في ختام مراحل إصدار كل عدد جديد، عادةً ما أبعث برسالة إلى فريق عمل ڤوغ العربية أطلب منهم ألّا يرسلوا لي أي رسائل نصية أو رسائل بالبريد الإلكتروني لمدة ساعتين؛ فخلال هذه الفترة أكتب كلمة رئيس التحرير. ورغم أن مكوثنا في منازلنا قد جعلنا نتخيّل أننا صار لدينا أوقات فراغ أطول من ذي قبل، إلا أنه بالنسبة لنا ما يزال قطاع الإعلام المعنيّ بالموضة يواصل إنتاج المحتوى المطبوع والرقمي ولكن في ظل قيود عديدة تجعل مهام عملنا أكثر تعقيداً – إذ أصبحنا في شغل دائم خلال حياتنا المكتبية داخل المنزل. وهذه ليست شكوى على الإطلاق، بل دليل آخر على أن حياتنا تغيّرت، وأن فيروس كورونا المستجد “كوفيد 19” يؤثر على أسلوب حياتنا، حتى لو كنا نحتمي منه خلف جدران منازلنا المريحة.
وكان أكثر الجوانب صعوبةً في إخراج المجلة إلى النور، في ظل الحظر، هو تنفيذ جلسات تصوير الأزياء. ورغم أن العارضات والمصورين وخبراء تنسيق الأزياء وفرق التجميل باتوا أكثر نشاطاً من ذي قبل، إذ لا يكفون عن نشر مقاطع فيديو تعليمية وصور من أرشيفهم، إلا أن تلك اللحظات الساحرة التي كنا نتعاون فيها معاً لإبداع أجمل الصور أضحت حلماً بعيد المنال. ومع هذا، علينا تقديم المحتوى الإعلامي على صفحات المجلة، إذ لا ينبغي أن تؤدي هذه الصعوبات إلى انتصار فيروس كورونا علينا. لذا طرأت على بالنا فكرة: إذا كان العالم يمارس مهارات جديدة ويستحثنا على القيام بالمزيد بأنفسنا، فلماذا إذاً لا نطلب من نجمات غلافنا أن ينفّذن بأنفسهن جلسات تصويرهن الخاصة للغلاف، ويتولين كذلك تنسيق أزيائها ويلتقطن صورها؟ وأعترف بأني ذهلت من جودة الصور التي تلقيناها من العارضات اللامعات: إيڤا هيرزيغوڤا، وإيمان همّام، ونورا عتّال، وكونستانس جابلونسكي، واللواتي صورن أنفسهن داخل منازلهن خلال فترة العزل. والأكثر من ذلك أنهن وضعن المكياج لأنفسهن، كما ارتدين أزياءهن الخاصة.
بيد أن هدف هذا العدد الذي يرفع شعار “أطلقي العنان لمهاراتكِ الإبداعية” ليس مجرد تسليط الضوء على المهارات الإبداعية للنساء اللواتي يزيّن غلافه، ولكنه أيضاً ينضوي تحت مظلة حملتنا المتواصلة #خليك_في_البيت التي تهدف إلى حثّ أفراد مجتمعنا على الالتزام بإجراءات السلامة التي تقررها هيئات ومؤسسات الرعاية الصحية في كل دولة. وضمن الحملة ذاتها، أعدنا خلال الشهر الماضي تقديم بعض من أشهر أغلفتنا بعد تعديلها بوضع كمامات على وجوه النجمات، ولم نتوقع أبداً ردود الأفعال المدوّية التي أحدثتها تلك الفكرة، لدرجة أن نجمات أغلفتنا أقدمن على نشر صورهن بعد تعديلها، ومن بينهن نانسي عجرم وأدريانا ليما. وشاهد هذه الأغلفة المعدّلة إجمالاً أكثر من 124 مليون شخص، فضلاً عن أنها ألهمت العديد من القرّاء في المنازل إبداع صورهم الخاصة ورسمها بالأقنعة الواقية.
ومن هذا المنطلق، ومن واقع حسّ المسؤولية، قررنا تكريس أول موضوع على صفحات عدد هذا الشهر للحديث عن شخصيتين مميزتين تقفان على خط المواجهة في أزمة كورونا؛ فإلى جانب صداقتهما التي تمتد لأكثر من 20 عاماً، تعدّ الدكتورة فاطمة الكعبي والدكتورة شمة خليفة المزروعي امرأتين استثنائيتين بمعنى الكلمة، حيث لا تتوانيا عن التعامل بكل شجاعة مع المرضى في مدينة الشيخ خليفة الطبية بأبوظبي. وأود في هذا الصدد أن أعرب عن عميق شكري لهما ولفريقيهما، فلولاهم ما تمكّنا من إنجاز هذا الموضوع بهذا المستوى.
نشر للمرة الأولى على صفحات عدد مايو 2020 من ڤوغ العربية.
اقرئي أيضاً: ألمع العارضات يبدعن في التقاط أجمل صور السيلفي لعدد مايو من ڤوغ العربية