تعدُّ علامة ڤيرساتشي مثالاً للبهاء والسحر الإيطاليين، وقد أسستها أسرة شهيرة للغاية تسبقها سمعتها، في حين أنَّ مايكل كورس هي علامة أمريكية أمَّنت لنفسها مكانة جعلتها معروفة لدى الجميع، والجزء الأكبر من الفضل في ذلك يعود إلى حقائب اليد ميسورة التكلفة التي تنتجها العلامة ونجدها في كل مكان. وللوهلة الأولى، قد يبدو أن هناك القليل من الخصائص المشتركة بين هاتين العلامتين، إلا أن الأخيرة قرَّرت مؤخراً تغيير مسارها وشق طريقها الخاص نحو تشكيل مجموعة [شركات]، تحت اسم كابري القابضة، وتتمثل أول خطوة مهمة حقيقية لها في الاستحواذ على العلامة الإيطالية. لقد أصبحت ڤيرساتشي الآن تحت مظلة مجموعة كابري القابضة.
وإن كان محرِّرو الموضة قد عبّروا سرَّاً عن استغرابهم لهذا النبأ، إلا أن الصفقة كانت متوقعة بالنسبة لمراقبي الأسواق بصورة عامة. فبعد الاستحواذ على جيمي تشو في العام 2017 مقابل 1,2 مليار دولارٍ أمريكيٍّ، أوضح جون دي أيدول، الرئيس التنفيذي لعلامة مايكل كورس، بصورة قاطعة أن هناك صفقة أخرى على أجندتهم، حيث صرّح إبان إنهاء الصفقة في مؤتمر صحفي بالقول: “ينصبّ تركيزنا على [علامات] الموضة الدولية الفاخرة التي تقود هذا القطاع”. ولمدةٍ من الزمن، جرى الترويج لدار ڤيرساتشي على أنها عرضٌ مغرٍ، وقد تمكنت كورس من الظفر بها أمام منافسيها من المجموعات الأخرى مثل تابيستري إنك، التي تمتلك علامتيّ كوتش وكيت سبيد وتسعى أيضاً لتصبح مجموعة فخامة أمريكية رئيسية، وكذلك مجموعة كيرينغ، وهي المجموعة الأوروبية التي تأمل كورس أن تضاهيها.
ولدى إعلان الاستحواذ على ڤيرساتشي مقابل 2,1 مليار دولارٍ أمريكيٍّ يوم 25 سبتمبر، أقرَّ أيدول أنه: “كان إنجازاً بارزاً لمجموعتنا”. وتمتلك العلامة الإيطالية إرثاً عريقاً يضيف قيمةً لا تقدر بثمن إلى المجموعة الناشئة، وهو أمرٌ لم تتمكن لا مايكل كورس ولا جيمي تشو من الوصول إليه. ومن جانبٍ آخر، تمتلك مجموعة كابري القابضة القوة المالية لجني ثمار شهرة ڤيرساتشي، ما يدعم بقية العلامات المنضوية تحت مظلتها. وتدرك دوناتيلا ڤيرساتشي أن علامتها تتمتع بجاذبية فريدة، حيث صرحت في البيان الصحفي الرسمي الذي نُشِر لدى إتمام الصفقة: “أنا فخورة بأن ڤيرساتشي تحافظ على مكانتها القوية جداً في مضماريّ الموضة والثقافة العصرية”. ولكن ما الذي يخبئه المستقبل حقاً للشريكين الجديدين، وكيف سينشآن علاقة عمل ناجحة تفيد الطرفين؟
يشير تعليق ڤيرساتشي الختامي بأن “شغفها أقوى من أي وقتٍ مضى” أنها ستستمر في قيادة الرؤية الإبداعية لمجموعات العلامة، وفي حين أنَّ مجموعة كابري القابضة ما زالت تتلمس طريقها كشركة أم، فسيكون من الحكمة إيلاء الثقة لموهبة المديرة الإبداعية. وبالفعل، صرَّح أيدول خلال حوارٍ مع صحيفة نيويورك تايمز: “رفضنا رفضاً قاطعاً أي اقتراحٍ بمغادرة السيدة ڤيرساتشي للعلامة بعد مضي فترة تحفظ ماء الوجه، أو إحضار أي مصممٍ آخر [غيرها]”. وعطفاً على ذلك، تعهدت مجموعة كابري القابضة البناء على زخم منصة عروض ڤيرساتشي، ولكنها وعدت أيضاً بتوسيع عائدات الإكسسوارات والأحذية من 35% إلى 60% من مجمل عائدات العلامة. توقعي رؤية المشاهير ونجمات منصات التواصل الاجتماعي يحملن الكثير من حقائب اليد في المستقبل.
لابدَّ أن دوناتيلا قد عرفت أن هذا ما ستؤول إليه الأمور -فلا يخفى على أحدٍ أنّ الإكسسوارات هي عصب الحياة بالنسبة للعلامات- وڤيرساتشي ستسرُّ حقاً للدفعة التي تعهدت مجموعة كابري القابضة أن تمنحها لمنصات التجارة الإلكترونية الخاصة بها [علامة ڤيرساتشي] وكذلك لجميع قنواتها. إلا أن الوعد بافتتاح 100 متجرٍ جديدٍ للعلامة عبر الأسواق الأمريكية والأوروبية والآسيوية يثير تساؤلات حول إضعاف جاذبية العلامة، فمتجر في كل مطارٍ رئيسي حول العالم لا يصنع علامة يتمنى الجميع شراء منتجاتها، وقد يبعث برسائل مشوشة إلى الزبائن الذين شهدوا إغلاق 42 متجراً لڤيرساتشي في العام 2017.
ولكن مع ذلك فإن مجموعة كابري القابضة، التي يأتي اسمها من جزيرة إيطالية قبالة ساحل أمالفي، تطمح إلى ما هو أعظم، فهي تتوقع أن الاستحواذ على ڤيرساتشي سيساعد في زيادة عائداتها إلى 8 مليارات دولارٍ أمريكيٍّ على المدى البعيد، مع تحقيق ڤيرساتشي لملياري دولارٍ أمريكيٍّ. وهذه قفزة هائلة عن توقعات جوناثان أكيرويد، الرئيس التنفيذي لڤيرساتشي، الذي كان يأمل تحقيق مبيعات تتجاوز قيمتها مليار يورو في العام 2018. ولربما أعلنت دوناتيلا أن “الإبداع والابتكار [سيبقيان] في جوهر نشاطات ڤيرساتشي”، ولكن سيكون عليها تصميم إكسسورارات تحظى بشعبية سريعة. لقد بدأ الضغط عليها.
وهناك سببٌ آخر لتصدُّر هذا الاندماج عناوين الأخبار؛ فقد كانت ڤيرساتشي واحدة من عددٍ قليلٍ من الشركات المستقلة المتبقية في قطاع الموضة والأزياء – معقلٌ أخيرٌ للاستقلالية في قطاعٍ يصبح سريعاً خاضعاً لسيطرة سندات ملكية الأسهم الخاصة. فعندما باع دريس ڤان نوتن غالبية الأسهم في شركته إلى مجموعة بوتش الإسبانية في وقتٍ سابقٍ من هذا العام لم يكن أمام هذا القطاع وقت كافٍ لاستيعاب هذه الخطوة، لأن ميسوني سرعان ما خضعت لتمويل خاص مدعوم حكومياً بعد ذلك بمدةٍ وجيزة. وحقيقة أن علامة مستقلة بالكامل تُديرها عائلة ذات إرث عريق قد اضطرت إلى قبول مساعدة مالية من مستثمرين كانت بمثابة تحذير خطير لهذا القطاع. تُرى، هل أصبح من المستحيل اليوم الازدهار كمشروع إبداعي مستقل؟
وتقدم ستيلا مكارتني مثالاً مثيراً للاهتمام كردٍّ على ذلك، ففي بداية هذا العام، استرجعت 50% من أسهم كيرينغ (مجموعة غوتشي آنذاك) التي استحوذت عليها في شركتها عام 2001 واستعادت سيطرتها الكاملة على شركتها. وبوصفها واحدة من عددٍ قليلٍ من النساء البارزات في هذا القطاع، قالت للصحافة في مايو: “سيكون من الوقاحة عدم فعل ذلك”. وبالفعل، وبوصفها واحدة من الرائدات القليلات في مجال الموضة المستدامة، قد تنجح بصورة لائقة إن لم تكن مسؤولة أمام شركة أم تفضل جني الأرباح على الابتكار في مجال الأزياء. وبلا شك، يستحق طموح مكارتني الاحتفاء به ولكن استعادة مؤسسٍ لعددٍ كبيرٍ من الأسهم في شركته ليس عنواناً يقرأه المرء غالباً في هذا القطاع.
ولا تزال علامات جورجيو أرماني ودولتشي آند غابانا وسلڤاتوري ڤيراغامو تفخر بأنها شركات تديرها عائلات، وفي لندن، إيرديم مثالٌ صحيٌّ لمصممٍ راسخ في استقلاليته. ولكن مَن يدري أي شركة ستضع مجموعةُ كابري القابضة الاستحواذَ عليها نصب عينيها المرة المقبلة؟
سيستغرق الأمر وقتاً حتى يصبح تأثير المجموعة على ڤيرساتشي ملموساً، ولكن مع ترقب العالم لمعرفة ما إن كانت كابري القابضة ستنجح أم لا -انخفضت قيمة الأسهم في مايكل كورس بنسبة 8% عندما بدأت الشائعات تدور حول إجراء الصفقة في اليوم الذي سبق الإعلان عنها- سينصبّ تركيزها على العمل. ربما تتحلى ڤيرساتشي بالبريق والجاذبية لتحافظ على مظهرٍ مشرقٍ وجديد لمجموعة كابري القابضة أمام بقية المجموعات، ولكن فقط إن لم يتم التخفيف من “أسلوبها الأيقوني المميز” – كما وصفته دوناتيلا نفسها.
مباشرة من باريس: إطلالات الشارع الخلابة من أسبوع الموضة في عاصمة الأناقة
نُشِر للمرة الأولى على Vogue.co.uk