تابعوا ڤوغ العربية

الدوقة كلودين دو كاداڤال تروي ذكرياتها مع المصمم الرائد أوبير دو جيڤنشي

أوبير دو جيڤنشي بعدسة ڤيكتور سكريبينيسكي. لصالح ڤوغ العربية

بعدما تألقت دوقة ساسكس، ميغان ماركل، بفستان بديع من تصميم دار جيڤنشي في حفل زفافها من الأمير هاري، تحتفي ڤوغ العربية بذكرى مؤسس تلك الدار، أوبير دو جيڤنشي، وتلتقي صديقة عمره التي لم تفارقه خلال أكثر من خمسين عاماً، الدوقة كلودين دو كاداڤال، لتروي ذكرياتها معه.

نشر للمرة الأولى على صفحات عدد أبريل 2018 من ڤوغ العربية.

من قصرها الذي يطل على حدائق غنّاء نسقت بعناية في البرتغال، تذكر الدوقة كلودين دو كاداڤال أن صديقها أوبير دو جيڤنشي زارها في ذلك القصر ولكن قبل عامين. وخلال 54 عاماً، طاف الثنائي أنحاء العالم، وتناولا معاً الطعام مراراً، حتى إنهما أقاما سوياً معرضاً داخل قصرها كاداڤال بمدينة إيڤورا. وعرض هذا المعرض، الذي أقيم في صيف 2015 تحت شعار “فساتين الزفاف التي لا تُنسى”، فساتين صممتها دور الأزياء الكبرى – مثل بالينسياغا، وكارولينا هيريرا، وديور، وإيڤ سان لوران، وفيليب ڤينيه، وجيڤنشي. كان رائد جيڤنشي يبلغ من العمر 84 عاماً آنذاك، ورغم ذلك، انغمس في هذه التجربة بحماس بالغ، وعمل لعام كامل في هذا المشروع، واختار بنفسه جميع الفساتين. وتبتسم الدوقة قائلةً: “كان في غاية الجمال، وأبكى الناس”.

وقد تُوفِّي ابن المركيز، الكونت أوبير جيمس مارسيل تافان دو جيڤنشي، في العاشر من مارس 2018، بقصره المشيّد على النسق المعماري لعصر النهضة والكائن خارج باريس. وكانت أجمل سنوات عمره تلك التي قضاها كمصمم أزياء. وقد عمل لفترة في دار سكياباريللي، قبل أن يؤسس داره الخاصة عام 1952 ويصبح أصغر مصمم على ساحة الموضة في باريس، حين كان يلمع في سمائها المصممان كريستيان ديور و بيير بالمان. وبعدها بعام، التقى بملهمته أودري هيبورن. واستمرت صداقتهما حتى نهاية حياة هذه النجمة. وخلال تلك الفترة، كان جيڤنشي يصمم لها جميع الأزياء التي ترتديها في أفلامها، بما في ذلك إطلالاتها في فيلميّ وجه مضحك (1957) وكيف تسرق مليوناً (1966). وقد دعته ليجلس بجوارها في مسرح كوداك ليلة فوزها بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة عن دورها في فيلم عطلة رومانية (1954). فيما جلس ضيفاهما، الدوقة دو كاداڤال وفيليب ڤينيه، خلفهما على بُعد بضعة صفوف. تذكر الدوقة: “نادراً ما كان يتحدث عنها أوبير بعد رحيلها. أعتقد أن ذلك كان يؤلمه كثيراً”.

أودري هيبورن ترتدي أحد تصاميم جيڤنشي في فيلم ’الإفطار عند تيفاني‘ الذي قامت ببطولته. بإذن من Getty

وإلى جانب هيبورن، صممم رائدُ جيڤنشي أزياء العديد من النساء اللامعات، ومن بينهن واليس سيمبسون دوقة ويندسور، وماريا كالاس، ومارلين ديتريتش، وجاكلين كينيدي. تقول الدوقة: “أحسسنا، في جيڤنشي، بالرقي والجمال – والرضا النابع من العقل”. وفضلاً عن تبنيه لأسلوب جديد أقل تكلفة للأزياء، أطلق المصمم قطعاً منفردة امتازت بطابعها المريح وخطوطها البارزة. وفي خزانة أزيائها، تحصي الدوقة العديد من قطع جيڤنشي. وأكثر ما تفضله منها فستان وردي مزين بريش النعام، ومعطف من فراء الشينشيلة، مع تنورة من الجلد المخملي، وكنزة برقبة عالية من الكشمير. وتقول ضاحكة: “في زمن ما لم نكن نرتدي سوى الأزياء الراقية؛ حتى ستراتي الصوفية كانت منسوجة يدوياً. والآن، ترتدي جميع النبيلات أزياء يونيكلو”.

تعرفت الدوقة إلى دو جيڤنشي عام 1964 عبر صديقة مشتركة لهما، وهي الممثلة والعارضة الفرنسية كابوسين. “كنت حينها أستعد للزواج، لذا ذهبت إلى جيڤنشي لتصميم فستان زفافي. وكنت مخطوبة لرجل يكبرني بثلاثين عاماً، لذا لم أرغب في فستان يمكن أن ترتديه فتاة صغيرة”. وقد ابتكر رائد جيڤنشي بذلة خضراء من الجازار مع معطف أبيض لزفافها. ومنذ ذلك الحين توطدت الصداقة بينهما. “أحب زوجي للغاية. ولكن كان هناك أنشطة لا يمارسها زوجي، لذا كنت أذهب مع جيڤنشي وحدي – ونبحر على متن قاربه على سبيل المثال. كان لديه قارب جميل وكانت تمتلكه ألين دو روتشيلد؛ أعتقد أنه ظل لديه لعشر سنوات”.

الكونتيسة سيتسوكو كلوسووسكا دو رولا، وأوبير دو جيڤنشي، والدوقة كلودين دو كاداڤال في أحد معارض كارتييه بباريس. بإذن من Getty

وبعدما ترك دار أزيائه وتقاعد عام 1995، ظل جيڤنشي يشارك في عالم الموضة بطرق أخرى. فقد أشرف كمؤسس لمؤسسة كريستوبال بالينسياغا ورئيساً فخرياً لها، على الدعاية والمعارض التي كُرست للاحتفاء بأعمال الرجل الذي كان مثلاً أعلى ومرشداً له يوماً ما. كما أصبح خبيراً في التحف القديمة ومستشاراً لدار كريستيز، وقصر فرساي، ومتحف اللوڤر. وتذكر الدوقة: “لكنه لم يكن يستسيغ الموضة التي ظهرت بعد عصره”. وتعقب: “كان يرى الموضة الجديدة سيئة. ولم يسأل قط عن مصممي الأزياء أو مجموعات دور الأزياء الأخرى، ناهيك عن الدار التي أسسها. ولكنه لم ينتقد الناس. كان ينظر إلى العالم بروح مرحة”.

الدوقة كلودين دو كاداڤال وأوبير دو جيڤنشي. بإذن من الدوقة دو كاداڤال لصالح ڤوغ العربية

وبعد التقاعد، سافر جيڤنشي أكثر أي وقت مضى. وامتلك شاليه في مدينة ميجيڤ الفرنسية. ورغم أنه كان يتمتع بجسم رياضي وطول فارع يبلغ 201 سنتيمتر، لم يتزلج قط، أو يتدرب على ممارسة هذه الرياضة، ولكنه كان يستمتع بالنزهات. ولم يتوقف عن الذهاب إلى جبال الألب سوى بعدما أخبره الطبيب بأنه لا يمكنه السفر إلى ارتفاعات أعلى من 1000 متر. كانت البندقية مدينته المفضلة خارج باريس. فقبل كل شيء كان أجداده –من عائلة “توفيني”- من هذه المدينة العائمة. وتذكر دو كاداڤال أن المصمم امتلك بيتاً جميلاً هناك واحتفظ به لعدة سنوات. وفي نهاية حياته، كان يسعد بالبقاء في منزله. وتقول: “كان منزله في باريس، بديكوراته الخشبية التي تعود إلى القرن الثامن عشر، جميلاً للغاية، ولكن بيته الريفي، شاتو دو جونشيه، هو الذي عكس شخصيته وأسلوبه بحق”. كان قصراً عظيماً ومشيداً بأكمله من الحجارة، وتستطرد: “إنه غاية في الصفاء”. “وكان يستضيف أصدقاءه في أي بيت من بيوته، ولم يكن عددنا يتعدى مطلقاً ثمانية أفراد. ودائماً ما كان يدعو نجمة المجتمع ميرسيدس باس، وإذا قال له مصمم الديكور ألبرتو بيتو: ’أوبير، لدي شخص مهم، أود أن أريه منزلك‘، بالطبع، كان يقبل على مضض”. وفي بعض الأحيان، كان دو جيڤنشي يقيم حفلات خاصة. “استضاف حفل خطبة ابنتي ديانا على الأمير تشارلز فيليب دوق أنجو، وأعد لها مائدة كبيرة. كانت دائماً بسيطة، ولكن أنيقة للغاية. بل ورائعة، حقاً”. كما كان يقرأ كثيراً ويذهب غالباً إلى مكتبة غالينياني في باريس. ويتسلم ثلاث أو أربع مجلات يومياً، عن المزادات والفنون. وامتلك مجموعة مميزة من المنحوتات التي تعود إلى القرنين السابع عشر والثامن عشر، وعدداً كبيراً من أعمال صديقه دييغو جياكوميتي.

“لم يكن يتحدث أبداً عن مرور الزمن”، هكذا تعلق الدوقة فيما تخبو نبرات صوتها الحماسية. “لم نتحدث عن الموت مطلقاً. ولم يقل أبداً، ’يوماً ما لن أكون هنا بعد الآن. كان متحفظاً في هذا الشأن. والآن، أشعر بألم أكبر. وصار الألم أكثر عمقاً. ففراقه عظيم. فقد كانت الحياة مع أوبير في حركة دائبة”. وتتغلب على حزنها لبرهة وتقول: “كان يخطط للسفر إلى مراكش في أبريل، ليزور متحف إيڤ سان لوران. كان أوبير رجلاً يحب دائماً وضع الخطط”.

نحتفي بمصمم الأزياء الراقية الراحل هوبير دو جيڤنشي

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع