تابعوا ڤوغ العربية

بين الكلمة والموسيقى واللون يتنوع التعبير ويبقى الفن واحداً

بين الكلمة والموسيقى واللون يتنوع التعبير ويبقى الفن واحداً، يجمع بين الأجيال ويمجّد الجمال ويختصر التجارب الإنسانية بأرقى صورة. كلٌ يلحق شغفه ويختار على هواه وسيلة التعبير، فتتحول بين يديه أداةً طيعةً: شعراً كانت أم روايةً أم لحنًا أم أغنيةً أم لوحةً.

إطلالة عبادي الثوب من SIRAJ SANAD إطلالة تام تام الكيمونو والبنطلون من ؛HADEEL AL HUSSAIN الحذاء الرياضي من REEBOK X MAISON MARGIELA


بين الأمس واليوم، يقف فناناً منتصب القامة في ألحانه وصوته وإرثه الفني، فنان حمل لواء الفن والغناء الخليجي، فجمع الأجيال على محبّته ومتابعته وتقدير أعماله.

تستمع إليه فتشعر أن الموسيقى تسري في عروقه، قد لا تسمع منه شعراً حين يتكلم عنها إنما تلمسه في صوته، فهو يقول: «الموسيقى تولد مع الشخص ولا تُكتسب، منذ طفولتي شعرت أن الموسيقى تنمو في داخلي. اختبرت الغناء لأول مرة حين غنيت أمام طلاب المدرسة النشيد الصباحي. في عمر 11 بدأت أتعلم العزف على العود حتى أتقنته في 14 ولفتّ نظر الأستاذ طلال مداح الذي استغرب نبوغي».

طفولة الفنان السعودي لم تكن عادية؛ هو ترعرع في كنف عائلةٍ فقدت المعيل الأكبر أي الوالد حين كان في الثالثة من عمره، فسدّت والدته الفراغ الذي تركه. كانت أماً مثالية علمته الكثير من الأشياء وأسدت إليه الكثير من النصائح التي لا يزال يطبقها حتى اليوم؛ وقد تفهمت رغبته حين كان طفلاً في الانزواء مع عوده لساعات طويلة في غرفته يتدرب على العزف ويستمع بكل جوارحه لقدوته فريد الأطرش الذي كان العازف الأشهر على مستوى العالم العربي، وللعازف السعودي عمر كدرس والأستاذ طلال مداح. هذه الساعات الطويلة أتت ثمارها فقد وضعته على أول دروب الشهرة. في هذه المرحلة الجديدة التي حرمته نهائياً من طفولته، استفاد الفنان الشاب من دعم أسرته المُحبّة للفن، فأخاه كان يرافقه في أسفاره في بداياته بناءً على طلبٍ من الوالدة الخائفة على ابنها الفنان الصغير. وحين توفيت الوالدة شعر بفقدٍ كبير لا يعوّض.

جمع الفنانين من مختلف أنحاء دول الخليج وحثّهم على التعاون لتطوير الأغنية الخليجية سيرفع من شأن الفنالخليجي جداً. فالفن الخليجي قائم على مساعي فردية وليس على مساعي تعاونية جماعية.

الثوب من SIRAJ SANAD

ولعبادي الجوهر علاقة مميزة وطيدة بالعود، يعتبر هذه الآلة الموسيقية كالصيد الذي يعلّم الصبر، وهو يقول: «من السهل أن يتعلم أي شخص العزف إلا أن الصعب هو إتقان العزف. لأتقن العزف كان لا بدّ من 10 آلاف ساعة من التمارين وهي ساعات طويلة تحتاج صبراً طويلاً. حبي لهذه الآلة منحني الصبر الضروري وقد حققت الحمدالله مرادي». قوة هذه العلاقة لم يماثلها إلا قوة علاقته بالأستاذ طلال مداح التي انطبعت بطابعٍ مهني لثلاث سنوات قدما في خلالها نحو 5 أو 6 أغنيات لتتحول بعد ذلك إلى علاقة محض شخصية وعائلية لم يبنِ مثيلاً لها مع أي زميل آخر في عالم الفن مكتفياً ببناء علاقات مع المحيط الفني عنوانها الاحترام. ولعل عشقه الكبير للعود وعلاقته المميزة بمداح هما ما دفع زوجة مداح بعد وفاته إلى إرسال العود الذي كان يعزف عليه إلى عبادي، وفعلاً لا يزال العود عنده يعتز به ويلمسه فيشمّ رائحة الأستاذ طلال فيه.

وعبادي المحبّ للموسيقى لم يفكّر يوماً بامتهان الفن فقد كان ينوي الالتحاق بالكلية العسكرية، إلا أن حياته انقلبت رأساً على عقب بين ليلةٍ وضحاها إذ وجد نفسه عن طريق الصدفة يوقع عقداً مع شركة رياض فون لصاحبها الفنان طلال مداح، وقد شرح تفاصيل هذا الانقلاب قائلاً: «ما أوصلني إلى الأستاذ مداح هو إصرار الأستاذ لطفي زيني رحمه الله الذي طلب ذات ليلة من أخي أن يحلّ محل عازف تغيّب عن الحضور لجلسة تسجيل فرافقته في حينها وانتبه الأستاذ لطفي إلى موهبتي وطلب مني أن أعزف وارتأى أن موهبة مثلي لا بدّ أن تُعرض على الأستاذ طلال مداح، وهذا ما حصل فعلاً».

كان الفنان السعودي أول من آمن بموهبته وصدّقها، إيمانه انعكس على من حوله فرأوا فيه فناناً حقيقياً، ورغم ذلك لم يكن طريقه سهلاً، فكثيرة هي الصعوبات التي واجهته في البدايات منها نظرة المجتمع إلى الفنان، وغياب الإذاعات التلفزيونية فكان مضطراً للاعتماد على الأسطوانات ليتمكن من تعلّم الموسيقى. وحين بدأت الإذاعات التلفزيونية تظهر، كان لكل منطقة إذاعتها فكان مجبراً على السفر الدائم لتصوير حلقات تُعرض في ما بعد. في بداياته، لم يكن أخطبوط العود مقتنعاً بالألحان التي تُقدّم له، هو الذي اتخذ لنفسه خطاً خاصاً في التلحين يقوم على تصوير الكلام بالموسيقى فشعر أنه يبحث عن شيء مختلف، شيء خاص به، خط يميزه عن غيره. وضع أول لحنٍ له في العام 1971 وكان لكلمات بقلم الأمير بدر عبد المحسن. اعتاد الفنان في بدايات مشواره كملحن أن يعرض ألحانه على الأستاذ طلال مداح الذي ما انفك يؤكد له أن في داخله ملحن مبدع وحين كرر هذا الإطراء على مسمعه مرات عديدة طلب منه أن يغني من ألحانه فغنى أغنية «طويلة يا دروب العاشقين» في العام 1976.

الفنان السعودي عبادي الجوهر مع آلة العود

يعتقد عبادي الجوهر أن حالة الفنان النفسية تلعب الدور الأساسي عندما يلحن الفنان أو يغني، وقد شرح: «الفنان هو عبارة عن أحاسيس. أنا لا أصنع طاولة ستخرج من بين يدي طاولةً أياً كانت حالتي النفسية، ولكن كفنان من الضروري أن تجتاحك حالة نفسية جيدة للقيام بعمل جيّد، إنما تلك الأجواء الخاصة التي يتكلم البعض عنها كالبحر وضوء القمر ليست إلا مجرد كلام! فاللحن عبارة عن خاطر يلمع في رأسك في غرفة النوم في المكتب في السيارة مع العائلة في السوق، المهم أن تقرأ النص مراراً وتكراراً إلى أن تتشرّبه. ما إن تجد البداية وتلتقط طرف الخيط حنى تكر السبحة وينساب اللحن،» ويتابع: «ليس كل نص يستحق الوقوف عنده، أنا كفنان أتعايش مع الكلمة وألحّن بصدق ليصل إلى المتلقّي، لأنّ النص لا يقع الموقع ذاته لدى كل الناس لاختلاف الأحاسيس بين إنسانِ وآخر».

غنى عبادي من ألحانه ومن ألحان آخرين، وهو يعتقد أن الأمر يختلف حين يلحن لنفسه وحين يلحن للآخرين، فهو يعرف صوته وإحساسه وإمكانياته لذلك يجد بسهولة لحناً يناسبه، أما حين يلحن للآخرين فيجب أن يتعرف إلى خبايا أصواتهم قبل أن يبدأ في وضعٍ لحن يناسب موهبتهم، وقد أصرّ هنا على توضيحٍ أمرٍ فقال: «لست ملحناً متخصصاً أضع اللحن وأعرضه على الفنان، بل ألحن بناءً على صوتٍ سمعته وفهمت أبعاده أو بناءً على طلب زميل أحب أن يغني اللون الذي أقدّمه». والقاعدة هذه يطبقها على نفسه حين يختار لحناً من أعمال الآخرين، فهو يبحث عن لحنٍ يناسب صوته ويقدّم له جديداً وكثيرة هي الأسماء التي غنى من ألحانها منها على سبيل المثال لا الحصر طلال مداح، جميل محمود، عمر كدرس، عبدالله محمد، سراج عمر، محمد شفيق، سامي إحسان، محمد المغيص، حمدان بريجي، ولملحنين من خارج السعودية وشارك في أغاني غير سعودية زي الحلم العربي وألحان حلم بكر ولمحمد الموجي وقد قال: «لا أتوانى أبداً أن أغني لملحن أجد أنه يستحق أن أغني له». وعبادي الذي لا يزال يذكر الرهبة الكبيرة التي شعر بها حين لحّن في العام 1976 وفي العام 1998 للأستاذ طلال مداح يحب اليوم التعامل مع الأستاذ ناصر الصالح وقد قال عنه: «أحبه كثيراً وقد غنّى لي الكثير في بداياتي وأصبح اليوم فناناً وملحناً نجماً وصاحب جملة حلوة وأنا يهمني أن أتعاون مع كلّ من هو جيد في الساحة الفنية».

بعد أن قدّم الفنان السعودي أكثر من 250 عملاً أحبها إلى قلبه هي انطلاقته في عالم التلحين «يا حلاوة» بناءً على طلب من طلال مداح وبتشجيع منه، يجد أن الفن السعودي حقق اليوم وجوداً مهماً على الساحة الفنية بعد أن تعثّر وتأخر بعض الشيء عن اللحاق بالفن في الدول الخليجية الأخرى، إلا أن المملكة استدركت خطاها ودعمت فنها حتى بات الفنان السعودي متواجداً في كل مهرجان وحفل مما يؤكد على انتشار الأغنية السعودية وتقبل الناس لها في مختلف أنحاء العالم العربي. ويُعزا ذلك إلى إصرار الفنانين السعوديين على نشر الأغنية السعودية، وإلى ذكاء الفنان السعودي الذي يختار اللهجة البيضاء لتصل إلى مختلف أقطار العالم العربي، وإلى السوشل ميديا التي ساهمت في انتشار الأغنية السعودية بشكلٍ سريع. ويحلم عبادي الجوهر بجمع الفنانين الخلجيين تحتٍ لواء الفن الواحد، وهو يتخيل روعة أن يغني بحريني كلاماً سعودياً ولحناً إماراتياً! وهو يقول: «جمع الفنانين من مختلف أنحاء دول الخليج وحثّهم على التعاون لتطوير الأغنية الخليجية سيرفع من شأن الفن الخليجي جداً.

«سكّة طويلة » أغنية من أرشيف الفنان الكبير عبادي الجوهر

لا يمكن أن يطرق النجاح بابك وأنت تستريح في بيتك، لا بدّ من بعض التضحية

فالفن الخليجي قائم على مساعي فردية وليس على مساعي تعاونية جماعية» ومع تنوع المحاولات الفنية في مختلف أقطار العالم العربي، يعتبر الفنان الكبير أن الفنّ هو الفنّ لأن الجمهور لا يرضى إلا بالجيد، وقد رفض مقولة «الجمهور عاوز كدا»، فالمستمع يرغب بعملٍ جيد والدليل على ذلك حسب قوله إنه لا يزال يستمع إلى أعمال قديمة كأنها صدرت حديثاً، وقد أكد أن الفنان يحمل على عاتقه مسؤولية الارتقاء بالذوق العام بمعنى أن يقدّم أفضل وأرقى ما لديه لأن ذوق الناس الموسيقي والأدبي والفني بشكلٍ عام هو واجهة حضارية وثقافية ليس ترفيهية فقط وأضاف أنه من الناحية الثقافية، نلاحظ أن الفنّ يساهم في انتشار الشعر مثلاً فكثر هم الشعراء الذين قدموا أعمالاً فذة إلا أن أعمالهم المغنّاة هي وحدها التي انتشرت.

وهنا تطرق في حديثه إلى شركات الإنتاج التي لا شكّ تؤدي دوراً في نوعية الفن الذي يُقدّم للناس لأن اهتمامها ينصب على الربح المادي وليس نشر الفنّ القيّم، وهو لا ينكر أنه في بداياته انصاع لشروط شركات الإنتاج، لكنه اليوم لم يعد يقبل أن تفرض الشركة عليه ما يقدمه، فهو يقدم ما يراه مناسباً من وجهة نظره لجمهور عبادي الجوهر وليس للشركة. وهو وإن كان ملتصقاً بالفن الأصيل، لا يستغرب انتشار الفن الخفيف إلا أنه وضّح أن الناس يفهمون اللون الخفيف بشكلٍ خاطئ، فاللون الخفيف لا يعني المبتذل، فأم كلثوم غنّت «غنيلي شوي شوي» وهي أغنية خفيفة، و«زي الهوى» و«على حسب وداد قلبي» لعبد الحليم أغاني خفيفة. أنا أيضاً قدمت أغاني خفيفة مثل «سكة طويلة» وغيرها، إلا أنها ليست سطحية إنما هي قالب من قوالب الغناء العربي التي تضم الأغنية الكلاسيكية والقصيدة والأغنية الطربية وغير ذلك. تحقق اليوم الأغنية الإيفيه أو الأغنية الفلاش رواجاً وهي أغنية تعتمد على كلمة ملفتة وهذه الأغنية تختلف عن الأغنية الخفيفة التي تقوم على كلام جيد ولحنٍ خفيف يضمن لها الخلود فلا تنطفئ بعد شهرين من إصدارها.

مسيرة عبادي الجوهر حافلة بالنجاح والزخم الفني، آخرها ألبوم غنائي بعنوان «عبادي 2021» طرحه بعد تجديد عقده مع روتانا في فترة العيد تضمن 8 أغنيات تعامل لتنفيذها مع أسماء كبيرة اعتاد العمل معها مثل السعودي خالد العوض وأسماء جديدة على غرار دلال الشريف والكويتي فارس وغيرها من الأسماء. وهذه المسيرة، التي وضعت تحت الأضواء أسماء أعجِب عبادي الجوهر بكلماتها أو ألحانها وليس بشهرتها، استحقت الكثير من التكريمات التي يعتبرها الفنان السعودي تاريخاً يروي مشوار الفنان، وقد قال: «تكرمت كثيراً في السعودية وفي تونس وعُمان. التكريمات والجوائز دليل أهمية إنها محفز يدفعك لمزيد من الاجتهاد لتقدّم المزيد». وبين أخطبوط العود وسفير الحزن وغيرها الكثير من الألقاب، يكتفي عبادي الجوهر بلقب الفنان السعودي أبو سارة. فهو يدرك تماماً أهمية العائلة، وأبدى امتنانه لها ولدعمها له في المحن، كما حصل في العام 2005 حين ألمت به وعكة صحية اضطر على أثرها إلى إجراء عملية في الغدة الدرقية تستلزم التوقف عن الغناء لخطورة وضع أوتاره الصوتية. في تلك المرحلة الحرجة، لم يتمكن من اتخاذ القرار الأنسب إلا وهو محاط بعائلته وبتاريخه الفني المتمثل بأسطواناته، كيف لا وقد حقق في أسطواناته المجد ووجد في عائلته العزّ والكنف الصالح، فهو عاش مع زوجته وابنتيه حياةً بسيطةً جداً وهنية، قبل أن يتولى مهمة الأب والأم في الوقت ذاته بعد وفاة زوجته في العام 2006، فكان أباً معطاءً عانى تداعيات الفنّ التي أبعدته بعض الشيء عن عائلته لما يفرضه من أسفار وحدٍ للحرية إلا أنه بدا حازماً حين قال: «لا يمكن أن يطرق النجاح بابك وأنت تستريح في بيتك، لا بدّ من بعض التضحية» وحزمه سرعان ما حلّ محله الحزن حين ذكر أنه سيعود للعيش وحيداً بعد زواج ابنته وخطوبة الأخرى التي ستعقد قرانها عمّا قريب.

عبدالعزيز آل عبدالعزيز فنان تشكيلي شاب اختار اللون وسيلة لنشر السعادة وتخطي الكآبة والخيبات. مع ڤوغ آرابيا دخل في مغامرة لونية إبداعية للاحتفاء بالفنون في المملكة العربية السعودية وتكريم مبدعين كبار فيها.

فنان سعودي شاب درس كل شيء إلا الفن، لكن الفن كان شغف يتملكه فساهمت كل مسيرته في تطوير حسه الفني وإيصاله إلى حيث هو اليوم. من التصوير إلى العمل الديجيتال ومجالات فنية أخرى تطورت هويته الفنية وتشكلت ملامحها الحالية. كان له مشاركات في معارض جماعية في السعودية مع جهات عدة أبرزها «مسك» وآخر معارضه الفردية يحمل اسم  Cocoon أو الشرنقة.

عن مشاركته في صياغة اللوحة التشكيلية التي رافقت الغلاف يقول عبدالعزيز إنه تشريف له كفنان ناشئ أن يشارك كبارأ على الساحة الفنية كانت لهم مساهماتهم البارزة في تشكيل الساحة الفنية ورسم ملامحها في أوقات لم تكن تخلو من الصعوبات وسعيد أن يكون جزءاً من هذا العمل ويتعاون مع فنان شكل مصدر إلهام لأجيال عدة بين الماضي والحاضر وفنانة شابة لها حضور عالمي. ويفخر بالحضور الثقافي للسعودية ويرى أن الفنان لا بد أن ينشر هذه الرسالة ويوصلها للعالم.

اللوحة الفنية التي اختارها للمشاركة متوسطة الحجم لكنها احتاجت جهداً كبيراً لما فيها من تفاصيل كثيرة ودقيقة. من خلالها أراد أن يوجه رسالة أنه بالرغم من اختلافنا كأفراد نشكل صورة واحدة في الإنسانية ومهما اختلفنا في الثقافات والأعمار والديانات فنحن نتشابه وثمة رابط يجمع بيننا في أشد الأوقات حزناً وأكثرها سعادة وهو ما أظهرته جائحة كورونا. رغم كونه يفضل أن يترك للمتلقي التفاعل مع العمل إلا أنه يقول: «كل شخصية في العمل لها ألوانها وتفاصيلها لكن إذا ابتعدنا قليلاً نرى الشخصيات كأنها واحد».

«أعمالي كلها، تركز على الجانب الإيجابي للحياة» يقول، ويتوقع أن تشكل اللوحة إضافة حقيقية إلى موضوع الغلاف لأن الموسيقى والغناء كما الكتابة والفن التشكيلي مساحات إبداعية تتكامل فيما بينها وتحرك الفنان داخله.

«عبادي الجوهر من الفنانين المفضلين عندي يقول، بتاريخه وتواضعه وفنه وقبوله التعامل مع مواهب شابة  يشكل إضافة إليّ كفنان وكإنسان يعطيني دعماً ودافعاً لأسعى نحو الأفضل». حين يسمع موسيقى أو شعراً يقول عبدالعزيز يأخذه الخيال ويغمره مزاج متفائل ليرسم بأجواء راقصة يملؤها الفرح، وبرأيه: «الفن يوحّد بين الأجيال والثقافات وكل جيل يستوعب الماضي ويتعلم منه، فالفن هو الإرث الثقافي الذي يعطي كل شعب خميرة يعود إليها ويبني عليها ويطورها» .

وجوه لوحات عبدالعزيز بلا وجوه إذا صح التعبير، وعن هذا يقول :«فني تجريدي بعض الشيء وأحرص ألا أرسم الوجه وتعابيره كما هي بل التعبير عنها بطريقتي الخاصة»، وهذا ما يميزه عن سواه ويبعده عن التكرار . هو يترك تفسير ما تحمله الوجوه التي باتت سمة مميزة في لوحاته للمتلقي، يضع صوره الخاصة ومع الوقت يستوعب من يتأملها الشخصيات والتعابير وطريقة تفسير الفنان للعمل، ويعترف أن التجريد أصعب من رسم التعبير كما هو.

خلفيات لوحاته تجذب العين لكنه لا يركز على خلفية اللوحة فالعمل الفني رسالة متكاملة تحمل موضوعاً وعلى الفنان أن يستغل كل مساحة اللوحة، قد يضيف لمسة مريحة للعين على أن تكون جزءاً مهماً من الرسالة أو التكوين العام للوحة. يسعى عبدالعزيز لإظهار الثقافة السعودية بصورة يتقبّلها كل العالم، والفن ليس لغة محلية بل ثقافة عالمية لكن الجذور والهوية تبقى الأساس ومن دونهما يكون العمل الفني ضائعاً مكرّراً. فما يميزنا كشعب هو ثقافتنا وجذرورنا وماضينا و تطورنا، وما نمر فيه اليوم أمر أساسي ومن الواجب علينا أن نوثق هذا التغيير للأجيال القادمة» على حد تعبيره.

يرى عبدالعزيز نفسه اليوم محظوظاً لكونه يعيش في زمن لم يعد فيه الفن والثقافة مهملين بل يلقيان الدعم المعنوي والمادي واللوجستي من أعلى الجهات وهذا توجه عظيم نحو الأمام و إلهام يشجع على التركيز على الهوية السعودية.

البليزر والتوب والبنطلون من ARAM BY ARWA AL AMMARI

تام تام المغنيّة السعودية الشابة امرأة لا تعرف الخوف، وواثقة من نفسها، ولديها القدرة على تغيير الطاقة في أي مكان بفضل رسائلها الإيجابية ورؤاها العالمية عن الإنسانية.

ومقابل رصانة عبادي الجوهر وأصالته، نرى الفنانة السعودية الشابة تام تام التي تعد نفسها من بين أكبر معجبات هذه القامة الفنية العملاقة، فهي ما إن عرفت أنها ستقف إلى جانبه على غلاف ڤوغ العربية حتى بدا السرور على وجهها وقالت: «أنا متحمسة جداً. أشعر وكأنني في حلم. عبادي الجوهر رجل حكيم، وأنا ممتنة جدًا لكوني قضيت بعض
الوقت معه».

نكاد نعتقد أن آخر من عرف تام تام باسمها الحقيقي هو الموسيقار والمنتج الكويتي زاهد سلطان الذي رافقها في استوديو دبي لتسجيل أولى أغنياتها وأطلق عليها هذا اللقب في محاولةٍ منه لإزالة توترها.. والتصق بها هذا الاسم ليرافقها في مسيرتها الفنية ويساعدها على استنكار المجتمع السعودي لظهور سعودية تغني على العلن باللهجة الإنجليزية واحتراماً لرأي الأصدقاء وأفراد العائلة والمحيط الذين دعموها إنما شجعوها على عدم استخدام اسمها الحقيقي. بالإضافة إلى كونه اسمها الفني، اليوم «تام تام» هو جواز تعبر به من شخصيتها الحقيقية إلى شخصية الفنانة فهي تقول: «أشعر بالارتياح لأني اخترت اسمًا فنيًا لأعمالي الموسيقية لأنه يفصل بين هويتي الموسيقية وهويتي في الحياة اليومية،» وتضيف: «تام تام امرأة لا تعرف الخوف، وواثقة من نفسها، ولديها القدرة على تغيير الطاقة في أي مكان بفضل رسائلها الإيجابية ورؤاها العالمية عن الإنسانية. وهي تُذكرني بأن أكون دائمًا أصيلة ومتواضعة».

أحبت تام تام الغناء منذ كانت في الخامسة أو السادسة من عمرها. وكان لديها جهاز كاريوكي قديم في المنزل، ورغم أنها كانت تستمتع بالغناء، لم تدرك موهبتها الغنائية إلا عندما بلغت الحادية عشرة من عمرها، وعن هذه الحادثة تقول: «وقتها كنت في لقاء مع أصدقائي وشرعت في الغناء، فأشار بعضهم إلى أنني أجيد الغناء. وأسعدني ذلك لأنه كان مجالاً أحبه. ومنذ ذلك الحين وأنا لا أكف عن استكشاف هويتي الغنائية يوميًا».

تعلمت تام تام كتابة الموسيقى بمفردها. في البداية كانت تكتب الكلمات وتلحنها دون آلات موسيقية، لأنها لم تكن تجيد العزف على أي آلة. ولكنها أحبت عملية كتابة الأغاني وتلحينها أو تأليف الألحان ثم كتابة الكلمات المناسبة لها. وفي نهاية المطاف، بدأت بتلقي بعض الدروس في العزف على الغيتار والبيانو، وتابعت دروس البيانو لأنها استمتعت أكثر بكتابة الأغاني مع العزف على البيانو.

الكيمونو والبنطلون من HADEEL AL HUSSAIN مديرة قسم الأزياء KATIE TROTTER الفنان ABDULAZIZ ALABDULAZIZ تصميم الخلفيات RAWAN ALSAHSAH المنتجة الإبداعية LAURA PRIOR محرر الموضة المبتدئ MOHAMMAD HAZEM REZQ تصفيف الشعر NADINE TABBARA المكياج EILAF SABBAGH الإنتاج المحلي BASAMAT ARABIA مديرة الاستوديو KHADIJAH ATTAS مساعدة تنسيق الأزياء SUHAILAH ALMAMY توريد الأطعمة LGHAWEES مع خالص الشكر ل HEKAYA STUDIOS

لم أقابل أبدًا أي امرأة بشعر مجعّد تحتوي هذا الشعر وتتقبله ولوجها الفعلي في عالم الفن كان مع إطلاق أغنية Gender Game لأنها كانت المرة الأولى التي تكشف فيها وجهها للعالم. وقد حظيت بشعبية كبيرة لأن عديدًا من النساء شعرن بصلتهن بها. كان معها في الفيديو نساء من جميع الخلفيات والأعمار ومن أماكن مختلفة من العالم؛ وقلن لها جميعًا إن هذه الأغنية تخاطبهن. وقد شعرت بالدهشة والسعادة حين سمعت ذلك. وأدركت أيضًا أنه حين يمر إنسان بشيء ما فهذا يعني أن هناك كثيرين غيره في العالم مروا بنفس الشيء، ومن هذه التجربة استخلصت تام تام العبرة التالية: «من المهم للفنان أن يتحدث عن تجاربه ويروي قصته وأن يتحلى بالأصالة قدر ما أمكنه، لأن الناس تحتاج إلى سماع أنهم ليسوا وحدهم وإلى نصائح قد تكون يداً تمتد لتساعد وترفع».

لم يكن لتام تام نية احتراف الغناء، أطلقت أولى أغانيها الفردية بعنوان Little Girl تناولت فيها موضوع التحرر إلا أن مسألة الغناء باتت محسومة لا سيما وأن الغناء أتاح لها مناقشة مسائل حساسة كالمساواة بين الجنسين والصفات الإنسانية بغض النظر عن المعتقد أو المكان الذي ينحدر منه المرء وتشجيع المواهب الفنية على الظهور من دون خوف وتذكير الناس برؤية ما بينهم وبين غيرهم من أوجه شبه، وتقبل ما بينهم من اختلاف عن طريق تواصل يملؤه السلام بعيداً عن الهويات التي تفرّق البشر فطرحت نصف ألبوم بعنوان Gender Game، وبعد ذلك أطلقت نصف الألبوم Identify Myself، ثم ألبومًا آخر بعنوان Rough Around the Edges، بالإضافة إلى عدد من الأغاني الفردية من بينها أغنية One Earth، وWeve Got Wings، وBlue، وHeartsick بمشاركة سعود، وRise، ومؤخراً أغنية Back to ضمن الألبوم الأول للمنتج الفرنسي الرائع ديوسكيوري.

لا تتبع تام تام طريقة واحدة في تأليف الأغاني، فأحيانًا تكتب بينما تعزف على البيانو وأحيانًا أخرى برفقة موسيقيين أو كتّاب أغان يعزفون على مختلف الآلات وأيضًا بإيقاعات يرسلها لها المنتجون. كما تكتب الأغاني أحيانًا دون أي آلات موسيقية، تستخدم فقط صوتها وكلماتها وأول لحن يخطر على بالها، وعن أسلوبها تشرح: «أهوى الكتابة بجميع هذه الطرق المختلفة لأنها تبيّن لي الإمكانات اللانهائية في كتابة الأغاني».

تقبل تام تام العاشقة لفيروز الرقيقة القوية التعاون مع غيرها من الكتّاب وأيضًا غناء الأغاني التي كتبوها إذا أحسّت بارتباطها بالأغنية ورسالتها. تشعر بذلك خاصة عندما تغني بالعربية لأنها لا تجيد الكتابة بالعربية مثلما الحال في الإنجليزية التي تعبّر بها بشكلٍ أفضل لا سيما وأنها تلقت تعليمها في الخارج. لذا تعشق غناء الكلمات العربية التي كتبها الآخرون وتأمل أن تتمكن يوماً من إتقان اللغة العربية رغم إيمانها بأن الموسيقى لغة عالمية تخاطب العالم كله أياً كانت اللغة المستخدمة للغناء.

المغنية السعودية الشابة تام تام على المسرح

تلهمني دومًا النساء السعوديات، ولا أقول ذلك فقط لأني سعودية

في رمضان من هذا العام، غنت تام تام لصالح مجموعة أبوظبي للفنون والثقافة قصيدتين روحانيتين شهيرتين من تلحينها لرابعة العدوية والحلاج. كان ذلك أحد التحديات الرائعة التي استمتعت بها فقد كان عليها تأليف مقطوعات موسيقية فريدة جدًا لشِعر عربي جميل، إلى جانب استخدام ألحانها الخاصة التي لا تطابق الألحان العربية، وعن هذه التجربة قالت: «علمني هذا العمل كثيرًا عن نفسي حتى على المستويين الشخصي والفني: أن أثق دائمًا بمشاعري الفطرية وأن أسعى وراء تحقيق رؤيتي حتى وإن بدت غريبة في بادئ الأمر. فالغرابة ليست شيئًا سيئًا على الدوام، ولكنه دائمًا ما يكون فريدًا. ولذا، فالأمر يستحق فعلاً أن نمضي فيه قدمًا».

تعيش تام تام في لوس أنجلوس حيث تشعر بالامتنان، وتعتبرها بحق وكأنها وطنها الثاني، وتقول: «في هذا المكان أدركت الكثير عن نفسي كفنانة وإنسانة»؛ عملت مع عدد كبير من المنتجين والشعراء الغنائيين ومدربي الأصوات؛ والتقت عديدًا من العاملين في الجانب التجاري للموسيقى. واكتشفت أن كثيرين يقولون ما لا يفعلون. بعبارة أخرى، توضّح «لأن لوس أنجلوس وجهة للترفيه، يتعيّن عليكِ استبعاد كثير من الناس وغربلتهم قبل أن تصل إلى أولئك الذين سيساعدونكِ حقًا، ليس فقط لأنهم يريدون مساعدة أنفسهم، بل لأنهم آمنوا بك». لم يقتصر الأمر على تعلّمها دروس لا حصر لها عن نفسها وعن طريقة التعامل مع رجال الأعمال في صناعة الترفيه فقط، وإنما اكتشفت أيضًا أن لوس أنجلوس ليس بها كل شيء، فهناك عالم كامل خارجها زاخر بالمبدعين الذين يقدمون أصواتًا فريدة لا تصدق. والسعودية بالتأكيد أحد هذه الأماكن، وتأمل أن تشجع المزيد من السعوديين أن يكونوا على سجيتهم وأن يدمجوا معتقداتهم وثقافتهم وطاقتهم في موسيقاهم. حين انتقلت للإقامة في لوس أنجلوس عام 2014 لمواصلة مسيرتها الموسيقية، لم يكن في السعودية صناعة للموسيقى. شعرت آنذاك بأن هذا هو الخيار الوحيد المتاح أمامها، أو على الأقل خيار ممتنة لأنها تمكنت من السير على دربه. كان من أهدافها دائمًا توسيع عقول الناس وفتح مداركهم: «بأن أُري العالم الغربي جانبًا مختلفًا عن السعودية لا يرونه عادة في الأخبار، وأن أري السعوديين جانبًا مختلفًا عن بلدهم؛ بلد حافل بالتنوع والشخصيات المتفردة القادرة على عمل أي شيء تضعه نصب عينها».

تعتقد تام تام أن القيود الوحيدة التي حطمتها هي تلك التي صنعتها في عقلها فقد قالت: «كم هو سهل أن تقنعي نفسكِ بأن ما تفعلينه ليس بصواب، أو أن تتأثري بآراء الناس، ولكن في حقيقة الأمر ليس من الخطأ أن تفعلي ما ترينه مناسبًا لكِ. تلهمني دومًا النساء السعوديات، ولا أقول ذلك فقط لأني سعودية. لقد عشت في الغرب لفترة طويلة، ومن الرائع جدًا أن أعود إلى السعودية وألتقي رائدات الأعمال الناجحات في أعمالهن ممن يمتلكن مساحاتهن الخاصة».

وتام تام السعودية اختبرت آراء مختلفة بشأن مسيرتها الفنية، فبين دعم السعوديين لها واعتزازهم بها كنموذج يحثّ الشباب على العمل في المجال الإبداعي ويغيّر بأغنية حياتهم، وبين التعليقات السلبية التي تتلقاها من بعض السعوديين الآخرين، وبين انبهار الأجانب بها كفتاة سعودية أثبتت أن مجتمعها منفتح وشغوف، وتؤكد تام تام أنها لا تسعى إلى إرضاء الجميع وتركز فقط على أن تكون على سجيتها وصادقة.

تام تام التي تقف بثقة على المسرح تنسى أنها امرأة مقيّدة بنظر البعض وهي اليوم ممتنة لما آلت إليه الأمور في المملكة العربية السعودية لا سيما في ما يتعلق بالنساء وتتأمل أن تتحسن الأمور أكثر فأكثر لتنال المرأة السعودية حقوقها كلها لا سيما في مجال العمل، فلا تجد فتاة سعودية في المستقبل نفسها أمام أي تعليقات سلبية كتلك التي سمعتها في بداياتها حين حاول كثيرون ثنيها عن احتراف الغناء.

المغنية السعودية الشابة تام تام على المسرح

واحترافها الغناء لم يكن ما عرضها لانتقادات فهي وُلِدُت بشعر مجعّد، ومرّت عليها أوقات كثيرة في حياتها كانت لا تعتز فيها بشعرها لأن كل مَن حولها كن يلجأن إلى فرد خصلات شعورهن المموّجة أو المجعّدة. «لم أقابل أبدًا أي امرأة بشعر مجعّد تحتوي هذا الشعر وتتقبله» وتضيف: «أود أن أكون نموذجًا للفتيات والنساء الأخريات ممن لديهن شعر كبير. وأقول لكلٍ منهن: أنتِ جميلة، احتفي بتفردكِ! تعني الموضة بالنسبة لي ارتداء ما يمنحكِ الثقة للتعبير عن ذاتكِ بصدق وبشكل لا يقبل الاعتذار».

وإلى جانب الغناء، تعمل تام تام مع مؤسسة «الفنار» التي تحظى بمكانة خاصة في نفسها، والذي تسعى لترك أثر مستدام وبعيد المدى على الأسر محدودة الدخل في العالم العربي عبر تقديم المساعدة لأنشطتها التجارية أو تقديم أفكار لمشروعات بحيث يمكنها تحقيق الاستقلال المادي. فعندما تتبرعون إليها بالأموال، تدركون أن أموالكم هكذا ليست مجرد حلاً قصير المدى للمحتاجين. إنها في حقيقة الأمر تساعد كثيرين على تأمين حياة مستدامة ومكتملة لأسرهم.

بعيداً عن مقارنة نفسها بالآخرين أياً كان تاريخهم وإنجازاتهم، تبذل تام تام قصارى جهدها وتتكل على الله لتتحرر من الخوف ولتستمتع بالتجارب التي توفرها لها الحياة ولتعمل بجدٍ لتقدّم أعمالاً هادفة تحقق نجاحاً كبيراً وتعود بالفائدة على المجتمع بنسائه ورجاله وهي حالياً تحلم بجولةٍ عالمية تعرّف من خلالها العالم أجمع على المرأة السعودية الناجحة.

تصوير  Designlesss

 تنسيق الأزياء  Rawan Kattoa

أقرئي أيضاً: يحتفي عدد يونيو 2021 من ڤوغ العربية بالمملكة العربية السعودية بغلافين تلتقي الموضة من خلالهما بالفن، ليمثلا معًا قمة التناغم والتعاون الإبداعي

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع