من عرض غوتشي كروز 2019. الصورتان بإذن من غوتشي
مع تواصل عروض مجموعات كروز 2019 المذهلة، وصل عشَّاق الموضة وجمهورها ليل الأربعاء إلى أليسكامبس، وهو مدفنٌ رومانيٌّ متداعٍ (مدرج على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي) يقع خارج أسوار مدينة آرل المطلّة على نهر الرون جنوب فرنسا. ونحن هنا لنشهد مجموعة الكروز الرابعة التي أبدعها أليساندرو ميشيل لصالح العلامة العريقة في المقبرة الرومانية – والسؤال الذي يدور في خلد الجميع هو: تُرى، كيف ستتواصل عظمة غوتشي؟
وكانت العواصف الهوجاء التي عمّت جنوب فرنسا -التي كانت تعكّر صفو أجواء عروض الكروز- قد تلاشت وانقشعت السماء، ووصلنا في ظل غسقٍ معتدلٍ يُضيئه طريقٌ مكونٌ من آلاف الشمعدانات.
من عرض غوتشي كروز 2019. الصورتان بإذن من غوتشي
هناك دوماً نوعٌ من الإثارة والتشويق يسبق كلَّ عرضٍ من عروض غوتشي – شيء من الأيديولوجيا الفكرية والتمرُّد يلوح في الأجواء، بينما نجلس في انتظار اكتشاف طبيعة العرض البصري الذي ينتظرنا. وبينما يضيء خطٌّ من النار [الشموع المضيئة] منصةَ العرض، مع ظهور 114 عارضة وعارض أزياء من بين ضبابٍ شبحيّ على وقع ألحان أغنية للموسيقار كلاوديو مونتيڤيردي، من الواضح أنَّ العرض الخيالي سيستمرٌّ.
تميَّز ذاك العرض بالطبع بتضارب الأنماط الذي أصبح الآن القاعدة المتبعة، مع باقة متنوعة من الألوان في مزيجٍ مذهل من طبعات الأزهار والألوان المعدنية والخطوط والنقوش المتقاطعة مع طابع الروك آند رول المميّز على طريقة غوتشي. إلا أنه هذه المرة كان هناك بالمجمل مزاجٌ أثيريٌّ طاغٍ؛ والذي تمثّل في صندوق كنزٍ من أقمشة ثرية وزخارف مشبعة بدلالات تاريخية. وعبر المزاوجة في القصات بين نمط أواخر السبعينيات وذلك الخاص ببداية الثمانينيات، فقد شهدنا كلَّ شيءٍ، من نسيج التويد الإنجليزي، إلى السترات المبطّنة المزركشة بطبعات الأزهار، وحتى التصميم القائم على طبقة فوق طبقة من الشيفون المصبوغ بطريقةٍ جميلة مع إكسسوارات لامعة مثيرة.
من عرض غوتشي كروز 2019. الصورتان بإذن من غوتشي
ومع خروج الصف الأخير من العارضات والعارضين على وقع ألحانٍ انتهت بأغنية قدّاس لراحة نفس صديقي للملحن البولندي الشهير زبيغنيو بريسنر، سيطر صمتٌ مطبقٌ من شدة الدهشة لنحو خمس دقائق بين الحضور بينما كانوا يحاولون استيعاب ما لا يمكن وصفه إلا بأنَّه الجمال في أنقى صوره.
وكما لو أن الأمور كانت بحاجةٍ لتصبح سرياليةً أكثر، فقد كان ينتظرنا ضيفٌ مهمٌ بعد نهاية العرض، مرتدياً بذلة من غوتشي مفصَّلة من الموهير الأسود وذات طيّة صدر مستدقة تميِّزها تطريزات زهرة سوداء ويرتدي نظاراته الكريستالية ذات النجوم الفضية المميِّزة، حيث أدَّى السير إلتون جون أغاني كلاسيكية شهيرة مثل أغنية “روكت مان” وأغنية “أعتقد أنه لهذا السبب يسمونها البلوز”، وبذلك أُسدِل الستار على أمسيةٍ تكاد تكون تثقيفاً غامراً للحواس.
من عرض غوتشي كروز 2019. الصورتان بإذن من غوتشي
وأثناء مغادرتنا، كان من الواضح أنه لدى أليساندرو ميشيل رسالة واضحة وهامة للغاية لنا جميعنا مفادها أنَّ الموضة، مثل الفنّ، يجب أن تستثير [حواسنا] وأن تكون مشحونة، ليس فقط بردة فعلٍ جسمانية بل أيضاً عاطفية، وبذلك يتركنا كالعادة مع شيءٍ نحاول استيعابه.
موضوع متصل: كروز 2019: لوي ڤويتون تقدِّم عرضاً فنيَّاً انتقائياً مذهلاً
