تابعوا ڤوغ العربية

نساء عربيات يحرصن على المحافظة على الهوية التراثية

نساء عربيات يحرصن على المحافظة على الهوية التراثية من خلال إظهارها بمشاريعهن الحديثة، وهذا التراث يعيد لأذهاننا مجد الأجداد فكيف يمكننا التخلّي عن تقاليدنا وعاداتنا وتاريخ من ناضلوا من قبلنا لعدم اندثاره؟

آمنة حمدتو

آمنة حمدتو

“التراث هو الجيل الحالي والسابق والمقبل، إنه مترسّخ في حياتنا اليومية، ومناسباتنا. إنه التاريخ، فكيف يندثر؟ لا يمكن أن يندثر إطلاقاً،” بهذه الكلمات المختصرة عبّرت الشابة السودانية المقيمة حالياً في دبي آمنة حمدتو عن تعريفها ونظرتها للتراث. وآمنة مدوّنة جمال وموضة وخبيرة مكياج معتمدة وتهوى تصميم الأزياء وتتميز بارتباطها الوثيق والمميز بتراث بلادها، تحمله معها أينما حلّت في شخصيتها ومظهرها ولكنتها وأسلوب حياتها.

دخلت آمنة عالم الأزياء في شهر رمضان من العام ٢٠١٨ وأطلقت علامتها الخاصة Amnaswardsrobe التي ضمت أزياء محتشمة تحمل لمسة تراثية سودانية واضحة، وقد أصدرت مؤخراً أول مجموعة خاصة بها، تضمنت ٤٥ قطعة للثوب السوداني وكلها كما جرت العادة مستوحاة من تراث بلدها العريق وأطلقت عليها اسممترّار”، وهي كلمة تعني باللهجة السودانية الآلة البسيطة التي تستخدم في غزل القطن على شكل خيوط.

مشوار آمنة مع الموضة والأزياء لم يكن وليد الصدفة، فهو شيء يمكن القول إنه وُلِد معها ورافقها في مختلف مراحل حياتها، وقد شرحت ذلك قائلةً: “لطالما كنت أصمم ملابسي، وكان هوسي بشراء الأقمشة ملفتاً. ولاحظت أن الناس في محيطي بدأوا يحذوا حذوي بخياطة ملابسهم بنفسهم بعد طلب استشارتي ورأيي والأخذ بذوقي. في البداية لم أكن مقتنعة تماماً بأن ما أقوم به يستحق الأضواء ويستحق مني جهداً لتقديمه للناس، إلا أن دعم الأهل والأصدقاء وتشجيعهم وضعني على أول الطريق، وها أنا الآن أصمم وأنشر الثقافة السودانية من خلال الأزياء”.

للنجاح في حياة آمنة قواعد لا يمكنها التخلّي عنها وأبرزها المواصلة والإصرار والاجتهاد ودائماً ما تذكّر نفسها أنّه عليها أن تنجز المزيد لكي تنجح أكثر. آمنة مرتبطة ارتباطاً وطيداً بتراثها وتعتقد أنّ جوانب حياتها كافة متأثرة به بدءاً من سلوكياتها ونظرتها إلى الحياة وصولاً إلى أزيائها، وعن هذا الارتباط تقول: “لا شعورياً اعتزازي بتراثي يحثّني على التمسك به”. تؤكد آمنة أنّ التراث أصبح جزءاً لا يتجزّأ من حياتنا اليومية وينتظره مستقبلاً واعداً لأنّ أفراد المجتمع اليوم باتوا أكثر فضولاً لسبر أغوار الماضي وللرجوع إلى جذورهم ومعرفة المزيد عن أصولهم.  وفي ظل التطور وهيمنة مواقع التواصل الاجتماعي التي تخلق في كل شخص روح المواكبة وتدفع بالتالي إلى إعادة إحياء التقاليد ودمجها في الموضة الحديثة، استطاعت آمنة ومن خلال حسابها الخاص على موقع انستقرام أن تعرّف متابعيها على ثقافتها السودانية وبدورها تتعرّف على ثقافات وحضارات جديدة فهي مثلاً تعشق الثقافة الخليجية بشكل عام والأزياء السعودية بشكل خاص.

يُعد التفرّد في إبراز ثقافتها ميزة إضافية لنجاح قصة آمنة. وآمنة تؤمن أنّ السوق يتّسع للجميع على الرغم من الاختلاف في الذوق والهدف، لذلك هي تنصح كل من يرغب في خوض مجال الأزياء والأعمال ومن يرغب بالتطور في هذا المجال أن يواكب بشكلٍ حثيث كل ما يحصل من حوله وكل اتجاه جديد وأن يعتمد على التسويق الذكي. وبتطبيق هذه القواعد إلى جانب الإيمان بعملها وموهبتها واجتهادها لتطوير نفسها يوماً بعد يوم وللتجديد من عملها ومثابرتها، تتمنى آمنة أن يتحقق حلمها وأن تصبح علامة الأزياء التي أنشأتها بمتناول كل امرأة وأن تتسع لتتمكن المرأة من العثور على كلّ ما قد يخطر على بالها.

جيسيكا سابا وندى عبد الخالق

جيسيكا وندى

أطلقت السيدتان اللبنانيتان جيسيكا سابا وندى عبد الخالق في مايو 2020 DSoap Atelier وهو مفهومٌ فريدٌ للهدايا المصنوعة من الصابون الطبيعي المحضر يدويًا. قررت جيسيكا إلى جانب كونها أماً أن تنطلق في رحلةٍ جديدة لتتعلم فن صناعة الصابون باستخدام أفضل المكونات والتقنيات لضمان تقديم منتجٍ متميز وفريد من نوعه. وما كان عمل جيسيكا لينال الانتشار لولا جهود ندى التي استغلت مهاراتها في دعم العلامات التجارية والتسويق لتطوير بُعدٍ جديدٍ لصنع الصابون وتقديم الهدايا معًا!

تحدثت ندى عن DSoap Atelier فقالت: “قصتنا ليست جديدة، إنها قديمة قدم جداتنا. نحن نستخدم فقط أنقى العناصر من الطبيعة الأم لابتكار مجموعة من الصابون المصنوع يدويًا. الصابون الذي نقدّمه ينظّف ويغذّي البشرة بطريقة صديقة للبيئة وللجسم”. وتابعت جيسيكا قائلة: “بدأ كل شيء في لبنان على طاولة جدّتي. علّمتني أن أَفْضل المنتجات عالية الجودة موجودة على عتبة بابنا ويستخدم فيها فقط زيت الزيتون النقي والمكونات الطبيعية من قرانا في شمال لبنان، والمعروفة بأشجار الزيتون الفريدة. بهذه الطريقة وبهذه المكونات، كانت جدّتي تصنع صابوناً غير معطر يتهافت الجيران عليه لشرائه”.

تعتمد DSoapAtelier على تراث البحر الأبيض المتوسط، ولتقديم المزيد من التفاصيل عن مفهوم هذا المنتج الجديد توسّعت جيسكا بالشرح وقالت: “في خلال نشأتي كنت استخدم الصابون البلدي الذي اعتادت جدّتي صنعه من زيت الزيتون. لا أذكر يوماً أننا ابتعنا صابوناً صناعياً من إحدى العلامات التجارية أياً كانت شهرته. حين انتقلت إلى الإمارات العربية المتحدة لم أغيّر عادتي فقد اعتدت إحضار كميات كبيرة لاستخدامها في المنزل،” وتابعت: “خطرت لي الفكرة في أواخر العام الماضي بعد أن أدركت أن سوق الصابون المصنوع يدويًا يعاني نقصاً. وجدت في إنتاج الصابون كهدايا فكرة مبتكرة. في مايو 2020، تركنا أنا وشريكتي ندى قطاع الشركات وأطلقنا DSoapAtelier لنقدّم من خلالها تقاليد عائلية بأسلوب حديث مبتكر”.

أولت جيسيكا وندى اهتماماً كبيراً للحفاظ على علاقتهما العميقة بالعائلة في الوطن وبالتقاليد العائلية بأدق تفاصيلها. كأي مغترب يعيش في الخارج، أصبحتا أكثر تعلقًا بثقافتهما وتراثهما. تعتقد جيسيكا أنّ الحفاظ على الثقافة والتراث أصبح في السنوات الأخيرة أكثر صعوبة وذلك بفعل العولمة التي وحدت العديد من العادات وألغت فكرة التفرد نوعاً ما من خلال ممارساتنا الثقافية ولغتنا وتقاليدنا، وقد استنكرت الشابة اللبنانية واقع الحال قائلة: “نستمع جميعًا بطريقة ما إلى الموسيقى ذاتها ونرتدي الملابس ذاتها ونتحدث اللغة ذاتها”. وتسارع في إبداء فرحتها مع ظهور اتجاهات وإن كانت قليلة تدعو إلى إعادة ترسيخ ممارسات ثقافية معينة من خلال قطاعات مختلفة، وقد قالت: “يعمل مصممون لبنانيون على إدخال تقنيات الخياطة القديمة. شهدنا عودة إلى الزراعة، وإعادة استعمال الوصفات القديمة في محاولة لإحياء الممارسات التي تتماشى مع مجتمعنا ونشأتنا”.  وختمت ندى المسؤولة عن تسويق العلامة قائلة: “وضعنا دراسة لتطوير العلامة التجارية وتوسيع نطاق انتشارنا إقليمياً من خلال الشراكة مع البائعين ومنصات التجارة الإلكترونية الرئيسية. نحن نتطلع إلى توسيع محفظتنا لتقديم المزيد من المنتجات الطبيعية المصنوعة يدويًا، كل ذلك بهدف الحفاظ على مصنوعات التجميل المنسية. إننا نسعى إلى الاستعانة بمصادر خارجية لمزيد من المكونات من القرويين في لبنان، في محاولتنا للمساهمة في رفاهية المجتمعات، والمساعدة في الحفاظ على التقاليد”.

بترا أورفلي

بترا أورفلي

تنتمي بترا أورفلي إلى عائلةٍ فنية ذات أصول تركية، وُلدت وترعرعت في عمّانالأردن، بدأت بدراسة برمجة حاسوب ثم انتقلت لاحقاً إلى إدارة الأعمال. شغفها بالأزياء دفعها للالتحاق بأكثر من ١٠ دورات متخصصة في تصميم الأزياء. اعتادت بترا أن تخيط حقائبها الشخصية وتصمم الأزياء للعبة االباربيب وهي ما زالت في العاشرة من عمرها، وقد رافقتها هذه العادة ونمت لتجعل منها صاحبة شركةأورفة للأزياء” وعلامةبترا أورفلي” التجارية التي رغم حداثتها وبساطتها، تحرص على تمييزها بالطابع العربي.

نظراً لحب بترا لعملها وللفن ولما تشهده من تطوير في حياة المرأة، أطلقت بترا منذ ٦ سنوات مبادرة لتدريب النساء الأقل حظاً شملت مجموعة من نساء المجتمع المحلي قدمت لهن فرصة مساعدتها في إنتاج القطع وتصديرها إلى الخارج حين ازداد الطلب على تصاميمها، وعن تمكين المرأة قالت بترا: “لم أتوقّع أنّ تمكين المرأة سيصبح هاجساً في حياتي، خاصة بعد أن انخرطت في مساعدة النساء لتطوير مهاراتهن ووضعهن في المكان الصحيح”.

تولي بترا المحافظة على التراث أهمية فائقة، وقد شرحت ذلك قائلةً: “التراث هو التاريخ وهو الماضي والحاضر والمستقبل”. في عملها تدمج التراث مع الحاضر إيماناً منها أنّه سيترسّخ في ذاكرتنا ويزيّن خزانة ملابسنا ويصبح جزءًا من شخصيتنا. برأيها أنّ غرزة خيط بسيطة تعطيك الإلهام لأنّ وراء كل شيء تكمن جذور متعلّقة بالماضي تروي قصصاً وعبراً لا تنتهي، وقد أسهبت بالحديث عن جذورها فقالت: “أعشق عمّان تحديداً والأردن عموماً فبلدي غني بالتاريخ وتتنوع فيها العناصر الغنية بالفنّ والعظمة”. إلا أن بترا تعترف أن الأمر لا يتعلق بمعرفة الجذور فحسب، إنما يتطلب قدرة على التعامل مع العناصر التي تعيش حولنا وعلى تقديم ما يعكس رؤيتنا للجمال بشكلٍ مستدام ينتقل من جيل إلى آخر.

لا توافق بترا القائلين بأن الثقافة في تدهور، فلكل مكان وزمان نقاط سيئة وأخرى جيدة، وقد قالت في هذا السياق: “الأمر يتعلق بنظرتنا الخاصة للأمور التي تحيط بنا وكيف نتعامل معها”. لذلك تعمل الشابة الأردنية على توثيق عناصر من ثقافتها بطابع حديث وقد أكدت: “أنا أفعل الصواب. أفعل ما يناسب عصرنا وحياتنا العملية”.  تنتج بترا قطع أزياء تحفظ أصولها وتاريخها بطريقةٍ فنية وبسيطة وواضحة، وقد قالت: “أنا أنت هو، هذا هو ما أسعى إليه وأريد أن أوصل رسالتي من خلال قطعي، فتصاميمي تعبّر عن شخصياتنا بحرية وبحب وبثقافة،” وأضافت: “تفرحني نظرة الإعجاب في عيون العميلات حين يرين الأزياء التي أطرحها. تنتابني سعادة لا توصف عندما تعبّر الزبونة عن الطاقة الإيجابية والثقة التي تعتريها عند تألّقها بقطع شبه نادرة، محتشمة وعربية من تصاميمي”. تعتقد بترا أنّ العمل الجاد والشغف يساعداها في الوصول إلى أهدافها ولا تعترف بوجود كلمة حظ في قاموسها، لذلك تنصح كل من يرغب بالعمل في مجال الأزياء أن يفكر بذكاء والتحلي بالأخلاق العالية وإطلاق العنان للإبداع، وقد قالت: “تذكّروا أن لكل شيء تأثيره وأنت كمصمم عليك أن تضع نصب عينيك أن لعلامتك التجارية أثر عليك وعلى بلدك وعلى ثقافتك”.

ريم الدوسري

ريم الدوسري

ريم الدوسري مصممة أزياء سعودية وصاحبة العلامة التجارية DESIGNS، بدأت بتصميم الأزياء كهواية وتدرّجت إلى أن أنشأت علامة تجارية وصلت إلى السيدات في مختلف أنحاء الوطن العربي. درست ريم الإدارة المالية والعلوم المصرفية وعملت في أحد المصارف لكنّها لم تجد شغفها وعن هذا تقول: “لم أجد شغفي الذي يتحدّى قدراتي ويشعل الإبداع في داخلي فقررت الاستقالة وبدأت رحلة جديدة في البحث عن ما يستهويني”. منذ انطلاقة علامتها التجارية كان هدفها الأساسي تصميم قطع تراثية بلمسة عصرية وعملية تناسب احتياجات المرأة اليومية، ورؤيتها تكمن في صناعة قطع حديثة مستدامة يمكن للمرأة أن ترتديها في عدّة مناسبات ولسنوات طويلة من دون أن تفقد رواجها وتبقى مواكبة للموضة.

بدأت ريم في التصميم منذ عمر مبكّر، والدتها كانت مصدر إلهامها حيث كانت تصمم الفساتين لبناتها في المناسبات وكانت في بعض الأحيان تشتري القطع وتدخل عليها بعض التعديلات وتضيف لمستها الخاصة. ورثت ريم هذا الذوق عن والدتها، فهذه الأخيرة كانت امرأة متميّزة بإطلالتها، ومن ذلك الوقت انجذبت ريم لعالم الأزياء. حبها للأزياء وللتميّز دفعها إلى تصميم ملابس كانت تجد صعوبة في العثور عليها في المحال التجارية. وقد نجحت في الارتقاء إلى مصاف أيقونات الأناقة في المناسبات بفضل تصاميمها. هذا النوع من التميّز جذب أعين النساء من حولها حيث أعجبت الكثيرات بتصاميمها وبدأ الأهل والأصدقاء بتشجيعها لإطلاق علامتها الخاصة. طرحت ريم أولى مجموعاتها الخاصة في العام ٢٠١٧ ضمّت ٣٥ قطعة فقط وكان من المفترض عرضها أمام الأهل والأصدقاء لمدّة يومين إلا أنّ القطع كلها بيعت في غضون ثلاث ساعات فقط. هذا النجاح الباهر دفعها لعرض تصاميمها أما العالم أجمع.

تحرص ريم على إظهار هويتها وتاريخها في تصاميمها لأنّ هذا ما يميّز قطعها، فتجديد التراث والحفاظ عليه ليس فقط مبتغاها شخصياً إنّما هو من أبرز أهداف المملكة العربية السعودية ومن أكثر القطاعات التي سلّط صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد الضوء عليها، وفي هذا الصدد تقول ريم: “اتباعاً لرؤية سموه، أنا وكثير من المصممات السعوديات عززنا التراث والثقافة في تصاميمنا وفي حياتنا اليومية إن كان في المناسبات الاجتماعية أو حتى المحافل الدولية،” وأضافت: “أبهرتني رؤية سمو الأمير، لذلك أود أن أجول في مختلف أنحاء المملكة وتصميم قطعٍ تتناسب وتراث كلّ منطقة”.

ريم من أصول بدوية فالتراث البدوي الأصيل أكثر ما يجذب اهتمامها ومصدر إلهامها في المجموعة البدوية التي طرحتها وجاء تركيزها في استخدام قماش السدو ودمجه بتصميم عصري يواكب الموضة دون أن يفقد هويته. تعتقد ريم أنّ الموضة لا تخدم التراث ولكنّها لا تدمّرها، بل قد تكون فرصة لتسليط الضوء على التراث حيث يصل إلى شريحة أكبر ليس لها أي خلفية ثقافية ويستلهم منها الكثير وتفتح الباب لصيحة جديدة. ريم التي يبدو تعلقها بتراث بلادها وفخرها به واضحاً كالشمس نصحت كل من يتابعها قائلةً: “افتخر بهويتك وأوصلها للعالم وعبّر عن قصتك بتصاميمك”.

أقرئي أيضاً: قصة نجاح بطلتي السباحة يسرى وسارة مارديني قريباً على نتفليكس

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع