الفنان ولفغانغ تيلمانز. بإذن من مورين بالي
قام المصوِّر ولفغانغ تيلمانز الحائز على جائزة تيرنر بقصّ شريط افتتاح معرضٍ جديدٍ له بمتحف تيت مودرن في لندن تحت عنوان “ولفغانغ تيلمانز: 2017″، والذي يعرض مئات الصور التي التقطها هذا المبدع، بما فيها صور فوتوغرافية من رحلته إلى جدة. ويستكشف عبد الله التركي، المساهم في القسم الفني لڤوغ العربية، جانباً من مسيرة الفنان صاحب المعرض الذي يتصدّر العناوين على الساحة العالمية بقوة.
ولِدَ ولفغانغ تيلمانز وترعرع في رمشايد بألمانيا، وارتبط بالفنِّ منذ نعومة أظفاره، فقد جعلته زيارة المتاحف في دوسلدورف وكولونيا يتعرَّف على مهارات التصوير لكلٍّ من جيرارد ريختر، وسيغمار بولك، وروبرت روشنبرغ، وآندي وارهول. وبعدما كبر، كانت جميع الفنون التي تأثَّر تيلمانز بها تقوم على استعمال العدسات، وعندما أنهى دراسته الثانوية قرَّر أن يقوم بخدمات مجتمعية لمدة عامين بدلاً من الانضمام إلى الجيش. وقد عمل في البداية لصالح مزوّد خدمات صحية اجتماعية متنقل، مساعداً الممرضات على العناية بالمرضى من كبار السن وذوي الإعاقات، وبعد ذلك تمَّ نقله ليتولّى مهام تشغيل مركز خطوط الهاتف في جمعية خيرية بهامبورغ. وقد بدأ إنتاجه الفنيّ في أواخر الثمانينيات.
صوره الأولى قُصَّت من الجرائد وتمَّ تكبيرها بمقدار 400% على ناسخة رقمية.
جذبت صور تيلمانز الفوتوغرافية التي توثِّق الحياة اليومية والثقافة المعاصرة الاهتمامَ وأدَّت في نهاية المطاف إلى شهرته، فقد كانت موهبته جليةً منذ البداية وأصبح اهتمامه الشديد برواية القصص واضحاً من خلال أعماله. وفي السنوات التي تلت، استكشف تيلمانز أنواعاً مختلفة من وسائل الإعلام حيث بدأ يعمل بأسلوب منظّم يجمع بين حقول المعرفة المختلفة بشكل أكبر. وفي عام 2000، أصبح تيلمانز أول مصوّر فوتوغرافي وأول فنان “غير بريطاني” يحصل على جائزة تيرنر.
ودائماً ما ربطت تيلمانز علاقة قوية بالمملكة المتحدة، فقد زارها لأول مرة في عام 1983 ضمن نشاطات التبادل ثقافي للطلّاب، واستمدَّ الإلهام من ثقافة الشباب البريطاني، والموضة المحلية، ومجلات الموسيقى. واعتُبِر تيلمانز “الموثِّق” لأبناء جيله، وخصوصاً لمشهد نوادي لندن.
صورة شاب بعدسة ولفغانغ تيلمانز، جدة 2012. بإذن من مورين بالي
ويعود الفنان إلى لندن بمعرض منفرد في متحف تيت مودرن تحت عنوان: “ولفغانغ تيلمانز: 2017″، والذي يشارك في رعايته كلٌّ من: كريس ديركون مدير مسرح فولكسبونه في برلين، وهيلين سانسبيري مديرة متحف تيت مودرن لبرنامج ريلايزيشن، وإيما لويس راعية الفنون المساعدة بمتحف تيت مودرن. ويجمع المعرض، الذي يركِّز على أعمال الفنان منذ عام 2003، مجموعة متنوعة من الإنتاجات الفنية تتضمن: فنَّ التصوير الفوتوغرافي، والتصوير بالفيديو، وعروض شرائح رقمية، ومنشورات، ومشاريع مسؤولة، وموسيقى مسجَّلة. كما يلقي المعرض الضوء على اهتمامات تيلمانز باللوحات الفنية التجريدية التي تظهر في أعماله، والتي توسِّع آفاق الإبداع الفوتوغرافي. ويحصل الزوَّار أيضاً على فرصة رؤية بعضٍ من الصور التي التقطتها عدسة الفنان خلال رحلته إلى المملكة العربية السعودية عام 2012. وقد كان لي شرف المشاركة في هذه الرحلة مرافقاً تيلمانز وكريس ديركون (الذي كان مدير متحف تيت مودرن آنذاك) في ترحالهما.
وقد تصادفت زيارة تيلمانز إلى المملكة العربية السعودية مع مشروع بحثي كان يعمل عليه، ويدعى “Neue Welt” أي “عالم جديد”، والذي كان من المقرَّر أن يُعرض في مدينة زيورخ لاحقاً في ذاك العام. وقمنا بزيارة جدة، حيث جال تيلمانز بالمدينة بمفرده؛ مستكشفاً البلدة القديمة، وشرب الشاي مع عائلات لا تتحدث الإنجليزية على الشاطئ، وزار استديوهات فنانين ومنازل عدد من هواة الجمع. وبعدها اتجهنا جميعنا بالطائرة إلى مدائن صالح، أول موقع سعودي تصنِّفه منظمة اليونسيكو على لائحة مواقع التراث العالمي. ويمكن رؤية بعض من الصور التي التقطها تيلمانز هناك ضمن معرض تيت مودرن.
صورة شاب بعدسة ولفغانغ تيلمانز، جدة 2012. بإذن من مورين بالي
وإذ يستذكر زيارته إلى المملكة العربية السعودية عام 2012، يقول ولفغانغ أنه يشعر الآن بأنه شخص محظوظ لتمكُّنه من استكشاف المملكة العربية السعودية وشعبها “بطريقة مختلفة”. ويوضّح كريس ديركون قائلاً: “نظر ولفغانغ للأشياء بطريقة مختلفة جداً عما فعلنا نحن: لقد كان مستغرقاً جداً في مشروعه ‘Neue Welt’، والصور التي التقطها في جدة أصبحت جزءاً من ذلك المشروع”. ويتابع ديركون قائلاً: “منذ 2009، بدأ تيلمانز السفر إلى أماكن عديدة حول العالم. وكان مشروع ‘Neue Welt’ حقاً بمثابة إعادة نظر شاملة في كيفية التقاطه الصور والأشياء التي يقوم بتصويرها. فالمشروع تمحور حول أوسع انفتاح ممكن، والتخلّي عن العقلية المنغلقة. كما تصادف مشروع ‘Neue Welt’ أيضاً مع عمله بكاميرا رقمية؛ لقد كان يتعلم لغة فن التصوير الفوتوغرافي مرةً أخرى”.
ونال ولفغانغ تيلمانز التقدير كواحد من أكثر الفنانين إثارةً وابتكاراً ممن لا يزالون يعملون إلى اليوم. فقد فتحت معارضه أبوابها لاستقبال الزوّار في جميع أنحاء العالم، ويتم حفظ أعماله في المتاحف الدولية الرئيسية ومن ضمنها: متحف آرت انستيتيوت في مدينة شيغاغو، ومكتبة مركز جورج بومبيدو في باريس، ومتحف المتروبوليتان للفنون في نيويورك. أما معرضه الجديد، تيت مودرن، فيفتح أبوابه حتى الحادي عشر من يونيو 2017.
معرض “ولفغانغ تيلمانز: 2017″ في متحف تيت مودرن، بانك سايد، لندن، SE1 9TG، بدءاً من 15 فبراير إلى 11 يونيو 2017. تبلغ قيمة التذكرة الواحدة 55 درهم إمارتي/ريال سعودي.
