيشها. وإذ تطرق الحديث إلى المنزل، أكد طوني أنه زوج وأب لأربع أولاد وكل واحد فيهم يشكل عالماً خاصاً بحدّ ذاته بالنسبة له وعنهم قال: «كل ولد لديّ عالم خاص وكل واحد يعيش في بلد وأنا أتنقّل من وجهة لأخرى، أحب علاقتي معهم وتمدّني بالكثير من الطاقة، ثلاثة من أبنائي في عالم الفن واحد في الموسيقى وآخر في الأفلام وآخر في الموضة». وعلى الصعيد الشخصي يحب طوني الرياضة وكرة السلة وركوب الدراجة النارية والبحر والسفر واكتشاف بلاد وثقافات جديدة.

شأن طوني المصمم شأن الكثير من الناس في هذه البقعة من الأرض فهو في الكثير من الأحيان يسترجع ذكرياته ويستذكر أيام الحرب والأشياء الجميلة التي مرّت في حياته وتعود إلى ذاكرته الأيام التي عاش فيها وحيداً والتي يصفها بالقاسية والصعبة وفي نفس الوقت مرحلة مهمّة ولكن الأهم من هذا هي لحظات المرح والضحك مع الأصدقاء. ولأنّ طوني مصمم بارع ومسيرته حافلة بالنجاحات ورحلته بدأت مع والده أطال الله بعمره كان لا بدّ من سؤاله عن النصيحة التي قدّمه له الوالد فقال: «الصدق! وهذه من أهم النصائح التي أخذتها عن والدي وعليك أن تكون مقتنعاً بما تقدّمه وإذا كانت زبونتك متطلّبة عليك أنت كمصمم أن تكون أكثر تطلبّاً ولا تنسى أن تكتشف المشكلة وتقدّم الحلول قبل أي أحد آخر». وبدوره قدّم طوني نصيحة للمصممين الشباب وقال: «تواضعوا وتعلّموا مِن مَن سبقكم ولا تشقّوا الطريق لوحدكم».

في النهاية طوني يحمل على عاتقه مسؤولية النجاح الذي حققّته الدار فهو ما زال ليومنا هذا يطوّر من مهاراته ويرفض أن يفكّر أنّ العالمية تعني نهاية الرحلة فهو يحضّر دائماً لأشياء جديدة وتحدّيات كبيرة محاطاً بالأشخاص المناسبين. لا ينفكّ طوني بمواكبة كل جديد فهو يطّلع أكثر على عالم الـ  NFT ويدرس ماهيته وطريقة عمله ليرى إذا كان سيناسب عالمه الخاص ومن ثمّ سيقرّر ما إذا كان سينضمّ إلى هذا العالم الجديد، بالإضافة إلى العودة إلى أسابيع الموضة الكلاسكية والسفر إلى الصين وروسيا والدول العربية.

 

اقرئي ايضاً : إليك أهم 3 صيحات في عالم الموضة تم رصدهم في عرض ديور لخريف وشتاء 2022

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع