فضلاً عن تصاميمها التي تذهب بالعقول من أول وهلة، فإن أحدث مجموعة مجوهرات من ڤان كليف آند أربلز تبرز سحر أحجار الياقوت بأساليب إبداعية غير مسبوقة
لم يكن الممثل ريتشارد برتون يحتاج إلى مناسبة كي يُمطر زوجتَه إليزابيث تايلور بالهدايا الثمينة. وقد تساءلت زوجتُه يوماً مازحةً: “كم عدد الشابات اللواتي تحصل كلٌ منهن على طقم مجوهرات مرصعة بالياقوت مكافأة على أدائها لعمل ذي قيمة، مثل السباحة من بداية المسبح لنهايته عدة مرات؟”. امتلكت النجمة الراحلة، بفضل زوجها (الخامس)، بعضاً من أروع قطع المجوهرات في التاريخ، وإذا تطرقنا إلى مجوهراتها المرصّعة بالياقوت، فإن خاتمها من ڤان كليف آند أربلز كان أيقونياً بمعنى الكلمة؛ ففي حين تألقت أودري هيبورن باللآلئ والفستان الأسود القصير في فيلم “الإفطار عند تيفاني” (Breakfast at Tiffany’s)، تصدّر مشاهدَ فيلم “أربعاء الرماد” (Ash Wednesday) الذي عُرض عام 1973 خاتمُ “بويرتاس” الذهبي المرصع بزنة 8.24 قراريط من الياقوت والألماس، والذي ارتدته تايلور. حتى إنه ظهر على الملصق الدعائي للفيلم.
أمضى برتون، الذي وُلد في ويلز، أربع سنوات حتى عثر على “الياقوتة المثالية” بعدما وعد زوجته قائلاً: “يوماً ما سأعثر لكِ على أجمل وأروع ياقوتة في العالم”. وكتب برتون رسائل إلى بيير أربلز ليحصل منه على الحجر الثمين الذي أهداه لحبيبته في احتفالات عيد الميلاد عام 1968، بعدما زيّنه بمزيد من الأحجار الثمينة، فبلغت قيمته مبلغاً صادماً. وكانت أحجار الياقوت تُذكِّر برتون بالتنين الأحمر، شعار علم ويلز. ولا شك أن تايلور –عاشقة المجوهرات الراقية والخبيرة بأسرارها– سعدت بحقيقة أن أحجار الياقوت غالباً ما تعتبر أكثر ندرةً من الألماس. ويتوقع ديڤ شيتي، الرئيس التنفيذي لشركة Fura Gems المتخصصة في الأحجار الكريمة ومقرها دبي، أن ترتفع القيمة السوقية العالمية للأحجار الكريمة الملونة -الياقوت، والزمرد، والصفير- من مستواها الحالي البالغ ملياريّ دولار أمريكي إلى خمسة مليارات دولار أمريكي في غضون خمسة أعوام.
نشر للمرة الأولى على صفحات عدد شهر يونيو 2019 من ڤوغ العربيّة.
ويتشكّل حجر الياقوت، الذي يطلق عليه ملك الأحجار الكريمة، في ظل ظروف بالغة الغَرابة. ولم يتفق الخبراء بعد على تفسير دقيق لكيفية نشأته، ولكنه يتكوّن من اتحاد معادن محددة للغاية في ظل ظروف معينة. وعلى مرّ التاريخ، كان الياقوت رمزاً للبسالة والشجاعة، لذا كثيراً ما كان يُستخدَم في تزيين دروع النبلاء في الهند والصين. ولا عجب، إذاً، من أن تكون ندرتُه ولونُه المشتعل ووهجُه الفاتن قد ألهب خيال ڤان كليف آند أربلز منذ عام 1906. وبالنظر إلى هذا الدور البارز الذي لعبه الياقوت في تاريخ دار المجوهرات، كان من البديهي أن تحتفي ڤان كليف آند أربلز بهذا الحجر الكريم عبر مجموعتها الراقية الجديدة من المجوهرات، والتي أطلقت عليها اسم “كنز الياقوت” (Treasure of Rubies).
تزدان هذه المجموعة بأحجار بالغة التفرد استغرق جمعها معاً نحو 10 سنوات، وتتألف من 60 قطعة فريدة مرصعة بأكثر من ثلاثة آلاف قيراط من الياقوت المعتمد. يقول نيكولا بوس، المدير التنفيذي ورئيس ڤان كليف آند أربلز: “داومنا خلال الثلاث سنوات الأخيرة على العمل بحماس في صنع المجموعة وتصميمها. ويكمن سر تفردها في عدد أحجارها وجودتها وتنوع تصاميمها”. ورغم ما يوحي به اسم المجموعة، التي بيعت جميع قطعها تقريباً، فإن أشكالها لا تتبع نهجاً موحداً، لأن كثيراً من أحجارها جاء من أكثر من موقع (أغلبها من ميانمار وموزمبيق)، وتجمع تصاميمها ترصيع الياقوت والألماس على الذهب الأبيض والوردي لتستكمل جمال درجاته اللونية الحمراء المثيرة.
ورغم أن دار المجوهرات قد أزاحت الستارَ عن هذه المجموعة في حفل فخم أقامته في بانكوك، فإن مصدر الإلهام الرئيسي لهذه القطع مستمد في أغلبه من الهند، فضلاً عن حقبتيّ الخمسينيات والستينيات، حين كان الإخوة أربلز، الذين كانوا من كبار المستكشفين، يسافرون بصفة دورية إلى شرق آسيا بحثاً عن الأحجار الفريدة من نوعها. يقول بوس: “هنالك الكثير من القصص التي حدثت لهؤلاء الأشقاء خلال رحلاتهم في البحث عن الأحجار. وقد أردنا إضفاء نوع من الإثارة على هذه المجموعة. ينطوي البحث عن الأحجار الكريمة دائماً على شيء من المغامرة”.
وتتسم كل ياقوتة مستخدمة في هذه المجموعة بطابع خاص. وعن ذلك يقول خبير الأحجار في ڤان كليف آند أربلز: “كل ياقوتة فيها مميزة. وقد ابتكرنا هذه المجموعة، حجراً بحجر، بذات الإحساس المرهف. وكان من العسير جمع مجموعات متعددة من الأحجار، بل كان العثورُ على ألوان متناسبة مع بعضها البعض أمراً معقداً، لذا اعتمد التصميم أحياناً على الأحجار التي عثرنا عليها”.
ووفقاً لخبيرة المجوهرات الراقية جوانا هاردي، فقد نشأت العلاقة القوية بين العلامة والياقوت عندما ابتكرت ڤان كليف آند أربلز تقنية “ميستري ست” أو “الترصيع الخفيّ”، والتي حصلت على براءة اختراع بشأنها عام 1933. توضح قائلةً: “تعتمد هذه التقنية على جمع الأحجار إلى جانب بعضها البعض دون أن يظهر المعدن للعيان، وعلى نحو بالغ الدقة لدرجة أن الأحجار تبدو وكأنها تلهو معاً، فيما يعكس كل حجر بريق الأحجار الأخرى ولونها”.
’’ينطوي البحث عن الأحجار الكريمة دائماً على شيء من المغامرة‘‘
ويتجّلى أسلوب ڤان كليف آند أربلز التصميمي الشهير في جميع قطع “كنز الياقوت”: مثل فن التحوّل، والتباين، واستخدام تقنية “الترصيع الخفيّ” إلى جانب تصميم السحّاب الحاصل على براءة اختراع. وتقدم قلادة “روبي أمبيريال” المذهلة مثالاً رائعاً على التنوّع الذي يتميّز به كثيرٌ من تصاميم المجموعة – إذ يمكن ارتداؤها بثلاث طرق مختلفة، فيما تقدم قلادة “إليكسير دو روبي” ثمانية خيارات للارتداء. وقد أخفت العلامةُ العناصرَ التي يتطلبها عمل هذه التحوّلات عن العيان، وغطتها في هيكل التصميم أو داخل الحُليّ. وتظهر أمثلة على التصميم المتباين في بعض القطع مثل قرطيّ “أونيسون” وقلادة “ريڤيير”، فيما يمكن ملاحظة تقنية الترصيع الخفيّ بجلاء في بروش “أمور ساكريه”. تقول هاردي: “من اللافت للنظر بلا شك أن تمتلكي أحجار ياقوت كبيرة، ولكن التناغم بين أحجار الياقوت في هذه المجموعة استثنائي”. جاء أكبر الأحجار من ميانمار، ويزن نحو 25 قيراطاً ويزين قلادة “روبي فلامبوايان”.
وعبر مجموعة “كنز الياقوت”، تحتفي ڤان كليف آند أربلز بتاريخها الحافل فيما تعكس الحقب الزمنية، وتستحدث شيئاً جديداً ومبتكراً، مستخدمةً جميع المهارات الشهيرة للدار وتصاميمها وإلهامها. وعن ذلك تقول هاردي: “صنعت الدارُ هذه المجموعة بإحساس مرهف، فقد كانت الأحجار تخاطب الحرفيين والمصممين، وتتحدث إلى التجّار الذين عثروا عليها. ولا شيء يمكن أن يصنع مجموعة كهذه سوى الشغف، وهذا هو سر الياقوت”.
نستعرض فيما يلي بعضاً من أروع مجوهرات ڤان كليف آند أربلز المرصعة بالياقوت عبر تاريخها الطويل:
فنانة تعمل على تصميم قلادة إليكسير دو روبي
قلادة "دوشيس"، 2011 استوحت الدار هذه القلادة من قلادة "كراڤات" التي صنعتها خصيصاً لدوقة وندسور عام 1936.
بروش "بيڤوان"، 1937 يكشف هذا البروش، الذي كان ملكاً للأميرة المصرية فوزية، عن سمتين دائمتين من سمات الدار، ألا وهما: موضوع الأزهار، واستخدام تقنية "الترصيع الخفي".
بروش "فايف ليڤز"، 1967 كان هذا البروش ملكاً لمغنية الأوبرا الشهيرة، ماريا كالاس، التي كانت عاشقة للمجوهرات وهاوية لجمعها وخبيرة بأسرارها.
قلادة ريڤيير
تعرّفوا إلى حقيقة النجمة إميليا كلارك خلف التنانين الغاضبة والشعر المستعار