تابعوا ڤوغ العربية

ياسمين صبري امرأة خلقت لتكون أمام الكاميرا وتحت الأضواء

Photo: Nima Benati

هي من النساء القليلات اللواتي يمكن للمرء أن يرى قوتهن وثقتهن بأنفسهن. أنهت جلسة التصوير، غابت لدقائق خلعت في خلالها ثوب النجمة المتألقة وعادت امرأة عادية، عادية جداً لا يغطي جمال وجهها أي مساحيق تجميل أو أي أزياء فاخرة، ولا تخفي لمعان عينيها بأي نظرةٍ تفرضها عليها الأضواء… ياسمين صبري فعلاً امرأة قوية متصالحة مع نفسها، تعرف تمام المعرفة أنها امرأة جميلة وعرفت كيف تخلق من جمالها وذكائها توليفةً سارت بها إلى أن وصلت إلى مصاف أشهر الممثلات وأجمل الجميلات.

حوارنا مع النجمة الجميلة كان سلساً، تطرقت فيه إلى أمور كثيرة إلا أنها رفضت الخوض في أمور حياتها الشخصية، ورفضت الحديث عن الحب، إلا أنها أكّدت أنها دائماً في حالة حب ولم تصنّف الحب فقط في العلاقة التي تربط بين الرجل والمرأة. عزّة نفسها أكثر شيء تقدّره وتحافظ عليه منطلقة من حكمة الله «اللهم أعزّني».

«أنا امرأة خلقت لتكون أمام الكاميرا وتحت الأضواء»، هكذا وصفت ياسمين نفسها. لا تخشى الأضواء ولا الوقوف أمام عدسة المصورين، حتى أنها تنكر حين تعود بها الذاكرة إلى الوراء في أوّل أداء تجريبي لها عام ٢٠١٢ أنها شعرت بالخوف، وتؤكد أن ما ساورها في حينها كان الحياء من مخرج عاملها كأنها عبارة عن جسد يتحرّك، بينما ترى أنّ خطوة المرأة يجب أن تكون عزيزة عليها فلا تقبل أن يحرّكها أحد يميناً ويساراً.

عالم الفن لم يكن عالماً تعرفه ياسمين حق المعرفة، فهي كانت تخاف من الوسط الفنّي وكل ما يرافقه من علاقات غريبة وأسلاك شائكة. قدرها قادها إلى الفن، ففي بادئ الأمر كانت تحلم بأن تكون مذيعة وذلك لشدة تأثرها بأوبرا وينفري لكنّها لم تحقق هذا الحلم لافتقارها إلى علاقات تخدمها في هذا الوسط، فقررت أن تشارك في مسابقة ملكة جمال مصر إلا أنّ المسابقة ألغيت مؤكدة أن هذا كان قدرها ولخيرها. بعد المسابقة طُلب منها أن تشارك في إعلان Chevrolet Aveo إلا أنها رفضت خوفاً من الفكرة التي كوّنتها عن هذه المهنة، لكنّها في النهاية قبلت وأخذت شخصيتها المتزنة معها إلى أوّل عمل لها وكانت بداية مسيرتها الفنية مع مسلسل ديني «خطوات الشيطان» وكانت بشخصية محجّبة وثم مسلسل «من طريقي» الذي وضع ياسمين تحت الأضواء والشهرة وعرّف الناس أكثر عليها ومن ثمّ شاركت في مسلسل «حكايتي» الذي كان من بطولتها وفي هذا المسلسل كانت شخصية الخياطة التي أدّتها تشبهها إلى حد بعيد.

Photo: Nima Benati

عام ٢٠١٧ كان عام الحظ لدى ياسمين، ففي هذه السنة تدفّقت الفرص أمامها وبدأ الجمهور بمتابعة أخبارها وبداية شهرتها ونجاحها وأصبحت وجهاً مألوفاً في السينما وفي التلفزيون. تحب ياسمين أن تقدّم أعمالاً سينمائية خفيفة تتابعها العائلة، أمّا في الدراما فتحب أن تؤدي أدواراً أكثر جدّية كقصة حزينة أو رومانسية. لا تقبل ياسمين بأي دور لا يترجم حقيقتها كامرأة فهي تعتقد أنّ الدور يجب أن يمثّلها كامرأة عربية لأنها هي بدورها تمثّل شريحة كبيرة من النساء العربيات، وعلى الدور أن يكون بقدر أهميّتها كممثلة وهي في الكثير من الأحيان ترفض الأدوار الضعيفة فعلى العمل أن يكون نقلة مهمّة في مسيرتها الفنية وإضافة لها. وعن غيابها عن الشاشة لفترات طويلة قالت: «لم أتعمّد الغياب عن الشاشة لكّن ظروف شخصيّة حالت دون ظهوري». تمنّت ياسمين التعامل مع سيدّة الشاشة العربية الممثلة القديرة فاتن حمامة لأنّها تعتبرها ممثلة راقية تابعت أعمالها منذ طفولتها في منزل جدّتها، وترفض أن تفرض لقب فنّي على نفسها وتترك هذه المهمة للجمهور الذي يتابعها ويحكم على أعمالها.

تُعد ياسمين اليوم نجمة مشهورة ونجوميتها ترافقها Persona معيّنة تظهرها في الصور والمناسبات وأعمالها الفنية، إلا أن شخصيتها في الحقيقة مختلفة تفضل أن لا تظهرها للعلن، وقد شرحت قائلةً: «أنا شخصية طبيعية وهادئة و«بيتوتية» وبسيطة وانطوائية، لا تخطفني الأضواء، أكتفي بصداقاتي القديمة التي كوّنتها قبل الشهرة وأحافظ عليها لأنّني أمامها أعيش شخصيتي الحقيقية، ولأنني لا أثق بسهولة بالآخرين لا أفتح المجال لأناس جدد للدخول إلى حياتي خوفاً أن يكون تقربهم منّي بدافع المصلحة».

ياسمين شخصية عامة وممثلة مشهورة وامرأة تعرف من أين تؤكل الكتف وكيف تظهر نفسها، ويصاحب نجاحها الكثير من التعليقات منها السلبية ومنها الإيجابية، ولكنّها لا تتأثر بالانتقادات الهدّامة ولا تجد الوقت للرد على كل من يحاول الاصطياد في الماء العكر وهنا تؤكّد أنّ ثقتها بنفسها تفوق كل هذه التعليقات لدرجة أنّها لا تكترث لكل هذه السلبيات وتؤكد أنّ كل شخص معرّض للنقد وهنا قالت: «على الشخص الذي يرفض الانتقاد أن يلازم منزله». شخصية ياسمين المنشغلة بأمورها فقط جعلت منها نسخة تقلّدها النساء في الشارع العربي فهي ممتنة لأنها تنشر أسلوب حياة صحي ورياضي وتعيش روتيناً يعطي الدافع للكثير من النساء لتقليدها إن كان من طريقة التصوير أو ممارستها للرياضة وهذا مؤشر إيجابي فخورة به كونها متواجدة على مواقع التواصل الاجتماعي.

Photo: Nima Benati

شهرة ياسمين لم تأت من دون ضريبة تدفعها هي كامرأة، فهذه الشهرة قيّدتها ومنعتها من التحرّك بحرية وراحة فهي تلجأ إلى السفر لكي تعوّض ما لا يمكن أن تقوم به وسط زحمة الجمهور في بلدها، فكل ثلاثة أسابيع تسافر ياسمين خارج مصر بداعي العمل وتستفيد من وقتها الحر لتستمتع بكل ما حرمته منها الشهرة. في صغرها كان بإمكان ياسمين أن تتجوّل في السوق مع جدّتها أما اليوم تجد صعوبة في ذلك هي التي تحب الأسواق والأماكن السياحية في مصر كـ «خان الخليلي» أحد أحياء القاهرة القديمة فلا يمكنها أن تزور هذه الأماكن إلا وهي متنكّرة ففي إحدى المرات لبست النقاب (قطعة قماش تغطي الوجه غالباً ما يكون أسود اللون) لكنّه لم يساعدها في التخفّي لأن صوتها وعينيها فضحتاها ولذلك اعتمدت السفر لتنعم بحريّة أكبر. تحب ياسمين الجمال في كل ما تراه عينيها وتجده أينما سنحت لها الفرصة، فهي تحب كل ما خلقه الله وتحب الجزر والبحر أكثر من المدن لأن هذه الأماكن تذكّرها بالإسكندرية البقعة التي تنتمي إليها. وتدعو الله أن يريها ما أبدع من عظمة وجمال، حتى أنّها ترى الجمال في كوب القهوة وقططها الثلاث (هابي وصوفي وباني).

لم تلم ياسمين يوماً الظروف ومرّنت نفسها على تقبّل السيء وتعاملت مع كل ما تعرّضت له بإيجابية ووعي ونضج وهذا يعود لمعرفتها بعلم النفس، فهي تعلّمت المرونة النفسية من مادة الـ Psychological resilience التي منحتها القدرة على التعامل مع الشدائد والتكيف مع أحداث الحياة المجهدة. ومن الأشياء التي تقولها لنفسها ياسمين: «أنا خليفة ربّنا وأصنع قدري والكون بأجمعه مسخّر لخدمتي، حتى الجماد فيه، ويمكنني التحكّم في هذا كلّه، أنا امرأة مسلمة وأربط كل ما أتعلّمه بالدين الإسلامي» وتضيف: «أُسمع نفسي كلمات الرحمة والطيبة لكي أكون امرأة صالحة مع نفسي ومع الآخرين». لا غرابة إطلاقاً في تفكير ياسمين، فقبل أن تكون ممثلة ومشهورة هي إنسان يمرّ بحالات من الضعف والحزن وتفرَض عليها ظروف تجعلها مكتئبة لكنّها في أصعب الظروف دائماً تختار الشكوى إلى الله والرجوع إليه ولا تقاوم دموعها وعنها قالت: «الدموع مهمّة لأي شخص أرجل كان أم امرأة، والبكاء مفيد والكبت يضرّ صاحبه أكثر من أي شيء آخر».

Photo: Nima Benati

أفكار الممثلة الشابة المتحفظة تظهر كذلك على لباسها، فهي تعترف أنها امرأة متحفّظة إلى أبعد الحدود تحب الاحتشام في الملبس وتؤمن أنّ أناقة المرأة تترجم في احتشامها وتعزو ذلك إلى بروتوكول العائلات الملكية في إسبانيا وانكلترا والدول الأوروبية ناهيك عن تحفّظ واحتشام المرأة في مجتمعنا العربي. تحرص ياسمين على الظهور في صورة محتشمة على السجادة الحمراء وفي أعمالها الفنية وإعلاناتها، فأزياء ياسمين من الأشياء التي تحرص أن تقتنيها بعناية، فهي تحب أن تتألّق بالأزياء التي تناسبها، حتى لو لم تكن ضمن الموضة الرائجة. وتتذكّر ياسمين أنّها في أوّل ظهور فنّي لها كانت تمسك بقميصها وتشدّه لإخفاء أي مفاتن، فهي تحب أن يكون أي عمل تظهر فيه عنها كامرأة وليس عن طريقة لبسها ومفاتنها، وتؤكد أنها يوماً ما ستلبس الحجاب وهذه الفكرة ليست ببعيدة عنها كامرأة مسلمة ومؤمنة، وتنزعج ياسمين من كل امرأة وخاصة تلك التي تتعاطى مع الكاميرا كمهنة، تعمل جاهدة على إبراز مفاتنها بشكل غير لائق للفت الأنظار وجذب الفرص. لا تلجأ ياسمين إلى التبضع حين تشعر بالإرهاق أو التعب من العمل أو الضغوطات فهي تشتري ما يعجبها ويفرحها، وياسمين لم تبخل على نفسها بشيء فتقتني كل ما تريد، والقطعة التي لا يمكنها التخلّي عنها هي السوار.

هذه الاستثنائية التي تعيشها النجمة تحت الأضواء تعود جذورها إلى طفولتها، وهي تؤكد أن طفولتها لا تشبه ما تربّت عليه أي طفلة. تربت ياسمين على يد جدّتها التي تحب وتحترم، تعلّمت منها الأصالة والهدوء والدين وعوّدت أذنها على عمالقة الزمن الجميل كأم كلثوم، كما تعلّمت منها فن الطبخ وعن هذه الفترة تقول: «جدّتي ربّتني بأفضل طريقة، فأسلوبها حوّلني إلى امرأة مراهقة منضبطة لم ترتكب الكثير من الأخطاء». وأين لها أن تكثر من الأخطاء وقد تمارس السباحة مذ كانت في الرابعة وحتى الثامنة عشر من عمرها، لتتحول حياتها إلى تمرين يومي لا مجال فيها للدلال والعشوائية. أسلوب جدّتها رافقها حتى في مقر التمرين، فقد شاءت الظروف أن تحظى بمدرب شخصي كان دائماً يقول لها: «الشخص الذي يسعى إلى النجاح والاختلاف لا بدّ أن يدفع الضريبة». وياسمين ترى أنّ الجيل الجديد ينقصه الكثير من الانضباط وتعتبر أن مواقع التواصل الاجتماعي هي جزء كبير وعامل مؤثر بشكل سلبي على هذا الجيل. ولهذه الطفلة التي كانت عليها ياسمين تقول اليوم: «أنا فخورة بك وها أنت اليوم حققت كل ما حلمت به». ياسمين لم تصل إلى المرأة الناضجة التي تعتز بها اليوم من دون التخطيط والحلم، فهي كانت تحلم بكل الأشياء الجميلة التي تملكها، فهي تؤمن بكرم الخالق عليها وتؤكد أنها منذ صغرها كانت تتمتّع باستحقاق عالٍ فتجذب الأشياء التي تحلم بها وفطرتها قادتها إلى تحقيقها.

Photo: Nima Benati

ومن شبّ على شيء شاب عليه! أسلوب حياة هذه النجمة المصرية بسيط، فهي تحب النهار وحياة الليل لا تعني لها الكثير، تحرص على النوم باكراً وروتين يومها يعتبر هادئ جداً تحب أن تشغل نفسها في ممارسة الرياضة والمطالعة وهي شخصية تحب الكتب التي تخاطب صحّة المرء النفسية وآخر كتاب قرأته كان بعنوان Healing and recovery للكاتب والدكتور في علم النفس دافيد هاونكز. وعن تعلّقها بهذا النوع من الكتب شرحت: «لو أحبّ المرء أن يتطور عليه معرفة عيوبه ويحدد نواقصه ويعمل على تصحيحها بالمعرفة والعلم». تؤمن ياسمين أنّ كل ما غاص المرء في المعرفة يبقى بحاجة إلى معرفة المزيد وكأنها تتبع مقولة أبرز وأهم شعراء العرب الشاعر أبو نواس حين كتب «فَقُل لِمَن يَدَّعي في العِلمِ فَلسَفَةً حَفِظتَ شَيئاً وَغابَت عَنكَ أَشياءُ». وبين اليوم والأمس لم تتغيّر ياسمين لكنّها اليوم تخاف على نفسها وقالت: «لم أصرّح يوماً أنني أخاف على نفسي لكنّي اليوم أقولها لأنني عزيزة جداً على نفسي وحريصة جداً على حياتي». لا تحكم ياسمين على نفسها ولا تجلدها، وهي اليوم امرأة واعية وناضجة وتعرف الشخص الذي تتعامل معه من طريقة كلامه وتعطي الفرصة لإحساسها للعب دور الحكم في هذه المواقف. مبدأ واحد لا يمكن أن تغيّره ياسمين فهي ترفض أن تأذي أي شخص وحتّى في بعض الأحيان تتخلّى عن حقّها كي لا تدخل في صراع مع ذاتها وتعتمد قاعدة: «كما تدين تدان».

لبّت ياسمين في التاسع من مارس دعوةً إلى حفل Into the Wild Panthère de Cartier الذي أقيم في حي دبي للتصميم، فتألقت على السجادة الحمراء بفستان زهري من علامة  Balmain ومجوهرات كارتييه. علاقة ياسمين مع كارتييه بدأت منذ ٢٠١٧ وتتشرف بالعلاقة التي تجمعها بدار المجوهرات العريقة هذه، كونها أوّل امرأة عربية تتعاون مع كارتييه وتتواجد مع سفراء العلامة العالميين. تمثّل كارتييه حقيقة شخصية ياسمين وقطعها التي تتفرّد بالقوة والأنوثة صفات تميّزها هي كامرأة، بالإضافة إلى احترام العلامة للمرأة الأمر الذي تشاركه ياسمين مع الدار.مع اقتراب شهر رمضان، شهر المسلسلات، صرّحت ياسمين أنها لم تدخل الماراتون الرمضاني لهذا العام لكنّها شاركت في إعلان ضخم مع نجم كبير لا يمكنها أن تفصح الكثير عن هذا العمل لأنها تعّهدت بعدم الحديث عنه، وأضافت أنّها تعمل على فيلم كوميدي «أبو نسب» لعيد الفطر مع الممثل المصري محمد إمام والمخرج رامى إمام.

نعيش في مجتمع ذكوري بامتياز حيث تهدر حقوق المرأة في العلن، حقوق تسلب منها وقوانين مجحفة تضرب بظلمها عرض الحائط، لكن لياسمين نظرة مختلفة تحب أن تشاركها مع المرأة العربية ولها قالت: «اعتمدي على نفسك، وتعلّمي أن تتقني أي حرفة»، وحذرت الرجل من تقدير المرأة التي تعيش معه

إقرئي أيضاً: ياسمين صبري تتألّق على غلاف عدد أبريل 2023 من ڤوغ العربية الذي يحتفي برمضان ويسلّط الضوء على الروابط العائلية الجميلة التي تسود خلاله

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع