تابعوا ڤوغ العربية

ريهانا لا تعرف المستحيل…

بعد أن تركت بصمات قويّة على عوالم الموسيقى والتصميم ومستحضرات التجميل والملابس الداخلية النسائية، تسعى ريهانا حالياً إلى الارتقاء بالموضة إلى آفاق غير مسبوقة. وفي هذا اللقاء، تتحدث النجمة عن علامتها “فنتي”، وتتطرق إلى ألبومها المرتقب، كما تسلط الضوء على سعادتها بالحب والمشاعر الجميلة.

ريهانا بفستان من غوتشي، بعدسة إيثان جايمس جرين

أخيراً، سنحت الفرصة كي تستقبلني النجمة ريهانا، بعدما غيّرت موعدنا من يوم الخميس إلى الأربعاء الذي يليه، ومن اللقاء في المساء إلى العصر. وحينما أُبلِغْت بتغيير الموعد على هذا النحو، في أحد أيام أغسطس المشمسة وشديدة الرطوبة في لوس أنجليس، كان لديّ ما يكفي من الوقت للاستحمام والذهاب إلى فندق “بيل إير”.

يعتبر الجلوس في انتظار ريهانا نوعاً فريداً في حد ذاته من المغامرات الصحفية، فالنجمة الشهيرة القادمة من جزيرة باربادوس تحاول اللحاق بجدول أعمالها الذي يعكس إيقاع حياتها الجديدة بعدما أصبحت نجمة عالمية في سماء الموضة. ولم يمر أكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة منذ أن قدمت باكورة مجموعات “فنتي وبوما” من إنتاجها، كان ذلك خلال أسبوع الموضة في نيويورك، وحملت المجموعة رؤية للأزياء المريحة المستلهمة من القوطيين (Gothleisure) في عالم صاخب (تتمثل الفكرة التي طرحتها المجموعة في الإجابة عن هذا السؤال: “ماذا لو ذهبت ’عائلة آدم‘ إلى الجيم؟”، وهي عائلة خيالية مشهورة في الإعلام الغربي، وصدر مؤخراً فيلم رسومات متحركة باسمها). ورغم أن تصميم تلك المجموعة كان بمثابة تجربة وقتذاك، فقد قفزت أرباح بوما في العام التالي بنسبة 92%.

ومنذ ذلك الحين، لم تدخر النجمة البالغة من العمر 31 عاماً وسعاً في سبيل الارتقاء بميدانيّ التجميل والملابس الداخلية النسائية. وعام 2017 قدمت عبر علامتها “فنتي بيوتي” كريم أساس بـ40 درجة لونية، وهو أمر لم يعتده مجال التجميل الذي درج على طرح نحو اثنتي عشرة درجة فقط – لذا حققت نحو 100 مليون دولار أمريكي خلال الأربعين يوماً الأولى من إطلاق هذا المستحضر، ونحو 600 مليون دولار أمريكي في العام الأول. وسرعان ما حذت حذوها “ديور” و”كوڤرغيرل” و”ريڤلون”، حتى صارت الأربعون درجة لونية معياراً ثابتاً في مستحضرات كريم الأساس، وأصبح يشار إلى ذلك بـ”تأثير فنتي” (سبقت ريهانا الجميع مرة أخرى في الصيف الماضي بتقديم كريم أساس مُرطب بـ50 درجة لونية، وعلقت على حسابها في انستقرام قائلة: “عندما يسيطر كريم الأساس فلن تكون النهاية!”). وفي 2018، أزاحت الستار عن خط “ساڤيدج وفنتي” للملابس الداخلية النسائية الذي شمل العديد من المقاسات والألوان التي تشبه لون “البشرة” (حصلت العلامة قبل فترة وجيزة على تمويل جديد يقدر بـ50 مليون دولار أمريكي).

وتعيد ريهانا حالياً رسم ملامح الموضة وفق أرقى المستويات. وقد جعلتها دارها “فنتي”، التي أسستها في باريس بالشراكة مع مجموعة “إل ڤي إم إتش مويه هينيسي لوي ڤويتون”، أول امرأة تطلق علامة ضمن هذه المجموعة وأول سمراء تترأس واحدة من دور الأزياء الراقية الكبرى. وبحسب ما ذكرته مجلة “فوربس”، جعلتها هذه العلامةُ أيضاً، التي أعلنت عنها النجمة الربيع الماضي، المغنيةَ الأكثر ثراءً في العالم.

وفي فندق “بيل إير”، اقتادني أحدهم إلى طاولة خارجية صغيرة تقبع وراء جذع شجرة جُمَّيْز زرعت في القرن الماضي. وحين جلست تحت أغصانها الوارفة، جاءت ريهانا وقد انسلت بخفة، فغلفت المكان وربما البجعات السابحات في الخارج بغمامة خفيّة من عطرها الشهير – وهو عطر مسكر يهجم بغتة على الأنف، وصفه مغني الراب ليل ناز إكس بقوله: “إنه عطر تنبعث منه رائحة الجنة بمعنى الكلمة” (ولكن شبكة الإنترنت تصفه بالعطر الأثيري ويُسمى Love, Don’t Be Shy (أحب، بلا خجل)، ويحتوي على نفحات من زيت البرتقال وزهوره، ونبات الخِطْمِيَّ).

من المفترض الجزم بأن ريهانا تضع مكياجاً –ربما هايلايتر “كيلاوات” وحمرة شفاه “ستونا” اللذين أطلقتهما– لكني لم أستطع التحقق من ذلك، فقد كان وجهها متألقاً بباقة من الألوان الطبيعية فيما جمعت شعرها الداكن الطويل خلف رأسها على هيئة ذيل حصان. وكنت أعلم من خبرتي أن أي إنسان عادي يمكن أن يختفي حقاً بجوار ريهانا ذات الحضور الطاغي والجاذبية الساحرة التي لا تقاوم (حتى الكوميديان الأمريكي سيث مايرز حدث له ذلك إذ قال لي: “ثمة يومان أتمنى لو أذكر كل ما حدث فيهما، وهما يوم زفافي واليوم الذي قضيته مع ريهانا”)، لذا من المهم أن أذكر إطلالتها: كانت ترتدي سترة من الدينم (من “فنتي”)، وبنطلوناً كاجوال أخضر، وتنتعل صندلاً مزيناً بالشرائط (من بوتيغا ڤينيتا)، ويدها اليمنى مزينة بوشم يشبه الحناء وتمسك بها نظارة شمسية تشبه القناع وتنعم بتصميم ثوري وعدستين بلون أزرق جليدي (من “فنتي” أيضاً).

من عادتي أن أحمل قائمة بالأسئلة، ولكن لم يسعفني الوقت لإعدادها، فقررت الاعتراف لها بذلك في جزء من الثانية وقلت بانفعال: “سأرتجل الأسئلة، لذا عليكِ مساعدتي”. علت الابتسامة وجه ريهانا الذي يوحي بالعبث والثقة في آن واحد، وأجابت: “ألا نقوم جميعاً بذلك؟”.

الفستان من ألكسندر مكوين؛ والخواتم من شاي جولري، وهيرميس، وديلفينا ديلتريز، وHoorsenbuhs. بعدسة إيثان جايمس جرين

رؤية ريهانا نحو الأزياء الراقية تشبه شخصيتها – فهي متغيرة جمالياً، وتتحدى الفئوية بلا تكلف، ولافتة إلى أقصى درجة. وقد وضعت قاعدة لها منذ اليوم الأول في الدار ألّا تصنع سوى الأزياء التي تحبها وترغب في ارتدائها. فالموضة في رأيها يجب أن تتحلى بالأمانة. تقول: “لست وجهاً لعلامتي، بل ملهمتها، وبصمتي يجب أن تهيمن على كل شيء. لا أريد أن يتصفح أحد موقعي ويعتقد أن ريهانا لن ترتدي هذا أبداً”.

وفي أغلب الأحيان، يعد موقعُها الإلكتروني المنفذ الوحيد الذي يتيح شراء منتجات “فنتي” (تقيم أحياناً معارض مؤقتة). وقررت ريهانا أن تتخلّي عن الأسلوب القديم في توزيع الأزياء الراقية وأن تتبع بدلاً منه استراتيجية شبيهة بما تفعله علامة “سوبريم” في “طرح” منتجاتها والبيع المباشر للجمهور عبر الإنترنت، وذلك لأن ريهانا عندما ترى شيئاً يعجبها –ومن ذلك مؤخراً الكثير من قطع بالنسياغا التي أثارت حفيظتها بإبداعاتها وغيرتها كمصممة– ترغب في الحصول عليه فوراً، وليس بعد ستة أشهر. فهي لا تريد شراء معاطف شتوية في أغسطس مثلاً.

وكانت “فنتي” مختلفة منذ البداية. فقد أطلقت أول مجموعة في شهر مايو، وقدمت خلالها بذلات ذات أكتاف مبطّنة، وفساتين قصيرة بأكتاف عريضة وخصور نحيلة – وهي جميعاً قطع صنعتها أيادٍ خبيرة بالذوق الكاريبي.

وفي الطرح الثاني لأزياء علامتها، الذي أطلقته في يونيو (تطلق الأزياء شهرياً في أغلب الأحوال)، واصلت سرد هذه الموضوعات عبر التنانير الخفيفة التي تحتضن القوام، والفساتين باللونين اليوسفي والأزرق المائل إلى الأخضر – وصورتها ريهانا جميعاً بنفسها. وربما كانت أي دار أزياء تقليدية ستسمي هذه المجموعة بأنها أزياء للعطلات، ولكن “فنتي” وصفتها بأنها “مكرسة للهروب” (الهروب نحو أي متنفس بعيداً عن ضغوطات الحياة).

تتميز هذه الأزياء بغرابتها وتفردها – حسناً، لا تعتمد ريهانا في أزيائها على ذوق واحد. وعن ذلك تقول: “قد يكون صبيانياً في أحد الأيام، وقد أرتدي في اليوم التالي فستاناً أو تنورة أو بذلة سباحة”. إنها أزياء توحي بأنها جميعاً مرتجلة، ذلك لأن ريهانا لم تخطط لأي منها من قبل. أجل، كانت تجمعها علاقة بالفعل مع مجموعة “إل ڤي إم إتش” (شركتها الراعية “كيندو” لمستحضرات التجميل تدعم “فنتي بيوتي”) ولكنها لم تتوقع قط أن يدعوها رئيس مجلس إدارة الشركة ورئيسها التنفيذي، برنار أرنو، إلى تأسيس دار خاصة بها انطلاقاً من لاشيء. تذكر: “تساءلت فقط، أحقاً ذلك؟ أواثق هو؟ والآن؟”، مضيفة: “وبعدها يترككِ أمام هذه الفرصة التي تمثل مجازفة جسيمة حقاً لأي شخص يشارك فيها. ولكني لا أخشى المجازفة مطلقاً. فهي الشيء الذي وضعني على الطريق. قلت لنفسي كلمات من قبيل: لم تخشي من قبل القيام بأي شيء أو تجربة أي شيء، مهما كانت العواقب. لذا وافقت، واندفعنا بقوة إلى الأمام”.

واستغرقت في جمع أفراد فريقها (يبلغ عددهم حالياً 44 فرداً) ورسم الخطوط الرئيسية سنة واحدة فقط. ولكن واجهتهم عقبات مرتبطة بمفاهيم العلامة، مثل: كيف نترجم التنوع الفريد في أسلوب ريهانا ضمن علامة متماسكة؟ يقول جاهليل ويڤر، مدير أناقة التصاميم بدار “فنتي”، إنه حدثت انفراجة بعد اجتماع للتصميم عقد في باريس. ويذكر ويڤر أنه وريهانا كانا على وشك الإخفاق، “فقد قالت دون أن تنظر في عينيّ حتى ولو بنظرة عابرة: ’إنه شيء متوافر في كل مكان. ولكني أمتلكه لأني أتواجد في كل مكان”. ولكن ظهرت فكرة. حاول فريق التصميم الاقتصار على إبراز جانب واحد من جوانب ريهانا – ولكن ريهانا لها جوانب كثيرة. يذكر ويڤر: “إنه بالضبط الشيء الذي يجب أن نتبناه”، فليست كل امرأة مثل ريهانا، ولكن الكثير من النساء يمكنهن التعلق بشخصيتها المنتشرة في كل مكان. “إنها امرأة لا تعرف الخوف، ولكنها أيضاً سيدة أعمال، وحبيبة، وصديقة. ففيها تجتمع كل هذه الصفات”.

وإذا كان انجذاب النجمات إلى “فنتي” يعني شيئاً، فلابد وأن السر يكمن في غرابتها. ومن ذلك، ارتدت بيلا حديد فستان الدينم الأبيض من “فنتي” والمزين بكورسيه، وانتعلت حذاء الكعب العالي الأخضر الليموني خلال حفل توزيع جوائز مجلس مصممي الأزياء في أمريكا. كما شوهدت نجمة بوليوود سونام كابور مرتدية بذلة فنتي الفضفاضة بلون السلمون الوردي، فيما حملت حقيبة صغيرة حول خصرها تتماشى معها في مومباي. وارتدت تريسي إليس روس البذلة ذاتها بنفس اللون في مؤتمر صحفي لمسلسل “ميكسديش” الذي تذيعه قناة “إيه بي سي” بعد نجاح مسلسل “بلاكيش” (وصفت البذلة قائلة: “جعلتني أشعر بأنني رئيسة تحتفظ بسر ما. فهي قوية، وفخمة، وجريئة”).

“ريهانا المصممة، وريهانا مبتكرة المكياج والملابس الداخلية النسائية – كل هذا بدأ بالموسيقى والغناء”

ومع هذه الإمبراطورية الضخمة المبنية على عدة صناعات والمنتشرة عبر القارات، يطرح هذا السؤال المهم نفسه: هل لا يزال لديها وقت للموسيقى؟ فلم تطلق ألبوماً جديداً منذ ألبومها الأخير “أنتي”، الجريء الذي يستخفّ بكل شيء، ولا يقاوم، ويزداد الإعجاب به كلما استمعت إليه – كان ذلك منذ 46 شهراً تقريباً. تجيب فيما يبدو عليها الإحراج وعدم الثقة: “كنت أحاول العودة إلى الاستوديو. ولا يشبه ذلك حبس نفسي لفترة طويلة من الوقت، كما لو كنت قد حظيت بهذا الترف من قبل. أعلم أن لدي بعض الجمهور الغاضب الذي لا يفهم شيئاً عن دخائل هذه المهنة”. وهي لا تمزح، فجمهورها، الذي يطلق عليه “أسطول ريهانا” يصنف ضمن الأشرس في عالم النجوم – وقد علقوا على إصدارات ريهانا في التجميل والأزياء بسيل من المجاملات التي تشير إلى نفاد صبرهم. وأحياناً ما تسعد رواد الإنترنت بردودها. كتب معجب “أنا منزعج”، وكتب آخر: “نريد ألبومكِ يا أختاه”، لتجيب ريهانا: “حسناً إنه المُسمر”.

ويقصد المعجبون بـ”الألبوم” أسطوانة الريغي التي أكدت ريهانا أنها تعمل على تحضيرها منذ أكثر من عام، وهو ألبوم R9 كما أطلق عليه “أسطول ريهانا” (حيث سيكون ألبومها التاسع). حسناً، هل لا يزال ألبوم R9 ينتمي لموسيقى الريغي؟ عن هذا السؤال تجيب ريهانا قائلة: “أفضل أن أنظر إليه كألبوم مستوحى من موسيقى الريغي أو ممزوجاً بها، لكنه لن يكون مماثلاً لموسيقى الريغي التي تعرفونها. إلا أنكم ستستشعرون وجودها في كل الأغاني”.

هل تتوقع ريهانا أنه ربما يأتي اليوم الذي تقرر فيه اعتزال الغناء؟ تقول: “أووه، لا، مطلقاً. فالموسيقى بالنسبة لي أشبه بلغة مشفرة أخاطب بها العالم، أينما كانوا. إنه لغة غريبة أتواصل بها مع جمهوري. فريهانا المصممة، وريهانا مبتكرة المكياج والملابس الداخلية النسائية – كل هذا بدأ بالموسيقى والغناء. إنه أول خطاب لي بالمراسلة أرسله للعالم. وتوقفي عن الغناء يعني توقفي عن التواصل مع العالم. فكل نشاطاتي الأخرى تستمد نجاحها في الأساس من نجاحي في عالم الغناء”.

وبعد أسابيع قليلة، استطاعت ريهانا أن تخطف أنظار الحضور خلال أسبوع الموضة في نيويورك من خلال مجموعتها الرائعة من علامة “ساڤيدج وفنتي” للملابس الداخلية بمركز باركليز في بروكلين، وهي الساحة التي شهدت حفلها الأخير من جولتها لألبوم “أنتي”. فقد سطعت الأضواء فوق منصة متفرقة الأرجاء على نحو أشبه بالمسرح الروماني فيما وقفت ريهانا كما التمثال على منصة يتوسط مسبح له سطح عاكس، متألقة ببذلة تحتية ضيقة سوداء من قطعة واحدة، وتنورة مخملية قصيرة، وحذاء ساحر بكعب عالٍ. وعلى أنغام ريمكس لأغنيتها “وو”، الأغنية السادسة في ألبوم “أنتي”، أخذت ريهانا تلتف بحركات راقصة مبهرة بين عشر راقصات أخريات ثم اختفت.

وفي الواقع، ساعد هذا العرض في إرساء معايير جديدة في عالم الموضة (ستقوم أمازون ببث العرض لاحقاً في أكثر من 200 دولة). كما أسهم العرض نفسه في إبراز مبادئ علامة “فنتي” من خلال أداء مفعم بالحماس – وهي فكرة ترتبط بالحرية أكثر منها بالإلهام.

وتشكل فلسفة ريهانا جزءاً من العالم الجديد أيضاً. وتدعم “ساڤيدج وفنتي” و”فنتي بيوتي” على حد سواء مؤسسة كلارا ليونيل الخيرية، وهي مؤسسة غير ربحية أسستها ريهانا عام 2012 (يجمع اسمها بين اسم جدتها الراحلة كلارا برايثوايت، واسم جدها ليونيل البالغ من العمر 90 عاماً) وتهدف إلى تمويل برامج التعليم والاستجابة للحالات الطارئة في منطقة الكاريبي. وقد أضافت المؤسسة مؤخراً التأقلم مع التغير المناخي إلى قائمة أولوياتها مع التركيز بشكل خاص على صحة المرأة.

وكل من يصف شخصية ريهانا التي تشع بهاءً وتألقاً ويصف تأثيرها العالمي يتردد في حديثه معنى الصدق والإخلاص. وهذا أيضاً ما حدث مع ماري جيه بلايج، صاحبة أصدق إحساس على الإطلاق، لدى سؤالها عن سبب اختيارها لريهانا لتقدمها في حفل توزيع جوائز “بي إي تي” لإنجاز العمر هذا العام. تقول بلايج: “ريهانا هي الصدق في حد ذاته، فهي صادقة ومخلصة في عملها”، ولكن هذا الفصل من حياة ريهانا يحتاج لكلمة جديدة نصفها بها، ألا وهي القوة.

نشر في عدد شهر ديسمبر 2019 من ڤوغ العربيّة

الفستان من مجموعة آلتا مودا من دولتشي آند غابانا؛ والقرطان من بانكونيسي لماركو بانكونيزي. بعدسة إيثان جايمس جرين

هناك قوة من واقع الحياة وهناك قوة شخصية، وهذا المزيج الرائع من المعرفة بالذات واحترام الذات وحكم الذات ينضوي تحت مسمى الاستقلالية. ومن ناحية أخرى، ثمة نوع آخر أكثر غموضاً من القوة – إنه القوة التي تحرك الجموع، سواء عبر التعاليم الروحية أو حتى عبر أغنية من موسيقى البوب. وفي الواقع، لا يوجد مصطلح واحد يجمع بين هذه المعاني الثلاثة للقوة. أظن أن بلايج أكثر من اقترب لهذا المعنى عندما أخبرتني أن ريهانا تتمتع بمزيج خاص ونادر الوجود من الشجاعة والتواضع والإحساس: “كثيرون لا يمتلكون هذا المزيج، وكثيرون أيضاً من يمتلكونه وريهانا واحدة من هؤلاء”.

وإذا تساءلتم يوماً كيف كانت تبدو شهادة ريهانا الدراسية خلال طفولتها، فيمكنكم الحصول على الإجابة من كتاب “ريهانا”، وهو كتاب مصور كبير مقرر أن تنشره دار النشر العالمية “فايدون” هذا الخريف، ويعرض قصة حياتها المترفة والمفعمة بالحياة من خلال مجموعة كبيرة من الصور الحميمة. كما يحوي بعض مقتنياتها الخاصة، بداية من أول جوازات السفر التي استصدرتها، مروراً بشريط كاسيت لتمارين باربي الرياضية، ووصولاً إلى ملحوظة مكتوبة بخط يد المصمم جيرمي سكوت يقول فيها “تهنئتي لكِ، فقد استطعتِ أن تستحوذي على قلوب باريس”. ويتتبع الكتاب حياتها منذ الطفولة وحتى دخولها عالم النجومية، ولكن ليس له قوام محدد وغير مقسم لفصول، ما يجعله من نوعية الكتب التي تترك للقارئ حرية تكوين انطباعه الخاص وطريقته الخاصة في تخيل ذكرياتها النابضة بالحياة. هل العيش في لندن بعيداً عن الصراعات يبعث في نفسكِ الأمل؟ (على سبيل المجاز). تقول ريهانا: “أنا لا أري أني بعيدة عن مواضع الصراع، فكلما رأيت مكروهاً ينزل بأية امرأة كانت أو أية امرأة من الأقليات أو أي طفل أو أي رجل من ذوي البشرة السمراء يتعرض للقتل في الشارع، لا أستطيع إقصاء نفسي عن مواقف كهذه”.

وما الذي يبث الأمل في نفس ريهانا؟، تقول: “أرى أن الشر قد دفع الناس نحو البحث عن شعاع النور القابع داخلهم ليتصرفوا على نحو أفضل”، وأردفت: “يكون الأمر سهلاً عندما تعتقدين أن كل شيء يسير على خير ما يرام. عندما تظنين أنكِ تعيشين وسط عالم وردي تحلّق فيه الفراشات، عندما تعيشين داخل فقاعتكِ، داخل عالمكِ الخاص. ولكن عندما تخوضين تجربة للشر وتعلمين بوجوده – هذا هو ما يدفعكِ لأن تكوني أنتِ شعاع النور الذي سيضيء هذا العالم”.

في الليلة السابقة لإجراء هذا الحوار، شوهدت ريهانا بأحد المطاعم في مدينة سانتا مونيكا مع والدتها وحبيبها المزعوم رجل الأعمال السعودي حسن جميل. وفي لحظة ما، سأطلعها على رغبتي في التطرق للحديث عن حياتها الشخصية، وهو الجانب الذي لا تحب ريهانا الخوض فيه عموماً. هل تواعد ريهانا أحدهم؟، “نعم، أنا أواعد. في الحقيقة، أنا الآن أعيش علاقة استثنائية جداً منذ فترة، وهي تسير على خير ما يرام. وأنا سعيدة جداً بهذه العلاقة”، (نعم، فهي تريد أن تنجب أطفالاً “بكل تأكيد”).

وعلى صعيد آخر، تتنامى إمبراطوريتها بشكل منقطع النظير. فقد تنامى إلى معجبيها أخبار تفيد بأنها تقدمت بطلب لدى مكتب براءات الاختراع والعلامات المسجلة الأمريكي لتسجيل “فنتي سكين”، وهو ما يمثل بارقة أمل تعني أن هناك خط للعناية بالبشرة قيد التحضير. وهناك أيضاً تعاون قادم بينها وبين المغني الأمريكي ليل ناس إكس. ورغم أنها لم تكشف عن أي تفاصيل بخصوص هذا التعاون، ولكنها أوضحت “أنه قد لا يكون له علاقة بالموسيقى”. وعلاوة على ذلك، تشير الدلائل إلى أن ألبومها R9 أوشك على الانتهاء.

يذكر أن ريهانا سوف تقضي أغلب وقتها حتى بقية هذا العام في كل من لندن وباريس ولوس أنجليس؛ حيث ستمكث بالمنزل أو تتنقل فيما بينها. “إنني أشعر بتغير حقيقي في حياتي. فأنا أكبر في السن. وأصبحت أهتم بأشياء لم أكن أهتم بها من قبل”، مثل ماذا؟ “مثل المكملات الغذائية، وممارسة الرياضية، والاطمئنان على سلامة عظامي”، يا لها من كلمات تبدو مملّة بالنسبة لريهانا.

ولكن قبل كل شيء، ستقيم ريهانا حفل “دياموند بول” السنوي الرسمي المعنى بجمع التبرعات لصالح مؤسستها. ومن بين الضيوف الذين يحتشدون بساحة الحفل في الطابق فوق الأرضي ميا أمور موتلي رئيسة وزراء باربادوس. وبسؤالها عن ما تعنيه ريهانا لشعب بلدها، أجابت موتلي: “إنها مواطنة ذات شعبية عالمية تنحدر من أصول باجانية، لها أثر ممتد في النفوس، ليس من خلال ما تقدمه كمطربة ورائدة أعمال فحسب، ولكن أيضاً من خلال مساعدة الناس العاديين لكي يحييوا حياة أفضل”.

اعتلت ريهانا المسرحة متألقة بفستان مخملي أسود بياقة عالية مزدان بذيل مثل ذيل حورية البحر باللون الأبيض –يحمل توقيع مصممة جيڤنشي المبدعة كلير وايت كيلر– لتقدم موتلي ضمن الضيوف المكرمين في تلك الليلة وبصفتها “أول امرأة تتولى منصب رئيسة وزراء باربادوس”. وأضافت ريهانا: “أخمن أنها أول رئيسة وزراء تحضر حفل عيد ميلاد تو تشينز لاحقاً الليلية”. صعدت موتلي على المسرح وعلى وجهها ابتسامة عريضة، وقالت: “أود أن أشكر هذه الفتاة. لقد كنت وزيرة للتعليم عندما كانت هي بالمدرسة. ومن دواعي فخري واعتزازي أن أراها تحقق حلمها بنجاحها المهني وبناء إمبراطورية كاملة”.

وإجمالاً، تم جمع تبرعات وصلت لأكثر من 5 مليون دولار أمريكي. ولكن، لم تنته الأمسية عند هذا الحد، فقد انضمت ريهانا إلى فاريل ويليامز على المسرح ليصدحا معاً بأغنية “ليمون” التي حققت نجاحاً كبيراً عام 2017 بالاشتراك مع فرقة N.E.R.D، وبعدها بدأ الزخم على حلبة الرقص التي انضم إليها كل من آيساب روكي، وميغان ذي ستاليون. وفيما بعد، تسللت ريهانا بين الحضور إلى طاولة كان يجلس عندها جدها ليونيل وأمها مونيكا فنتي؛ حيث كانا يتمايلان رقصاً في مقعديهما لتسترق حضناً دافئاً من حبيبها جميل، ذلك الشاب الوسيم طويل القامة بهيّ الطلة والمتألق ببذلة توكسيدو سوداء غاية في الأناقة. وأخيراً، توجه الحضور للانصراف ومعهم ريهانا بعد أن تخطت مؤشرات عقارب الساعة منتصف الليل بكثير، عقب مشاهدتهم لإبداعات “فنتي بيوتي” وعرض مميز للملابس الداخلية من ساڤيدج، لينطلقوا بعدها وسط الليل بأجوائه الحارة والرطبة.

اقرؤوا أيضاً: هذا ما تعنيه ’قيم ڤوغ‘ التي يتحدث عنها الجميع

فريق العمل

تصوير: إيثان جايمس جرين
تنسيق الأزياء: توني غودمان
بقلم: آبي آغواير
تصفيف الشعر: يوسف ويليامز
المكياج: كاناكو تاكاسي
إنتاج: بيلهاوس ميكرز
تصميم الخلفية: جوليا واجنر

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع