في لفتةِ مميزة، أعلن مصمم الأزياء اللبناني نجا سعادة عن مبادرة إنسانية لمُواجهة فيروس كورونا المُستجدّ في البلاد. فقد باشر سعادة بتنفيذ ملابس طبيّة خاصّة للمُصابين بفيروس كورونا لتقديمها لمجموعة من المُستشفيات التي تُعاني نقصاً كبيراً في المُستلزمات الأساسيّة التي تحتاجها. وقد تحدث المصمم عن هذه المبادرة قائلاً: “مُتابعتي للأحداث التي تحصل في لبنان والعالم بأسره بعد انتشار فيروس كورونا هي التي دفعتني لإطلاق هذه المُبادرة. في الواقع، الحقل الطبي ليس غريباً عني، فقد سبق وعملت في مستشفى أوتيل ديو في الطبّ الشعاعيّ، مما يجعلني على إتصّال دائم بالطاقم الطبيّ في المُستشفى وبزملاء في مُستشفيات أخرى. أدرك مُعاناتهم وأعرف مدى النقص في المُستلزمات الطبيّة الأساسيّة. أردت من خلال هذه المُبادرة أن أساعد المُستشفيات في الدرجة الأولى ومن ثم المُصابين بفيروس كورونا. كثر هم الأشخاص الذين يعانون صعوبات معينة ولا يجدون ما يرتدونه لذلك قررت أن أقدم لهم ملابس طبيّة خاصّة.”
لاقت مبادرة نجا سعادة الاستحسان، فكان التفاعل كبيراً جداً عبر مواقع التواصل الإجتماعيّ من قبل مستشفيات أعلنت عن حاجة ماسّة إلى الملابس الطبيّة لا سيما في ظلّ تزايد عدد المُصابين. حتى الآن، طُلِب من نجا المساعدة لثلاث مُستشفيات ومركزين صحيّين مُخصّصين للحجر الصحيّ في لبنان. وتواصلت معه كذلك جهات من خارج لبنان عبر إنستغرام لمساعدة مُستشفى في ألمانيا تُعاني أيضاً نقصاً في المُستلزمات الطبيّة، وقد قال نجا: “لاحظنا أن دولاً أمريكية وأوروبية تعاني أيضاً نقصاً في المستلزمات الطبية، إلا أنني سأسعى إلى سدّ العجز في الملابس على نطاق لبنان لأنّ النقص كبير جداً.”
مبادرة نجا سعادة ستبقى مستمرة طالما أن الحاجة موجودة، واستمرارها لا شكّ يُعزا إلى فريق من الخيّاطين ساهموا وساعدوا في صناعة هذه الملابس وتنفيذها، وإلى الكثير من الأشخاص الذين إتّصلوا للتبرّع بالمال لتأمين كميّة أكبر من الموادّ الأوليّة.
نجا الذي عمل سابقاً في المجال الطبي، يرى أن هذه المرحلة صعبة جداً بخاصّة على الأشخاص الذين يعملون في المراكز الطبيّة. وقد ذكر حلماً لطالما راوده فقال: “أحلم أنّهم يتصلون بي من المُستشفى طلباً للمساعدة.” اليوم، ومع إنتشار هذا الوباء في لبنان على نطاقٍ كبير، لا يستبعد المصمم أن يُطلب منه الالتحاق بالمستشفى نظراً للنقص الكبير في العناصر الطبيّة. وحتى ذلك الحين، لم يرضى نجا أن يقف مكتوف الأيدي، فقرر المساعدة من خلال تقديم الملابس الطبيّة، وهو يقول: “لم أتوقّع يوماً أن أنفّذ مُستلزمات طبيّة للمُستشفيات في مشغلي الخاص. اليوم حلّ البوبلين الخاص بملابس المستشفيات محل الدانتيل والقماش الفاخر الخاصّ بالهوت كوتور. يمكنني القول أنه في ظلّ الأزمة التي نعانيها، التقى الطبّ الشعاعيّ وتصميم الأزياء.”
هذه المبادرة والمعاناة الذي يشعر بها الناس لا شكّ ستترك أثراً على عالم الموضة. يعتقد نجا سعادة أن منصات العرض ستشهد تغيّرات كثيرة في المرحلة المُقبلة لأنّ الموضة تُعتبر من الكماليّات وليست من الأولويّات. وقد أكد نجا أن مُصمّمي الأزياء سيعيدون برمجة خططهم وحتّى مجموعاتهم أو المصادر التي يستوحون منها تصاميمهم والرسائل التي يودون توجيهها من خلالها؛ وأضاف أن صناعة الموضة ستتّجه أكثر إلى تصميم الملابس الجاهزة لتكون بمُتناول الجميع لا سيما في ظلّ الأزمة الاقتصاديّة والضائقة الماديّة التي يرزح العالم تحت ثقلها. ولم يخفي المصمم إيمانه بأن الموضة ستبقى بخير لأنها مرتبطة بالابتكار.
صعوبة هذه المرحلة لم تترك ألماً وتعباً فقط، بل رسخّت دروساً في رجا الإنسان ورجا المصمم. فقد أدرك أن ثمة قوة كبيرة من شأنها أن توقف عجلة الحياة السريعة وأن تذكرنا أن الجميع متساوٍ وأن الله هو الملجأ دائماً وأبداً. ونجا المصمم، أصبح أكثر تصميماً وتمسكاً بالرسالة التي يوجّهها لكلّ إمرأة وقد وعد فور انتهاء الوباء بمجموعةٍ مميزة تحمل رسالة للموضة وللمرأة تعكس روح الإنسانية وأهمية العودة إلى الذات.
أقرئي أيضاً: تحت شعار #خليك_بالبيت تمتع بزيارة افتراضية لبعض المواقع الأثرية في مصر