تابعوا ڤوغ العربية

’’إرضاءُ الناس غاية لا تُدرَك‘‘: هكذا يربط ريد كراكوف بين ماضي تيفاني آند كو ومستقبلها

متجر تيفاني آند كو بمدينة نيويورك. الصورة بإذن من تيفاني آند كو

من خلال مجموعته الأولى من المجوهرات الراقية “بلو بوك”، يبرهن المدير الفني الرئيسي ريد كراكوف أن علامة تيفاني آند كو في أوج ازدهارها.

بعدما ترك منصبه في إدارة علامة كوتش، والذي شغله لمدة 16 عاماً حقق خلالها إيرادات تزيد قيمتها عن 4 مليارات دولارٍ أمريكيٍ، تولَّى ريد كراكوف إدارة علامة تيفاني آند كو في يناير من عام 2017. وعائلة تيفاني، المعروفة بمجموعاتها الرائعة من المجوهرات من تصميم أمثال الراحل جان شلمبرجير والمصممة بالوما بيكاسو، أنتجت أيضاً جميع أنواع قطع الديكور التي تُعرَض في متحف متروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك، والتي توثِّق تاريخ الولايات المتحدة.

ولدى توليه منصبه ذاك، أدخل كراكوف فوراً إلى واحدة من أعرق وأقدم دور المجوهرات الراقية في البلاد تصاميم أكثر مرحاً وجماليات بروح شبابية وحملات إعلانية تصدرتها ليدي غاغا وإيل فانينغ لمجموعتيّ هاردوير، وبيبر فلاور. وقد أشار اختيار وجوه شهيرة لعرض المجوهرات (في سابقة هي الأولى من نوعها [بالنسبة للدار]) إلى أن علامة تيفاني آند كو كانت تبتعد أخيراً عن دلالتها الثقافية الأبرز إلى يومنا هذا، وإن كان على نحوٍ غير رسميّ، وهي أودري هيبورن في فيلم الإفطار عند تيفاني (1961). وفي تلك الأثناء، حبس المجتمع الراقي أنفاسه في انتظار الكشف عن أول مجموعة مجوهرات راقية لكراكوف، مجموعة بلو بوك [أو الكتاب الأزرق]، في أكتوبر بمدينة نيويورك، حيث يتم الكشف عن أفكار إبداعية جديدة تتجاوز الحدود بحضور نخبةٍ مختارة منذ أن بدأ هذا التقليد في العام 1845.

ريد كراكوف. الصورة بإذن من تيفاني آند كو

وقد عرض المدير الفني الرئيسي الجديد لعلامة تيفاني آند كو، الذي اختار موضوع الفصول الأربعة -في إشارة إلى كون الطبيعة من أبرز مصادر الإلهام التي تُفضِّلها الدار- مجموعةً مذهلة ضمت 110 قطعٍ تزيد قيمتها عن 31 مليون دولارٍ أمريكيٍّ، وتتألف من قطع جديدة إلى جانب سوار كلاسيكي من الأرشيف أُعيد ابتكاره بزخارف بشكل فراشات. وتم تصميم الخواتم والقلائد والأقراط والأساور لتبدو مثل الأزهار والصقيع، مع جواهر ثرية بالألوان جرى استيرادها بما يراعي معايير الاستدامة. وبين الأحجار اللافتة في المجموعة هناك أحجار كوبريان إلبايت تورمالين ذات لون أزرق داكن، وياقوت بادبارادشا ذو اللون الوردي المائل إلى البرتقالي، ولؤلؤ ميلو ميلو، وياقوتة سريلانكية بتقطيع الزمرد يزيد وزنها عن 29 قيراطاً.

ولا شك أن القطعة الأكثر تميزاً كانت قلادة وينتر سيزون آيس المصنوعة من البلاتين، والتي تتميز بطيفٍ استثنائيٍّ من الألماسات المتلألئة شبه الشفافة، والتي تم تقطيعها على نحوٍ فريدٍ وجمعها مثل أحجية تستحضر في الأذهان صورة الجليد المتصدِّع.

وبثرائها بما يزيد عن 91 قيراطاً من الألماس، فإن تلك القلادة تضم الألماس الأثقل في كامل المجموعة. ومع وضعها بعناية بالغة حول عنق حليمة آدن الشبيه بعنق البجعة، إذ حضرت أيضاً إطلاق المجموعة بمدينة نيويورك، تراقصت آلاف الأضواء المنعكسة على وجهها الذي يشبه وجه الدمية. وهنا، يطلعنا كراكوف على ذكرياته عن العلامة ورؤيته لمستقبلها.

سوار مصنوع من الذهب عيار 18 قيراطاً والبلاتين ومرصَّع بألماسات ذات أنماط تقطيع مختلفة. الصورة بإذن من تيفاني آند كو

يسعى عديد من العلامات العريقة في وقتنا الراهن نحو ابتكار مجموعات لقائمة من الزبونات الجديدات والشابات، فما الدور الذي تلعبه مجموعات المجوهرات الراقية مثل مجموعة تيفاني آند كو “بلو بوك”؟

يتطور دور المجوهرات الراقية بمرور الوقت، فالنساء يستمتعن بالمجوهرات ويرتدينها بطرقٍ جديدة، حيث يدمجنها بأسلوب شخصيٍّ مع خزائن أزيائهن، فالقطعة ذاتها يمكن ارتداؤها خلال النهار ثم إعادة تنسيقها في إطلالات السهرات. والفكرة هي ابتكار شيءٍ مرنٍ للغاية يمكن أن يكون له مغزىً في لحظات مختلفة من الحياة.

هل يستهلك الناس المجوهرات بطرقٍ مختلفة؟

أعتقد ذلك. اليوم يمكن للجميع الوصول إلى أي شيء. يمكنك التسوق من جميع أنحاء العالم وأنت تجلس في منزلك، وفي أي وقتٍ من النهار أو الليل. أصبح الزبائن أوسع ثقافةً وأكثر فضولاً. وهذا ينطبق أيضاً على المجوهرات الراقية. أعتقد أن الناس وعلى نحو مضطرد يريدون صقل حسهم الخاص في الأناقة وأن يكونوا أكثر انتقاءً في حياتهم. وهذا يغرس فكرةً جديدة بما يجب أن تكون عليه المجوهرات الراقية، على النقيض من ذاك الطابع المحافظ الذي تتسم به قطع السجادة الحمراء.

لماذا اخترت الفصول الأربعة لتكون موضوع مجموعتك الأولى؟

منذ بداياتها، احتفت تيفاني بالافتتانٍ بالطبيعة. وخلال كل عقدٍ من الزمن، كان هناك إعادة تأويل لها. وحقيقة أنها [الطبيعة] تمثل جزءاً كبيراً من تاريخها -ولكنها تمثّل أيضاً مفهوماً واسعاً يمكننا فعل الكثير من وحيه- قادتني إلى اختيار الموضوع وتقسيم المجموعة إلى الفصول الأربعة.

سوار بلاتيني مرصَّع بأحجار الزبرجد والألماس. الصورة بإذن من تيفاني آند كو

كيف طوَّرت عمليتك الإبداعية، خصوصاً وأن هذه هي أول مجموعة مجوهرات راقية تصممها؟

إنها عملية تعلُّمٍ مستمرة، من تبادل الأفكار، ومراقبة الناس الذين أعرفهم وأحترمهم على مستوى الأذواق. ويلعب السفر أيضاً جزءاً كبيراً [من ذلك]، لأنه يسمح لي برؤية كيف يرتدي الناس المجوهرات اليوم. وأقضي أيضاً الكثير من الوقت في تصفح أرشيف العلامة، محاولاً فهم تاريخها المذهل الذي يمتد على مدى 180 عاماً.

عندما كنت طفلاً صغيراً، كنت تزور بوتيك تيفاني آند كو برفقة والدتك. ما الذي تتذكره من ذلك الزمن؟

كنت على الأرجح في التاسعة أو ربما أصغر من ذلك في حينها. لقد كان مكاناً سحرياً، حيث نكتشف فيه أشياء استثنائية. وكان الطابق الرابع أحد الأمكنة المفضلة لدي، حيث كان يضع بعضٌ من ألمع منسقي الديكور في العالم، مثل فلاديمير كاغان وأنجيلو دونغيا، تركيبات فنية في مرات عديدة بهيئة موائد طعامٍ ضخمة. لدي ذكريات نابضة بالحياة تحمل في طياتها انبهاري بجميع الأغراض المدهشة، والتي جُمعت بطرق فريدة للغاية. ويضم متحف “الميت” مجموعة واسعة من القطع التي جمعتها عائلة تيفاني، تتراوح من المجوهرات إلى القطع الزخرفية.

قرطان مصنوعان من الذهب الأصفر عيار 18 قيراطاً والبلاتين ومرصَّعان بألماسات ذات تقاطيع مختلفة. الصورة بإذن من تيفاني آند كو

كيف كان الغوص بالأرشيف؟

مع أنني شخصٌ نشأ وترعرع مع العلامة، إلا أن هناك العديد من الأمور التي لم أكن أعرفها عن تيفاني، فلم أكن أعلم أنها أول شركة أمريكية تبدأ اعتماد معيار الفضة الخالصة [درجة النقاوة] 925/1000، والذي تمَّ اعتماده لاحقاً من قبل الولايات المتحدة؛ كما لم أكن أعلم أنَّ البوتيك هو أضخم متجر للبيع بالتجزئة خالٍ من الأعمدة [لتوفير مساحة عرض أوسع] في ساحة فيفث أڤنيو، ولم أكن أعلم كم كانت النوافذ التي ابتكرها جين مور في الستينيات ثوريةً ورياديةً… كلُّ هذا كان مثيراً.

بوتيك فيفث أڤنيو هو بحدِّ ذاته معلم من معالم مدينة نيويورك…

بالتأكيد. وواحدة من أهم الحقائق عن تيفاني هي أنه في الطابق العلوي من البوتيك توجد ورش العمل الخاصة بالعلامة. وهذا القرب من الحرفيين أمر مميز للغاية. نحن محظوظون بتوظيف أشخاص يتمتعون بمهارات مذهلة، بإمكانهم ابتكار أشياء عظيمة بأيديهم. هذه واحدة من الرسائل الرئيسية التي نحاول إيصالها إلى زبائننا، ألا وهي أن: تيفاني تصنع القطع بالطريقة الصحيحة، واحدةً تلو الأخرى، لدينا حرفيون لا مثيل لهم، واليوم هذا أمرٌ نادرٌ، فالعلامات تريد القيام بالأمور على وقعٍ سريع ٍللغاية.

هل لا تزال القطع تُصنع بالطريقة ذاتها المتبعة في الماضي أم أنَّ التكنولوجيا تلعب دوراً أكبر؟

هناك [اعتماد] قليل جداً على التكنولوجيا؛ ربما بعضٌ من القولبة أو الطباعة ثلاثية الأبعاد، لكن العملية مع ذلك لا تزال حرفية -يدوية- ولدينا قطع تستغرق على الأقل أكثر من ستة أشهر ليتم الانتهاء من صنعها. ليس هناك من طرقٍ مختصرة للقيام بالأمور على النحو الصحيح، خصوصاً في مجال المجوهرات الراقية.

قلادة ذات حلية متدلية من البلاتين مرصَّعة بلؤلؤة ميلو ميلو والألماس. الصورة بإذن من تيفاني آند كو

نُشِر “بلو بوك” للمرة الأولى في العام 1845. أتخيل أنَّ إعادة ابتكاره كانت مسؤولية ليست بالهيِّنة؟

بالفعل كانت كذلك، لكنه كان من المثير أيضاً أن نكون جزءاً من تاريخ تيفاني بلو بوك. ابتكرت شخصياً الكثير من المجوهرات، لكن ليس الكثير من المجوهرات الراقية، لذا حظيتُ بدعمٍ كبير. فريق التصميم وخبراء الأحجار الكريمة والأشخاص المسؤولون عن الديكور… لقد كان جهداً جماعياً مذهلاً للعديد من العناصر المختلفة التي ضمت مهارات متنوعة.

في الماضي كانت تيفاني آند كو ترتبط بخواتم الخطوبة التقليدية وبفيلم الإفطار عند تيفاني. يبدو أنك تسعى لتجديد العلامة. كيف توازن بين الماضي والمستقبل؟

حسناً، تلك هي المعضلة الدائمة! ففي نهاية المطاف علينا إقامة توازن بين المشاريع وتقديم قصص أكثر للمرأة العصرية، في حين يظل اهتمام الآخرين منصبّاً على التراث. إنّ ما يروي القصة هو المزج بين جميع تلك الأمور معاً.

كيف تراعي ردة فعل زبونة تتسوق من تيفاني آند كو منذ 30 عاماً على حملة إعلانية تتصدرها ليدي غاغا، وهي مغنية تُعرَف بكونها جريئة للغاية؟

الواقع هو أن عليك أن تقوم بمفاجأة الناس وإثارة اهتمامهم، كما أنه من المهم تشجيع المزيد من الزبائن الجدد أكثر من الزبائن القدامى، الذين سيغادرون. لا يمكن أن تكون علامة مثيرة للاهتمام تريد أن تتقدم للأمام وفي الوقت ذاته تُرضي جميع الناس. يجب أن تتحلى بالجرأة وتعرف بوضوح ماهية رسالتك، فإرضاءُ الناس غاية لا تُدرَك.

والآن اقرئي:  ’’أشعر أني أسير على الطريق الصحيح‘‘.. اِطلعي على تصريحات لم تُنشَر بعد لنجمة الغلاف ناومي كامبل

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع