تابعوا ڤوغ العربية

لقاء حصري مع المهندسة المعمارية اللبنانية هلا ورده

«أخطّط لمساعدة لبنان إلى جانب زملائي من خلال زيادة التّوعية حول التّحديّات الّتي تعترض طريق إعادة إعمار بيروت ومن خلال اقتراح خطّة حضريّة جديدة للمدينة  تحترم تراثنا الطّبيعي والثّقافي والعمراني»

هلا ورده، هي مهندسة معمارية ولدت في لبنان في العام 1965، وتخرّجت من المدرسة الخاصّة للهندسة في باريس (ESA) حيث درست مع بول فيريلو ثمّ برنارد تشومي وجان نوفيل الّذي تعاونت معه لأكثر من 20 سنة. وأسّست هلا ورده مكتبها HW Architecture في العام 2008. كما نفّذت مشروع (One New Change) وهو بماثبة مجموعة من المكاتب والمتاجر في لندن، إضافةً إلى متحف اللّوفر أبوظبي الّذي توّلت مسؤوليّة تنفيذه بالتعاون مع جان نوفيل. فازت ورده في العام 2016 بمسابقة تهدف إلى منح العاصمة بيروت متحفًا جديدًا للفنّ الحديث والمعاصر (BeMA) أي متحف بيروت الفنّي. واختيرت في العام 2018 لتصميم برج ميرابو في مدينة مرسيليا. في العام 2019، وقع اختيار لجنة ضمت خبراء عينتهم وزارة الثقافة واتحاد المهندسين والمعماريين اللبنانيين على اقتراح قدمته ضمن إطار أوّل مسابقة عامّة افتتحتها الدولة اللبنانية لتمثيل لبنان. تتعاون ورده باستمرار مع فنّانين متعّدّدين مثل جوزيبي بينوني ونان غودلن وإيتيل عدنان، وذلك بمثابة تدخّلاتٍ محدّدة ترتبط بمجال الهندسة المعماريّة. في A Roof for Silence الذي أشرف عليه المفوض العام جاد تابت، تطرقت ورده إلى مفهوم التعايش من خلال تصميم تخيل لمساحات للصمت، تتداخل فيها الهندسة المعمارية والرسم والموسيقى والشعر والفيديو وفن التصوير وذلك ردًا على الإشكاليّة «كيف سنعيش سويًا؟» التي طرحها هاشم سركيس، منسق عام المعرض.

متحف اللوفر أبوظبي الّذي توّلت هلا ورده مسؤوليّة تنفيذه بالتعاون مع جان نوفيل

استلهمت ورده فكرة الجناح اللبناني من الموسيقى، فصممته مثل مقطوعة موسيقيّة يتردّد صداها في عدة تخصصات وأشكال وعصور لإضفاء تجربة حسيّة للفكرة التي تتمحور حول مفاهيم الفراغ والصمت كظروف زمنيّة ومكانيّة في العمارة. فالمشروع يبعث «الإلهام» بالإشارة إلى المفهوم الذي طرحه بول فيريليو، وتكريمًا لهذا المفكّر الشهير والمخطط العمراني. وفي حوار خاص عن كيفية اختيارها قالت ورده: «تمّ اختياري لتمثيل لبنان في هذا المعرض بعد مشاركتي في مسابقة عامّة فُزت بها في العام 2019».

وتطرّقت ورده في حديثها عن الانفجار المروّع الذي هزّ العاصمة بيروت في الرابع من أغسطس٢٠٢٠ وقالت: «على غرار اللّبنانيّين كافّةً، صدمني الانفجار للغاية وأثّر فيّ بشكل كبير. فقد دمّر أجزاءً من المدينة، وترك النّاس من دون مأوى وخلّف جرحًا غائرًا في المشهد المدني. وهذه الحادثة بكلّ ما فيها من مأساةٍ تُحمّلُنا نحن المهندسيّن المعماريّين، مسؤوليّةً فائقةً. وعزّزت هذه الحادثة قناعتي الرّاسخة بالحاجة المُلحّة إلى إعادة إعمار بيروت وفقًا لمبدأ التكثيف المُنظّم. وإنّني أدافع عن حاجة المدينة إلى الفراغات، بما فيها الأماكن العامّة أو الحدائق على سبيل المثال. ويتناول مشروعي للجناح اللّبناني في المعرض العالمي السابع عشر للعمارةبينالي البندقية هذه المفاهيم على وجه الخصوص.تشكّل إعادة إعمار بيروت مسألةً جماعيّةً لذلك لن أعالجها على الصّعيد الشّخصي أو الفردي بل إنّني أتضامن مع زملائي في لبنان الّذين لم يتوقّفوا عن النّضال يوميًا على الأرض منذ الرّابع من شهر أغسطس بُغية طرح الحلول وإعادة التّأهيل والمحافظة على تراثنا وبناء مدينتنا وإعادة بنائها».

وتابعت: «أودُّ أن أنوّه بأهميّة الثّقافة حتّى في خضمّ الأزمات. ففيما ينهار كلّ ما يحيط بنا، تبقى الثّقافة ملجأ النّاس الوحيد للهروب من الواقع والحلم بعيدًا عنه. بصفتي مهندسة معماريّة، أخطّط لمساعدة لبنان إلى جانب زملائي من خلال زيادة التّوعية حول التّحديّات الّتي تعترض طريق إعادة إعمار بيروت ومن خلال اقتراح خطّةٍ حضريّةٍ جديدةٍ للمدينة  تحترم تراثنا الطّبيعي والثّقافي والعمراني».   

منحوتة للفنان الإيطالي لورينزو كوين في البندقية، ١٩ مايو ٢٠١٧

يعتبر مشروع ورده بمثابة طرح جديد للهندسة المعمارية، ويعتمد تصميم المشروع على أشكال غامضة مستوحاة من ستة عشر شجرة زيتون في لبنان عمرها آلاف السنين، فستبعث تلك الأشجار الأسطوريّة الحماية للجناح اللبناني وتأوي في أجوافها حياة كائنات مختلفة. فلطالما كان ظل هذه الأشجار عبر العصور مكاناً للتأمل وللتجمّع، حيث كان الفلاحون يجتمعون لأجيالٍ تحت هذه الأشجار لاتخاذ القرارات في شؤون القرية أو للاحتفال بالأعراس.

عند طرح التساؤلات حول المقاربة الإقليميّة والعمرانيّة للفراغ، يُعرف مشروع ورده المعماري بأنّه يعتمد على مفهوم اﻟـ«Antiformes» الخاص ببول فيريليو، الباحث النظري في مسألة تسارع الوقت وتفكك الأراضي. ويعكس هذا المشروع لوحات بول فيريليو «Antiformes»، التي تجسد مسافات بين الفراغ واللا فراغ تتماشى مع الرسم البياني لأشجار الزيتون وكذلك مع أثر انفجار مرفأ بيروت.  يَكمن الجزء الرئيسي للمشروع في غرفة مركزيّة وهي المحطة الأخيرة للمشروع، صُممت حول عمل فنيّ يتألّف من ستة عشر لوحة فنيّة بعنوان Olivéa: Hommage à la déesse de l’olivier (أوليفيا: إجلال لإلهة شجرة الزيتون) للشاعرة والفنانة إيتيل عدنان.

سيُعرض مشروع A Roof for Silence في عدة بلدان مختلفة حول العالم، فبعد البينالي سيعرض في متحف بيروت الوطني بمناسبة افتتاح جناحه الجديد الذي بنته المؤسسة الوطنية للتراث للترويج للتراث المعماري والفني، ومن ثم سيتم عرضه في متحف قصر طوكيو في باريس وفي لندن.

A Roof for Silence (Olivéa: Hommage à la Déesse de l’Olivier) © Etel Adnan

يتميّز المشروع ببعدٍ اجتماعيٍ وتراثي. وسوف تُنظّم مبادرات وحملات توعية في إطار البينالي من أجل رفع مستوى الوعي والاهتمام لدى الرأي العام والخبراء والمهندسين المعماريين العالميين والمحليين حول إعادة تأهيل التراث المعماري والثقافي المتضرر في مدينة بيروت.

سيقدم الجناح اللبناني منصته لـ«مبادرة تراث بيروت»، وهي مبادرة مستقلة تم إنشاؤها في أعقاب انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس 2020 لتوحيد الجهود والمبادرات لإعادة التراث الثقافي والعمل الموحد في خدمة المدينة.

الجناح اللبناني A Roof For Silence

ضمن المعرض العالمي السابع عشر للعمارةبينالي البندقية

ضمن المعرض العالمي السابع عشر للعمارة وبالتعاون مع إيتيل عدنان وفؤاد الخوري وبمشاركة آلان فلايشر Le Fresnoy ومجموعة Soundwalk Collective وتكريمًا لبول فيريليو، وبدعم من Fondation Ardian وFondation Dauphin وFondation LAccolade – Institut de France وCMA CGM  وNasco، تقدّم هلا ورده A Roof for Silence في مبنى Maggazini del Sale Zattere من 22 مايو حتّى 21 نوفمبر 2021.
سيضم المعرض 112 مشاركًا متنافسًا من 46 دولة مختلفة. وللمرة الأولى سيشارك العراق في المعرض إلى جانب 6 دول أخرى من الشرق الأوسط اعتادت المشاركة وهي مصر والإمارات والبحرين والكويت ولبنان والمملكة العربية السعودية.

أقرائي أيضاً:مليحة‭ ‬جامي.. للمثابرة صوت

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع