تابعوا ڤوغ العربية

هكذا تغيّر بذلة ڤيكتوري الجديدة للسباحة من نايكي المشهد الرياضي بالنسبة للمرأة المسلمة

ليس من قبيل المبالغة القول بأن بذلة ڤيكتوري الجديدة للسباحة من نايكي تمثل بذاتها طفرة مهولة أمام المرأة المسلمة التي تستهويها هذه الرياضة

بذلة ڤيكتوري الجديدة للسباحة من نايكي ليست بوركيني

“هذا هو ما يعنيه تقبّل الآخر”، هكذا علقت اللاعبة الأولمبية الأمريكية المحجبة ابتهاج محمد على بذلة تتألف من بنطلون ليغينغز أسود وتونيك أسود وفضفاض بعض الشيء يغطي الجزء السفلي من الجسم ومنطقة الأرداف. وفي حين أن هذا الرداء ربما لا يبدو من الوهلة الأولى ابتكاراً غير مسبوق، فإن تصميمه سيسهم فعلياً في إحداث تغيير كبير في حياة المرأة في العالم أجمع.

إنها بذلة السباحة ڤيكتوري [ومعناها “نصر”، وهو اسم على مسمى، إذ تعتبر نصراً جديداً للمرأة المحتشمة] التي أبدعتها علامة نايكي لتشجيع المرأة المحتشمة على السباحة بأريحية. وإذا كنتِ تظنين “أنها بوركيني”، فأؤكد لكِ أنها ليست كذلك. ورغم تشابه التصميم إلى حد ما بينها وبين البوركيني، إلا أنها تختلف عنه؛ فرغم أنها بذلة تغطي الجسم بالكامل من الرأس للقدمين، فهي لا تلتصق بالجسم مثل بذلة الغوص، حيث تنطوي على تقنية مبتكرة هي الأولى من نوعها. “أرى أن نايكي أحسنت صنيعاً بتصميم بذلة سباحة كهذه. لقد استطاعوا أن يملؤوا الفراغ في هذا الجانب”، هكذا علقت اللاعبة الأولمبية الأمريكية.

وكانت اللاعبة ابتهاج محمد، الحاصلة على الميدالية الذهبية في المبارزة بالشيش، من بين الرياضيات وعارضات الأزياء اللواتي جربن بذلة السباحة ڤيكتوري قبل إطلاقها رسمياً هذا الشهر (ستطرح للبيع بالتجزئة في فبراير المقبل). ومن بين هؤلاء أيضاً عارضة الأزياء المحجبة ونجمة غلاف ڤوغ العربية السابقة إكرام عبدي عمر التي تهلل وجهها فرحاً لدى تعليقها على هذه القطعة. “إن هذه البذلة في واقع الأمر تجعلني أشعر بأني قوية للغاية – وكأني بطلة خارقة”، هكذا قالت إكرام، مضيفةً “إنها حقاً رائعة، وهي أشبه بطقم أزياء كامل”.

إكرام عبدي عمر من أوائل بين اللواتي جربن بذلة ڤيكتوري الجديدة للسباحة من نايكي

وكل مَن تسنت لهن تجربة هذه البذلة اجمعن على شيء واحد، وهو أنها تمنحهن الشعور بالتمكين. “كون نايكي علامة تحترم جميع الأديان، والخيارات، والخلفيات يجعلني أكنّ لها مزيداً من الاحترام”، هكذا قالت الغواصة السعودية نوف العصيمي، مؤسِّسَة مجموعة “بينك بابلز دايڤرز”. وفي حين أن هذا الرداء يستهدف النساء المسلمات في المقام الأول، فإن تصميمه مناسب أيضاً للواتي يفضلن ارتداء زي أكثر احتشاماً عند المشاركة في الرياضات المائية، وكذلك مَن يرغبن في حماية بشرتهن أيضاً – حيث توفر البذلة عامل حماية من الشمس بدرجة تزيد عن 40.

وعلى الرغم من الإشادة الكبيرة بإقدام نايكي على إطلاق مجموعة “نايكي برو حجاب” عام 2017، فقد جاءت بذلتها الجديدة بعد فترة طويلة شعرت خلالها المرأة المحتشمة بعدم تمثيلها على النحو اللائق. وتعزو غيزلان قنز مؤسِّسَة موقع “ذا مودِست” للبيع بالتجزئة عبر الإنترنت عدم تمثيل بعض الفئات، ولاسيما فيما يخص ملابس البحر المحتشمة، إلى عدم قدرة العلامات على النظر إلى الأمر بمفهومه الواسع. تقول: “تركز معظم العلامات على القطاعات الكبيرة في السوق وتتغاضى عن القطاعات المتخصصة، متناسيةً أنها يمكن أن تكون قطاعات مغرية تجارياً للغاية وكبيرة الحجم جداً”. وأضافت: “لطالما صُنِّفَت المرأة المحتشمة –سواء سهواً أم عمداً- ضمن قالب يصفها بأنها امرأة تمارس الرياضة على نحو محدود ومقيد، ولكن في الواقع اختيار المرأة للزي المحتشم لا يعني -ولا ينبغي له- أن يمنعها من أن تعيش حياتها وتستمتع بها إلى أقصى حد، وأن تشارك في جميع الأنشطة، بما في ذلك الخروج للعمل والمشاركة في المجالات الرياضية”.

“هل تعلمين أن كثيرات اتخذن من نقص المعروض من الأزياء الرياضية المحتشمة وقلة مشاركة المحجبات ذريعةً لعدم المشاركة في الأنشطة الرياضية؟”، هكذا قالت ابتهاج محمد استناداً إلى أبحاث تؤكد أن عدم توافر الأزياء المناسبة يعوق بعض السيدات عن المشاركة. كما كشفت دراسات أخرى أن فرصة المرأة المحجبة في السباحة والمشاركة في الرياضات المائية، وبالأخص في منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، محدودة للغاية نظراً لعدم الوصول إلى حل بشأن مشكلة تصميم أزياء محتشمة للسباحة. “لقد اقشعر جسمي فرحاً لما ألمسه الآن من تمثيل للمرأة المحتشمة”، قالت ابتهاج، مضيفة: “أنا لست نهمة لممارسة رياضة ركوب الأمواج أو التجديف، ولكني أعلم في قرارة نفسي أني أود ارتداء هذه البذلة على الشاطئ. أظن أن ذلك يسفر عن مجتمع مسلم صحي أكثر”.

التفاصيل في بذلة ڤيكتوري الجديدة للسباحة من نايكي

وتشعر منال رستم، الرياضية المصرية والمدربة في تطبيق Nike + Run Club، بالتفاؤل وترى أن هذا الزي يمكن أن يسهم في تغيير التصورات الخاطئة عن ملابس السباحة المحتشمة والتي أدت إلى تعرض النساء لمواقف مهينة في الماضي. توضح: “ارتداء [البوركيني] محظور في بعض الفنادق والمنتجعات الفاخرة. لذا من أجل تجنب الإحراج، عادةً ما أتخذ الطريقة الأسهل بالابتعاد عن هذه الأماكن. [ولكن الآن]، في المرة القادمة التي أُمنَع فيها من الدخول إلى منتجع أو مكان ما، أعلم أن ثمة علامة عملاقة تقدر وجودي وتحتفي بي وتدعمني دعماً تاماً”.

وتكمن مظاهر تميز بذلة السباحة ڤيكتوري في التقنيات التي تنطوي عليها، والتي تجعلها مختلفة عن البوركيني. تقول مارثا مور، نائبة المدير الإبداعي والمسؤولة الأولى عن تصميم هذه البذلة، إنها “توفر لجميع النساء والرياضيات زيّاً خفيفاً وسريعاً يضمن قوة الأداء وأناقة المظهر”. وتتميز البذلة بتونيك مزود بحجاب وحمالة صدر مدمجة وليغينغز. وهي تنسدل على الجسم ولا تلتصق به، وإلا ما كانت لتوصف بأنها محتشمة. وتشير مارثا، التي لا ترتدي الحجاب، إلى أن هذا المنتج جرى اختباره على مدار أكثر من 18 شهراً على “مختلف السيدات في المسبح، والبحيرة، والبحر”، وخضع لتعديلات كثيرة كلما اقتضى الأمر ذلك.

وكان ثقل البوركيني من كبرى المشكلات التي اشتكت منها النساء في السابق. توضح منال: “البوركيني التقليدي يصيبكِ بالإجهاد. كما أن خامته تتلاطم في المياه ما يجعل من الصعب تحمله لمدة طويلة أثناء الدوران والالتفاف”. وتعاني نوف وإكرام من مشكلات مقاومة المياه، وتعلقان بأن تصميم بذلة ڤيكتوري، مقارنة بالبوركيني، يمنحكِ مظهراً أنيقاً في الماء. تقول إكرام: “أشعر بأنني أرتدي شيئاً أفضل من الأزياء العادية”.

تحمل بذلة ڤيكتوري الجديدة للسباحة من نايكي شعار نايكي الشهير

ورغم أهمية الشكل الجمالي بوجه عام، تشير مارثا سريعاً إلى أن العلم الذي أنتج هذه البذلة هو البطل الحقيقي في التصميم. توضح: “تستخدم بذلة نايكي المحتشمة هذه تقنية الغُرز النسيجية المتشابكة الحائزة على براءة اختراع وطُوِّرَت في إيطاليا. ويحدث هذا المنتج ثورة في هندسة بذلات السباحة المحتشمة عبر نظام تصريف مبتكر من الرأس حتى القدمين، وخامة خفيفة تتيح دخول الهواء، وسريعة الجفاف. وهي مستوحاة من قوة بطلاتنا الرياضيات وجمالهن، وتتميز بجمال بسيط، وتوحي بدروع المحاربات”.

ورغم ما تحفل به هذه البذلة من ابتكارات عديدة، إلا أن الحجاب وحمالة الصدر المدمجة بها هما أكثر ميزاتها إثارة للإعجاب. تقول مارثا: “بالنسبة للحجاب، حرصنا على أن يلتف حول العنق بسلاسة، لذا وضعنا مشابك في الظهر. كما كان من المهم مراعاة الاهتمام بالشعر. لذا يأتي الحجاب المتكامل مزوداً بشريط يلتف حول الرأس مع جيب لوضع الشعر مصمم بحيث لا يشتت انتباه مرتديته أثناء السباحة. أما حمالة الصدر، فنحن نعلم بمدى أهمية توفيرها للدعم، لذا تعاوننا مع مجموعة تصميم حمالات الصدر في نايكي [لمساعدتنا] في تزويد هذه الحمالة بتقنية نايكي وجعلها صالحة للسباحة، وقد ألحقناها بالبذلة ليشكلا قطعة واحدة”. كما زُودت حمالة الصدر بأشرطة قابلة للتعديل وفقاً لمقاس الصدر، وبطانة يمكن إزالتها.

ورغم أن بذلة السباحة هذه بذاتها زيّ مبتكر، فإنها ما تزال تتطلب مزيداً من التحسينات.

ورغم أن بذلة السباحة هذه بذاتها زيّ مبتكر، فإنها ما تزال تتطلب مزيداً من التحسينات. فهي ليست جاهزة بعد للأداء الرياضي الاحترافي، ما يعني أنه لا يمكن ارتداؤها للمنافسة في البطولات الرياضية مثل الأولمبياد. والحقيقة التي لا مفر منها في بذلة السباحة المحتشمة أنها لا تلتصق بالجسم، ما يعني أن استخدامها في المنافسات يتعارض مع الحدس السليم. فرغم أن بذلة سباحة ڤيكتوري من نايكي تعد خطوة هائلة إلى الأمام للسباحات المحتشمات، سواء من ناحية الشكل الجمالي أم التطور التقني، إلا أنه تبقى حقيقة أنها تزيد من مجهود السبّاحة في مقاومة المياه وتضيف وزناً لها، لذا من العسير استخدامها في رياضة يشكل الجزء من الثانية فيها فارقاً بين المركز الأول والأخير، ولكن، من يدري، إن مارثا لن تفقد حماسها. وتقول: “أؤمن بأننا سنصل إلى هذا المستوى [أي الأولمبياد]، أنا أؤمن بذلك حقاً. وبالطبع، هناك حوار موسع عن البذلات التي تغطي كامل الجسم والمحظورة حالياً في الأولمبياد”. ورغم أن نايكي تواصل تطوير تقنيتها، إلا أن الأبحاث العظيمة والمعلومات المفيدة لن تحصل عليها سوى من النساء اللواتي يرتدين هذا الزي. فالملابس الرياضية تتطلب أن تكوني رياضية في المقام الأول. وهو ما تشعر به ابتهاج بقوة، وتوضح: “عندما أردت ممارسة رياضة المبارزة بالشيش لم أقل بالضرورة ’آه لا أستطيع القيام بذلك لأنه ليس لدي حجاب رياضي. لقد مارستها وحسب‘”.

نشر للمرّة الأولى في عدد شهر ديسمبر 2019 من ڤوغ العربيّة

نجماتُ غلاف عددنا الجديد المحجباتُ يؤكدن على تمتّع النساء بالقدرة على الاختيار ويناقشن ما تعنيه الأزياء المحتشمة اليوم

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع