من المحزن أن نشعر بأننا نعيش في عالم تنتصر فيه الكراهيةُ أحياناً. وسواءً كنتم مسيحيين أم بوذيين أم هندوسيين، فلن يسعكم إلا الشعور بالصدمة جرّاء أحداث العنف الشنيعة التي يشهدها عالم اليوم، لا سيّما حادث إطلاق النار الجماعي الإرهابي الذي استهدف مسجد النور والمسجد التابع لمركز لينوود الإسلامي في نيوزيلندا.
وأزعجتني بشدة، على المستوى الشخصي، مقاطعُ الفيديو التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي من يوم لآخر، والتي تعرّضت فيها المسلمات للمطاردة والتحرّش في الأسواق، وفي المواصلات العامة، وكذلك في المدارس، ليس لشيء سوى أنهن جرؤنّ على الالتزام بمعتقداتهن، وأقْدَمن على ارتداء الأحجبة وأوشحة الرأس. ومجرد تخيُّل حدوث مثل هذا الأمر لإحدى صديقاتي أو زميلاتي الكثيرات يحمل في طيّاته شعوراً بالهلع.
ولأن ڤوغ العربية تُنتَج في قلب العالم العربي، فضلاً عن كونها من أكبر الأصوات الإعلامية، أؤمن شخصياً بأنها تضطلع بمسؤولية تسليط الضوء على المفاهيم الخاطئة الشائعة عن نساء منطقتنا، والنساء المسلمات بصفة عامة، وتسعى جاهدةً لتصحيح تلك المفاهيم، وتملك القوة اللازمة لذلك. وبينما يشهد اقتصاد الأزياء المحافظة ازدهاراً لافتاً، ما يزال هناك تجاهل مؤكّد للنساء اللواتي اعتدن اقتناء هذه النوعية من الأزياء قبل فترة طويلة من اقتران مصطلح ”الأزياء المحافظة” بحركة الموضة العالمية. ونسعى من خلال هذا العدد للتأكيد على أن ارتداء الحجاب أو وشاح الرأس هو أمر شخصي محض، بل واختيار يبعث على التمكين، وهو ما تؤكده عارضات أزياء متألقات، ولاعبات في الأولمبياد، وسياسيات ينبغي ”عدم العبث معهن”، وغيرهن من كبار سيدات الأعمال اللواتي يفخرن بالظهور على صفحات عددنا. وقد وقع اختيار نساءٌ رائدات وناجحات -مثل إلهان عمر، وغزلان غينيز، وزهرة لاري- على ڤوغ العربية ليكشفن على صفحاتها عن صراعاتهن ومعاركهن، والأهم من هذا كله قصص نجاحهن، وكيف استطعن تحطيم القوالب النمطية؛ فأولاهن أول امرأة محجبة تفوز بمقعد في الكونغرس الأمريكي، وثانيهن رئيسة تنفيذية مرموقة، أما الثالثة فهي أول متزلّجة إماراتية على الجليد وتسعى للفوز بميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية.
وآمل أن يسهم هذا العدد في شعور مرتديات الأزياء المحافظة بأنَّ لهن تمثيلاً لائقاً، وأن يفخرن بذلك، وأن -كما صرحت حليمة آدن ذات مرة- يواصلن ارتداء الحجاب مثل تاج على رؤوسهن. إذا ما قررن ذلك.