تابعوا ڤوغ العربية

ليفيا فيرث تروي القصص التي نرتديها

ليفيا فيرث

تتعدّد أدوار ليفيا فيرث المنتجة والناشطة في مجالات عدة، من البيئة إلى حقوق الإنسان وقضايا المرأة، من دون أن ننسى دورها في حياة الممثل القدير كولن فيرث وولديهما.

نشر هذا اللقاء للمرّة الأولى في عدد شهر أبريل 2018 من ڤوغ العربيّة، بقلم هالة كوثراني.

ليفيا فيرث امرأة قوية لم تستسلم لأضواء الشهرة وإغراءاتها. فالمنتجة الإيطالية والناشطة الجريئة هي زوجة النجم البريطاني كولن فيرث، إلا أنها رسمت لنفسها أهدافاً بعيداً عن امتيازات زوجها وتمسّكت بالقضية التي أصبحت محور حياتها المهنية وخدمت قضايا البيئة والمرأة والعدالة الاجتماعية التي شغلتها. فيرث هي المؤسسة والمديرة الإبداعية لإيكو إيدج، شركة الاستشارات التي ترشد العلامات ودور المجوهرات والأزياء إلى كيفية التطوّر مع وعي شروط الاستدامة والتأثير الإيجابي في البيئة. وهي الشركة نفسها التي أطلقت جوائز السجادة الخضراء للموضة وتحدي السجادة الخضراء. 

يحرّك ليفيا شعور بالمسؤولية تجاه ظلم يتعرض له الإنسان والطبيعة. وقد رفضت أن تقف مكتوفة اليدين بعد ما رأته في بنغلادش من استغلال للبشر وللنساء في شكل خاص لأجل ضخّ كميات هائلة من الأزياء التي تلبي رغبات المستهلكين. لقد وجدت قضيتها عن طريق الموضة، إلا أنّ الموضة لم تلعب دوراً مهماً في نشأتها، ولم ترتبط بأهدافها في مراحل عمرها المختلفة. «كي أكون صادقة يجب أن أعترف بأنّني لم أهتمّ بالموضة خلال نشأتي. لم أكن يوماً “فاشونيستا” أو مغرمة بصيحات الموضة، ولم أسارع إلى شراء كل جديد، بل كنت أتسوّق باعتدال وأهتمّ بأن ألبس الأزياء التي أشتريها وبأن تكون ذات نوعية تسمح لي بالاستفادة منها وقتاً طويلاً. أصبحت الموضة مهمة في حياتي أو إذا أردتِ أن تسمّيها “هدفاً” عندما فهمت تأثير ما نرتديه في البيئة والناس». 

ليفيا فيرث مع دوقة كامبريدج وستيلا مكارتني وآنا وينتور

لوهلة يبدو طرح ليفيا فيرث سوريالياً في زمن الاقتصاد المعولم والذي يشكل إدمان الاستهلاك أحد أبرز ركائزه. وهي تطرح فكرة مؤثرة وجدالاً لا يمكن دحضه عن العلاقة بين استغلال البشر والبيئة وما تسمّيه «الموضة السريعة». لكن كيف تمكن مواجهة هذه الرغبة العارمة في الاستهلاك خصوصاً أن الموضة هذه الأيام أصبحت إدمان الحاجة إلى المزيد؟ كيف يمكن أن نرسي أخلاقاً مغايرة وننشر ثقافة القناعة والاكتفاء؟ «يجب أن نبدأ من مكان ما، فدورة الاستهلاك التي أدمناها لا يمكن تحمّلها ولا يمكن أن تدوم: تأثيرها سيء في البيئة التي تعاني أذاها الرهيب، وفي البشر من خلال العمالة المستغلّة التي تصل إلى حد العبودية على مستوى العالم، وفي جيوبنا، فنحن ننفق الكثير على أشياء لا نحتاجها ولا نحتفظ بها لأن الدورة سريعة إلى أبعد الحدود. أظنّ أن السردية بدأت بالتغيّر، إذا نظرنا إلى الموضة السريعة في شكل خاص (هي الأزياء التي تصنع سريعاً)، فإن أرباحها بدأت بالانخفاض للمرة الأولى منذ أرست وجودها. بدأ الناس يقللون مشترياتهم ويهتمّون بالنوعية، ويعون أهمية العودة إلى شراء ما يمكن أن يعتبروه استثماراً. كل تقرير نقرأه الآن يشير إلى أمرين: أبناء الجيل “زد” مهتمّون بالقصص التي أدت إلى ولادة المنتج، والمستهلكون في شكل عام يريدون فرصاً جديدة». 

كأنّ ليفيا تتبع إلهاماً يمنحها القدرة على المضي في المهمة. «استوحيت الإلهام من النساء والرجال الذين التقيتهم خلال أسفاري إلى بنغلادش وكمبوديا وزامبيا. قصص الاستغلال والإساءة التي يسردونها تمدّني بالطاقة التي أحتاجها كل يوم لأجل تمهيد خريطة الطريق نحو موضة واعية وأخلاقية. كما يلهمني فريق عمل إيكو-إيدج الرائع، والأشخاص الذين نعمل معهم مثل كارولين شوفيل الرئيسة والمديرة الإبداعية لمجوهرات شوبارد التي أقدمت بجرأة على ترسيخ شبكة إمدادات تراعي شروط العمل الأخلاقي جاعلةً شوبارد أول دار مجوهرات وساعات تحقّق هدف الذهب النظيف (أخلاقياً) مئة في المئة». 

“أنا لا أخاف من الحقيقة، بل أعتبرها قوّتي”

قلنا إننا يجب أن نبدأ التغيير من مكان ما، وفي عالم الموضة تسود ثقافة اتباع أحدث الصيحات، فهل نبدأ بالمستهلكين أو بمن يطلقون الصيحات؟ «نبدأ بالجميع!» تقول ليفيا بحزم، «بمطلقي الصيحات والمستهلكين، بالرئيس التنفيذي أو بأي كان…كلّنا مواطنون. فلنبدأ بالمواطنين… أما في ما يخصّ الصيحات، فأنا أكرهها. ولا أحب أن أرتدي ما يرتديه الجميع! أذكر ما قالته لي الراحلة فرانكا سوتزاني (رئيس تحرير ڤوغ إيطاليا): “ليفيا، لا أرتدي الصيحة الأحدث، فهي مملّة للغاية”. 

حسناً، فلنتشجّع على تغيير علاقتنا بالأزياء التي نشتريها، خصوصاً تلك التي نقتنيها ولا نرتديها. نريد أن نعرف كيف نصبح مستهلكين أخلاقيين؟ تسارع ليفيا إلى الإجابة: «خفضوا مشترياتكم، واطرحوا الأسئلة وكونوا فضوليين. أستشهد دوماً بما قالته آلي هوسون (الناشطة وسيدة الأعمال زوجة الفنان بونو): نحن نرتدي قصص الأشخاص الذين صنعوا أزياءنا. وأنا واثقة من أننا جميعاً نريد أن نرتدي قصصاً جميلة. وقد بدأ الناس يعون ويسألون، لكن المشكلة هي أن الموضة السريعة تتطوّر مع استراتيجيات التواصل (المعلومات) التي تضلّل الناس. فليس من مصلحة القيّمين على هذه الصناعة والتجار أن نتوقف عن شراء الأزياء المنفّذة بسرعة مجنونة، وبكميات هائلة، خصوصاً أنّ نموذج عملهم قائم على هذه الفرضية. لذا فإنّ سلاحنا الأقوى هو أن نخفف الاستهلاك». 

ليفيا فيرث وزوجها كولن فيرث. Getty

ولنشر هذه الثقافة، ثقافة الاكتفاء على نطاق واسع، لا بد من اللجوء إلى منصّات التواصل الاجتماعي برغم أنها تجعل البعض مهووسين بالمظهر. «منصّات التواصل الاجتماعي سلاح مهمّ أسعى إلى استخدامه لصالح الخير العام ولأضمّ إلى مشروعنا المزيد من الناس. تخيّلي ما يمكن أن يحدث إذا قررت كيم كارداشيان أن تتطرّق إلى الموضة الأخلاقية (المستدامة)! يمكن عندها أن أتقاعد». 

توافق ليفيا على أنّ عملها حمّل الموضة قيماً وجعلها موضوعاً مثيراً للاهتمام، «أؤمن بأنّ إيكو- إيدج نجحت بجدارة في هذه المهمة». هذا الدور الذي صنعته لنفسها منحها القوة ورسم صورة واضحة لبحثها عن العدالة الاجتماعية، لكنها ليست دوماً راضية عمّا حققته، «لست دوماً راضية تماماً، بالرغم من أننا حققنا الكثير في إيكو إيدج، كل نجاح هو حدث هام، هو هدف تحقّق لنفتح صفحة جديدة منطلقين في رحلة بحث جديدة. نعم، أشعر بأن عملي هذا يمنحني القوة ويؤثر في المستقبل». 

تعبّر ليفيا عن أفكارها بجرأة وشفافية. لقد ترّبت على هذه الصراحة المبنية على عدم الخوف من المواجهة، «طالما عبّرت عن آرائي بشفافية، فأنا لا أخاف من الحقيقة، بل هي أهم سلاح يمكن أن نتمسك به. أعتقد أننا نعيش مرحلة تاريخية حساسة ومهمّة، فالنساء الآن يتحدثن جهراً ويكشفن الحقيقة، لنعرف أننا لسن وحيدات». 

“مهما كانت الأوقات التي نتجاوزها صعبة كلٌّ منا هو صخرة الآخر”

دعم النساء أحد أهمّ جوانب عمل ليفيا، وقد ضمّت جهودها إلى جهود المغنية حاصدة الجوائز آني لينوكس التي أسست الجمعية غير الربحية “ذي سيركل” الهادفة إلى تمكين النساء. نسألها، هل كونك امرأة جعل قضيتك عالمية وملحّة؟ «نعم، لأن النساء يتسوقن أكثر من الرجال! لكن أيضاً، إذا نظرنا إلى القضية بعين النسوية، يجب أن نكون نسويات عالميات ونفكر في النساء اللواتي يصنعن أزياءنا. لسن مختلفات عنا، ويجب أن نحميهن ونحترمهن». 

سرّ آخر سألناها عنه ونصرّ عليه بعد العاصفة التي هبّت على علاقتها بزوجها النجم: كيف توصلتما إلى هذه الشراكة المتينة برغم الإغراءات والأضواء وظروف العمل؟ وما هو سرّ الحب الذي يجمع بينكما؟ «السرّ هو معرفة كل منا نقاط الضعف لدى الآخر، وأن يدعم أحدنا الآخر، مهما كانت الأوقات التي نتجاوزها صعبة، ففي نهاية الأمر كل منا هو صخرة الآخر».  

كيت بلانشيت تكرر إحدى إطلالاتها الخالدة من عام 2014

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع