تابعوا ڤوغ العربية

هكذا عادت علامة بالمان إلى الصدارة تحت قيادة أوليڤييه روستينغ وجيشه من العارضات

أوليڤييه روستينغ، وتامي ويليامز، وبولين هوارو، وسيندي برونا بعدسة جوليان ڤالون لصالح عدد شهر سبتمبر 2018 من ڤوغ العربيّة.

يعشق المبدعَ أوليڤييه روستينغ، الذي يعتبر أميرَ عالم الموضة والأزياء الفرنسية، جيشٌ من العارضات السوبر ونجمات البوب اللامعات. وفي فيلم وثائقي جديد، عاد المديرُ الإبداعي لدار بالمان إلى الماضي ليمهِّد على ضوئه الطريقَ نحو المستقبل.. ويبدو أنَّ جميع الطرق تقود إلى الشرق الأوسط

نشر هذا اللقاء للمرّة الأولى في عدد شهر سبتمبر 2018 من ڤوغ العربيّة

إذا ما سألتم غالبيةَ متابعي عالم الموضة عن وضع دار بالمان قبل أول عرضٍ للمصمم أوليڤييه روستينغ، الذي أقيم عام 2011 حينما كان عمره 25 عاماً، سيرمقكم الجميع على الأرجح بنظرات جوفاء. بل وفي الغالب سيندهش هؤلاء أنفسهم عندما يعرفون أن الدار التي أسَّسها بيير بالمان عام 1945 كانت علامة أزياء نسائية تقدم تصاميم محافظة ولائقة، منها فساتين بتنانير كاملة وخصر مشدود، وبذلات نهارية رسمية، وفساتين سهرات طويلة للغاية. وقد حافظت الدارُ على أسلوبها ذاك لفترة طويلة بعد وفاة مصممها عام 1982. وقد تبوأ منصبَ المصمم في الدار الفرنسية آنذاك إريك مورتنسن، اليد اليمنى لبالمان، ثم تولى إدارتها أوسكار دو لا رينتا عام 1993. وخلال أفضل مرحلة في تاريخها، كانت بالمان العلامةَ التي تقصدها سيدات المجتمع الراقي.

ومع وصول كريستوف ديكارنين عام 2005، بدأت بالمان ترمم علاقاتها بالمرأة العصرية، فقد وضع هذا المصممُ الأساسات لعروض أزياء تناسب بشكل أكبر حقبةَ موسيقى الروك آند رول، وتتميز بالبريق والترتر اللامع، وذات أسعار خيالية. ولكن إن كان ديكارنين هو مَن بنى ما يعرف بـ”صاروخ بالمان”، فإن روستينغ هو مَن زوَّد الدار بالوقود وأشعل أخيراً شرارة اللهب الذي دفعها وبقوة نحو عنان سماء عالم الأزياء والموضة.

بولين هوارو بعدسة جوليان ڤالون لصالح عدد شهر سبتمبر 2018 من ڤوغ العربيّة.

ومنذ أن قدَّم أول عرضٍ له لصالح بالمان، حمل روستينغ على عاتقه مهمة تغيير الطريقة التي ترتبط من خلالها النساءُ بالأزياء، وكذلك نظرة عالم الموضة إليهن. ومع إصراره على أن يجعل التنوع جزءاً لا يتجزأ من جوهر العلامة، تعاون مع نجمات أغلفة ڤوغ العربية مثل: ريهانا، وجيجي حديد، وإيمان، إلى جانب بيونسيه وجين فوندا. ولربما ينتمين إلى أعراق مختلفة ويتميزن بأحجام وأعمار متباينة، إلا أنَّ جميع نساء بالمان يتحلَّين بعدة صفات مشتركة ومنها: القوة، والإرادة والتمّسك بقناعاتهن.

“لطالما فاجأني غياب التنوّع في عالم الموضة”، هكذا صرّح روستينغ وهو يجلس خلف منضدة العمل الرخامية الضخمة السوداء. ويبدو أنيقاً جداً رغم إطلالته الكاجوال، حيث يرتدي كنزة فضفاضة مقلَّمة بالأبيض والأحمر مع بنطلون جينز ضيق ويعتمر قبعة بيسبول سوداء. ويردف بالقول: “كان عليِّ أن أقاسي الكثير لمعالجة الأمر. في البداية، لم يستوعب الناس ما كنت أفعله. وكردة فعل على بعضٍ من حملاتي الدعائية، بدا الناس وكأنهم يقولون: ’هل تمازحنا؟ لماذا فعلت ذلك؟ إنها علامة فرنسية فاخرة!‘”. وعلَّق النقاد أيضاً على استعانته بموسيقى الهيب هوب في عروضه، وعن ذلك يقول: “لم أبال، لن أستمع إلى أغاني السبعينيات والثمانينات لبقية حياتي”. في الواقع، تتخذ مجموعته لخريف وشتاء 2018 من العام 2050 مسرحاً لها، ويقدم هذا الموضوع المستقبلي بأساليب حياكة رسمية ذات لمسات معدنية وألوان مجسَّمة وبرَّاقة. ومع تناثر البريق فوق فساتين تلتصق بالجسم، تشبه ومضات الضوء نجوماً تنهمر عبر سماء بلاستيكية سوداء.

“لطالما فاجأني غياب التنوّع في عالم الموضة. كان عليِّ أن أقاسي الكثير لمعالجة الأمر”

تبنَّى روستينغ زوجان أبيضان من الطبقة المتوسطة عندما كان عمره عاماً واحداً، ونشأ في مدينة بوردو الفرنسية المحافِظة. وخلال دراسته الأكاديمية، تربى على الهوس بالولايات المتحدة وموسيقى البوب، وكانت تراوده تخيلات عن أصوله والمكان الذي أتت منه عائلته الحقيقية. والتحق بكليّة إسمود لفنون تصميم الأزياء وتقنياتها في باريس. وفي العام 2003، انطلقت مسيرته المهنية في دار روبرتو كاڤالي، حيث بقي هناك لمدة ثمانية أعوام، ارتقى خلالها سريعاً سلم المناصب الوظيفية حتى أصبح رئيس قسم الأزياء النسائية. ثمَّ غادرها عام 2009 لينضم إلى أسرة دار بالمان، حيث حلَّ محلّ ديكارنين في 2011 (بعد أن عمل تحت إدارة هذا المصمم لمدة عامين)، وبذلك أصبح روستينغ ثاني أصغر مصمم في العالم يتولى إدارة دار أزياء فرنسية كبرى، بعد إيڤ سان لوران الذي أصبح كبير مصممي ديور في سن الـ21.

يظهر جلياً أن روستينغ يحيط نفسه بأشخاص يمكن أن يفهمهم ويشعر بصلة عميقة تربطهم به. إنها أسرة مؤلفة من رجال واثقين بأنفسهم ونساء قويات يجسدن فكرته عما يُعرف بجيش بالمان “بالمان آرمي”. وعن العارضات اللواتي يختارهن لتمثيل علامته، يقول: “يتجسّد ذلك في العيون، وفي السلوك، وفي مشيتهن كما لو أن لديهن شيئاً يرغبن في قوله، كيف يتحركن، وكيف سيكنَّ قويات فوق منصات العروض”، مضيفاً: “هؤلاء الفتيات لسن عارضاتٍ فحسب، بل هنَّ جنديات يحاربن من أجل قواعد جديدة في عالم الموضة”.

أوليفييه روستينغ، وتامي ويليامز، وبولين هوارو، وسيندي برونا بعدسة جوليان ڤالون لصالح عدد شهر سبتمبر 2018 من ڤوغ العربيّة.

وفكرة العثور على روابط وبنائها والحفاظ عليها تعدّ من الأسباب التي تجعل روستينغ يشعر بهذه العاطفة تجاه الإمارات، ودبي على وجه الخصوص. يقول إنه غالباً ما يزور الإمارة، بينما ينظر خارج حائط النوافذ الضخم لمكتبه، والذي يمنحه إطلالة بانورامية كاملة على أسطح المنازل المستوحاة من الطراز الباريسي، ويضيف: “العديد من أصدقائي ينحدرون من هناك؛ إنه مكانٌ مذهل. هناك شيءٌ في دبي يشبه السحر، ولا وجود لمصوريّ الباباراتزي! تشعر بأنك حرٌّ حقاً. كما أنني أحبُّ طابع المنطقة. لديك ضجة المدينة ولكن يمكنك أيضاً العيش في الصحراء والاستمتاع بالحياة. ينعم الشرق الأوسط بتاريخ مذهل جداً، ولكنه في الوقت عينه يتطلع إلى المستقبل”. وتؤكد خبرته بدراسة الأيقونات العربيات على ذلك، فيما تعبِّر تعاوناته الأخيرة مع بيونسيه -والتي كان من بينها تصميم رداء كاب مفصّل مستوحى من الملكة نفرتيتي خصيصاً من أجل عرضها الرئيسي في مهرجان كوتشيلا- عن طموحه في إلباس نساء قويات أزياء تعزِّز من قوتهن.

ويشير روستينغ إلى مجلتنا كمثال على ما يجعل الإمارات تتصف بهذا القدر من الحيوية، حيث يقول: “أعتقد أن ڤوغ العربية [ما تزال] جديدة ولكنها في الوقت ذاته قوية لأنها تمزج ثقافة البلد بينما تقدم الأزياء الغربية إلى جمهورها. إنها تصنع مزيجاً رائعاً. كما يجب ألا ننسى أن ثقافة الشرق الأوسط مهمة لقطاع الأعمال. أحياناً لا يرى الناس في الغرب هذا – أو أنهم يدركون ذلك، ولكن لا يتحدثون عنه”.

سيندي برونا بعدسة جوليان ڤالون لصالح عدد شهر سبتمبر 2018 من ڤوغ العربيّة.

روستينغ حريص على الثقافة والتراث هو الذي لا يعرف جذوره. ولأكثر من عام، كان فريق تصوير فيلمٍ وثائقي يتتبع كل خطوةٍ يقوم بها؛ يصورونه بينما يعيش حياته اليومية، ويبتكر مجموعاته، ويواصل بناء العلامة وتوسيع جيشه في بالمان. إلا أن الفيلم الوثائقي يغوص لأعمق من ذلك بكثير، ويتعمق في خلفية روستينغ العائلية. “الأمر غريب عندما تكون في الثانية والثلاثين من عمرك ولا تعرف من أين أتيت، ولا تعرف من أين أتى لونك، أو ماذا حدث لأبويك”، بهذه الكلمات علّق روستينغ متلمِّساً وجهه المنحوت، والمعروف بعظام خديه البارزة، وشفتيه الممتلئتين، وبشرته البنية الملساء. “لماذا اتخذا هذا القرار الخطير بعدم الاحتفاظ بهذا الطفل؟” يتساءل، متكلماً عن نفسه عندما كان طفلاً بصيغة المفرد الغائب، لربما يفصل بذلك نفسه بلا وعيٍّ عن الماضي. ويردف قائلاً: “سيرتكز الفيلم الوثائقي على التعاون المذهل الذي دام عاماً كاملاً بينما كنت أواجه المكان الذي أتيت منه. هذا هو ما يميزه: إنه فيلم وثائقي حقيقي! فهو لا يقتصر على تصويري في مشغلي أو أثناء ابتكاري أحد الفساتين”.

تامي ويليامز بعدسة جوليان ڤالون لصالح عدد شهر سبتمبر 2018 من ڤوغ العربيّة.

ولدى الحديث عن الطريقة التي يريد أن يتذكره العالم بها بعد 50 أو 100 عام من الآن، لا ينصبُّ تركيز روستينغ على ماضيه وما قد يكشفه، بل ينتهي إلى الشعور بأن يتم تقبُّله لما هو عليه. يقول: “أعتقد أن الناس سيتذكرونني لأنني جعلت النساء يشعرن أنهن قويات، وجريئات، ولا يخشين الأذواق الجيدة أو الأذواق الرديئة، بل يتصرفن على طبيعتهن وحسب”.

من المقرَّر إطلاق فيلم أوليڤييه روستينغ الوثائقي في مطلع 2019.

نادين لبكي في دائرة الضوء: المخرجة اللبنانية هي نجمة غلاف عددنا لشهر أكتوبر

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع