أكتبُ كلمةَ رئيس التحرير هذه من إحدى أجمل بقاع الدنيا، من شفشاون، وهي قرية صغيرة مطليّة بكاملها بدرجات الأزرق الرائع تقع بين جبلين في شمال غرب المغرب. نحن هنا لتصوير غلاف بالغ الأهمية يشهد على عودة حليمة آدن إلى عالم الموضة. يُذكَر أنه في عام 2020، قررت العارضةُ السابقة فجأة اعتزالَ هذا المجال، إذ لم تَعُد صحتها النفسية ومعتقداتها الدينية تتوافق مع جلسات تصويرها الجريئة وتهاديها على منصات العروض. ولما حدث هذا وما جرى من انتقادها للمحررين والمجلات عبر سلسلة من المنشورات على إنستغرام، أذكرُ أنني شعرتُ ببعض الحيرة وخيبة الأمل، لأن ڤوغ العربية كانت ضمن الأسماء التي ذَكَرَتْها. وفي رأيي، أعتقدُ أننا كنّا دائمًا في غاية الحرص معها والحب لها أثناء عملنا معها.
وبعد ثلاث سنوات، يذكّرني هذا الموقفُ برمّته بدرس مهم؛ فرغم كل هذا الألق والبريق، لن نعلم أبدًا بِمَ يشعر الآخرون حقًا وما المعارك التي يخوضونها. ومثل جميع البشر، حليمة إنسانة ربما تكون قد تعرّضت لضغوط شديدة من هذه الصناعة – وهي نفسها تعترف بذلك. والآن، نفتح فصلاً جديدًا من التعاون بيننا. لقد كنّا أول مجلة من إصدارات ڤوغ تنشر غلافًا لحليمة، وأفخر بأننا أيضًا أول مجلة من إصدارات ڤوغ تقدمها مرة أخرى بعد ثلاث سنوات من الانقطاع. وإلى جانب رغبتي في شكرها على سفرها معنا إلى المغرب لتحقيق خيالي الإبداعي (لطالما حلمتُ بالتصوير في شفشاون)، أود أن أشكرها أيضًا على حوارها الصريح الذي ناقشنا فيه دون تحفّظ كيف عالجت صحتها النفسية، وتمثيل النساء المسلمات في وسائل الإعلام، والتحديّات التي يواجهها عديدٌ من العارضات، وأهمية الأمل للاجئين.
وفي هذا العدد أيضًا، تتعرفون على هالي بيلي في موضوع مشوّق. يُذكر أن الممثلة الشابة ستتألق بفستان حورية البحر آريل في النسخة الحيّة الجديدة من فيلم ديزني «ذا ليتل ميرميد» المقرر عرضه هذا الشهر. ورغم أن الفنانة بيلي قد سبق ترشيحها بالفعل لجائزة «غرامي» حينما حصلت على هذا الدور، فقد أثار إعلان اختيارها عاصفةً [من الجدل] على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تساءل كثيرون عن سبب تجسيد ممثلة سمراء لشخصية آريل. وفي حوارها بصفحة 108، تقول هالي إن موجة الغضب العنصرية التي أثيرت ضد امرأة سمراء لقيامها بدور حورية البحر الخيالية كانت بمثابة صدمة لها، رغم أن الأمر لم يأتِ على نحو مفاجئ تمامًا. ومع ذلك، لم يمنع هذا هالي من اغتنام اللحظة وتحمّل مسؤولية لعب هذه الشخصية الأيقونية.
وهذا الشهر، انطلقنا إلى العوالم الإبداعية الساحرة لشخصيتين مبهرتين في عالم الموضة؛ ففي الهند صَحِبَتنا لوتشيا سيلڤيستري، المديرة الإبداعية لمجوهرات «بولغري»، في رحلة بحثها عن الأحجار الكريمة المذهلة التي يومًا ما ستزيّن أعناق وآذان وأصابع أكثر النساء جاذبيةً في العالم. أما في باريس، فسعدنا بلقاء هاريس ريد، أصغر مدير إبداعي لدى «نينا ريتشي» على الإطلاق. وفي آخر أسبوع للموضة، وقفتُ مشدوهًا أمام تصاميمه. تعجبني ثقة ريد بنفسه وهي ثقة في محلها، كما تعجبني قدرته على إبداع إطلالات تجعلنا نحلم ونطلق رغباتنا. وما الموضة إذًا ما لم تكن تجمع بين هذا المزيج من
المراوغة والشغف؟