هدى المفتي ممثلة مصرية لامعة تتمتع بسيرة حافلة. لمع نجمها بعد أن جسدت شخصية نادين في المسلسل الرمضاني «هذا المساء» للمخرج تامر محسن عام 2017. وقد لفت تمثيلها العفوي أنظار الجمهور والمخرجين على السواء، مما فتح لها الأبواب أمام العديد من الأدوار في الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.
هدى المفتي متابعة قديرة لزمن الفن الجميل، وقفت عنده طويلاً وتشبّعت من أبطاله وشخصياته وتقنيات ممثليه حتى اكتشفت أن ما يُعرض على المشاهد اليوم من فنّ يكاد يكون مشابهاً لما حظي به المشاهد قديماً، وإن اختلف فنّ اليوم عن فنّ الزمن الجميل، فالاختلاف يكمن في معدات التصوير وفي المواضيع المطروحة والمعالجة، فتطور معدات اليوم، يقابله جرأة مواضيع الزمن الجميل التي كانت تشدّ الجمهور وتحثّه على متابعة العمل، وفي هذا الصدد قالت هدى: «كان الفن في الماضي يتمتع بحرية فكرية إبداعية أكبر».
درست هدى الدراما والنقد المسرحي في كلية الآداب بجامعة عين شمس، وهي دائماً ما تردد: «أحلامي كانت كثيرة لكنّ حب التمثيل كان متربّع عليها لذا اخترت دارسة هذا المجال». بدأت الشابة الطموحة مشوارها تحت الأضواء كعارضة أزياء ومدونة للموضة وهي في الـ17 من عمرها، من دون أن يأسرها عالم الموضة وينسيها شغفها الأول أي التمثيل. شكلت الإعلانات التلفزيونية أول الأبواب التي دخلت منها عالم التمثيل، فكانت تجاربها في هذا المجال كثيرة ومتنوعة ومفيدة، إذ أتاحت لها فرصة التعرف على عدد من أبرز المخرجين المصريين ومنهم تامر محسن.
وفتح عالم الفن لها أوسع أبوابه فشاركت في العديد من المسلسلات الأصلية على منصات خدمة الفيديو حسب الطلب في العالم العربي منها مسلسل «بيمبو» على «شاهد» مع أحمد مالك وحسن مالك ومغني الراب «ويجز» الذي قدمت فيه شخصية لانا الأحب إلى قلبها، ومسلسل «تحقيق» على WATCH IT بطولة أحمد مالك وتارا عماد، وأول مسلسل مصري من مسلسلات نتفليكس الأصلية، مسلسل «ما وراء الطبيعية»، للمخرج عمرو سلامة، و«نمرة اتنين» مع أحمد مالك ومنة شلبي على «شاهد».
كما شاركت هدى في العديد من الحملات الإعلانية للعلامات الفاخرة مثل حملة عطور «ديور» الشهيرة، حيث كانت ضمن ممثلات عطر “توباكولور”، وإعلان “زد بارك” في رمضان 2021. وقد ظهرت في هذا الإعلان مع نجوم ونجمات الصف الأول منهم يسرا ونيللي كريم وكريم عبد العزيز وشيرين رضا، على سبيل المثال لا الحصر.
في عام 2019، شاركت هدى في بطولة الحكاية المكونة من خمس حلقات، «ما تيجي يا مليجي»، وفي الموسم الثالث من الدراما التلفزيونية «نصيبي وقسمتك» عام 2020. وقد بدأت مشوارها السينمائي بالمشاركة في بطولة فيلمين مختلفين، الأول «رأس السنة» والثاني «بنات ثانوي»، وبرهنت فيهما على براعتها في تجسيد الشخصيات المعقدة والمختلفة. وفي رمضان 2020، شاركت في بطولة المسلسل التلفزيوني «فلانتينو»، في حين شاركت العام الماضي في الفيلم الكوميدي الخيالي «ديدو» الذي عُرض في عيد الفطر. كما عُرض فيلمها «فرق خبرة» في دور السينما. وظهرت هدى في فيديو فودافون الموسيقي عام 2021 وأيضًا في أغنية الحفل الختامي للدورة الخامسة من مهرجان الجونة السينمائي. وإلى جانب التمثيل، أصبحت هدى الوجه الدعائي لمجموعة «كروز رايدر» من «بوما».
وكان عام 2022 حافلاً بالنشاط في مسيرة هدى، فقد شاركت في الموسم الرمضاني في حلقتين من النسخة العربية من «سوتس»، مع آسر ياسين وأحمد داود. كما شاركت أيضًا في بطولة فيلم الإثارة الكوميدي «عمهم» مع محمد إمام ومحمود حميدة، وفي فيلم «بحبك» الفنان مع تامر حسني، ووقفت إلى جانب كريم عبد العزيز وأحمد عز وهند صبري وأحمد مالك في فيلم «كيرة والجن» للمخرج مروان حامد المقتبس عن رواية «1919» الأكثر مبيعًا لأحمد مراد والتي لعبت فيه شخصية «نرجس» وتعتبرها هدى من الشخصيات المحببة إلى قلبها لأنّها مختلفة قويّة وشجاعة. وانضمت إلى صديقات «ديور» في رحلتها الساحرة على متن قطار ڤينيس سيمبلون أورينت إكسبريس بصحبة «ديور بيوتي» إلى مهرجان كان السينمائي.
طفولة هدى كانت هادئة وكانت تحب كثيراً المكوث في المنزل وعنها قالت: «كنت أكره الدراسة لكنّني كنت فتاة ذكية وأحب المسرح والتمثيل ومنذ صغري أشاهد الأفلام». ولعلّ هذه الطفولة ما كانت إلا موجاً هادئاً أخفى في الأعماق شخصية مستقلّة وقوية تعي كل عيوبها وتحاول جاهدة لتغيّر منها ولتحسن من شخصيتها ولتتفرد عن الأخريات في مختلف المجالات.
استفادت هدى من المهنة التي اختارتها فغدت شخصية أقوى ووسعت دائرة مشاعرها وأصبحت أكثر تركيزاً مع نفسها، كما أنّها اليوم وبفضل هذا الوسط تعلّمت الصبر وباتت تتقبّل النقد بشكل يساعدها على تطوير ذاتها وفنّها. وهي كفنانة تعترف أنّ وقوفها أمام أسماء فنية كبيرة مثل تامر حسني وكريم عبد العزيز وأحمد عز والمخرج تامر محسن منحها الكثير وأضاف إلى مسيرتها الفنية، وتعتبرها خطوات منحتها وعلّمتها الكثير وهي ممتنّة لها.
ورغم الفائدة الكبيرة التي حققتها هدى من دخولها عالم الفن، أيقنت الممثلة المصرية أنّ الطريق إلى الفن ليس ممراً حريرياً، وكانت تعي أنّ هناك الكثير من المطبّات التي يمكن أن تقف حاجزاً في وصولها لكنّها واجهتها بكل نضج على الرغم من صغر عمرها الفنّي، فهي تؤمن بأنّ الساحة الفنية للجميع، وأنها إن فضلت الرجل أحياناً لما يتطلبه العمل الفني من حضور وبطولة ذكورية، إلا أنها أنصفت النساء فتصدرّن عناوين الأفلام والمسلسلات، وقد شرحت هدى وجهة نظرها بهذا الشأن فقالت: «للاختلاف بين الجنسين سيّئاته ومميزاته وهو ليس حرباً بين الطرفين، ففي بعض الأحيان يتم تهميش دور الأنثى ولكن في أحيان أخرى يكون دورها محورياً، إذ باتت الفنانة المرأة تعالج مواضيع جريئة واليوم أصبح للفنانات قاعدة جماهرية ضخمة».
لا تعتمد هدى لتوصل أفكارها وأسلوبها التمثيلي ورؤيتها للشخصيات تقنية معيّنة في التمثيل، إنما تقتبس من كل التقنيات، فهي تعتقد أنّ ليس هناك مدرسة معيّنة يمكن للفنان أن يعتبرها مرجعاً، بل تؤمن أن الاجتهاد والسعي وراء الحلم يساعد كل فنان على إيصال مشاعره إلى جمهوره بشكل طبيعي وحقيقي.
تؤمن هدى بالجمال إلا أنها تؤكد أن جمال الفنان يكمن في روحه، وقد قالت: «جمال الروح لدى الفنان هو الوسيلة الأقوى للوصول إلى الناس»، وأضافت: «كل ما زاد إحساسه يمكنه تجسيد وتشخيص حالات كثيرة، وهذا يكسبه في عمله وفنه». بالإضافة إلى جمال الروح تؤكد هدى أن مصداقية الفنان ومواجهته لعيوبه ومعرفته لذاته، عوامل من شأنها أن ترفع من قدره الإنساني وتقوده إلى حياة أفضل، وتعترف الممثلة الشابة أنّه رغم نضوجها وثقتها بنفسها بعد كل التجارب الشخصية والمهنية التي مرّت بها، لم تصل إلى مرحلة مُرضية، فكل يوم تعيشه تتعلّم منه أشياء جديدة على كافة الأصعدة.
وإلى جانب هذه الفكرة الروحية عن الجمال، تهتم هدى كأي امرأة عموماً وكشخصية تعمل في عالم الفنّ خصوصاً، بأناقتها من دون أن تفرضها، فهي تعطي حق تحديد الأزياء للناس، وتعتمد كل ما يترجم هويتها، وإن كانت تميل إلى الأزياء اليابانية والصينية وتلك التي تحاكي ثقافة معيّنة لأنّها تجدها تعبّر عن شخصيتها بشكل ملفت. لا تفضل هدى علامة أزياء معينة على غيرها، بل دائماً ما تختار القطع التي تناسبها، ولا تكترث بنوع العلامة التي ترتديها طالما أن القطعة أعجبتها وعبرت عنها، فبرأيها ثمة طرق كثيرة غير الأزياء تساعد المرء على التعبير عن الذات كالرسم والرقص الذين يغنيان الإنسان من الداخل ويتيحان له فرصة التعبير عن ذاته.
الفنانة هدى المفتي شخصية عامة وتتعرّض للكثير من الضغوطات العملية وتحتاج إلى مكان للجوء للتعبير عن داخلها، إلا أنها ترفض اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي وقد علّلت ذلك قائلةً إن هذه المنصات تأخذ حيّزاً كبيراً من حياة الناس فتفضّل أن تستخدمها بشكل عقلاني. ولهدى أصلاً رأيها الخاص بالشهرة والأضواء، وقد قالت: «أرى أنّ الشهرة لعنة لدى من لا يحسن استخدامها، فهي كفيلة أن تحرمك خصوصيتك لأنك دائماً تحت مجهر المراقبة يحكم عليك في أمورك الصغيرة منها والكبيرة». انطلاقاً من هذا الرأي، تحاول هدى قدر المستطاع أن تعطي لشهرتها معنى راقياً وتستخدمها كأداة وصل بينها وبين جمهورها إذ تتكلّم بقضايا تؤثر في مجتمعها وتفيد الناس مثل الآفات الاجتماعية المترسّخة في مجتمعاتنا العربية، إدراكاً منها لمدى التأثير الإيجابي الذي قد يتركه الشخص المشهور على محبيه ومتابعيه.
لهدى المرأة العربية تمنيّات كثيرة فهي تحلم باليوم الذي ستمنح فيه المرأة جميع حقوقها وتشعر بالأمان في مجتمعها. وقد دعت النساء لدعم بعضهنّ وألا يسمحن للغيرة أن تسيطر عليهنّ، فعلى المرأة أن تسعد بنجاح نظيرتها ولا تقف حاجزاً أمام تقدّمها. وقد اختصرت هدى الفنانة النجاح بهذه العبارة: «السبيل إلى النجاح يمكن في التركيز على الذات فقط بعيداً عن المقارنة بأي شخص آخر، والاستعاضة عن ذلك بمقارنة الذات اليوم بالذات التي كنت عليها بالأمس».
تصوّر هدى اليوم النسخة المصرية من المسلسل التلفزيوني الأمريكي «ذا غود وايف»، مع الفنانة هند صبري، وتقف أمام كاميرا المخرج عثمان أبو لبن إلى جانب مي عمر وميان السيد وهشام ماجد وعائشة بن أحمد وأحمد السعدني وخالد أنور في فيلم «بضع ساعات في يوم ما» المقتبس عن رواية تحمل العنوان ذاته للكاتب محمد صادق، مؤلف إحدى أكثر الروايات مبيعًا في العالم العربي.
فريق العمل
تصوير Sam Rawadi
تنسيق الأزياء Mohammad Hazem Rezq
بقلم Nadine El Chaer
تصفيف الشعر والمكياج Denny Clements مساعدة تصفيف الشعر والمكياج Lydia Tamara مساعدة تنسيق الأزياء Dhanvi shah محررة الصور Ankita Chandra تم التصوير بفندق ME Dubai
الحوار ظهر للمرة الأولى على صفحات فوغ العربية لشهر أكتوبر 2022