يعتبر عرض ذا جولري روم من أبرز العروض دائمة الحضور على جدول فعاليات أسبوع الموضة في كوبنهاغن. وتقف خلف هذه المنصة الآسرة الشقيقتان بيرنيل موبجيرغ كنودسن وشارلوت موبجيرغ أنسل-هنري، وهما امرأتان شغوفتان بمنح المجوهرات الدنماركية ومصمميها المساحة والاهتمام اللائقين خلال أسبوعٍ دارت فعالياته في معظمها حول الأزياء. وتمتاز ساحة المجوهرات الدنماركية بتنوعها المعهود، ما بين الدور العريقة والمخضرمة مثل أُولي لينغارد، وشامبالا؛ إلى الوجوه الجديدة المثيرة المفعمة بروحٍ شبابية وتجربة جديدة في التصاميم الكلاسيكية. ومن أجل عرض هذا الموسم، اختارت الشقيقتان موقعاً تاريخياً بقسم الفن الحديث في دار المزادات الشهيرة برون راسموسين. وهناك، وجهتا الدعوة إلى علامات منتقاة بعناية لاختيار قطعة فنية واحدة لاستعراض جماليات المجوهرات. شاهدي فيما يلي أبرز ما لفت انتباه ڤوغ العربية.
مجوهرات شامبالا – تصاميم روحانية
من كارل لاغرفيلد وجاي زي إلى أفراد الأسر الملكية من العرب والأوروبيين، ومن الممثل والناشط ليوناردو دي كابريو إلى ألمع نجوم الرياضة – تعتبر مجوهرات شامبالا المفضلة بين بعضٍ من أكثر الناس تأثيراً في العالم. ومع ذلك يفضل مادس كورنيروب، مصممُ العلامة والشريك المؤسس فيها، الحديثَ عن اليوغا والفلسفة البوذية، والتي تؤثر في العلامة، في جميع أوجهها: من بدايتها كفكرة حتى تقديمها في متاجر شهيرة حول العالم.
ونجم شامبالا هو نسخة غرافيكية من “دورجي” مزدوج، وهو رمز بوذي مغرق في القدم يمثل ضربة البرق التي تترك الإنسان مُتنوِّراً. وتمَّ إدخال هذا الرمز في شعار العلامة منذ أيامها الأولى، وهو يزين كل قطعة تخرج من دار شامبالا – باعتباره نجماً مرشداً، وبوصلة روحانية.
ويشترك مادس كورنيروب مع شريكه المؤسس للعلامة، شقيقه ميكيل، في عشق الألماس الخام غير المصقول. إنها طريقة سامية ولطيفة أن تحمل ألماسة؛ ما تزال على طبيعتها الخام تماماً، ليتمكن شخصٌ ما من إدراك ما تنطوي عليه من جمال. وينتقي كورنيروب بيده كل ألماسة، حيث يدعو جوهرها للحديث إليه قبل أن يضعها في إحدى أساور شامبالا الأيقونية أو قلائدها. وفي البداية، كان الأخوان كورنيروب يبتكران حُلياً للرجال فحسب، إلا أن رؤية النساء وهنَّ يتسللن على الدوام لشرائها لأنفسهن، جعلت شامبالا تبدأ مؤخراً بصنع تصاميم تأخذ السيدات بعين الاعتبار.
وربما تكون جذور العلامة ضاربةً في فلسفة مغرقة في القدم، لكن هذا لا يعني أنها لا تواكب التكنولوجيا الحديثة، بل على العكس تماماً من ذلك! فقد استحدثت شامبالا مؤخراً خدمة تستطيعون من خلالها تفصيل مجوهراتكم وفق تطلعاتكم الشخصية، جزءاً بجزء، وصولاً إلى اختيار لون الخيط، بل ولما هو أكثر من ذلك – وأنتم في المنزل، وكل ما تحتاجون إليه هو اتصال بالإنترنت.
جولي نيلسدوتر – عشق اللؤلؤ
لدى دخولكِ عالم الشابة الموهوبة جولي نيلسدوتر، تشعرين أن مهاراتكِ في إطلاق عبارات الثناء والمديح أمام اختبار صعب، إذ تهيمن على القطع الذهبية الرقيقة هذه لآلئ باروك كبيرةٌ وحالمةٌ مستخرجة من المياه العذبة، تجمع في تصاميمها الأشكال والخامات بطريقة جديدة تمتاز بروح التحدي، في حين أن خواتم كوكتيل لذيذة ذات توليفات مثيرة من الأحجار الكريمة تستحضر خيالات الطفولة لديكِ بكونكِ أميرة.
وبشعرٍ أشقر وطويل قريب من لون الفراولة وزيٍّ بلون وردي فاتح، تشكل المصممةُ تجسيداً واقعياً لعلامتها. ونهجها مرحٌ لا تحده حدود ولا يتبع أية قواعد. وتستكشف نيلسدوتر تجليات الجمال، وتلتزم بعدم إضافة عناصر أكثر من اللازم أو أقل من اللازم، بينما تتحدى نفسها على الدوام. وهي حازمة ولا تقوم بمساوماتٍ إطلاقاً، وذلك -إلى جانب موهبتها الأصيلة- السبب وراء تأسيسها علامتها في وقتٍ قصيرٍ كهذا وفي مثل هذه السن الصغيرة.
ففي سن الرابعة والعشرين، صممت نيلسدوتر قطعاً مميزة لمصممة الأزياء ستاين غويا، ورُشِّحَت لجائزة إِل (الدنمارك)، وفي ديسمبر 2018 افتتحت أبواب متجرها الجميل في كوبنهاغن، وهو لا يقلُّ رقةً ونعومةً عن مجوهراتها.
ومن بين أحدث تصاميمها بلانيت نيك بيس – وهي قلادة تشوكر ذهبية مذهلة ثرية بمزيج من 17 لؤلؤة مستخرجة من المياه العذبة والمياه المالحة، وحجر بيريل أخضر وحجر تورمالين وردي، والقطعة معقودة من الخلف بشريط وردي ناعم. والقطعة اللافتة الأخرى تتمثّل في قرط مفرد تبدو اللآلئ فيه وكأنها تتدحرج لأسفل عبر تصميم ذهبي مُلتفٍّ. وهناك أيضاً خاتمها بلانيت رينغ المصنوع من الذهب عيار 18 قيراطاً بترصيع الياقوت، وحجر بيريل، ولؤلؤة وردية مستخرجة من المياه العذبة.
ڤايب هارسلوف – على إيقاع الروك آند رول
لا شك أن الطفلة الجامحة على ساحة المجوهرات في كوبنهاغن قد فرضت نفسها كفنانة يجب أن نتابع أخبارها ونبقي عيوننا مسلّطةً عليها، حتى خارج حدود الدنمارك. وتتبع المصممة الحضرية وصائغة الذهب نهجاً قويّاً للغاية، فحتى في أرق تصاميمها وأكثرها نعومةً، تشعرون بمتانتها. وفي المجموعة المستوحاة من قوة الفتاة والأنوثة، تستعمل يداً تمسك بكرةٍ كرمزٍ لشيءٍ ينبغي تمريره، وحمايته، ونقله.
وتزخر التعاونات فائقة الجمال بين ڤايب هارسلوف والعلامة اليابانية فيستاسم بقدر كبير من المفاهيم، والتي يكاد يكون فهمها مستحيلاً. وإذ تستقي الإلهام من الثقافة الشبابية الفوضوية من كوبنهاغن إلى طوكيو، تضع هارسلوف مخلوقات غريبة، وقططاً، ووروداً، وأشياء من الحياة اليومية، مثل فرشاة أسنان وغطاء علبة، معاً في قطعها اللافتة الكبيرة. وهي تزين القلائد وسلاسل المفاتيح والأساور بأغطية عبوات وكبسولات دواء، في حين تفسح المجال أمام الأشياء كي تبرز بمفردها في قطع أكثر بساطةً.
أُولي لينغارد – الرجل النبيل وطائر الكركي
في سن الـ83 ما يزال أُولي لينغارد -شيخ قطاع تصميم المجوهرات الدنماركية- يبتكر قطعاً تغازل أذواق النساء من جميع الأعمار. ولوقتٍ طويلٍ الآن، تغطي مكتبَ المصمم قصاصاتٌ ورقية شاعرية واسكتشات رقيقة لطائر الكركي. ومنذ زمنٍ بعيدٍ أسر هذ الطائر المهيب، الذي يرمز للبهجة والجمال والإخلاص والحظ السعيد في الأساطير والفولكلور العالمي، خيالَ صائغ المجوهرات كثير الأسفار، عندما أفسح المجال أمام انبهاره ذاك بالنضوج. ومن بين القصاصات والرسوم، قام المصمم بنحته [الطائر] في مجموعة من المجوهرات الراقية، سُميَّت تيمناً باسم الطائر الساحر ذاك.
وتضم المجموعة قرطاً مع بروش وخواتم تزيِّنية، مصنوعة جميعها يدوياً من الذهب عيار 18 قيراطاً، وألماسات بيضاء، وأحجار ياقوت. وتجسد المجموعة الحركات الجميلة لطائر الكركي، وخصوصاً قرطها المفرد الذي يتميز بساقين ألماسيتين طويلتين تتراقصان بانسجامٍ مع حركات مرتديته.
وما يزال حماس أُولي لينغارد نحو تصميم مجوهرات راقية بإتقان لا يضاهى بنفس المستوى الذي كان عليه منذ أن أسس العلامة قبل 56 عاماً، في بلدة هيليراب إلى الشمال من كوبنهاغن. ومنذ ذلك الوقت، توسع عمل العلامة التي تديرها العائلة أضعافاً مضاعفة، لكنها انتقلت لمسافة مرمى حجرٍ فحسب. واليوم، تفرض نفسها باعتبارها مشغلَ صياغة الذهب الأضخم والوحيد في أوروبا الشمالية، ويعمل به 40 صائغ ذهبٍ يبتكرون قطع المجوهرات الراقية يدوياً. ولايزال المؤسس إلى الآن منخرطاً تماماً في العملية الإبداعية، إلا أنه سلَّم قيادة العلامة لأبنائه، وحتى الجيل الأصغر منهم منخرطٌ في عمل العائلة هذا. ولا عجب حقاً من ذلك، إذ يبدو أن جميعهم يعتبرون المشغل منزلاً ثانياً لهم – مكاناً يجمع عائلتهم.
أوريت إلحناطي – شغفٌ براوية القصص
لدى استكشاف تصاميمها الدافئة والجميلة لأول مرة، نستوعب السبب الذي من أجله يرغب العالم في الحصول على المزيد من تصاميم الحناطي؛ فهي تفهم طريقة تشكيل الذهب وتحويله إلى قطع عضوية وساحرة – ما يسمح بالتقاء ثقافة الشرق الأوسط مع الخفة المميزة لدول الشمال في ظل تصاميم مذهلة.
وتستقي الحناطي الإلهامَ من النساء وحقيقتهن البحتة، حيث تروي قصصهن بأشكالها من الذهب المعاد تدويره والأحجار الكريمة المستدامة. وكانت أول امرأة تلهم صائغة الذهب هذه هي جدتُها، التي تتذكرها وهي تحتسي الشاي على الشرفة، وتتزين بالكثير من المجوهرات الذهبية – وهي ذكرى تجلّت بوضوحٍ في جوهر تصميمها.
وفي أحدث قطعها، أصبحت ذواقةُ الفن المتمرسة أكثرَ جرأةً حيث جمعت السلاسل الذهبية مع حجر الملاكيت الذي غالباً ما يتم تجاهله، إلى جانب بصمة الحناطي المميزة الثرية دوماً بالذهب في تركيبها. ويشبه القرط، المزين بحجر مالاكيت ضخم مؤطر وتعلوه نخلة مرصعة بالألماس، شيئاً من الماضي أُعيد إحياؤه، وسنحت فرصة جديدة أمامه ليروي قصته الفريدة. ومن مجوهراتها الراقية، إلى مجموعاتها من الأزياء وحتى قطعها الفنية، تتحول أفكار الحناطي إلى ذكرياتٍ لمن ترتدي أعمالها.
مجوهرات دينجر – النحل القاتل
تابعي ماكس دينجر، فهو يبتكر سيناريوهات خيالية في ذهنه، وبعد ذلك يستعمل مجوهراته لترجمة تلك القصص إلى قطع ثلاثية الأبعاد يمكن ارتداؤها. وقد أثمرت أبحاثُه التي أجراها على النحل وتربيته في المناطق الحضرية مجموعةً من المجوهرات الراقية تضم نحلاً مشوهاً جينياً بعد تعرضه للمبيدات الحشرية، وغير ذلك من المخاطر.
وكان دينجر قد تدرب كمصمم مجوهرات راقية في كوبنهاغن، ومنذ ذلك الحين يعمل في المجموعة الملكية “رويال كوليكشن” الفنية. وعبر مزج الأحجار الكريمة الفريدة والذهب مع تماثيل صغيرة لروبوتات وطيور بجع وأرانب، يبتكر عوالم صغيرة في تصاميمه الفنية التي يمكن جداً ارتداؤها في الوقت عينه. والأمر لا يتعلق بالنحل والتماثيل الصغيرة فحسب – إذ يبتكر دينجر أيضاً خواتم آرت ديكو معاصرة لا يخفت بريقها مع الزمن، وفي تعاوناته مع حرفيي الخزف، يتحدى قيود عالم المجوهرات.
والآن اقرئي: مصممة دنماركية تقدم مجموعة مصغرة مستدامة بالكامل خلال أسبوع الموضة في كوبنهاغن