دائماً ما تجمع عروض الأزياء الراقية لعلامة ميزون ربيع كيروز بين الموسيقى والرقص. وقد استعان المصمم كيروز بمجموعة من الراقصات المحترفات بمعنى الكلمة، مثل ماري آنييس جيلو، للرقص على منصته، فيما أطرب الموسيقار الفرنسي كريستوف الضيوف بالعزف على البيانو وغناء “ليه مو بلو”. لذا حين صعدت إحدى العارضات على منصة العرض المؤلفة من مكعبات شبيهة بـ”أحجار البناء” مرصوصة بغير انتظام داخل مشغله بحي سان جيرمان، تهادت بخطوات قدميها اللتين تزينهما الجوارب وسط صمت تام خيّم على القاعة، ما أثار دهشة الضيوف وشد انتباههم.
ولعل أولئك الذين ليسوا على دراية جيدة بأحداث الثورة اللبنانية المشتعلة سيحاولون ربط هذا العرض البسيط ببعض مظاهر الاستدامة التي باتت رائجة. ولكن لعل المصمم، الذي يوزع نشاطه التجاري بين لبنان وفرنسا، لم يكن لديه خيار آخر في الحقيقة سوى الاستغناء عن بعض عناصر التصميم – بل وأحياناً الاستغناء عن ترف الأزياء المكتملة [التي لا تحتوي على عناصر مفككة]، حيث قدم في عرضه الكثير من الإطلالات المفككة. ورغم مفهومها المميز، فليس من المحتمل خارج الأتلييه ارتداء الفساتين الكاشفة المجموعة أجزاؤها معاً بأربطة وأشرطة من الأنسجة المضلعة، وأثواب “السمق” الفضفاضة، وما شابه ذلك. وربما كان هدف كيروز من ذلك تسليط الضوء هذا الموسم على الخيّاطات والخيّاطين وليس عليه كمصمم. وقد أبرز العرضُ هؤلاء الحرفيات والحرفيين، تلك المواهب البشرية متعددة المهارات التي لا غنى عنها لصناعة فستان لافت، أو آخر مفعم بالتألق مثل الفستان الذهبي التالي المرصع بحلقات ضخمة من الترتر تشبه “الأزرار”.
اقرئي أيضاً: نيكولا جبران يستعد لتقديم ثاني عروضه في أسبوع الموضة في باريس ويكشف تفاصيله لموقع ڤوغ العربية
وفي لبنان، البلد التي ينحدر منه كيروز، جُمدت حالياً الحسابات المصرفية وأصبح روّاد الأعمال عاجزين عن دفع رواتب موظفيهم، كما وجد الكثيرون أنفسهم فجأة عاجزين حتى عن شراء الطعام. وهذا الوقت ليس مناسباً أمام كيروز كي يظهر موهبته الفذة عبر التصاميم اللامعة، بل الأفضل تمزيقها للكشف عن أسرارها ودخائلها [وهو ما أقدم عليه عبر اعتماد عناصر التصميم المفككة]. وربما بدت الجوارب القطنية الرجالية الحمراء “الفاقعة” التي ارتدتها العارضات في أقدامهن سخيفة في عيون البعض. ورداً على هذا النقد الذي ربما يوجه إلى تلك الجوارب، فإنها تمثّل قدرة الشعب اللبناني السديدة على المضي قدماً، معاً مهما كلفهم الأمر.
اقرئي أيضاً: جورج حبيقة يستوحى من الطبيعة مجموعته لربيع وصيف 2020 التي قدمها خلال أسبوع الموضة في باريس