تابعوا ڤوغ العربية

حكاية مخمليّة ترويها إطلالتك هذا الموسم

هورست بي هورست لڤوغ الأمريكيّة نوفمبر 1965.

تستعيد ڤوغ العربيّة صيحات الأزياء التي نشرت على صفحات أعدادها المطبوعة خلال عام 2017، وقد أصبحنا على مشارف العام الجديد. اقرؤوا تاريخ المخمل وأسرار قدومه إلى الأراضي العربيّة في هذا المقال الدي نشر على صفحات عدد شهر نوفمبر. 

يرتبط المخمل بذاكرتنا بفساتين ارتديناها خلال الطفولة في الأعياد والمناسبات الاحتفالية وبعلب الجواهر في غرف أمهاتنا. وقد رافق هذا القماش الدافئ الملمس، والذي يعكس وبره الضوء ويظهر اللون في كامل تألّقه، فكرة الفخامة منذ مئات الأعوام. كان المخمل في الماضي يحاك على نول خاص، وتطلّب إنتاجه عملية معقّدة تقوم على نسج سماكتين للقماش في آن واحد، وترفع كلفة الحصول عليه، وذلك قبل الثورة الصناعية وانتشار الماكينات والآلات والمعامل. بسبب هذه الكلفة المرتفعة اعتبر المخمل قماش الأثرياء والنبلاء، حتى أن هؤلاء حملوا صفته، صفة المخمل، في عبارة “الطبقة المخملية” التي ما زلنا نستعملها في كتاباتنا وأحاديثنا. لقد ارتدى المخمل في أوروبا الملوك والأمراء ورجال الدين، كما ظهر في لوحات عصر النهضة بألوان مذهلة. وقد يكون الشرق الأقصى مصدر المخمل قديماً، لكن ظهوره قبل الانتشار سُجّل في بغداد في بلاط الخليفة هارون الرشيد بعدما أتى به تجار كشميريون إلى المدينة المزدهرة، عاصمة الثقافة والأناقة آنذاك. عبر المخمل من خلال العرب طريقَ الحرير من الشرق الأقصى إلى أوروبا. ثم نقل الموسيقي والشاعر والمعلّم زرياب إلى الأندلس فخامة القصور في بغداد وعلّم أهلها ارتداء الأقمشة والأزياء بحسب الفصول وعرّفهم إلى المخمل. وفي عهد المماليك كانت القاهرة أكبر مصنّع للمخمل الذي كان يصدّر في معظمه إلى البندقية قبل انتشاره في أوروبا. وفي ظلّ حكم عائلة ميديتشي الإيطالية الشهيرة انتشرت صناعة المخمل في فلورنسا التي حكموها وفي جنوى وصقلية ولوكا. وكان المخمل الإيطالي الأكثر شهرة وجودة، ثم عُرف بصناعته الفلاميون في بروج تحديداً خلال القرن السادس عشر. كانت النهضة العصر الذهبي لإنتاج المخمل الذي دلّ استخدامه في الأزياء والأثاث على الثراء والقوة والترف.

حقيبة “ميني جي جي” من غوتشي. تصوير ريتا تيساندوري، تنسيق الديكور لورين هاسلام، تنسيق الإكسسوارات كلير كاروثيرس.

وبرغم انخفاض كلفة إنتاجه بعد التطور الصناعي، لكن فكرة الفخامة لم تنفصل عن هذا القماش، وبقيت ترافقه وصولاً إلى القرن العشرين الذي شهد ثورة في أزياء النساء في شكل خاص. وقد راج المخمل خلال العشرينيات، عقد الجاز وسنوات “الآر ديكو” الذهبية، فظهرت فساتين السهرة المخملية المنسابة التي سمحت للنساء بالحركة وعكست تغييراً اجتماعياً فرضته أدوارهن خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها. صمّمت جان لانفان على سبيل المثال فستانها “روب دو ستيل”، وكان من المخمل والحرير، وغالباً ملوّناً بذلك الأزرق المعروف بأزرق لانفان. كما صنعت القبعات من المخمل الممزوج أحياناً بالساتان والحرير. ولعلّ أجمل قبعات غبريال شانيل التي قدّمتها للمجتمع الباريسي في نهاية العقد الأول من القرن العشرين وجذبت الأنظار إليها قد صنعت من المخمل الأسود. من العشرينيات إلى السبعينيات فرض المخمل نفسه مجدداً مع سيطرة الروح البوهيمية على الأزياء. ثم في الثمانينيات انتشرت أزياء الرياضة المخملية وفساتين السهرات القصيرة المصنوعة من المخمل والأقمشة البراقة لتلائم حفلات الديسكو. أما التسعينيات فشهدت رواج السترات والبدلات المخملية.

حقيبة من إم تو ماليتير لدى هارفي نيكلز وأخرى لدى موقع أناس. تصوير ريتا تيساندوري، تنسيق الديكور لورين هاسلام، تنسيق الإكسسوارات كلير كاروثيرس.

يصنع المخمل من الحرير الأصلي أو الاصطناعي ومن الكتان والقطن والصوف. وقلّما يستخدم الحرير الأصلي الآن في صناعته، وهو يلائم، إلى جانب الحرير الاصطناعي، الفساتين المنسابة. كما يتشرّب المخمل الألوان العميقة ويبرز روعتها، فيبدو الأحمر الأدكن شديد الجاذبية، والكحلي والبنفسجي ملكيين، والأخضر ساحراً. وتظهر الألوان القاتمة في شكل عام ثراء وبره.

لا غنى عن المخمل للمسة درامية تمنحها الأكسسوارات من أحذية وحقائب وأحزمة. وقد يتردّد البعض في ارتداء طلّة مخملية كاملة خلال النهار، لكن البدلات العملية تميّزها لمسة الاختلاف إذا كانت من المخمل. أما الفساتين المخملية فما عادت حكراً بالمناسبات الليلية كما رأينا في عروض أزياء خريف وشتاء 2017 وفي عروض الرحلات ريزورت 2018 من برادا وغوتشي على سبيل المثال، وكما أثبتت عاشقات الأناقة خلال تنقلّهن بين عروض أسابيع الموضة في عواصم الأناقة الشهيرة من لندن إلى ميلانو إلى باريس. لا تخافي من فخامة المخمل، فهي إذا اجتمعت بالبساطة الأنيقة في معطف طويل أو سترة قصيرة ترسم طلّة مختلفة. أما لمسته الدرامية في قطع فريدة، فلا ترتبط بالمواسم والمناسبات، بالليل أو بالنهار، بل بالأسلوب المميز.

جزمة قصيرة من جيانفينو روسي لدى، عقد ضيّق لدى بين أمون، لدى هارفي نيكلز. تصوير ريتا تيساندوري، تنسيق الديكور لورين هاسلام، تنسيق الإكسسوارات كلير كاروثيرس.

نشر هذا المقال للمرّة الأولى داخل عدد شهر نوفمبر من ڤوغ العربيّة

تسوّقي أجمل الأحذية المخمليّة من معرض الصور أدناه: 

ريهانا تؤدي التحيّة للملكة نفرتيتي على غلاف ڤوغ العربيّة

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع