تابعوا ڤوغ العربية

سعادة هدى الخميس كانو تتحدث حول الاحتفاء بالفنون

سعادة هدى الخميس كانو بعدسة جوناثان غلين-سميث لصالح ڤوغ العربية

المقال بقلم دانا لورش ومنشور على صفحات عدد أكتوبر 2017 من ڤوغ العربية.

في نهاية يوم أربعاءٍ تميّز بجدول أعمال حافل بالنشاطات في خضم أسبوع الفن في برلين، وصلت سعادة هدى الخميس كانو بحفاوة لإجراء الحوار معنا، وقد شكّلت ضوضاء الخلفية -التي أحدثها اختلاط وكلاء البيع مع الفنانين وجامعي القطع الفنية النادرة وتجاذبهم أطراف الحديث أثناء تناول قهوة الإسبريسو في ردهة فندق مكتظة- الخلفيةَ المناسبة جداً لحوارنا هذا.

تقول سعادتها بألفة لم أتوقعها قبل أن أتمكن حتى من طرح سؤالي الأول: ’’هناك أمرٌ يجب أن أخبركِ به؛ في مجال الفنون علينا أن نكون حاضرين على الخريطة الدولية. أنا أحاول الاستثمار في هذا الحضور وتعزيزه. في العالم العربي، نحن نتحدث إلى بعضنا البعض، ونشارك أفكارنا معاً. ولكننا في حاجة لأن نتحدث إلى باقي مناطق العالم بشكل أكبر‘‘، قالت ذلك بصوتها الرقيق، إلا أن رسالتها قوية تماماً مثل سترات شانيل الكلاسيكية التي تزرِّرها مثل بزة رسمية في معظم الأوقات.

وبوصفها راعيةً بارزة للفنون في الإمارات العربية المتحدة، فإن جهود الخميس كانو -مؤسِّسة مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون (اختصاراً ADMAF)- التي بذلتها خلال العشرين عاماً الماضية قد أسفرت عن رعاية المجموعة للمِنَح التعليمية المقدمة للفنانين والبرامج الثقافية للطلاب، مع رعاية مجتمع عابر للأجيال من الفنانين البصريين والكتّاب والموسيقيين والمصممين، بل وإضفاء الشرعية على هذا المجتمع كذلك.

ويقدم مهرجان أبوظبي السنوي -الذي تشير إليه الخميس كانو على سبيل الدعابة بأنه ’’طفلها الرابع‘‘، بعد أبنائها الثلاثة اليافعين، والذي تشرف عليه بوصفها المديرة الفنية- عروضاً من بعضٍ من أفضل موسيقييّ العالم أمام جمهور الإمارات العربية المتحدة في كلِّ عام. وقد قدمت الدورات السابقة من المهرجان حفلات للموسيقار وينتون مارساليس، وأوركسترا لندن السيمفوني، وفرقة طريق الحرير التي أسّسها الفنان يويو ما، إلى جانب حفلات للفنانين العرب المخضرمين أمثال المطرب السعودي المعروف محمد عبده الذي أسر بصوته المذهل ألباب الجمهور الكبير في فندق قصر الإمارات العام الفائت. تقول سعادتها موضِّحةً: ’’بدأ مهرجان أبوظبي بحلم؛ وهو حلم جلب أفضل ثقافة من الخارج وعرض أفضل ما لدينا نحن بالمقابل‘‘.    

عرض باليه مارينسكي خلال مهرجان أبوظبي عام 2013

وفي وقتٍ يحتاج فيه العالم العربي بشدة إلى الجهود الإنسانية، لماذا تهتم الخميس كانو إلى هذه الدرجة بدعم الفنون ودفعها إلى الأمام؟ تجيب بإيمانٍ راسخ: ’’أعتقد أن الحضارات العظيمة تبنى على أساسات قوية، وأحد هذه الأساسات يتمثّل في الثقافة، وجوهر الثقافة هو الفنون والفنانون، دون ذلك نحن لا نملك أي شيء. يمكنكِ القول إنني ولدت مع هذه القناعة لأنها كانت في قلبي منذ وقتٍ طويلٍ جداً‘‘.

ولدت المرأة التي تصف نفسها بأنها ’’ابنة الشرق والغرب‘‘ في لبنان لأم سورية وأب سعودي وتحمل الجنسية الإماراتية. وقد ردَّد منزل طفولتها في بيروت أصداء أنغام الموسيقى الكلاسيكية، في حين استضافت غرفة المجلس نقاشات تنبض بالحيوية. تقول الخميس كانو مستذكرةً: ’’كنا غارقين في الأدب‘‘، وتضيف: ’’أبي كان رجل أعمال ولكنه كان يكتب قصائد نبطية (قصائد بدوية أو منظومة بلهجات أهل الجزيرة العربية وما جاورها). إنَّ جمال الروح المبدعة يمكن أن يُلمس في كلِّ مكان، حتى في طريقة ترتيب أمي للأزهار في المزهريات أو رائحة الطعام في الأطباق‘‘.  

وبالرغم من أنه لم يكن أمراً سهلاً أن تعيش فتاة عربية عزباء في الخارج، فقد درسَت الخميس كانو الأدبَ الفرنسي وتاريخ الفن في الجامعة الأمريكية في باريس، حيث سكنت مع أختها وزوجها، سفير الإمارات في فرنسا. وفي عام 1991، استقرت في أبوظبي، حيث تزوجت محمد عبد اللطيف كانو، وهو رجل أعمال بارز وفنان تشكيلي من البحرين. وفي أحد الأيام كانت العائلة في طريقها إلى حضور حفل موسيقي عندما قابلت الخميس كانو شاباً إماراتياً يقف خارج المدخل، سألته لما لم يدخل لسماع الموسيقى فأجابها بتحسر أن العرض كان للمدعوين فقط ولم يُسمح له بالدخول.

وبعد أن أدخلت الموسيقي الطامح ذاك معها إلى الحفل بصفته ضيفها الشخصي، وُلِدَت فكرة تأسيس منظمة تقيم فعاليات ثقافية يحتاجها المجتمع بشدة وتقدم فرصاً تعليمية متاحة للجميع. وفي عام 1996 أسسّت عائلة كانو مجموعةَ أبوظبي للثقافة والفنون كجهد نابع من الحب. تقول الخميس كانو موضحةً: ’’قدمت أنا وزوجي محمد التمويل الأساسي للمجموعة، وعندما بدأت بتطبيق الفكرة لم أكن على يقين من أنها ستنجح أو كيف سينظر إليها الناس، ولكنها كبرت مثل كرة ثلجٍ متدحرجة‘‘. يبدو أن جميع أفكارها تفعل المثل. اليوم تصل المجموعة إلى قرابة 40 ألف شخص سنوياً ولديها العديد من الشركاء المموِّلين.     

منحوتة لإيمان الهاشمي باسم ’أراوند‘ التي عرضتها مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون خلال أسبوع الفن في برلين. بإذن من إيمان الهاشمي

وكجزء من فعاليات أسبوع الفن في برلين، افتتحت مجموعةُ أبوظبي للثقافة والفنون ’لوحة أمة‘ في متحف ’مي كوليكتورز روم‘ في بلدة ميتا برلين خلال شهر سبتمبر. وداخل واحدة من سبع صالات عرض، تلقي منحوتة إيمان الهاشمي الصناعية والتي تدعى ’أراوند‘ ظلالاً حادة مستوحاة من الأنماط الهندسية الإسلامية، في حين تجبر طبعة زينب الهاشمي المتلونة والمعدلة رقمياً للإمارات عبر القمر الصناعي الزوارَ على التشكيك بطريقة رؤيتهم لبلدٍ يبرهن على أنه أكثر من مجرد رمالٍ ومراكز تسوُّق.

يقدم المعرض، الذي يفتح أبوابه لغاية 29 أكتوبر والذي افتُتِح للمرة الأولى في قصر الإمارات العام الفائت، أعمالاً تشكِّل حجر زاوية -وفي بعض الأحيان تتصف بأنها مستفزة بطريقة مفاجئة- من إبداع 51 فناناً إماراتياً معاصراً، من روّاد عام 1980 الذين علّموا أنفسهم بأنفسهم إلى حدٍّ كبير (بمن فيهم الراحل حسن شريف) إلى جانب المواهب الصاعدة من أمثال عفراء بن ظاهر.  

تقول الخميس كانو مقرَّةً: ’’كنت متوترة جداً قبل الافتتاح، لقد كان هذا أول ظهور لنا خلال أسبوع فنونٍ أوروبي. أعلم جيداً قدرات الأعمال الفنية، وكنت واثقة بقوتها، لكنني لم أكن أعرف كيف ستكون ردة فعل الناس تجاهها‘‘. على أية حال، في أسبوعٍ يُعرَف باكتشافه الأسماء الصاعدة التي تكسر ما هو متعارفٌ عليه وترويجه لمساحاتٍ جديدة، فإنَّ فنانيّ مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون حجزوا مكانتهم الخاصة تماماً كما فعلت مشرفتهم.

عدد أكتوبر متوافر الآن. تفضلي بتسجيل اشتراكِ بالمجلة هنا.

الحركة الأولى.. مجموعة فنّية واعدة تنطلق من السعوديّة.

 

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع