تابعوا ڤوغ العربية

ڤوغ العربية تسأل: لمَ لا تجيد علامات الأزياء الكبرى التعبيرَ عن الأقليات؟

إطلالة من عرض باير موس لربيع وصيف 2020

إطلالة من عرض باير موس لربيع وصيف 2020

سارت عارضات سمراوات من مختلف الجنسيات والأعراق متألقات بالجدائل والتسريحات الإفريقية والحجاب على منصة عرض مجموعة باير موس لربيع وصيف 2020، فيما كانت جوقة كنسية جميع أفرادها من السود تغنى في الخلفية بكلمات الأخت روزيتا ثاربيه، مؤسِّسَة الروك آند رول. ورغم أن هذا العرض كان قد أقيم في بروكلين احتفالاً “بالأقلية” –إلا أنه أعاد إلى الأذهان قضية استبعاد السود– وقُدِّمَ أمام حشد من الحضور كانوا الأكثر تعدديةً على نحو لم يُرَ مثله من قبل خلال أسابيع الموضة في نيويورك. ورغم سعادتنا بجهود كيربي جين ريموند، مصمم علامة باير موس ومؤسِّسها، في إدماج الأقليات وفهمها وتمثيلها، إلا أنها من المفاهيم التي لم تتمكن بعض علامات الأزياء الكبرى من اعتمادها.

وقد تسبب غياب الوعي والمعرفة بالأقليات إلى ارتكاب عدد من أكبر الأسماء في عالم الموضة لأخطاء جسيمة. ففي ديسمبر الماضي، واجهت برادا عاصفة من الانتقادات بسبب تشكيلة من سلاسل المفاتيح والتماثيل الصغيرة التي أطلقتها ضمن مجموعتها براداماليا، وتضمنت شخصيات بوجوه سوداء وشفاه حمراء غليظة تشبه وجوه السود. ويشار إلى أنه قد شاع استخدام هذا النوع من المكياج المسرحي في القرن التاسع عشر من جانب الممثلين غير السود لتقديم السود بصورة هزلية وبطرق مهينة.

كنزة برقبة عالية من غوتشي تحمل إيحاء عنصرياً مسيئاً

كنزة برقبة عالية من غوتشي تحمل إيحاء عنصرياً مسيئاً

كما تعرضت العلامة لانتقادات بسبب الشبه بين هذه الشخصيات وأبطال كتاب الأطفال الشهير ’قصة الفتى الأسود الصغير سامبو‘ الذي نُشر في القرن التاسع عشر وحَفِلَ بكثير من الصور النمطية العنصرية. وفي يناير هذا العام، أثارت غوتشي موجة من الغضب عندما أطلقت كنزة سوداء بياقة عالية مزودة بقناع يُوضع على الفم مزيّن بشفتين حمراوين برّاقتين، وبدا أيضاً شبيهاً بوجوه السود. وقد سارعت العلامتان إلى نشر بيانات اعتذار وسحب تصاميمها المهينة من سوق التجزئة. وأوضح الرئيس التنفيذي لمجموعة كيرينغ وقتذاك، فرانسوا أونري بينول، أن الشركة الأم لغوتشي لديها فرق تراجع منتجات السوق الآسيوية ولكن ليس لديها فرق مثلها لمراجعة مدى حساسية هذه المنتجات بالنسبة للسود. بيد أن مراجعي السوق الآسيوية هؤلاء فاتهم غطاء للرأس من نفس المجموعة حمل اسم “عمامة هندية كاملة”، أطلقتها الدار في مايو، وأثارت مخاوف عدد من كبار الشخصيات السيخية بسبب سوء استغلال الرموز الثقافية. وقد غرد أحدهم قائلاً: “عمامة السيخ ليست إكسسواراً جديداً مثيراً للعارضات البيضاوات وإنما رمزاً دينياً للملتزمين من السيخ”. كما نالت المجموعة نصيبها من الانتقادات على مواقع التواصل لأنها جعلت العارضات البيضاوات يرتدين الحجاب، ما دفع غوتشي إلى تعيين مدير للتعددية كجانب من برنامج يهدف إلى تفادي هذه الأخطاء. وقد حذت حذوها كل من بربري، و شانيل، و برادا .

العمامة الهندية الكاملة من غوتشي

العمامة الهندية الكاملة من غوتشي

تقول غيزلان قنز، المؤسِّسَة والرئيسة التنفيذية لموقع ذا موديست المتخصص في بيع الأزياء المحتشمة بالتجزئة: “أرى أن جميع هذه الأخطاء ترجع إلى سبب واحد، وهو: غياب الفهم العميق لقطاع من العميلات اللواتي تستهدفهن بعض هذه العلامات”. وهو الأمر الذي تداركته غيزلان التي يعمل في شركتها فريق يتألف من 60 فرداً، يقيمون ما بين دبي ولندن، وينتمون لأكثر من 25 جنسية، ويعتنقون مزيجاً من العقائد، وتبلغ نسبة النساء فيه 70% فيما تبلغ نسبة الرجال 30%. تقول: “إذا كانت العلامات تحاول الدفع بتغيير حقيقي، فعليها أن تكون صادقة في ذلك وأن تبدأ بتطبيق الأمر على هويتها. هل التعددية قيمة حقيقية تهتم بها؟ وما مدى تنوع أفراد فريقها من ناحية العرق، والجنسية، والجنس؟”.

وتوافقها الرأي ميلاني الترك، الرئيسة التنفيذية لعلامة هوت حجاب والقائدة الفكرية للأزياء المحتشمة. تقول: “لم تكن جميع هذه الأخطاء تتطلّب سوى أن يقول شخص واحد في الفريق: ’يبدو ذلك غير لائق إلى حد ما‘. فالتعددية بين أفراد الفريق أهم أمر يمكن للعلامات القيام به، ويجب أن يشمل جميع المستويات. وعلاوة على ذلك، يجب أن يشعر العاملون أنهم يعملون في بيئة يمكنهم فيها إبداء رأيهم بأريحية ودون عقاب. ولعل أحدهم في غوتشي خطر له أمر ما، ولكنه لم يشعر بأنه يستطيع التعبير عن رأيه بصراحة”.

إطلالة من حملة بانانا ريبابلك لأزياء المحجبات

إطلالة من حملة بانانا ريبابلك لأزياء المحجبات

والتعبير عن الرأي هو ما فعلته ميلاني في وقت سابق من هذا العام حينما أطلقت علامة بانانا ريبابلك حملةً للترويج لمجموعتها من أزياء المحجبات افتقرت إلى الوعي الثقافي. فقد تصدرتها عارضات محجبات ارتدين بلوزات بأكمام قصيرة، حتى إن إحداهن ارتدت تنورة مصممة بشق طويل امتد إلى أردافها. وقد وجهت ميلاني النقد إلى بانانا ريبابلك على مواقع التواصل، ما دفع العلامة إلى إجراء تعديل على هذه الصورة المسيئة. وعن ذلك تقول ميلاني: “كانوا يحاولون فعل الصواب، وكانوا حسنيّ النية في ذلك. وقد استعانوا بعارضة محجبة، وحقيقة أنهم يبيعون أزياء للمحجبات يعبّر بقوة عن جهدهم تجاه الشمولية. ولكن كان من الممكن تنفيذها بصورة أفضل. لو كانوا أسموا الحجاب دثاراً، كان من الممكن أن يختلف الأمر لأن ذلك سيجرده من دلالته الدينية. ولكن ظهور عارضة ’محجبة‘ بتنورة مشقوقة حتى أردافها كان تصويراً غير لائق لمفهوم الحجاب”.

ومن ناحية أخرى، وقعت منسقة الأزياء والداعمة للأزياء المحتشمة، مروة البلتاجي، ضحية لما يسمى بالتنميط الثقافي في العديد من المناسبات. توضح قائلةً: “يظنني الناس إما لاجئة أو مهاجرة من الشرق الأوسط تحاول الإقامة في بلدهم، أو أني من منطقة الخليج وأملك مالاً وفيراً أبذره حيث أشاء، لذا يتبعوني في أنحاء المتاجر”. وتؤكد: “إنه أمر يرجع إلى غياب الثقافة، والتضليل الإعلامي، والشركات التي لا تدرب موظفيها على خدمة الزبائن بطريقة سليمة. وأعتقدُ أن هناك نقصاً خطيراً في عدد الأفراد العاملين في الموضة ممن ينتمون إلى مجتمعات متنوعة. إنها مسألة لا تتعلق فقط بموظفي المبيعات – بل تشمل التسلسل الهرمي للمديرين التنفيذيين”.

تِس هوليداي تشارك في عرض أزياء كرومات

تِس هوليداي تشارك في عرض أزياء كرومات

وللأسف، يعدّ التنميط الثقافي أمراً شائعاً في صناعة الموضة في رأي هدى كاتبي، مؤلفة كتاب “إطلالات الشارع في طهران” والمتحدثة باسم مدوَّنة الأزياء السياسية JooJoo Azad. تقول: “إنه أمر سبق وتكرر في عرض مجموعة مارك جيكوبس لربيع وصيف 2017، حيث ظهرت العارضات البيضاوات بخصلات مجدولة. وهذه التسريحات، والأنماط التقليدية، وزخارف المضطهدين على مر التاريخ تصبح عناصر مناسبة، ومسموح بها، وشائعة، بل وجذابة بعدما تظهر فقط على أجسام البيض أو يصنعها أفراد من البيض”.

ولكن يبدو أن مراعاة الأقليات وتمثيلهم جيداً أكثر سهولةً لدى العلامات التي تضع مفهوم التعددية في صميم اهتماماتها بسبب تعيين شخص من الأقليات على رأسها. وقد أقامت علامات مثل كرومات، وبرابال غورونغ، وساڤيج X، وفنتي، وكريستيان سيريانو عروضاً في نيويورك خلال سبتمبر احتفت بالتعددية، سواء على منصات العروض أم عبر الحاضرين في الصف الأول.

عارضة بيضاء بتسريحة الشعر المجدول خلال عرض مارك جيكوبس لربيع وصيف 2017

عارضة بيضاء بتسريحة الشعر المجدول خلال عرض مارك جيكوبس لربيع وصيف 2017

ولكن كيف نغيّر طريقة تعامل العلامات الغربية الكبرى مع الأقليات؟ تجيب مروة البلتاجي: “أعتقدُ أن استقدام أفراد من مختلف الخلفيات الثقافية أمر مهم لفهم الفروق الدقيقة لمجتمعاتهم”. وتنصحهم بقولها: “عليكم توظيفهم، وجعلهم شركاء لكم، امنحوهم مسؤولية عقد صفقات للعلامة، وادعوهم إلى عروضكم، واجعلوا منهم مرشدين لكم”. أما ميلاني فترى أن التعلّم من الأخطاء أمر بالغة الأهمية أيضاً. تقول: “اليسار الليبرالي تمادى قليلاً عندما توقع أن العلامات والأفراد يدركون الفروقات الدقيقة في كل ثقافة، طوال الوقت؛ يجب أن يفهموا أن التحيّز والقوالب النمطية تشكل جزءاً من طبيعتنا كبشر، وأن يعملوا بنشاط على مكافحتها، وذلك على يد موظفين مدربين في قاعات الاجتماعات وأماكن البيع بالتجزئة”.

نُشر للمرة الأولى على صفحات عدد أكتوبر 2019 من ڤوغ العربية.

الصور: Getty Images وIndigital.tv

اقرؤوا أيضاً: احتدام الجدل مجدداً عن الحجاب في فرنسا

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع