تابعوا ڤوغ العربية

حليمة آدن تفتح قلبها وتروي أسباب ’’قرارها الخاص جداً‘‘ بارتداء الحجاب

حليمة آدن ترتدي عباية وحجاباً من إتانغ يوناسز؛ وتتزين بحُليّ من ماناكوين صُممت لإيتانغ يوناسز. بعدسة سيباستيان كيم. الصورة بإذن من متحف دي يونغ

يُعتبر ارتداء الحجاب قراراً شخصياً للغاية بالنسبة للنساء المسلمات، وهن يتخذنه بناء على أسباب عديدة. وتؤكد حليمة آدن، أول عارضة أزياء محجبة تظهر على منصات عروض الأزياء العالمية، على هذا الأمر في حوارها مع ar.vogue.me بمناسبة قرب افتتاح قسم الأزياء الإسلامية المعاصرة بمتحف دي يونغ بقولها: “إنه قرار تتخذه كل امرأة بمفردها ولكن من المهم أيضاً أن تدركي سبب اختياركِ لهذا القرار”. وتضيف النجمة أن أسباب ارتدائها الحجاب ليست بالضرورة نفس أسباب أي امرأة أخرى: “هن جميعاً لديهن أسباب خاصة لارتدائه”.

وقد بدأت العارضةُ الأمريكية ذات الأصول الصومالية والتي ولدت في مخيم للاجئين في كينيا ارتداءَ الحجاب عام 2005، حين هاجرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع والدتها وشقيقها. وما السبب؟ شاهدتْ والدتها ترتديه، و”أردتُ أن أكون مثلها تماماً”. وتقول العارضة التي أدرجت الحجاب ضمن شروط عقدها للعمل كعارضة أزياء حتى تضمن ألا تتعرض لضغط للتخلي عنه: “لقد ارتديته وأنا صغيرة، ولكن ثمة سيدات انتظرن حتى سن الستين أو السبعين ليضعنه”.

ولكن العارضة البالغة من العمر 21 عاماً تحرص دائماً، عندما يسألها أحدهم عن سبب ارتدائها الحجاب، على ذكر حقيقة أن ذلك يعود إلى تفسيرها الخاص لما يعنيه الحجاب. فكلمة “حجاب” في اللغة العربية تترجم حرفياً بمعنى “غطاء” أو “ساتر”. ومن الناحية العملية، يمثل الحجاب تطبيقاً لمبدأ الاحتشام – وهو أسلوب عالمي لاختيار الأزياء يتناسب مع شخصية كل امرأة وذوقها الخاص.

“المثير في هذا الأمر، أن الإسلام دين عالمي، لذا فإن المسلمين يتسمون بالتنوع ويأتون من شتى البلدان وينتمون إلى مختلف الجنسيات والأعراق والثقافات. وإذا ما ألقيتِ نظرة على مختلف الدول، سترين أن كل امرأة ترتدي الحجاب بأسلوب متباين”، وهي هنا توضح رأيها مستعينةً بالتناقض بينها وبين جيل والدتها كمثال للتدليل على وجهة نظرها. “على سبيل المثال، والدتي ترتدي الجلباب، وهو زيّ أطول من الحجاب ينسدل حتى أسفل ركبتيكِ. فيما ترتدي عمتي البرقع، الذي يخفي كل شيء عدا عينيها. ثم لديكِ أنا كمثال؛ وبنات عماتي، والنساء الأصغر عمراً في عائلتي اللواتي يرتدين غطاءً للرأس وتوربانات. كما أن لدينا بعض القريبات اللواتي لا يرتدين الحجاب، وهو أمر لا بأس به تماماً. وأرى أن ذلك من أسباب جمال الحجاب. فأنتِ لا تقررين كيف وأين ومتى ترتدينه فحسب، بل وتقررين أيضاً أسلوبه، لأن هناك الكثير”.

حليمة آدن خلال عرض الموسم الخامس من علامة ييزي لخريف 2017. Indigital.tv

وكانت حليمة، التي نجحت في تحطيم الحواجز بين الثقافات، قد تصدرت عناوين الأخبار لأول مرة عندما شاركت في منافسات مسابقة ملكة جمال الولايات المتحدة الأمريكية مرتديةً الحجاب والبوركيني (وهي واقعة لم تحدث من قبل) قبل أن توقع عقداً مع الوكالة الشهيرة للعارضات آي إم جي موديلز. ورغم أن والدتها وعماتها عارضن عملها كعارضة (لأن مسابقات الجمال وعروض الأزياء ليست من تقاليد ثقافتها، رغم أن هنالك عارضات شهيرات ينحدرن أيضاً من أصول صومالية مثل إيمان، وياسمين أرسام، وواريس ديري)، شاركت آدن للمرة الأولى في عروض الأزياء خلال أسبوع الموضة في نيويورك، وظهرت مرتديةً معطفاً طويلاً يلامس الأرض من الفراء أثناء تقديم الموسم الخامس من علامة ييزي، قبل أن تتهادى على منصات علامتيّ ماكس مارا، وألبيرتا فيريتي في ميلانو.

ولم تكن عائلتها العقبة الوحيدة في مسيرتها للعمل كعارضة. وتذكر إحساسها آنذاك: “كان الأمر مخيفاً وقد تلقيت بالتأكيد بعض ردود الأفعال القاسية قليلاً من المجتمعين المسلم والأمريكي على السواء”. ولكنها ترى أن مجتمع المسلمين الأمريكيين أخذ بعدها يرحب بهذه الفكرة. “بعد سنة واحدة فقط كان هنالك سبع فتيات صوماليات يتنافسن في مسابقة ملكة جمال مينيسوتا. وقد انتابتني مشاعر غامرة عندما رأيت كيف تَقبّل المجتمع هذا الأمر ودعمه. ولقد رأيت آباء يجلسون بفخر بين الحضور، ورغم أن ذلك لا ينتمي بالضرورة إلى ثقافتنا ولكني لم أخف من أن أكون الأولى، لذا أتيحت لهؤلاء النساء الفرصة الآن للمشاركة فيه”.

ولم يكن مجتمع الأمريكيين من ذوي الأصول الصومالية هو الوحيد الذي تقبّل فكرة عمل المحجبات كعارضات أزياء. في الواقع، سعى عدد من العلامات الكبرى سعياً حثيثاً نحو تطبيق مبدأ الشمولية والتنوع سواء على منصات عروضها أو في حملاتها الدعائية، بما في ذلك علامة غاب التي استعانت مؤخراً بعارضة محجبة في إعلانها الذي ركز على الأطفال وروجت له باسم “غاب تعود إلى المدرسة”. وفي هذه الآونة، طور وكلاءُ المصممين والمسؤولون عن اختيار العارضات مساعيهم ليكونوا أكثر شموليةً على منصات العروض العالمية. وظهر هذا جلياً خلال شهر الموضة لخريف 2018 الذي كان أكثر تنوعاً من الناحية العرقية، حيث برز عدد من العارضات المحجبات كان من بينهن أمينة آدن، وخديجة دياوارا، وإكرام عبدي عمر. وعلاوة على ذلك، هيمن غطاء الرأس على العروض الأخيرة، فظهر مشدوداً بإحكام بأسلوب يشبه الحجاب خلال عرض مارك جيكوبس، ومربوطاً حول الرؤوس بطريقة مستوحاة من البابوشكا (حجاب ترتديه النساء الروسيات المسنات) في عرض غوتشي، كما ظهرت أوشحة سوداء تم تنسيقها مع قبعات الكاب التي يطلق عليها اسم بيكر بوي وذلك في عرض ديور.

حليمة آدن ترتدي فستاناً، ووشاحاً، مع توربان من مجموعة رشيد بازبالاه لموقع مودانيسا. بعدسة سيباستيان كيم. الصورة بإذن من متحف دي يونغ

وبعيداً عن منصات العروض، تسعى معارض كبرى لإلقاء الضوء على الأزياء الإسلامية. ومن المقرر أن يقيم متحف دي يونغ بسان فرانسيسكو معرضاً ضخماً خلال خريف 2018 يستكشف “الطبيعة المعقدة والمتنوعة للأزياء الإسلامية وقواعد الزي المحافظ في الوقت الراهن”. وسيتيح المعرض الذي يحمل شعار “الأزياء الإسلامية المعاصرة” ويستمر على مدار ستة أشهر، لرواده إلقاء نظرة على الملابس والأذواق من شتى أنحاء العالم، بما في ذلك نماذج للحجاب من منظور المصممين المسلمين والأوروبيين، مثل إيڤ سان لوران، ودولتشي آند غابانا على سبيل المثال لا الحصر. وفي الوقت ذاته، يكرس المعرض جانباً من نشاطه لاستكشاف إطلالات الشارع والأزياء الرياضية التي تستلهم تصاميمها من الأزياء الإسلامية، مثل الحجاب المبتكر الذي صممته علامة نايكي ونال عدة جوائز، والبوركيني الذي يستقطب المسلمات. وقبل افتتاح هذا المعرض اُختيرت العارضة، حليمة آدن، لتقدم مجموعة مختارة من الأطقم المحافظة التي ستظهر في هذا المعرض المرتقب، في سلسلة من الصور التقطتها عدسة سيباستيان كيم.

وعن هذا المعرض، تقول العارضة الصومالية الجميلة: “عندما اكتشفت أن متحفاً للفنون سينظم معرضاً للأزياء الإسلامية كنت مندهشة قليلاً. ولكني فكرت أيضاً، واو، هذا رائع. لأن هذا ما تحتاجه الفتيات الصغيرات. ولقد تذكرت زيارتي الأولى للمتحف، ومشاهدتي للتاريخ الإيطالي… إنه حقاً توقيت رائع لأن الناس سيتاح لهم فرصة، ليس فقط مشاهدة الأزياء الإسلامية، ولكن التعرف أيضاً إلى الناس عامة والنساء بوجه خاص”.

ولكن، رغم كل هذه الجهود التي بُذلت مؤخراً، تعتقد حليمة أنه ما يزال يتعيّن على صناعة الأزياء أن تسلك طريقاً آخر. “أرى أن هذه الصناعة يمكن أن تعزز تطبيق مبدأ الشمولية بالسماح للعارضات من مختلف الخلفيات الثقافية بأن يكون لهن موضع قدم دون أن يكن مجبرات على التوافق مع من حولهن. ويجب أن تضعي في اعتباركِ أن هذه المجلات والإصدارات – تطلع عليها الفتيات الصغيرات في جميع أنحاء العالم. فقد نشأتُ في مخيم للاجئين لم يكن مزوداً بأجهزة تلفزيون ولكني مع ذلك كنت أرى الصور وإعلانات المجلات. ولا زلتِ ترينها في أكثر الأماكن النائية التي لا يتوقعها أحد. وأعتقد أنكِ تريدين أن تشعر النساء والفتيات اللواتي يشاهدن هذه الصور.. بأنهن على صلة بهن. إن الأمر يتعلق بجعل النساء يشعرن بأن الناس تراهن، وأن قصصهن مسموعة، وأن نضالهن يجري مشاركته، وأنهن حققن التمكين عبر هذه الصور”.

اِقرئي الآن: سارة إفتخار هي أوّل محجّبة تصل إلى نهائيات مسابقة ملكة جمال إنجلترا

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع