تابعوا ڤوغ العربية

مع تألق العارضات العربيات.. تعرفي إلى الجيل الجديد من نجمات عروض الأزياء بالمنطقة

نورا، ونور، وحياة، وليلى، ومليكة - بعدسة دان بليو لعدد ديسمبر 2019 من ڤوغ العربية

نورا، ونور، وحياة، وليلى، ومليكة – بعدسة دان بليو لعدد ديسمبر 2019 من ڤوغ العربية

داخل استوديو في غرب لندن، يعكف المصور الفوتوغرافي دان بليو على فحص عدسات الكاميرات فيما تقوم خبيرة المكياج ليزا إلدريدج بوضع الرتوش الجمالية الأخيرة على وجوه خمس عارضات عربيات هن: نورا، ونور، وحياة، وليلى، ومليكة، اللواتي كنّ يملأن الغرفة بثرثرتهن المثيرة، ويتقنّ للعبث بالأجهزة المنتصبة استعداداً لجلسة التصوير. لو عادت هؤلاء العارضات لأواخر الثمانينيات وتأملن عارضات الأزياء المعروفات في تلك الآونة وأسلوب أزيائهن الذي يعكس تلك الفترة، لأدركن أنهن جميعاً يمثلن نساءً وُضِعَت هوياتهن في قالب نمطي على مدار قرون من الزمان.

في مجاليّ الموضة والتجميل، يتغيّر مسار كل شيء بشكل مضطرد. فقد استطاعت العارضات العربيات بكل عزم وتصميم أن يحفرن لأنفسهن أسماءً من ذهب في سماء الموضة فيما دأبن على تغيير نظرة العالم للمرأة العربية والمرأة المسلمة أيضاً. فهذا الجيل الجديد من العارضات الشابات -اللواتي حظين بقسط وافر من التعليم ولا يخشين شيئاً- يهدف إلى تحطيم الحواجز الثقافية والاجتماعية، وفتح أبواب الحوار في المنطقة وخارجها عبر الموضة. واليوم، صارت كل الوجوه المعروفة من عارضات الأزياء يهدفنّ إلى أن يكنّ مصدر إلهام للشابات العربيات عبر الموضة وتشجيعهن على حمل راية التغيير فيما يحتفين بأصولهن العربية في الوقت نفسه، ومن بين هؤلاء العارضةُ المغربية نورا عتّال، والعارضة الجزائرية حياة مكارثي، بالإضافة إلى عدد من العارضات الصاعدات أمثال العارضة اللبنانية نور رزق، والعارضة المصرية ليلى كريم غريس، والعارضة المغربية مليكة المصلوحي. “بات للشرق الأوسط تأثير أكبر من ذي قبل على عالم الموضة، وأنا سعيدة بالمشاركة في تمثيل المنطقة على هذا النحو. الكثيرات من السيدات العربيات يلهمنني بما يقمن به، بدايةً من الدفاع عن حقوق الإنسان، ومروراً بنجاحهن كرائدات أعمال في مجال التجميل، ووصولاً إلى صانعات الأفلام اللواتي يسلطن الضوء على معاناة المرأة في الشرق الأوسط”، هكذا أوضحت عتّال التي تألقت على غلافيّ ڤوغ العربية وڤوغ البريطانية عام 2017.

حياة مكارثي بعدسة دان بليو لعدد ديسمبر 2019 من ڤوغ العربية

حياة مكارثي بعدسة دان بليو لعدد ديسمبر 2019 من ڤوغ العربية

ومن الأهمية بمكان النظر للنساء العربيات كنموذج يحتذى به، كما أن الوقوف عند قصص نجاحاتهن والإشادة بها سيسهم بكل تأكيد في تشجيع جيل اليوم من الشابات بالمنطقة على إحداث تغيير، بحسب المصلوحي. تقول: “في نطاقي الضيق، أصبحتُ مرجعاً للعديد من الشابات اللواتي لا يكففن عن إخباري كم هن فخورات برؤية فتاة عربية تمثلهن على منصة عالمية. وهذا ما يمنحني كل يوم الطاقة التي تمكنني من مواصلة الاضطلاع بهذا الدور، وتقودني لمحاولة تقديم صورة إيجابية للمرأة العربية بحيث يمكننا المضي قدماً على نحو بنّاء وتدريجي. إننا –مثل كثير من النساء– نحاول الخروج من شرنقة تلك القواعد التي ظلت راسخة على مدار أجيال”. وفي حين بدأت المرأة العربية تسير على خطى ثابتة وأضحت تكتسب زخماً في قطاعيّ السلع الفاخرة والموضة، كان نادراً ما يتم الاعتراف بالعارضات اللواتي ينحدرن من منطقة الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا، حتى وقت قريب. وفي بداية هذا العقد، أسهم عدد لا يتعدى أصابع اليد الواحدة من العارضات في تهيئة الأجواء لغيرهن، ومن بين هؤلاء العارضةُ التونسية هناء بن عبد السلام التي تعدّ أول سفيرة مسلمة لعلامة لانكوم، وإيمان همام وهي أول عارضة من أصول مغربية ومصرية تسير على منصة عرض أزياء علامة ڤيكتوريا سيكريت التي تضم عروض أزيائها وحملاتها الإعلانية عادةً فئة قليلة فقط من العارضات اللواتي ينحدرن من أصول إفريقية وآسيوية، إلى جانب فريق دائم من أصل قوقازي، مهمشةً في الغالب المرأة العربية.

كان ثمة وقت شاركت فيه عارضات عربيات في أهم عروض الأزياء لدى عز الدين عليّة، وباكو رابان، وإيڤ سان لوران، وكنّ حينها مصدر إلهام لبنات جيلهن. فمن أواخر السبعينيات وحتى التسعينيات، أحدث ظهورُ العارضة الجزائرية فريدة خلفة والعارضةُ التونسية عفاف جنيفان طفرةً كبيرة في هذا المجال. فكلٍ منهما تتمتع بشخصية متوهجة وقوام مميز على نحو استثنائي في ذلك الوقت، حيث كان قطاع السلع الفاخرة يضم بصفة أساسية العارضات اللواتي ينحدرن من أصل قوقازي لجذب العميلات الغربيات. كما أنهما تركتا أثراً لا يُمحى في مجال الموضة – أثراً طال بنات جيلهما وما بعده. “هاتان السيدتان كانتا رائعتين على نحو لا يصدق”، هكذا وصفتهما كارلين سيرف دي دودزيلي منسقة الأزياء الفرنسية الأسطورية ومحررة الموضة التي قامت بزيارة المملكة العربية السعودية مؤخراً لحضور مؤتمر “مستقبل الأزياء”، وأضافت: “لقد كانتا مذهلتين للغاية، وكان لهما حضور طاغٍ على منصة العرض”.

وكانت فريدة تدرك تماماً أن كونها امرأة عربية في صناعة تهيمن عليها البيضاوات يضعها أمام تحدٍ لا ينتهي. تقول: “لم يكن الأمر سهلاً. فقد كان يصعب عليّ استيعاب ذلك؛ فرغم أنني غير مسلمة، لم يكن الوقوف واتخاذ الأوضاع لالتقاط الصور أمراً سهلاً، كان ذلك أشبه بأنكِ تعرضين نفسكِ. فكيف عساكِ ستعرضين نفسكِ وكيف ستتعاملين مع هذا الأمر وأنتِ لا يتجاوز عمركِ 16 عاماً ولا تعرفين شيئاً عن العالم؟ لقد كان أمراً صعباً، ولكن لحسن حظي كنتُ أعمل مع أناس لطفاء وتعاملوا معي بصبر جم – كم كنت محظوظة”. وعلى الرغم من ذلك، لم يفتح نجاحُها الأبوابَ أمام دخول المزيد من العارضات العربيات المجال. إذ نادراً ما كنا نرى عارضات عربيات يشاركن في عروض الأزياء والحملات الإعلانية المهمة، إلى أن ظهر على الساحة منذ خمس سنوات الشقيقتان جيجي وبيلا حديد، العارضتان اللتان تنحدران من أصول فلسطينية وهولندية.

نورا، ونور، وحياة، وليلى، ومليكة - بعدسة دان بليو لعدد ديسمبر 2019 من ڤوغ العربية

نورا، ونور، وحياة، وليلى، ومليكة – بعدسة دان بليو لعدد ديسمبر 2019 من ڤوغ العربية

هل يُعزى افتقارُ تمثيل المرأة العربية الذي رأيناه على مر الزمن إلى رفض العارضات العربيات عرض أنفسهن احتراماً للاعتبارات الثقافية الحساسة؟ أم أنه يعود لخوف محترفي الموضة من استكشاف مواطن الأنوثة العربية لأسباب ترتبط بصفة أساسية بالاعتبارات الدينية والاجتماعية والسياسية؟ ترى سيرف دي دودزيلي أن هذا السؤال في حد ذاته في غير محله، قائلةً: “الجمال شأن عالمي. وليس حتى من الضروري على الإطلاق السؤال عن أصل العارضة أو لون بشرتها، بل وينبغي أيضاً ألّا يرتبط تحديد معايير الصناعة ببعض الصفات الجسدية. وبالنسبة لي، لطالما كان العملُ مع فريق من العارضات المتنوّعات أمراً طبيعي للغاية – النساء العربيات رائعات، فلهن سحر خاص، وحسنهن لا يضاهى”.

اقرئي أيضاً: هكذا أصبحت أمينة المعادي أفضل مصممة أحذية خلال العام

على الرغم من استمرار الجدل بين الرأي العام حول قضية تطور المرأة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، يضطلع آخر مَن حملن رايةَ المرأة العربية في مجال الموضة بأدوارهن على أكمل وجه. وكونهن ينتمين لجيل ما بعد الألفية، فهن يطلقن الإمكانات الجديدة للنساء العربيات، خطوة بخطوة – وفي الوقت نفسه يحافظن على تواضعهن ووداعتهن. “لا يوجد أحد فريد من نوعه”، كانت هذه إجابة العارضة حياة مكارثي عندما سئلت عن ما يميّزها بين العارضات العربيات. وأضافت: “لا أرى هذه المراتب ولا أفخر بها. ولا أحد أحسن من الآخر. ويمكننا تمكين السيدات العربيات عندما نسألهن عن قصصهن”.

وترى غريس إن الاضطلاع بدور ريادي كامرأة عربية في مجال الموضة والأزياء يعني إثبات ذاتكِ دون الوقوف أمام المفاهيم القياسية للجمال. “يمكن للنساء العربيات أن يشعرن بالقوة والجمال دون التشبّه بالغربيات ودون التخلي عن شعورهن بالفخر لكونهن عربيات”. وبالطبع، كانت النساء العربيات قد بدأن في سرد قصصهن لإرساء مفاهيم جديدة للتعبير عن الذات داخل المنطقة وخارجها. ومع ذلك، ذكر ريتشارد هابرلي الذي يدير أعمال النجمة ناومي كامبل، وكذلك أعمال العارضة نور رزق -أحدث عارضة يتولى رعايتها- أن الطريق لا يزال طويلاً أمام المرأة العربية إلى أن يُعترَف بها في قطاع السلع الفاخرة. يقول: “تفتقر علامات مستحضرات التجميل الكبرى في بعض الأحيان إلى وجه عربي، ولهذا، استشرفت في نور هذه الميزة الرائعة. فقد شاركت بالفعل وهي ابنة 18 عاماً في عرض أزياء ألكسندر مكوين، كما أطلت على غلاف ڤوغ العربية. وهكذا، لا أرى أي سبب يمنع كبرى العلامات في مجاليّ الموضة والسلع الفاخرة من الاستعانة بها في عام 2020″.

مليكة ونورا - بعدسة دان بليو لعدد ديسمبر 2019 من ڤوغ العربية

مليكة ونورا – بعدسة دان بليو لعدد ديسمبر 2019 من ڤوغ العربية

واليوم، باتت الفرصة مواتية أكثر من أي وقت آخر أمام المرأة العربية لأن تحتل مكانة بارزة على مستوى قطاع المنتجات الراقية والأزياء والتجميل. ومن منطلق حقيقة استقلالها الاقتصادي المتنامي وقوتها المتزايدة، يمكن القول إن المرأة العربية باتت قوة جاذبة يحسب لها الحساب في المجتمع. هذا وقد أكدت تقارير حديثة صادرة عن مؤسسة غولدستين ريسيرش أن قاعدة العملاء من الشباب والمستهلكين الموسرين بالشرق الأوسط تجعل من المنطقة سوقاً عالمية واعدة لشراء السلع الفاخرة، سواء من المحال مباشرةً أو عبر الإنترنت، جنباً إلى جنب الصين والولايات المتحدة اللتين لا تزالان تحتلان الريادة كأسواق تجزئة متنامية للمنتجات الراقية على مستوى العالم. ومن المتوقع أن تحقق السوق المحلية مبلغاً وقدره 22.4 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025 نظراً للأهمية المتزايدة للمستهلكين من جيل الألفية – وهذا هو أيضاً السبب عينه الذي من أجله من المنتظر أن تغدو العارضاتُ العربيات الجيلَ القادم من السفيرات ورائدات الموضة اللواتي ستزين وجوههُن حملاتَ وعروضَ علامات السلع الفاخرة. ومع ذلك، لا يزال العالم العربي يفتقر إلى وجود سفيرات قويّات يرتقين للمستوى العالمي لتمثيل العلامات نظراً لانشغالهن المتواصل بتحقيق المساواة بين الجنسين وسعهين الدؤوب وراء استعادة هويتهن العرقية. وفي حين أن كبرى العلامات باتت تستثمر بالفعل في رائدات الموضة المنحدرات من أصول عربية، فإن هؤلاء رغم شهرتهن الواسعة وتأثيرهن القوي لا يلبين سوى احتياجات الجمهور المحلي فقط دون الدولي مثلما تفعل نظيراتهن في المجتمعات الأفروأمريكية أو اللاتينية. وقد بدأت النساء العربيات للتو في إرساء مفاهيمهن الثقافية الخاصة على مستوى العالم، حيث باتت القوانين والتقاليد أقل تقييداً في شتى أنحاء العالم. ومن المنتظر أن يحظين بالزخم على المستوى العالمي عبر الأصوات العالمية المعنية بالثقافة الشعبية وقطاع الترفيه.

وعبر إثبات حنكتها في العمل –من خلال إضافة قيم فريدة إلى الصناعة المحلية، سواء كرائدة أعمال أو مصممة أو شخصية مؤثرة أو مبتكرة– بالتوازي بين مختلف القطاعات، فإنها بذلك تضع اللبنة الأساسية لبناء عاصمة للأنثى العربية تفيض بفرص التمكين. تقول نور رزق: “التمكين يعني التعبير عن النفس. الأمر يتمحور حول التعبير عن هويتكِ وعن المكان الذي جئتِ منه – كل ذلك الجمال في كونكِ امرأة عربية اليوم. كلما أظهرتِ التنوع فيما تقدمين ستمكنين نفسكِ وكلّ السيدات العربيات من حولكِ”.

اقرئي أيضاً: غلاف عدد شهر ديسمبر 2019: ڤوغ العربية تحتفي بالعارضات العربيات

تصوير دان بليو

تنسيق الأزياء كيتي تروتر

تصفيف الشعر تيجي أوتسومي من وكالة بريانت أرتيستس

المكياج ليزا إلدريدج من وكالة ستريترز

العناية بالأظافر سيلڤي ماكميلان من وكالة M+A

الديكور آنا سبييرا من سوان وكالة إم جي إم تي أرتيستس

إنتاج دون موريت

مسؤولة تجارب الأداء تاشا تونغبريتشا

العارضات نورا عتّال من وكالة دي إن إيه موديلز، ومليكة المصلوحي من وكالة دي إن إيه موديلز، وليلى كريم غريس من وكالة آي إم جي، وحياة مكارثي من وكالة آي إم جي، ونور رزق من وكالة موديلز 1

مع خالص الشكر لفندق ماريوت بارك لين

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع