تابعوا ڤوغ العربية

هكذا ارتبطت المجوهرات تاريخياً بحياة الملكات والأميرات حول العالم

عقدٌ من البلاتين والذهب مرصعٌ بالفيروز والألماس من ڤان كليف آند أربلز

عقدٌ من البلاتين والذهب مرصعٌ بالفيروز والألماس من ڤان كليف آند أربلز

رغم القول المأثور الذي يفيد بأن “الألماس يظل ألماساً في أي مكان”، فإن بريق ذلك الألماس لا يتجلّى للعيان إلا بعد قصّ الحجر وصقله بعد استخراجه، وهي مراحل تطوّر الألماس التي تستوجب عناية دقيقة بالتفاصيل، وتستلزم تخطيطاً متقناً، وحساب الأبعاد بدقة متناهية كي يخرج الحجر في النهاية بأبهى صِوَره وأروعها. ولكن، هل يختلف ذلك عن مراحل تطوّر حياة أبناء العائلات الملكية حتى يتسنّى لهم في النهاية حكم ممالكهم على نحو رشيد؟ إطلاقاً، ففي حالة أبناء العائلات الملكية يمثّل الأمر تتويجاً لمزيج من اللحظات الجميلة والأوقات العصيبة، أما في حالة الألماس فينطوي الأمر على مزيج من فنون وأساليب قصّ حواف الحجر وصقل أوجهه بمهارة فائقة.

بوتيك ڤان كليف آند أربلز في نيس، حوالي عام 1925

متجر ڤان كليف آند أربلز في نيس، حوالي عام 1925

قبل أن تتلألأ أحجار الألماس أو غيرها من الأحجار الكريمة وتعرف طريقها إلى تزيين تاج الملك أو قلادة الملكة، لا بد أن تمرّ تلك الأحجار قبل ذلك على أيادي الحِرفيين المشبّعين بالأصالة من ذوي المواهب الفذة. ومما لا شك فيه أن إجادة مهارات انتقاء أفضل أنواع الألماس وغيره من الأحجار الكريمة الجديرة بدخول حياة الشخصيات الملكية وتزيين مجوهراتهم تستلزم مواهب نادرة وفريدة من نوعها. ولهذا السبب، نجد قصص هؤلاء المحترفين تُحكى جنباً إلى جنب الروايات التاريخية عن النبلاء. وعلى هذا النحو، تروي الفقرات التالية بشيء من التفصيل تاريخَ ڤان كليف آند أربلز، تلك الدار الاستثنائية في صناعة المجوهرات التي طالما ارتبط اسمها بأهم الشخصيات الملكية في مختلف قارات العالم.

العقد الأول من القرن العشرين

ألفريد ڤان كليف وإيستيل أربلز يوم زفافهما، عام 1895

ألفريد ڤان كليف وإيستيل أربلز يوم زفافهما، عام 1895

تبدأ القصة عند الكثيرين بالوقوع في الحب، وهو ما حدث أيضاً مع ڤان كليف آند أربلز ، حيث بدأت قصة هذه الدار عندما تزوجت إيستيل أربلز، ابنة تاجر للأحجار الكريمة، من ألفريد ڤان كليف، ابن فنيّ متخصص في قصّ الأحجار الكريمة أيضاً. وقد كُلِّلَ هذا الحب المتبادل للأحجار الكريمة بزواجهما عام 1895، ومن ثم أسفر عن تأسيس الدار في البناية رقم 22 بساحة ڤاندوم، عام 1906. وجمعت هذه الشراكة التجارية بين ألفريد وأشقّاء زوجته الثلاثة -تشارلز، وجوليان، ولويس- الذين كانوا يتمتعون بخبرات واسعة في بيع الأحجار الكريمة وتسويقها. وتجلّت رؤيتهم واضحةً في اختيارهم للمكان الذي افتتحوا فيه أول متجر لهم، والذي كان يقع مقابل فندق ريتز – وهو فندق فاخر في قلب العاصمة الفرنسية باريس كان يرتاده باستمرار الأرستقراطيون الأوروبيون، وكبار رجال الأعمال من الولايات المتحدة. ولم يمض وقت طويل بعد الافتتاح حتى سطع اسم ڤان كليف آند أربلز في أنحاء القارة باعتبارها من روّاد صناعة المجوهرات الراقية.

خلال العشرينيات

بروش على شكل طائر، من البلاتين المرصع بالياقوت والزمرد والصفير والعقيق اليماني والألماس

بروش على شكل طائر، من البلاتين المرصع بالياقوت والزمرد والصفير والعقيق اليماني والألماس

أبدعت الدارُ خلال السنوات الأولى من تأسيسها قطعتين مميّزتين، عبارة عن سوار رقيق وبروش على شكل باقة زهور. ولدار ڤان كليف آند أربلز أسلوبها الواقعي إلى حد بعيد في ترصيع أحجار الألماس والياقوت، ما جعلها تستحق عن جدارة نيل الجائزة الكبرى في المعرض الدولي للصناعات الحديثة وفنون الديكور عام 1925. وتولّت الحكومة الفرنسية تنظيم هذا المعرض الداعم للتصميم في جميع المجالات، ما شكّل منصة ذهبية أمام الدار لعرض إبداعاتها غير المحدودة، ومنها الأساليب والخبرات الفنية الجديدة في عالم المجوهرات.

بروش مستدير، من البلاتين المرصع بالزمرد والعقيق اليماني والألماس

بروش مستدير، من البلاتين المرصع بالزمرد والعقيق اليماني والألماس

وواصلت ڤان كليف آند أربلز استحداث الأساليب الجديدة والمبتكرة، حتى طالعتنا بواحدة من أكثر إنجازاتها ابتكاراً، ألا وهي طريقة “الترصيع الغامض” التي حصلت بشأنها على براءة اختراع عام 1933. وتنطوي هذه الطريقة على ترصيع الأحجار دون مشابك مرئية، ما يُظهِر بريق الأحجار دون أن يحجب جمالها شيء. بيد أن هذه الطريقة تستلزم نحو 300 ساعة إضافية من العمل على كل قطعة، فكانت النتيجة للأسف ندرة إنتاج القطع المرصعة بهذه الطريقة كل عام.

 

خلال الثلاثينيات

الملكةُ نازلي ملكة مصر (1894-1978)، وابنتُها من زوجها الملكِ فؤاد الأول الأميرةُ فوزية، وزوجة شاه إيران (1921-2013)

حفل زفاف الأميرة فوزية على ولي عهد إيران محمد رضا بهلوي، عام 1939. تظهر في الصورة الملكة نازلي إلى يمين العروسين.

حفل زفاف الأميرة فوزية على ولي عهد إيران محمد رضا بهلوي، عام 1939. تظهر في الصورة الملكة نازلي إلى يمين العروسين.

كانت ‏نازلي صبري من الشخصيات البارزة والفاتنة في المجتمع، حتى قبل أن تنصب ملكة على عرش مصر. وكانت تنحدر من أصول تركية وفرنسية، وهي حفيدة من جهة الأم للواء محمد شريف باشا رئيس الحكومة ووزير الخارجية في عهود سابقة. وتلقت تعليمها في مدرسة الليسيه لا مير دو ديو في القاهرة ثم في مدرسة راهبات نوتر دام دو سيون بالإسكندرية، قبل التحاقها بمدرسة داخلية بفرنسا عقب وفاة والدتها. وهذا ما جعلها تعشق كل ما هو فرنسي، إلى جانب العديد من شخصيات المجتمع الراقي بالقاهرة في ذلك الوقت. ولدى عودتها إلى القاهرة، أُجبِرَت على الزواج من ابن عمها وكانت زيجة فاشلة انتهت بطلاقها منه بعد فترة قصيرة من الزواج. وبعدها، خطبت إلى رجل مصري وهو أيضاً عضو بارز في المجتمع ثم باتت تُعرف بين الأوساط الاجتماعية بالقاهرة عقب فسخ خطبتها بكونها فتاة جميلة وأنيقة غير محظوظة في الحب.

بدأت رحلتها إلى عرش مصر عندما التقت بالسلطان فؤاد سلطان مصر في أحد عروض دار الأوبرا. وتقدم السلطان الذي يكبرها بـ25 عاماً إلى خطبتها عام 1919، ثم سرعان ما تمت مراسم الزفاف. وبعد الزواج، عاشت الملكة نازلي في الحرملك إلى أن أنجبت ابنها فاروق (جلالة السلطان فاروق ابن الملك فؤاد ووريث عرش مصر والسودان) عام 1920، والذي بعد ميلاده حصلت على لقب ملكة مصر وانتقلت لتعيش في قصر القبة.

علبة من الذهب الأصفر مزدانة بطائر كناري ومرصعة بطريقة الترصيع الغامض، بالصفير الأزرق والياقوت الأحمر والألماس، عام 1938

علبة من الذهب الأصفر مزدانة بطائر كناري ومرصعة بطريقة الترصيع الغامض، بالصفير الأزرق والياقوت الأحمر والألماس، عام 1938

ولأنها نشأت كشخصية من عامة الشعب في بلد متحرر مثل فرنسا، لم تتقبل القواعد الصارمة التي فرضتها عليها حياتها كملكة، ومن ثم أخذت من المجوهرات متنفساً تخرج فيه طاقتها الإبداعية الفطرية. ومن المعروف على نطاق واسع أن الملكة نازلي تمتلك تشكيلة من أروع المجوهرات على الإطلاق، وكانت قد عهدت لدار ڤان كليف آند أربلز بتصميم العديد من القطع لها ولبناتها. ومن بين هذه القطع رائعة الجمال تاجٌ وعقدٌ كانت الدار قد أبدعتهما لها لتتزين بهما خلال حضورها حفل زفاف ابنتها سمو الأميرة فوزية على الأمير محمد رضا بهلوي ولي عهد إيران. وكانت الملكة تميل إلى الموضة الفرنسية، فطلبت أن يجمع التصميم بين فنون آرت ديكو التي كانت شائعة في ذلك الوقت، وبعض اللمسات الجمالية من العقود المصرية. وما أن اطلعت على الرسومات الأوليّة للتصاميم التي عرضتها عليها الدار، أرسلت الملكة خطاباً مع سكرتيرها الملكي إلى ڤان كليف آند أربلز تبلغهم فيه أنها “مسرورة للغاية” بتصاميمهم. واشتمل العقد على نحو 673 حجراً من الألماس تجاوزت مجتمعةً 204 قراريط. ويتألف العقد من أربعة صفوف من الألماسات المميّزة بالقطع الدائري والمستطيل التي تلتف لتلتقي معاً في المنتصف عند ألماسة مركزية تزن 6 قراريط، قبل أن يستمر السحر لتتفرع منه للأسفل صفوف من الألماسات الدائرية. وبترصيع الأحجار على البلاتين اكتملت هذه اللوحة أحادية اللون، وخرج العقد على إثر ذلك في صورة تحفة فنية تضج بالرقي والأناقة والفخامة.

وبعد رحيل الملك فؤاد الأول، انتقلت الملكة نازلي لتعيش في كاليفورنيا، كان ذلك في أربعينيات القرن العشرين، ولكن حتى تعيش في مستوى يليق بها كملكة سابقة، اضطرت لبيع بعض مجوهراتها، بما في ذلك العقد المرصع بالألماس الذي يحظى بشهرة عالمية. وظل عقد الملكة نازلي مختفياً إلى أن عاود الظهور مجدداً عام 2015 بمزاد سوذبيز في نيويورك. وهو الآن ضمن مجموعة ڤان كليف آند أربلز.

 

واليس، دوقة وندسور (1896-1986)

دوق ودوقة وندسور

دوق ودوقة وندسور

“تعرفون جميعاً الأسباب التي دفعتني للتخلّي عن العرش. ولكني أريدكم أن تعلموا أني فيما كنتُ أتخذُ قراري لم أنس أبداً البلد والإمبراطورية اللذين طالما سعيتُ جاهداً لأن أخدمهما على مدار 25 عاماً، أولاً بوصفي أمير ويلز ثم بوصفي ملكاً. لكن عليكم أن تصدقوني حين أقول لكم إنني وجدتُ أنه يستحيل عليّ حمل هذه المسؤولية الثقيلة والقيام بواجباتي كملك على الوجه الذي أتمناه دون عون المرأة التي أحبها قلبي ودعمها”.

كان هذا الخطاب للملك إدوارد الثامن ملك إنجلترا ، والذي ألقاه بعد يوم من إعلانه عن تخلّيه عن العرش – ذلك العرش الذي صنع تاريخ العائلة الملكية البريطانية. ولم تكن المرأة التي وقع الملك في حبها وتخلّى عن أسمى منصب في بلده من أجلها تشتهر بجمالها، كما سبق لها الزواج مرتين. ولكن، بكل تأكيد لم تكن تلك المرأة الأمريكية التي جعلت إدوارد الثامن يتخلّى عن العرش من أجلها امرأةً عادية، فقد كانت واليس سيمبسون شخصية اجتماعية ساحرة، ومتحدثة لبقة، وتتمتع بذكاء متقد، وكانت من الكياسة لدرجة جعلت أمير ويلز المعروف بسمعته السيئة ومغامراته الغرامية يتخلّى عن كل شيء حتى يبقى مخلصاً لها وحدها.

الدوقة واليس، عام 1940

الدوقة واليس، عام 1940

أراد الملكُ المتيّم أن يبرهن للسيدة سيمبسون على حبّه لها، فكان يهديها الجواهر كدليل على محبته. وبالفعل، عهد إلى ڤان كليف آند أربلز بتصميم تلك القطع، كما ابتاع الكثير منها من الدار ذاتها أيضاً، بدايةً من السوار المرصع بالألماس والياقوت المحفور عليه عبارة “Hold tight” (تمسّكي بقوة) وصولاً إلى هديته لها في أعياد الكريسماس عام 1936 التي كانت عبارة عن بروش على شكل ريشتين مرصعتين بالياقوت والألماس بطريقة الترصيع الغامض. واحتفالاً بزواجهما عام 1937، كلّف الدوقُ الدارَ بتصميم سوار خاص أطلق عليه فيما بعد bracelet Jarretière (سوار الرباط) الذي جاء محفوراً عليه النقش For Our Contract 18-V-37 (بمناسبة زواجنا، 18-5-1937).

وعلى الرغم من أنها المرأة التي هزت عرش بريطانيا، فقد اعترفت الدوقة ذات مرة قائلة: “أنا لست امرأة جميلة، ولا أملك ما يجذب الأنظار إليّ، لذا، كل ما في وسعي فعله هو أن أتفوق على الجميع بأناقة أزيائي. فإذا نظرتْ إليّ عيون الجميع ما أن تطأ قدماي إحدى الغرف، يشعر زوجي بالفخر بي. هذه هي مسؤوليتي الأساسية”. وعلى الرغم من أنها لم تحظ قط على لقب ملكة، فإنها عرفت بكونها أكثر السيدات أناقة في العالم على مدار عشر سنوات متتالية. وكان أسلوب أزيائها يميل إلى ما هو جرئ وحاد، مع التزيّن بإكسسوارات تنسجم مع أزيائها لتكمل إطلالاتها الأنيقة.

على شكل نبتة شائكة، من الذهب الأصفر المرصع بالصفير الأزرق

على شكل نبتة شائكة، من الذهب الأصفر المرصع بالصفير الأزرق

يقال إن دوقة وندسور صاحبة الفضل في تصميم عقد “السحّاب”، حيث اقترحت على المديرة الإبداعية للدار آنذاك أنه يمكن ترجمة ذلك السحّاب العملي البسيط إلى قطعة مجوهرات راقية، وكان ذلك في عام 1938 تقريباً. وبالفعل، تمكنت ڤان كليف آند أربلز من تصميم أول عقد لها على شكل سحّاب عام 1950 بإلهام من الدوقة والذي أصبح من الرموز المميزة للدار.

ولأن الدوق والدوقة ليس لهما وريث، فقد أوصيا ببيع جميع مجوهراتهما عقب وفاتهما على أن تذهب كل إيرادات البيع إلى معهد باستور، وهو مؤسسة غير ربحية تختص بدراسة الطب الحديث. كما أشار دوق وندسور إلى رغبته في أن تُنزَع كل الأحجار من المجوهرات لأنه لم يكن يرد أن ترتدي أية سيدة أيّاً من هذه المجوهرات، باستثناء “حبيبتي واليس”، على حد تعبيره.

خلال الأربعينيات

سمو الأميرة ثريا (1932-2001)

الأميرة ثريا أميرة إيران

الأميرة ثريا أميرة إيران

اسمها ثريا إسفندياري بختياري، وصارت تعرف باسم “ريا” بين أفراد عائلتها. والدها هو الإيراني خليل إسفندياري بختياري الذي تعود جذوره إلى قبيلة بختياري، أما والدتها إيڤا كارل، فكانت روسية وُلِدَت في ألمانيا. التقى خليل وإيڤا ببعضهما ووقعا في الحبّ بينما كانا طالبين بالجامعة، ثم عادا إلى أصفهان بإيران بعد تخرجهما وزواجهما. وتنحدر ريا من عائلة لها تاريخ طويل من المشاركة في الحكومة الإيرانية والهيئات الدبلوماسية؛ فعمها سردار أسعد كان أحد قادة الثورة الدستورية في إيران خلال السنوات الأولى من القرن العشرين، كما عُيّن والدها سفيراً لإيران في ألمانيا الغربية عام 1950. وكانت حياة ريا أشبه بالحكايات الخيالية، حيث بدأت عندما كانت في الـ19 من عمرها وكانت على وشك التخرج والانتهاء من دراستها في سويسرا. وتعددت الروايات حول كيف التقت الأميرة بالشاه محمد رضا بهلوي – البعض يقول إن أقاربه عرّفوه إليها وهي لا تزال تدرس، بينما يقول آخرون إن الشاه رأى صورة لها فيما كان يبحث عن عروس جديدة بعد طلاقه من الأميرة فوزية المصرية (يذكر أن الأميرة فوزية هي ابنة ملك مصر فؤاد الأول وزوجته الملكة نازلي، وتزوجت فوزية من شاه إيران عندما كان لا يزال وريث عرش إيران).

وأيّاً كانت الرواية، فقد خطب الشاهُ تلك الفتاةَ صاحبة الأعين الزمردية، حيث أهداها خاتماً مرصعاً بزنة 22.37 قيراط من الألماس. وقبل الزفاف بفترة وجيزة، مرضت ريا مرضاً شديداً، ما اقتضى تأجيل الزواج. وفي محاولة منه لرفع روحها المعنوية، قيل إن الشاه كان يترك لها كل يوم قطعة مجوهرات إلى جانبها وهي على فراش المرض (أشارت الروايات التاريخية إلى أن مرض ريا دام لعدة أشهر، ولكن لا يزال عدد قطع المجوهرات التي أهداها لها غير معلوم). وكان الشاه على دراية بڤان كليف آند أربلز لأن مجوهرات زوجته الأولى كانت قد طُلِبَت من الدار. ومن بين القطع التي قدمها للأميرة ثريا بروش على شكل ثلاث عصافير جميلة، تعبيراً عن الحب والوئام؛ وقرطان على شكل مروحة من البلاتين بترصيع أحجار الألماس الدائرية البراقة والمستطيلة؛ ومشابك ميموزا التي تزينها باقة من زهور الميموزا الذهبية بالألماس البراق.

قرطان على شكل مروحة من البلاتين المرصع بالألماس، من المجموعة السابقة لسمو الأميرة الإيرانية ثريا، عام 1950

قرطان على شكل مروحة من البلاتين المرصع بالألماس، من المجموعة السابقة لسمو الأميرة الإيرانية ثريا، عام 1950

دام زواج الملكة ثريا من شاه إيران لسبع سنوات فقط ثم أعلن خبر طلاقها منه لعدم قدرتها على إنجاب وريث للعرش بعد أن تأكد أنها عاقر وباءت كل محاولات الأطباء معها في سويسرا وفرنسا بالفشل. تركت ثريا إيران في شهر فبراير عام 1958 لتعود إلى بيت والدها في مدينة كولونيا بألمانيا قبل وقوع الطلاق رسمياً في مارس من العام نفسه.

وبعد الطلاق، لقبت بالأميرة ثريا إسفندياري بختياري، وانتقلت لفرنسا لتقيم هناك بشكل دائم. بدأت الأميرة ثريا حياتها المهنية كممثلة، ومن بين الأفلام التي شاركت فيها فيلم I tre volti (3 وجوه) وفيلم She (هي) الصادر عام 1965. وأكد كتاب سيرتها الذاتية الذي صدر عام 1991 تحت اسم Le Palais des Solitudes (قصر الوحدة) أنه على الرغم من طلاقها واضطرارها للعيش في بلد أجنبي، فقد ظلت محتفظة بلقب الأميرة إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة.

خلال الخمسينيات

سمو الأميرة جوزفين شارلوت دوقة لوكسمبورغ الكبرى (1927-2005)

الأميرة البلجيكية جوزفين شارلوت

الأميرة البلجيكية جوزفين شارلوت

الأميرة جوزفين شارلوت هي الابنة الكبرى لملك بلجيكا ليوبولد الثالث والأميرة أستريد أميرة السويد. وفي عام 1935، تعرض والداها لحادث سيارة في سويسرا أسفر عن رحيل والدة الأميرة جوزفين، لتفقد جوزفين، التي كانت في ريعان شبابها آنذاك، وأخواها الصغيران -الأمير بودوان والأمير ألبرت- والدتهم. وتزوج الملك ليوبولد الثالث عام 1941 من ماري ليليان بيل التي حصلت فيما بعد على لقب أميرة ريثي. وفي عام 1944، نُفِيَ الملك ليوبولد الثالث وعائلته إلى ألمانيا، وكان ذلك قرب نهاية الحرب العالمية الثانية. وبعد عام، أُطلِقَ سراح العائلة، لتنتقل إلى بريني شامبيزي بالقرب من جنيف، حيث درست الأميرة جوزفين علم نفس الطفل بجامعة جنيف قبل عودتها إلى بلجيكا للاضطلاع بواجبتها الملكية.

تزوجت الأميرة جوزفين من الأمير جين ولي عهد لوكسمبورغ، عام 1953. وبمناسبة خطبتها، أهداها والدها مجموعة مجوهرات مرصعة بالألماس والياقوت تحمل توقيع ڤان كليف آند أربلز، ومنها بروش وقرطان وردييّ الشكل ظلت ترتديهما باستمرار طيلة حياتها. وفي حفل زفافها الذي أقيم في لوكسمبورغ يوم 9 أبريل من عام 1953، تألقت الأميرة جوزفين بعقد مرصع بالألماس والزمرد من إبداع ڤان كليف آند أربلز (يمكن تحويله إلى تاج)، إلى جانب سوار مرصع بالبلاتين والألماس.

وأنجبت الأميرة جوزفين خمسة أطفال من زوجها الأمير جين، الذي أصبح الدوق الأكبر للوكسمبورغ خلفاً لوالدته، كما ظلت الأميرة جوزفين إلى جانبه بصفتها دوقة لوكسمبورغ الكبرى على مدار 36 عاماً إلى أن تنازل هو عن العرش ورحلت هي عن الحياة.

ماهاراني من مدينة بارودا (1917-1989)

ماهاراني سيتا ديڤي صاحب من مدينة بارودا مع ابنها ساياجراو أمير جايكواد

ماهاراني سيتا ديڤي صاحب من مدينة بارودا مع ابنها ساياجراو أمير جايكواد

وُلِدَت سيتا ديڤي في مدينة مدراس الهندية في شهر مايو من عام 1917، وهي ابنة مهراجا بلدة بيثابورام. كان زواجها من براتاب سينغ راو جايكواد، مهراجا بارودا، عام 1943 هو الزواج الثاني لكليهما، والذي كان زواجاً مثيراً للجدل إلى حد بعيد. فلكي يتزوجها، كان عليه التماس المشورة القانونية أولاً، كما لم ينادِها أحدٌ بلقب “سموكِ” طوال فترة زواجهما. كانت ديڤي تتمتع بمهارات اجتماعية فذّة وعُرِفَت بحياتها المترفة الزاخرة بالسفر والترحال، ما جعلها تلقب بـ”واليس سيمبسون الهندية”. وكلما لاحت في الأفق متاعب الحياة في الهند، كانت تغادر هي وزوجها إلى مونت كارلو حيث قصر المهراجا الذي اشتراه هناك. ومع كل زيارة، كان يجلب معه الهدايا من كنوز المجوهرات الملكية من بارودا، بما في ذلك سجادة مرصعة باللؤلؤ، و”نجمة الجنوب”، وهي عبارة عن حجر ألماس بقطع الوسادة يزيد وزنه عن 20 قيراطاً.

كانت ماهاراني من أهم العميلات لدى ڤان كليف آند أربلز. وكما كان شائعاً في ذلك الوقت، أحبّت ماهاراني أن تضفي لمسة عصرية على تصاميم مجوهراتها الهندية، كما كانت كل طلبات الشراء التي تأتي من طرفها تتم تحت اسم “مدام براون” تحاشياً لذكر لقبها الطويل. وشملت طلباتها ما يزيد عن اثني عشر خاتماً، وكل أنواع البروشات التي صممتها الدار تقريباً، وإكسسوارات السيجار، وعبوات البودرة المضغوطة، وعلب الحلوى، وساعات اليد لها ولزوجها.

عقد "هندو" وقرطان مماثلان كانا في السابق ملكاً لماهاراني

عقد “هندو” وقرطان مماثلان كانا في السابق ملكاً لماهاراني

وعقب طلاقها عام 1956، ظلت ماهاراني محافظة على أسلوب حياتها الباذخ مع الإصرار على الإبقاء على شعار النبالة لمدينتها بارودا على سيارتها المفضلة من طراز رولز رويس. وبعد أن اضطرت لبيع بعض مجوهراتها دون أن تكشف عن هويتها، سافرت ماهاراني في جولة حول العالم مع ابنها وقرة عينها ساياجيراو. تُوِّفِيَت ماهاراني عام 1989، وكان كثيرون يرون أن سبب وفاتها هو انفطار قلبها على ابنها الذي فارق الحياة قبل أربع سنوات من رحيلها.

سمو الأميرة غريس أميرة موناكو (1929-1982)

الأميرة غريس متألقةً بطقم مجوهرات مرصع باللؤلؤ والألماس

الأميرة غريس متألقةً بطقم مجوهرات مرصع باللؤلؤ والألماس

يبدو أن غريس كيلي تدربت لتبدو كأميرة عندما أقام لها بيير غالانت جلسة تصوير عن الأميرات في موناكو، دون أدنى معرفة بأن تلك الممثلة الأمريكية الجميلة سوف تجذب انتباه أمير موناكو وستصبح معروفة لدى الجميع باسم الأميرة غريس أميرة موناكو.

 

تاج من البلاتين والذهب الأبيض مرصع بالألماس يمكن تحويله إلى عقد، عام 1976

تاج من البلاتين والذهب الأبيض مرصع بالألماس يمكن تحويله إلى عقد، عام 1976

حققت غريس كيلي نجومية كبيرة كممثلة في هوليوود بعد أداء أدوارها في أفلام مثل Dial M for Murder (أطلب م للقتل) من إخراج ألفريد هيتشكوك، كما حازت على جائزة أوسكار أفضل ممثلة عن دورها في فيلم The Country Girl أو (فتاة الريف) عام 1945. وبصفتها من ممثلي وفد الولايات المتحدة أثناء حضورها مهرجان كان عام 1955، تمت دعوتها إلى القصر لإجراء جلسة تصوير مع الأمير رينيه الثالث. ولأنها كانت على علاقة بالممثل الفرنسي جان بيير أومون، فلم تبدأ قصتها الرومانسية الحالمة مع الأمير رينيه في الحال. وسافر الأمير رينيه إلى الولايات المتحدة ليلتقي بها في وقت لاحق من ذلك العام، وهناك روايات عديدة تقول إن الأمير تقدم لخطبتها في غضون ثلاثة أيام، ومن هنا بدأت قصة سندريلا العصر الحديث.

طقم مجوهرات أهداه الأمير رينيه الثالث لغريس بمناسبة زواجهما

طقم مجوهرات أهداه الأمير رينيه الثالث لغريس بمناسبة زواجهما

وبمناسبة زواجهما عام 1956، أهدى الأميرُ رينيه أميرتَه غريس سواراً لؤلؤياً يتكون من ثلاثة صفوف ومزين بورود من الألماس وقرطين مماثلان، من ڤان كليف آند أربلز. كما أهداها قلادة لؤلؤية مكونة من ثلاثة صفوف وقرطين، وذلك بناء على توصية من لويس أربلز الذي قال إن اللؤلؤ يتناغم تماماً مع الجمال الراقي الذي تتمتع به غريس.

وكانت غريس تحرص دوماً في المناسبات المختلفة على ارتداء مجوهراتها التي تحمل توقيع ڤان كليف آند أربلز من هداياها، سواء كانت بروشات أم تيجاناً طُلِبَت لها خصيصاً من الدار. وللمناسبات غير الرسمية ولا سيّما المسائية منها، كانت الأميرة تحب ارتداء عقود ألامبرا (قصر الحمراء) التي تمتلكها. وقد انتقتها لخاماتها المتنوعة والثمينة في الوقت نفسه، بداية من المرجان، واللازورد، والمالاكيت، ووصولاً إلى العاج.

الأميرة غريس مع زوجها الأمير رينيه الثالث أمير موناكو

الأميرة غريس مع زوجها الأمير رينيه الثالث أمير موناكو

يعتقد كثيرون أن تصميم مجموعة ألامبرا التي أطلقتها ڤان كليف آند أربلز عام 1986 إنما جاء من وحي أفكار جاك أربلز، ابن شقيق مؤسس الدار، والذي تولى إدارة الدار في منتصف القرن العشرين. كان جاك يحب جمع أوراق البرسيم رباعية الشكل، والتي تمثّل رمزاً للحظ، ويعطيها لمحبوبته مع قصيدة “لا تتوقف” لجون غرينليف وايتير.

هل من الممكن أن تكون الأميرة غريس قد ارتبطت بهذه الأبيات الشعرية أيضاً كي تمنح نفسها القوة التي تمكنها من المضي قدماً كأميرة موناكو؟ تقول أبيات القصيدة: “عندما لا تسير الأمور على ما يرام كما ستفعل أحياناً، عندما يبدو طريقك متعسراً، عندما تثقل الديون كاهلك ولا تملك المال لسدادها، عندما تريد أن تبتسم ولكن تمتلكك مشاعر الإحباط، عندما يحاصرك الهم، فلتسترح ولكن لا تتوقف”.

اقرئي أيضاً: سليلات العائلات الملكية يحظين بفرصة التزيُّن بأندر مجوهرات ڤان كليف آند أربلز

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع