كارولينا هيريرا: رمز للأناقة من نيويورك وحتى الرياض

Carolina Herrera. Photo courtesy of Carolina Herrera

كارولينا هيريرا تجلس إلى يساري مباشرة، مرتدية قميص أبيض ياقته مرفوعة للأعلى، مزين بزهرة قرنفل مجففة مثبتة بالقرب من قلبها. تستمع بكامل تركيزها لحديث مارك بويغ الرئيس التنفيذي لبويغ جروب الذي قدّمها لمجموعة صغيرة من الصحافيين الذين تجمّعوا في مبنى مكتبة مكوّن من طابقين كان ملكاً للمصرفي المعروف ألفونسو فييرو وسط مدينة مدريد. وعلى يسار السيدة هيريرا تجلس واحدة من بناتها الأربع، كارولينا هيريرا دي بايز التي تدير قسم العطور في الدار. بينما يجلس زوجها الثاني رينالدو هيريرا الذي قضت معه ما يقارب الخمسين عاماً وهو محرر مشارك في مجلّة فانيتي فير على يميني، إلى جانبه ماريانو بويغ الرجل الذي أكمل عمليّة شراء العلامة من خوسيه دي أرماس عام 1991 . وقد اجتمعنا جميعاً في هذا المكان لنشهد إطلاق كارولينا هيريرا الجديد الذي يحمل عنوان “كارولينا هيريرا: 35 عاماً من الموضة” في الأسواق البارزة التي ساعدت العلامة لتزدهر في أمريكا، أسبانيا، روسيا، والعالم العربي وغيرها، وقد كان الشرق الأوسط تحديداً مفتاح نجاح علامة منزل هيريرا. وقد علّقت المصممة التي زارت المنطقة مع ابنتها هيريرا دي بايز في مايو 2015 لإطلاق مجموعة “هيريرا كونفيدانشل” التي تحتوي على ستة عطور وأربعة زيوت عطريّة على التشابه الذي يجمع السيدات في أمريكا اللاتينيّة مع السيدات العرب قائلة: “تجمعنا الكثير من القيم، وأؤمن أن الحب والاحترام الذي نكنّه لعائلاتنا ولمن حولنا هو ما يجعلنا متشابهين جداً.”

Carolina Herrera Spring 2017 RTW. The gingham dress recalls the gingham shirt Mrs. Herrera wore to her first show, 35 years earlier. Photo by Indigital

وقبل حلول الليل، اجتمعنا مع مجموعة من الأصدقاء المقرّبين لكارولينا هيريرا، منهم كارمن مارتينيز بوردو، حفيدة الحاكم الديكتاتوري الإسباني فرانسيسكو فرانكو، ووالدتها دوكويزا دي فرانكو، بالإضافة للعارضات كارلي كلوس ويوجينا سيلفا، في حفل تكريمي لكارولينا هيريرا أقيم في منزل السفير الأمريكي، جيمس كوستوس. كانت ليلة حافلة أضاءها القمر العملاق.

حصلت هيريرا على نصيبها من الاحتفالات في هذا المجال ببلوغها عمر 77 عاماً، فمع أن مسيرتها كانت قد بدأت في عالم الأزياء قبل 35، إلا أن علاقتها مع نخبة عالم الأزياء استمرّت طوال عمرها، إذ ولدت ماريا كارولينا جوزفينا باكانينس نينو في كاراكاس في فينزويلا، وتعرّفت على عالم الأزياء الراقية من جدتها سيدة المجتمع الأنيقة. عملت بعد ذلك في الدعاية لدى إيميليو بوتشي، لتلتقي بميك وبيانكا جاغر في استوديو 54. ووصلت إلى قائمة الأكثر أناقة في مجلة فانيتي فير عام  1972، كما دخلت ذا هول أوف فيم عام 1980. ومع وصولها لمنتصف العمر قررت كارولينا هيريرا أن “تفعل شيئاً مختلف،” بدلاً من أن تغوص في أزمة وجوديّة، وبذلك تحوّلت من عميلة لأبرز دور الأزياء إلى مصممة أزياء بذاتها، فتقول: “بيل بلاس كان داعماً لي” ولكن هالستون كان صديقاً آخر رآها “مجنونة” ولا تملك أدنى فكرة عما كانت تفعله.

كانت كذلك في الحقيقة وتقول: “كان الأمر صعباً، كنت أعتقد أن بإمكاني الإقدام عليه، أقدّم مجموعة وأنتقل لما هو بعدها”، وبدعم من مرشدتها رئيسة تحرير مجلّة ڤوغ الأمريكية ديان فريلاند، أقامت هيريرا عرضاً في ميتروبوليتان كلوب في نيويورك، بمجموعة مكونة من 31 تصميم تعرضنها أشهر العارضات من أمثال: إيمان وألفا تشين وباولا ديمينغوين ابنة المصارع الأكثر شهرة في إسبانيا، لويس ميغيل ديمينغوي. كانت تجلس بيانكا جاغر إلى جانب آندي وارهول، بينما كانت نان كيمبنر وجاكلين دي ريبس ودوريس دوك من الحضور مع وكلاء شراء من متاجر عملاقة مثل ساكس فيفث آفينيو وبيرجدوف جودمان، وبالتأكيد حضرت رئيسة تحرير مجلة ڤوغ، ومرشدة هيريرا ديان فريلاند في مقعد أمامي خلال العرض.  وضم العرض مجموعة من الملابس الخلابة منها بذلات رسميّة وفساتين سهرات تحاكي الأناقة الراقية للشاشة الفضّية، ونجح العرض وعادت كارولينا هيريرا إلى فينزويلا لتجمع الأموال لعلامتها المزدهرة. تبلغ قيمة علامة هاوس أوف هيريرا اليوم مليار دولار، وتقول السيدة هيريرا “الغريزة والشعور مهمة عندما يتعلّق الأمر بتصميم الأزياء، ولكن الأهم من ذلك كله الانضباط. فإن كنت تتمتعين بالانضباط، يمكنك أن تحققي أي شيء.”

وتتذكر السيدة هيريرا إنجازاتها على مدى السنوات الماضية، منها تصميم ملابس جاكي أوناسيس لآخر عقد من حياتها، وأبرز ما قدّمته من إطلالات السجادة الحمراء، على الرغم من أنها لم تحدد أسماء معينة، وتقول: “إن احتاجت العلامة إلى أحد المشاهير لتبيع أزياءها فهذه مشكلة. يجب أن تبيع الأزياء نفسها.” تضع يديها برقّة وتجلس باتزان بطريقة تذكرنا بالصور الملكيّة التي شاهدناها خلال زيارتنا لمتحف الفن القومي الإسباني في اليوم السابق، وبينما تتحدّث تقوم بتعديل تنورتها الرماديّة التي تظهر ساقيها اللتان غطّيتا بجوربين تنتهي بحذاء مخملي أنيق. لا يمكن أن نقول أن كارولينا هيريرا لا تعرف مكانة نفسها، ومع ذلك لا نجدها مغرورة أبداً، والشيء ذاته يمكن أن يقال عن تصاميمها، وهو ما جذب السيدات في منطقتنا إلى أنافتها ورقيّها حتى أصبحت منطقة بيعها الأساسيّة هي العالم العربي، فبالنّسبة للسيدة هيريرا، الأناقة أسلوب حياة، وتقول: “ليس ما نرتديه وحسب، بل الأناقة هي ما نقوله والطريقة التي نمشي فيها. الأناقة هي إظهار الاحترام للآخرين، الأناقة هي… أسلوب حياة.”

تنادي رئيسة تحرير ڤوغ العربيّة بعودة الأناقة، ونرى أن السيدة هيريرا تملك شيئاً من جين دي آرك في انتمائها لنيويورك والرياض في الوقت ذاته، فالقطعة الأساسيّة لكارولينا هيريرا هي القميص الأبيض الكلاسيكي الذي تصفه بأنه “زي حماية”، وستبقى أناقة كارولينا هيريرا شعاراً للرقي يبقى للسنوات المقبلة.