تابعوا ڤوغ العربية

حوار حصري مع المصمم اللبناني زهير مراد

هو‭ ‬طائر‭ ‬فينيق‭ ‬نفض‭ ‬عنه‭ ‬ركام‭ ‬دمار‭ ‬انفجار‭ ‬مرفأ‭ ‬بيروت،‭ ‬هو‭ ‬المتسلّح‭ ‬بالأمل‭ ‬الذي‭ ‬رفرف‭ ‬بين‭ ‬أقمشة‭ ‬تناثرت‭ ‬بين‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬بين‭ ‬الجدران‭ ‬المتهاوية‭ ‬والزجاج‭ ‬المتناثر،‭ ‬هو‭ ‬الفنان‭ ‬المبدع‭ ‬الجبار‭ ‬الذي‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬يفارقه‭ ‬مشهد‭ ‬الدمار‭ ‬الهائل‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬منصات‭ ‬العرض‭ ‬بمجموعةٍ‭ ‬متميزة‭ ‬تحكي‭ ‬قصة‭ ‬الصمود‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬من‭ ‬الجمال‭ ‬والرفاهية

في لبنان‭ ‬وتحديداً‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬الشمس‭ ‬بعلبك‭ ‬العريقة‭ ‬تاريخاً‭ ‬ومكانةً‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬السياحي،‭ ‬نشأ‭ ‬المصمم‭ ‬اللبناني‭ ‬العالمي‭ ‬زهير‭ ‬مراد‭. ‬بدأ‭ ‬مراد‭ ‬رسم‭ ‬الفساتين‭ ‬صغيراً‭ ‬حين‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬العاشرة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬هو‭ ‬دائماً‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يذكر‭ ‬يومًا‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬لم‭ ‬يحمل‭ ‬فيه‭ ‬قلمًا‭ ‬في‭ ‬يده‭!. ‬في‭ ‬العام‭ ‬1997،‭ ‬افتتح‭ ‬مراد‭ ‬أول‭ ‬مشغلٍ‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬تلبية‭ ‬لعدد‭ ‬النساء‭ ‬المتنامي‭ ‬الراغبات‭ ‬في‭ ‬ارتداء‭ ‬تصاميمه‭.‬

وفي‭ ‬العام‭ ‬2001،‭ ‬قدّم‭ ‬مراد‭ ‬ولأوّل‭ ‬مرّة‭ ‬باكورة‭ ‬أعماله‭ ‬فشارك‭ ‬في‭ ‬أسبوع‭ ‬الموضة‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬وعرض‭ ‬مجموعة‭ ‬أزياء‭ ‬راقية‭. ‬بفضل‭ ‬مشاركته‭ ‬هذه‭ ‬اكتسب‭ ‬المصمم‭ ‬الشاب‭ ‬شهرة‭ ‬إعلامية‭ ‬واسعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬في‭ ‬العام‭ ‬2005،‭ ‬أطلق‭ ‬مراد‭ ‬أولى‭ ‬مجموعاته‭ ‬الجاهزة‭ ‬لأزياء‭ ‬السهرة‭. ‬كانت‭ ‬مجموعة‭ ‬جميلة‭ ‬وبرّاقة‭ ‬وعصرية‭ ‬رغم‭ ‬بساطتها‭ ‬لبّت‭ ‬نساءً‭ ‬أحببن‭ ‬تصاميمه‭ ‬حدّ‭ ‬الإدمان‭.‬

استمر‭ ‬مراد‭ ‬يضخّ‭ ‬إبداعاً‭ ‬على‭ ‬منصات‭ ‬عرض‭ ‬الأزياء،‭ ‬فافتتح‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2006‭ ‬أول‭ ‬متجرٍ‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬عمارة‭ ‬Melrose‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬إدريس‭ ‬بوسط‭ ‬بيروت‭ ‬وهي‭ ‬عمارة‭ ‬مصنفة‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬التراث‭ ‬المعماري‭. ‬افتتح‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬ميزون‭ ‬كوتور‮»‬‭ (‬دار‭ ‬الأزياء‭ ‬الراقية‭) ‬الباريسية‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬Triangle D’Or‮»‬‭ ‬بشارع‭ ‬فرنسوا‭ ‬الأول‭ ‬عام‭ ‬‮٢٠٠٧‬،‭ ‬وخصص‭ ‬الطابق‭ ‬الأرضي‭ ‬من‭ ‬صالة‭ ‬العرض‭ ‬الباريسية‭ ‬لمجموعات‭ ‬الأزياء‭ ‬الجاهزة‭ ‬بينما‭ ‬عرض‭ ‬في‭ ‬الطابق‭ ‬الأول‭ ‬تشكيلة‭ ‬الفساتين‭ ‬الراقية‭ ‬وفساتين‭ ‬الزفاف‭. ‬كما‭ ‬ضمت‭ ‬الدار،‭ ‬ذات‭ ‬الطابع‭ ‬‮«‬الهوسماني‮»‬،‭ ‬استوديو‭ ‬للتصميم‭ ‬وورشة‭ ‬لصناعة‭ ‬كلا‭ ‬المجموعتين‭. ‬

في‭ ‬العام‭ ‬2010،‭ ‬انتقل‭ ‬مراد‭ ‬إلى‭ ‬مبنى‭ ‬جديد‭ ‬مؤلف‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬طابقًا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬وسط‭ ‬بيروت‭ ‬النابضة‭ ‬بالحياة‭. ‬لا‭ ‬يضمّ‭ ‬هذا‭ ‬المبنى‭ ‬الساحر‭ ‬مكاتب‭ ‬الشركة‭ ‬فقط‭ ‬إنما‭ ‬استوديو‭ ‬تصميم‭ ‬ومكاتب‭ ‬فريق‭ ‬المصممين‭ ‬وصنّاع‭ ‬الباترون‭ ‬والخياطين‭ ‬وخبراء‭ ‬التطريز‭. ‬وبعد‭ ‬عام‭ ‬أطلق‭ ‬زهير‭ ‬مراد‭ ‬مجموعته‭ ‬الجاهزة‭ ‬لفساتين‭ ‬الزفاف‭ ‬والتي‭ ‬شملت‭ ‬قطعًا‭ ‬خالدة‭ ‬جسدت‭ ‬جميعها‭ ‬بمثالية‭ ‬الرومانسية‭ ‬والحس‭ ‬المرهف‭ ‬فعكست‭ ‬البصمة‭ ‬المميزة‭ ‬للعلامة‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬2012،‭ ‬اختار‭ ‬المجلس‭ ‬الإشرافي‭ ‬التابع‭ ‬للاتحاد‭ ‬الفرنسي‭ ‬للأزياء‭ ‬الراقية‭ ‬والموضة‭ ‬مراد‭ ‬عضوًا‭ ‬ضيفًا‭ ‬في‭ ‬البرنامج‭ ‬الرسمي‭ ‬للأزياء‭ ‬الراقية‭.‬

في‭ ‬العام‭ ‬2016،‭ ‬افتتحت‭ ‬علامة‭ ‬زهير‭ ‬مراد‭ ‬متجرًا‭ ‬خاصًا‭ ‬داخل‭ ‬فرع‭ ‬متجر‭ ‬هارڤي‭ ‬نيكلز‭ ‬الفاخر‭ ‬بالكويت‭.‬

وفي‭ ‬العام‭ ‬2017‭ ‬أراد‭ ‬المصمم‭ ‬اللبناني‭ ‬أن‭ ‬يضخ‭ ‬دماء‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬خط‭ ‬الأزياء‭ ‬الجاهزة‭ ‬والإكسسوارات،‭ ‬فأسس‭ ‬شركة‭ ‬في‭ ‬سويسرا‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬‮«‬زهير‭ ‬مراد‭ ‬سويسرا‮»‬‭ ‬أصبحت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬المركز‭ ‬الرئيسي‭ ‬للتطوير‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬والتجاري‭ ‬ومنصة‭ ‬توزيع‭ ‬عالمية‭ ‬لمجموعات‭ ‬الأزياء‭ ‬الجاهزة‭. ‬

في‭ ‬العام‭ ‬2017،‭ ‬تم‭ ‬افتتاح‭ ‬ركن‭ ‬خاص‭ ‬بمتجر‭ ‬ڤاكو‭ ‬الكائن‭ ‬بمركز‭ ‬زورلو‭ ‬في‭ ‬اسطنبول،‭ ‬وكانت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2018‭ ‬على‭ ‬موعد‭ ‬مع‭ ‬أول‭ ‬بوتيك‭ ‬في‭ ‬فاشون‭ ‬أڤينو‭ ‬في‭ ‬دبي‭ ‬مول‭. ‬

سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬وجهود‭ ‬مضنية‭ ‬أتت‭ ‬ثمارها‭ ‬نجاحاً‭ ‬باهراً‭ ‬وراكمت‭ ‬خبرات‭ ‬جمّة،‭ ‬دمّرتها‭ ‬الدقيقة‭ ‬السابعة‭ ‬بعد‭ ‬الساعة‭ ‬السادسة‭ ‬مساء‭ ‬ليصبح‭ ‬يوم‭ ‬الثلاثاء‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬أغسطس‬‮ ٠٢٠٢ ‬المحطة‭ ‬الفاصلة‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬هذا‭ ‬المصمم‭ ‬الشغوف‭. ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭ ‬انقلبت‭ ‬حياة‭ ‬مراد‭ ‬رأساً‭ ‬على‭ ‬عقب،‭ ‬إذ‭ ‬شهد‭ ‬هذا‭ ‬التاريخ‭ ‬بداية‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬وفصل‭ ‬جديد‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬وحياة‭ ‬كل‭ ‬لبناني،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬الحياة‭ ‬اليومية‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬صعبة‭ ‬بعد‭ ‬الانفجار‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬مرفأ‭ ‬العاصمة‭ ‬اللبنانية‭ ‬بيروت‭. ‬فمن‭ ‬الناحية‭ ‬المالية،‭ ‬عانى‭ ‬المصمم‭ ‬كغيره‭ ‬من‭ ‬اللبنانيين‭ ‬الأمرّين‭ ‬من‭ ‬القيود‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المعقدة‭ ‬التي‭ ‬أبطأت‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭. ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الأمور‭ ‬أسهل،‭ ‬وقد‭ ‬قال‭ ‬المصمم‭ ‬المبدع‭: ‬‮«‬أبذل‭ ‬قصارى‭ ‬جهدي‭ ‬لجمع‭ ‬أجزاءٍ‭ ‬من‭ ‬حياتي‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إعادة‭ ‬إنشاء‭ ‬تلك‭ ‬الهالة‭ ‬الإيجابية‭ ‬والمُطمئِنة‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬ليست‭ ‬بالمهمة‭ ‬السهلة‮»‬‭. ‬ويتابع‭ ‬المصمم‭ ‬المفجوع‭ ‬بالمأساة‭ ‬التي‭ ‬حلّت‭ ‬به‭ ‬وبوطنه‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬إحدى‭ ‬الشركات‭ ‬القليلة‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬لأننا‭ ‬نحتاج‭ ‬حقًا‭ ‬إلى‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬مقرنا‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬البداية‭ ‬والانطلاقة،‭ ‬لكن‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬تضررت‭ ‬جرّاء‭ ‬الانفجار‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬مدمرة‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬اللبنانيين‭ ‬لم‭ ‬يعودوا‭ ‬إلى‭ ‬منازلهم‭ ‬بسبب‭ ‬نقص‭ ‬الأموال‭. ‬يخيم‭ ‬على‭ ‬منطقة‭ ‬المرفأ‭ ‬جو‭ ‬حزين‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬المشهد‭ ‬المؤلم‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تُكشف‭ ‬الحقيقة‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬ويعاقب‭ ‬المسؤولون،‭ ‬وإلا‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬منطقة‭ ‬المرفأ‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‮»‬‭. ‬

حديث‭ ‬مراد‭ ‬عن‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬المشؤوم‭ ‬شابته‭ ‬غصّة‭ ‬واضحة‭ ‬فقد‭ ‬قال‭: ‬‮«‬كنت‭ ‬قد‭ ‬غادرت‭ ‬المكتب‭ ‬لتوّي‭ ‬وسمعت‭ ‬دوي‭ ‬الانفجار‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬عودتي‭ ‬إلى‭ ‬المنزل‭. ‬كانت‭ ‬المكالمة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬حارس‭ ‬المبنى‭ ‬الذي‭ ‬أخبرني‭ ‬أن‭ ‬المبنى‭ ‬قد‭ ‬انهار‭. ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بالإمكان‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المبنى‭ ‬فترجلت‭ ‬من‭ ‬السيارة‭ ‬وشققت‭ ‬الطريق‭ ‬سيرًا‭ ‬على‭ ‬الأقدام،‭ ‬كانت‭ ‬أطول‭ ‬وأصعب‭ ‬رحلة‭ ‬في‭ ‬حياتي‮»‬،‭ ‬وتابع‭: ‬‮«‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬سرد‭ ‬الأشياء‭ ‬بالترتيب‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الأهمية،‭ ‬فكل‭ ‬ممتلكات‭ ‬المبنى‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي‭ ‬مهمّة‭ ‬جداً‭ ‬لأنني‭ ‬اخترتها‭ ‬من‭ ‬رحلاتي‭ ‬المختلفة‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الهدايا‭ ‬التي‭ ‬تلقيتها،‭ ‬لكن‭ ‬أرشيفات‭ ‬المجموعات‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬جعلتني‭ ‬أشعر‭ ‬بالحزن‭ ‬الشديد‭. ‬فهي‭ ‬أجزاء‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للاسترداد‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬اضطررت‭ ‬إلى‭ ‬إنشائها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬فلن‭ ‬تكون‭ ‬بنفس‭ ‬العاطفة‭ ‬والسعادة،‭ ‬إنه‭ ‬مثل‭ ‬إعادة‭ ‬تأهيل‭ ‬قطعة‭ ‬مكسورة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬أنسى‭ ‬ألبومات‭ ‬الرسومات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬كتلة‭ ‬رماد‭ ‬أيضاً‮»‬‭.‬

أكّد‭ ‬مراد‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يعوض‭ ‬عن‭ ‬الخسائر‭ ‬بالقيم‭ ‬العاطفية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعود‭ ‬لمهنة‭ ‬بأكملها‭. ‬وقال‭ :‬‮«‬الوقت‭ ‬كفيل‭ ‬أن‭ ‬ينسيك‭ ‬بعض‭ ‬التفاصيل،‭ ‬ولكن‭ ‬ستكون‭ ‬هناك‭ ‬دائمًا‭ ‬تلك‭ ‬المرارة‭ ‬لفقدان‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬نقطة‭ ‬الصفر‭. ‬إبداعات‭ ‬عشرين‭ ‬عاماً‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتكرر‭. ‬كانت‭ ‬مرآةً‭ ‬عني‭ ‬ودليلاً‭ ‬عن‭ ‬تاريخي‭ ‬وعن‭ ‬ماضيي‭ ‬ومهنتي‭ ‬ونضجي. ‬إنها‭ ‬تعكس‭ ‬رحلة‭ ‬سنين‭ ‬ولن‭ ‬تكون‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬سردها‭ ‬بعد‭ ‬الآن،‭ ‬وهذا‭ ‬يشبه‭ ‬إلغاء‭ ‬تاريخك‭ ‬الشخصي‭ ‬من‭ ‬الوجود»‬‭.‬

لم‭ ‬ينسى‭ ‬مراد‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬أبحروا‭ ‬معه‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬النجاح،‭ ‬ففي‭ ‬اليوم‭ ‬الثالث‭ ‬بعد‭ ‬الانفجار‭ ‬جمع‭ ‬عدداً‭ ‬كبيراً‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬ليطمئنهم‭ ‬على‭ ‬استمرارية‭ ‬العمل‭ ‬وانتقال‭ ‬الدار‭ ‬إلى‭ ‬مكان‭ ‬مؤقت‭ ‬ومباشرة‭ ‬العمل‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬شيء‭.‬

تأثر‭ ‬مراد‭ ‬بكل‭ ‬الدعم‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي‭ ‬والرسائل‭ ‬والمكالمات‭ ‬الهاتفية‭ ‬التي‭ ‬تلقاها‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬تدارك‭ ‬أنّ‭ ‬غليان‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬المعنوي‭ ‬سينحسر،‭ ‬ليجد‭ ‬نفسه‭ ‬وحيدًا‭ ‬أمام‭ ‬حمل‭ ‬ثقيل،‭ ‬ويكون‭ ‬أمام‭ ‬سلسلة‭ ‬قرارات‭ ‬صعبة‭ ‬ومعقدة‭. ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬مراد‭ ‬أن‭ ‬يخفي‭ ‬تأثره‭ ‬بالرسائل‭ ‬التي‭ ‬وردته‭ ‬من‭ ‬المصممين‭ ‬اللبنانيين‭ ‬الذين‭ ‬يعرفهم‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يعرفهم،‭ ‬والذين‭ ‬أعرب‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬بطريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬عن‭ ‬دعمه‭ ‬وحتى‭ ‬عرض‭ ‬بعضهم‭ ‬ورش‭ ‬العمل‭ ‬الخاصة‭ ‬بهم‭ ‬وهو‭ ‬ممتن‭ ‬لهم‭ ‬بصدق‭. ‬ويتمّنى‭ ‬أن‭ ‬يردّ‭ ‬لهم‭ ‬الجميل‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬أخرى‭.‬

وأمام‭ ‬مسيرته‭ ‬المهنية‭ ‬التي‭ ‬بدا‭ ‬قادراً‭ ‬على‭ ‬إعادتها،‭ ‬عبّر‭ ‬مراد‭ ‬عن‭ ‬أسفه‭ ‬أمام‭ ‬مصائب‭ ‬الآخرين‭ ‬فأكبر‭ ‬مصيبة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬فقدان‭ ‬أحد‭ ‬أفراد‭ ‬أسرته‭ ‬وعبّر‭ ‬بحزن‭ ‬قائلاً‭: ‬‮«‬يمكن‭ ‬استعادة‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬يمكن‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬البلدان‭ ‬ولكن‭ ‬الأحباء‭ ‬لا‭ ‬يعودون،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يجعلني‭ ‬حزينًا‭. ‬تشردت‭ ‬عائلات‭ ‬كثيرة‭ ‬بسبب‭ ‬شر‭ ‬الإنسان‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تستحق‭ ‬ما‭ ‬تختبره‭ ‬يوميًا‮»‬‭.‬

مراد‭ ‬اليوم‭ ‬يشبه‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬بالأمس‭ ‬فبخلاف‭ ‬الانفجار،‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬الرحلة‭ ‬سهلة،‭ ‬خاصة‭ ‬خلال‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين‭ ‬مع‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭. ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬زال‭ ‬نفس‭ ‬الشخص‭ ‬غير‭ ‬أنّه‭ ‬أدرك‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬قصيرة‭ ‬وتحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المفاجآت‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬توقّعها‭. ‬لم‭ ‬يفقد‭ ‬شغفه‭ ‬ولكنّه‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬السنين‭ ‬عرف‭ ‬أنّه‭ ‬يتقن‭ ‬فن‭ ‬اللامبلاة‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬على‭ ‬يقين‭ ‬بوجوده‭ ‬في‭ ‬حياته‭. ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬أدرك‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬الخوض‭ ‬في‭ ‬التفاصيل‭ ‬التافهة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تساعدنا،‭ ‬ويحاول‭ ‬الاستمتاع‭ ‬قدر‭ ‬المستطاع‭ ‬بهناء‭ ‬الحياة‭ ‬لأنّه‭ ‬لم‭ ‬يفعل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬لكثرة‭ ‬انشغاله‭ ‬وانغماسه‭ ‬في‭ ‬عمله‭. ‬

وبرأي‭ ‬مراد‭ ‬أنّ‭ ‬هذا‭ ‬الجرح‭ ‬عميق‭ ‬لدرجة‭ ‬أنّه‭ ‬سينزف‭ ‬باستمرار‭ ‬إلى‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬ستتحقّق‭ ‬فيه‭ ‬العدالة‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬المشاعر‭ ‬مختلطة‭ ‬حقًا‭ ‬لأنك‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬معلقة‭ ‬بخيط‭ ‬رفيع‭ ‬ومن‭ ‬ناحية‭ ‬أخرى‭ ‬تتمسك‭ ‬بها‭ ‬كثيرًا‭. ‬يصبح‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مصدراً‭ ‬للكرب،‭ ‬من‭ ‬فقدان‭ ‬الأصدقاء‭ ‬والأقارب،‭ ‬ونسأل‭ ‬أنفسنا‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ونحاول‭ ‬القيام‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يفوتنا‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬ولكن‭ ‬بقلق‭ ‬دائم‭ ‬لأنه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬كل‭ ‬شيء‮»‬‭.‬

رغم‭ ‬المأساة‭ ‬والظروف‭ ‬الصعبة،‭ ‬لم‭ ‬يتوقف‭ ‬مراد‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وأطلق‭ ‬في‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الصيف‭ ‬مجموعة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬الأزياء‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬Lycée Louis-le-Grand،‭ ‬وهي‭ ‬إحدى‭ ‬المدارس‭ ‬الثانوية‭ ‬التاريخية‭ ‬المرموقة‭ ‬التي‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬باريس‭. ‬شكل‭ ‬زمن‭ ‬الوباء‭ ‬وظاھرة‭ ‬ارتداء‭ ‬الأقنعة،‭ ‬طوال‭ ‬أشھر‭ ‬خلت،‭ ‬مصدر‭ ‬إلھام‭ ‬لمراد‭ ‬لإطلاق‭ ‬مجموعة‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬طابع‭ ‬مدینة‭ ‬البندقیة،‭ ‬فاختار‭ ‬لمجموعة‭ ‬الأزیاء‭ ‬الراقیة‭ ‬لشتاء‭ ‬2022‭ ‬أن‭ ‬یعید‭ ‬إحیاء‭ ‬رونق‭ ‬الأرستقراطیة‭ ‬بروح‭ ‬شرقیة‭. ‬ھنا،‭ ‬یبجّل‭ ‬مراد‭ ‬مدینة‭ ‬الدوقیة‭ ‬التي‭ ‬صمدت‭ ‬عاتیةً‭ ‬في‭ ‬القدم‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬الغزوات‭ ‬والأوبئة،‭ ‬متسلحةً‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬حین‭ ‬بعشقھا‭ ‬لكل‭ ‬أشكال‭ ‬الرفاھیة‭ ‬والفنون‭ ‬والجمال‭. ‬

بین‭ ‬الأزقة‭ ‬والسواقي،‭ ‬والكنائس‭ ‬والقصور‭ ‬الفاخرة‭ ‬على‭ ‬ضفاف‭ ‬المیاه،‭ ‬تتكشف‭ ‬ملامح‭ ‬إحدى‭ ‬حفلات‭ ‬البندقیة‭ ‬المعاصرة‭ ‬التي‭ ‬تصدح‭ ‬فیھا‭ ‬أنغام‭ ‬عازف‭ ‬الكمان‭ ‬الإیطالي‭ ‬باغانیني،‭ ‬مصحوبةً‭ ‬بالمشھد‭ ‬الأكثر‭ ‬شھرة‭ ‬ورومانسیة‭ ‬لزوارق‭ ‬الجندول‭ ‬العائمة‭. ‬وليلاً،‭ ‬تكثر‭ ‬حكایات‭ ‬اللقاءات‭ ‬ المحفوفة‭ ‬بالمخاطر‭ ‬ولحظات‭ ‬عناق‭ ‬العشاق‭ ‬في‭ ‬الممرات‭ ‬المظلمة‭. ‬وعلى‭ ‬وقع‭ ‬حفیف‭ ‬الحریر‭ ‬والرداءات‭ ‬الفخمة‭ ‬الخارجة‭ ‬أحياناً‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬لوحات‭ ‬الرسام‭ ‬كارباتشیو،‭ ‬تضیع‭ ‬الھویة‭: ‬ھنا،‭ ‬لا‭ ‬نكون‭ ‬من‭ ‬نحن‭ ‬علیھا‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬نرید‭ ‬أن‭ ‬ نكون‭… ‬فالأضواء‭ ‬تومض‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬مختلف،‭ ‬منبثرة‭ ‬من‭ ‬النوافذ‭ ‬الزجاجیة‭ ‬الملونة‭ ‬وثریات‭ ‬المورانو‭ ‬التي‭ ‬صھرھا‭ ‬صانعو‭ ‬الزجاج‭ ‬بأسرار‭ ‬العلماء‭. ‬وأيضاً‭ ‬تتجلى‭ ‬الزخارف‭ ‬التي‭ ‬تجسد‭ ‬أغصان‭ ‬الكرمة‭ ‬والبلورات‭ ‬والزجاج‭ ‬المتقزح‭ ‬بألوان‭ ‬خیالیة،‭ ‬والفساتین‭ ‬الضیقة‭ ‬بقصاتھا‭ ‬الحادة‭ ‬التي‭ ‬تزیدھا‭ ‬أنثویةً‭ ‬رداءات‭ ‬واسعة‭ ‬شفافة‭ ‬مصممة‭ ‬من‭ ‬أقمشة‭ ‬أشبه‭ ‬بالأحلام‭. ‬

ظهرت‭ ‬قطع‭ ‬الجمبسوت‭ ‬الساحرة‭ ‬المزدانة‭ ‬بحبال‭ ‬من‭ ‬الكریستال،‭ ‬والفساتین‭ ‬الطویلة‭ ‬التي‭ ‬تستحضر‭ ‬أناقة‭ ‬المضیفات‭ ‬الأرستقراطیات،‭ ‬والإطلالات‭ ‬بالقفطان‭ ‬الذي‭ ‬یذكرنا‭ ‬بأمیرة‭ ‬شرقیة،‭ ‬وھو‭ ‬ملقى‭ ‬فوق‭ ‬تصمیم‭ ‬یكثر‭ ‬فیها‭ ‬الموسلین‭ ‬لیرمي‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬عصر‭ ‬النھضة،‭ ‬ولكن‭ ‬بنفحة‭ ‬معاصرة‭. ‬في‭ ‬اختصار،‭ ‬إنھا‭ ‬مھرجان‭ ‬الأكتاف‭ ‬المكشوفة‭ ‬والمنحنیات‭ ‬البارزة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬فتحات‭ ‬جریئة‭ ‬وقصات‭ ‬غیر‭ ‬متناسقة‭. ‬كذلك،‭ ‬تحضر‭ ‬رموز‭ ‬الكرنفال‭ ‬الخالدة‭ ‬ في‭ ‬الرداءات‭ ‬والقفازات‭ ‬الطویلة‭ ‬المصممة‭ ‬من‭ ‬التول‭ ‬المطرز،‭ ‬فیما‭ ‬أقمشة‭ ‬المخمل‭ ‬والشیفون‭ ‬والتفتا‭ ‬والحریر‭ ‬المضلع‭ ‬والأورجانزا‭ ‬المزین‭ ‬بخیوط‭ ‬ معدنیة‭ ‬تعید‭ ‬إلى‭ ‬الواجھة‭ ‬الكلاسیكیات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تفنى‭ ‬برؤیة‭ ‬جدیدة؛‭ ‬أما‭ ‬ اللوركس‭ ‬الفضي‭ ‬فیضفي‭ ‬لمسته‭ ‬المعاصرة‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬منازع‭. ‬ في‭ ‬مجموعته‭ ‬ھذه،‭ ‬یتخذ‭ ‬الزجاج‭ ‬المصھور‭ ‬أشكال‭ ‬تطریزات‭ ‬بألوان‭ ‬متفاوتة،‭ ‬وتتجسد‭ ‬روعة‭ ‬الأزیاء‭ ‬الراقیة‭ ‬بأسلوب‭ ‬الترقیع‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬ینفصل‭ ‬عن‭ ‬روح‭ ‬البندقیة‭. ‬القصات‭ ‬مفتوحة‭ ‬عند‭ ‬العنق‭ ‬وغیر‭ ‬متناسقة‭ ‬عند‭ ‬فتحات‭ ‬الصدر،‭ ‬والأكمام‭ ‬تأتي‭ ‬إما‭ ‬منتفخة‭ ‬وإما‭ ‬منسدلة‭ ‬بوسعھا‭ ‬فوق‭ ‬الأكتاف،‭ ‬تماماً‭ ‬كالرداءات‭… ‬ كل‭ ‬ھذه‭ ‬التفاصیل‭ ‬تطبع‭ ‬المجموعة‭ ‬برفاھیة‭ ‬تقول‭ ‬الكثیر‭ ‬عن‭ ‬مدینة‭ ‬اتسمت‭ ‬ بصمود‭ ‬نابع‭ ‬من‭ ‬أجوائھا‭ ‬الاحتفالیة،‭ ‬وقد‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬یوم‭ ‬من‭ ‬الأیام،‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تنجح،‭ ‬بالتغلب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬الصعاب،‭ ‬محصنةً‭ ‬بمواھبھا‭ ‬وتأنقھا‭ ‬وبراعتھا‭ ‬الثابتة‭ ‬العابرة‭ ‬للزمن‭. ‬ وعلى‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يتوقّع‭ ‬مراد،‭ ‬جاءت‭ ‬مجموعته‭ ‬الجديدة‭ ‬لتترجم‭ ‬النشاط‭ ‬الذي‭ ‬تحلّى‭ ‬به‭ ‬فريق‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الأقسام‭ ‬والاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬مرحلة‭ ‬التنفيذ‭ ‬وكل‭ ‬المراحل‭ ‬التي‭ ‬تخلّلت‭ ‬عملية‭ ‬التصميم‭. ‬بفضل‭ ‬هذه‭ ‬التحضيرات‭ ‬شعر‭ ‬مراد‭ ‬بسعادة‭ ‬جعلته‭ ‬ينسى‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬عصفت‭ ‬بحياته‭. ‬لمدة‭ ‬أربعة‭ ‬ أشهرعمل‭ ‬مراد‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المجموعة‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬يقيم‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬وآخر‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬تعامل‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تطبيق‭ ‬‮«‬زوم‮»‬،‭ ‬وكان‭ ‬بدوره‭ ‬يسافر‭ ‬من‭ ‬وإلى‭ ‬باريس‭ ‬لاتمام‭ ‬كل‭ ‬التجهيزات‭. ‬وبالفعل‭ ‬وحسب‭ ‬قوله‭ ‬كان‭ ‬قرار‭ ‬تنظيم‭ ‬عرض‭ ‬أزياء‭ ‬مرّة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬باريس‭ ‬إنجازًا‭ ‬عندما‭ ‬لم‭ ‬تجرؤ‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬الأزياء‭ ‬على‭ ‬المغامرة‭ ‬هناك‭. ‬مراد‭ ‬بعد‭ ‬العرض‭ ‬يقدر‭ ‬مجموعته‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عيون‭ ‬الصحافة‭ ‬والعميلات‭ ‬ورسائل‭ ‬التشجيع‭ ‬والمقالات‭ ‬وطلبات‭ ‬التصوير‭. 

لا‭ ‬توجد‭ ‬امرأة‭ ‬معينة‭ ‬يصمم‭ ‬لها‭ ‬مراد،‭ ‬لكنه‭ ‬يتطلّع‭ ‬أن‭ ‬ترتدي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشخصيات‭ ‬من‭ ‬أزيائه‭ ‬الراقية،‭ ‬وعلّق‭: ‬‮«‬كل‭ ‬امرأة‭ ‬لديها‭ ‬أسلوب‭ ‬فريد‭ ‬سيجعل‭ ‬القطعة‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‮»‬‭. ‬ولأنّ‭ ‬مراد‭ ‬مصمم‭ ‬بارع،‭ ‬ذاع‭ ‬صيته‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬اكتسب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬عائلته‭ ‬وأكثر‭ ‬ما‭ ‬يؤمن‭ ‬فيه‭ ‬وتوارثه‭ ‬عنها‭ ‬هو‭ ‬أنّ‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬لديه‭ ‬ما‭ ‬يستحقه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬وأنه‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬أبدًا‭ ‬أن‭ ‬يحسد‭ ‬الآخرين‭ ‬لأن‭ ‬ما‭ ‬يملكه‭ ‬فريد‭ ‬،‭ ‬لهذا‭ ‬السبب‭ ‬يعتبر‭ ‬مراد‭ ‬الحسد‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬جداً‭ ‬ويبعد‭ ‬الشخص‭ ‬عن‭ ‬هدفه‭ ‬الأساسي‭ ‬بينما‭ ‬ينشغل‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الآخرين‭ ‬وتمضي‭ ‬الحياة‭ ‬دون‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مبتغاه‭ ‬الحقيقي‭ ‬ويعيش‭ ‬في‭ ‬يأس‭ ‬دائم‭. ‬ ‮«‬اللحظة‭ ‬الحالية‭ ‬هي‭ ‬نافذة‭ ‬تطلّ‭ ‬على‭ ‬مستقبلي،‭ ‬وتشرق‭ ‬أشعتّها‭ ‬على‭ ‬ لوحة‭ ‬مشاريعي‭ ‬المستقبلية‮»‬،‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬عن‭ ‬مشاريعه‭ ‬المستقبلية‭. ‬ولأنّ‭ ‬مراد‭ ‬إرث‭ ‬عظيم‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الموضة‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬بدّ‭ ‬من‭ ‬سؤاله‭ ‬عن‭ ‬نصيحته‭ ‬لشباب‭ ‬اليوم‭ ‬فقال‭: ‬‮«‬لهؤلاء‭ ‬المصممين‭ ‬الشباب‭ ‬الذين‭ ‬بدأوا‭ ‬العمل،‭ ‬أنصحهم‭ ‬باتباع‭ ‬شغفهم‭ ‬وخاصة‭ ‬عدم‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬المال‭ ‬عند‭ ‬بداية‭ ‬المشوار‮»‬،‭ ‬وأضاف‭: ‬‮«‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يعبّروا‭ ‬عن‭ ‬أسلوبهم‭ ‬بوضوح،‭ ‬والتركيز‭ ‬على‭ ‬المسار‭ ‬الذي‭ ‬يريدون‭ ‬اتباعه‭. ‬ثم‭ ‬يأتي‭ ‬النجاح‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المثابرة،‭ ‬فالشغف‭ ‬والمثابرة‭ ‬هما‭ ‬الصفتان‭ ‬اللتان‭ ‬تضمنان‭ ‬الإلهام‭ ‬والشجاعة‭ ‬وتعبّد‭ ‬لهم‭ ‬الطريق‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬النجاح‮»‬‭.‬وأكّد‭ ‬أنّ‭ ‬الموهبة‭ ‬ ضرورية،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضًا‭ ‬الثقافة‭ ‬والمعرفة‭ ‬العامة‭ ‬والفضول‭ ‬الفكري‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬والكمال‭ ‬وقبل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬العين‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التقاط‭ ‬الجمال‭ ‬بجميع‭ ‬أشكاله‭ ‬وتفسيره‭ ‬بطريقة‭ ‬فريدة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمصمم‭.‬ يؤمن‭ ‬مراد‭ ‬بوجود‭ ‬صلة‭ ‬مباشرة‭ ‬بين‭ ‬المعاناة‭ ‬والحزن‭ ‬والإبداع،‭ ‬فهو‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬الإبداع‭ ‬هو‭ ‬خير‭ ‬طريقة‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬الألم‭ ‬والمعاناة‭. ‬وقد‭ ‬استشهد‭ ‬هنا‭ ‬بإبداع‭ ‬فنانين‭ ‬تجرعوا‭ ‬الألم‭ ‬كـ‮«‬ڤان‭ ‬غوغ‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬سكب‭ ‬ألمه‭ ‬لوحات‭ ‬خالدة‭ ‬تضج‭ ‬إبداعاً‭ ‬وجمالاً‭ ‬ليعيد‭ ‬التوازن‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬نواحي‭ ‬حياته‭ ‬وأكد‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬كلامه‭ ‬أن‭ ‬الحزن‭ ‬لا‭ ‬يوّلد‭ ‬اليأس‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬الشخص‭ ‬مستعدًا‭ ‬له،‭ ‬فالشخص‭ ‬الحساس‭ ‬والهش‭ ‬يعجز‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬الحزن‭ ‬الشديد‭ ‬عن‭ ‬إرساء‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التوازن‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬فيغرق‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬اليأس‭.‬

في‭ ‬النهاية‭ ‬أبى‭ ‬مراد‭ ‬أن‭ ‬يركّز‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬المظلم‭ ‬الذي‭ ‬يخيّم‭ ‬على‭ ‬الجو‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬الوضع‭ ‬الحالي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭ ‬ليس‭ ‬مشجعًا‭ ‬حقًا،‭ ‬لذا‭ ‬علينا‭ ‬العمل‭ ‬للبقاء‭ ‬والاستمرار‭. ‬آمل‭ ‬أن‭ ‬يجلب‭ ‬عام‭ ‬2022‭ ‬بصيصاً‭ ‬من‭ ‬الأمل‭ ‬ينعكس‭ ‬بالتالي‭ ‬على‭ ‬مشاريعنا‭ ‬المستقبلية‮»‬،‭ ‬وختم‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬أن‭ ‬يتنبّأ‭ ‬بمستقبل‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬اضطراب‭ ‬أبدي،‭ ‬أنا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحالي‭ ‬وسأبقى‭ ‬هنا‮»‬‭. ‬

الموضوع نشر للمرة الأولى على صفحات المجلة عدد شهر سبتمبر 2021

أقرئي أيضاً : المصمم اللبناني زهير مراد يحتفل بعيد ميلاد النجمة جينيفر لوبيز بمقطع فيديو يجمع إطلالات لها من توقيعه  

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع