اتفق جميع رؤساء تحرير ڤوغ حول العالم في شهر مارس الجاري على ضرورة استغلال هذا الشهر المهم على جدول فعاليات الموضة في تسليط الضوء على الإبداع والاحتفاء به بحيث يكون الفكرةَ التي يرتكز إليها العدد الذي يقدمه كلٌ منّا. ففي زمن يواجه فيه العالمُ تحديات عديدة، قد تحملنا البهجة، التي نشعر بها عند رؤية عبقرية مصمم أزياء أو فنان أو شيف أو ممثل، إلى مكان أكثر هناءً وسعادةً ولو لحظات خاطفة بصورة أكبر من ذي قبل. فقد تنقلكِ نغمات أغنيتكِ المفضلة وأنتِ تستمعين إليها في منزلكِ مغلقة العينين إلى مكان قاصٍ. وماذا يحدث حين ترتدين أزياءً راقية وتشعرين بجمالكِ حتى لو كنتِ في المنزل؟ لا شك أن ذلك سيبعث في نفسكِ إحساسًا بالرضا على الفور.
ومن المؤسف أن أعمال المبدعين لم تكن تلقى التقدير الذي تستحقه في كثير من الأحيان على مر التاريخ. وخير مثال على ذلك الرسام ڤينسنت ڤان جوخ، الذي مات بائسًا فقيرًا بعد أن فقد جزءًا من أذنه، ولم يحظ بالإشادة والثناء سوى بعد رحيله. وعلى مدار سنوات مسيرتي المهنية في دنيا الموضة، لم أعد أحصي كم مرة سمعت فيها هذا التعليق “هيا، إنها مجرد ملابس؛ إنك لا تنقذ أرواح البشر”. وبطبيعة الحال، أدركُ أن ثمة أنشطة وأعمال أخرى تتساوى معها في الأهمية أو قد تكون أهم منها، ولكن لا يسعني سوى التفكير في أن زملائي في المجالات الإبداعية أبطالٌ يعملون في صمت في ظل ظروف قاسية في أحيان كثيرة، ولكن ذلك لم يمنعهم من أن يقدموا لعالمنا الجمال والرؤى العميقة والألوان.
ويصادف شهر مارس الجاري مرور أربع سنوات على صدور ڤوغ في العالم العربي. وقد جعلني ذلك أدرك أنه رغم أن الإبداع لا يقتصر على منطقة بعينها، من المنطقي أن نركز عددنا على الحركة الإبداعية في منطقتنا. ودعونا نبدأ بأغلفة العدد: فرغم أن هذه الصور، التي التقطها في مراكش المغربيُ الموهوبُ الصاعدُ في عالم التصوير، مس المرابط، ربما تنطوي على بريق أقل من تلك التي نعطيها الأولوية عادةً، ثمة أمرٌ شديد التفاؤل والعمق في هذه اللقطات لدرجة أن أغلب أعضاء الفريق –وليس كلهم، فالإبداع أيضًا يجب أن يكون محل خلاف– ذهلوا حين شاركتهم المسودة الأولى من أغلفة عدد مارس.
آمل أن تشعروا وأنتم تتصفحون هذا العدد بالفخر والفضول تجاه قصص النجاح التي نلقي عليها الضوء، بدءًا من مغنية الأوبرا المصرية التي سحرت العالم، ومرورًا بالمديرة بوزارة الخارجية والتعاون الدولي بالإمارات التي تؤكد أن عالمًا من الفرص أصبح مفتوحًا أمام المرأة الإماراتية، ووصولًا إلى الملف الذي نقدمه عن مجتمع من المبدعات العربيات الشابات اللواتي أحدثن ضجة في نيويورك، واللواتي التقطت صورهن المصورةُ التونسية أميمة بن تنفوس.
وفي عام حَفِلَ بكثير من العقبات والعراقيل، أود أن أختم كلمتي هذه بتوجيه الشكر إلى جميع أفراد أسرة المجلة الذين شاركوا في خروج ڤوغ العربية إلى النور، بدايةً من العاملين داخل مقر المجلة، ومرورًا بالمساهمين الخارجيين، ووصولاً إلى المعلنين الذين قدموا لنا كل الدعم رغم ما يعانونه من مشكلات تجارية، وبالطبع قارئاتنا وقرّائنا الكرام. فأنتم مَن يحثّنا على بذل الجهد لساعات طويلة في كل ما نقوم به. إنها مجلتكم، لذا عيد ميلاد سعيد لكم أنتم أيضًا.
نُشِرَ لأول مرة على صفحات عدد مارس 2021 من ڤوغ العربية