تابعوا ڤوغ العربية

حصرياً: حوار مع الكاتبة الشيخة مريم صقر القاسمي حول أدب الأطفال

بانت موهبة مريم صقر القاسمي في الكتابة مذ كانت طالبةً في المرحلة الابتدائية، فكتابتها في تلك الفترة كانت ملفتة جذبت معلماتها وألقت الضوء على قدراتها التعبيرية فلاقت التشجيع في المدرسة وسمعت كلمات المديح من كل معلمةٍ تتلمذت في صفها ووجدت نفسها تشترك في كل مسابقة أدبية تنضم إليها مدرستها. تعود القاسمي بالذاكرة إلى المرحلة الدراسية فتقول: “تجربتي في القراءة بدأت من عمر صغير جداً. لا أنسى حين كنت في الصف الثالث عندما قررت مدرسة اللغة الانجليزية أن تخصص وقتاً لتمتحننا من خلال سرد القصص. كانت تسرد القصص ثم تطرح أسئلة تختبر من خلالها الطلاب. فكان الأمر أشبه بامتحان ترفيهي. أسلوب المعلمة غيّر نظرتي للقراءة وبدأت أمضي حتى وقت الفسحة في المكتبة”. انتبه والداها كذلك لموهبتها هذه فوجدت لديهما الرعاية اللازمة فكانا يبتاعان لها الكتب لصقل موهبتها وتنمية حسها الأدبي. وبالفعل أثمر هذا التشجيع والدعم ونشرت القاسمي أولى قصصها في العام 2016 وهي تقول: “أصدرت كتابي الأول في العام 2016 وفي رصيدي حتى الآن 12 قصة”. والمميز في كتابات مريم أنها تتوجه للصغار فهي تحبّ الخيال والكتب المصوّرة وتنجذب حتى الآن إلى كتب الأطفال وقد صرّحت: “الكتابة للصغار أصعب من الكتابة للكبار لأنها تخاطب عقول فضولية ومهمتها الأولى جذب الطفل”. وتتابع حديثها: “عند كتابة قصة للأطفال أو مسرحية استعراضية أو مسرحية دمى أرمي إلى توصيل رسالة هادفة بطريقة مشوقة بعيداً عن الطريقة التوجيهية”. ولا تحصر القاسمي نفسها ضمن خانة الكتّاب إنما تعتبر نفسها أيضاً ناشطة في تخصص الكتابة فهي تكرس وقتها بين الكتابة سواء كتابة قصص أو المسرحيات أو المقالات الصحفية أو الورش التفاعلية في المدارس والمؤسسات التعليمية. حالياً تعيش القاسمي هوسها بأدب الأطفال فتركز على فئة الصغار واليافعين وتتوجه إليهم عند كتابة القصص والمسرحيات رغم أنها تطمح أن تصدر مستقبلاً رواية تاريخية للبالغين. وقد ذكرت في معرض حديثها أنها توّد أن تكتب عن موضوع التسامح فهي ترى فيه موضوعاً أساسياً في ما يتعلق بتربية الطفل لا بدّ من معالجته ونشره في المجتمع العربي. وقد قدمت فعلاً ثلاث إصدارات في أدب الطفل ومسرحيتين حول هذا الموضوع، وقد قالت: “لا بد أن يتعلم الطفل تقبل إختلاف الآخر واحترام وجهات النظر المختلفة ليكون فرداً ناجحاً ومسالماً في المجتمع”.

بالإضافة إلى تميزها بأدب الأطفال، لقاسمي أسلوب كتابي يميزها أيضاً عن غيرها من الكتّاب فهي لا تحب أن تتقيد بالطرق التقليدية في الكتابة وتعتقد أن لكل كتاب طريقة مختلفة في الطرح، وقد قالت: “أستخدم أحياناً أسلوب السؤال وأحب أحياناً أخرى أن أبدأ بالأكشن”. وللكتابة في حياة القاسمي أدوات، أهمها هي الذهن الخالي المستعد للإبداع، فالخيال المطلق والبحث العلمي ركيزتان لا يمكن أن تتخلى عنهما تستعين بهما في كتاباتها لتوصيل المعلومات الدقيقة؛ وثانيها إعادة القراءة أكثر من مرة وإجراء التعديلات الضرورية زيادةً او نقصان. ومن التحديات التي تواجهها مريم في عملها ذكرت الترجمة. فأكثر الكتب التي تكتبها ثنائية اللغة، لذلك تُعد الترجمة تحدياً وقد شرحت هذا التحدي قائلة: “على المترجم الاختيار بين استخدام الكلمة الأصلية أو استخدام ما يعادلها من كلمات للحفاظ على نفس الشعور والإحساس الثقافي بين اللغتين”.

القاسمي التي شغفتها الكتابة حباً، تميل أكثر ما تميل إلى القصص المصورة وتهتم بأدق التفاصيل في الرسومات وهي تقول: “يمكن إظهار بعض التفاصيل عن طريق الرسومات بدلاً من الكتابة، كأن نضيف رسماً يوضح حالة الغضب التي تعتري شخصية معينة بدل أن أكتفي بكلمات تصف حالتها”.

من الكتب التي لا تملّ القاسمي من قراءتها ذكرت كتاب “بيبي و أبناء الملك” للكاتب الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة؛ وهي تقول: “قرأت الرواية أكثر من مرة. أنا أعشق التاريخ وتميزت هذه الرواية بالمصطلحات اللغوية السلسة وقد ارتكزت على مصادر موجودة فقط في إحدى المكتبات العريقة في إسبانيا، مما زاد من تفردها”. وككاتبة لم تكتفِ القاسمي بنشر القصص إنما ساهمت في التنشئة المجتمعية الهادفة من خلال الكتابة فهي تحب الثقافات وتحب أن تكتب عن مهن عربية كانت موجودة واندثرت عبر الزمن وهي تقول: “كان للمهن العربية ولا يزال بصمة في العالم العربي وقد تناول بعض الكتب هذه المهن ككتاب “ساقي الماء” الذي يتناول ثقافة المملكة المغربية وكتاب “أين اختفت الحروف” الذي يتطرق إلى شخصية الحكواتي الذي اشتهر في بلاد الشام”.

وللقاسمي اهتمام بالمرأة العربية وهي حالياً عضو في هيئة المرأة العربية ولها حضور خاص في لجنة اللغة العربية وهي تسعى من خلال منصبها هذا إلى تمكين المرأة العربية في التعليم. ورؤيتها للنساء في الإمارات مميزة وتعتقد أن المجتمع الإماراتي متعطش إلى وجود كاتبات ليس بالضروة في مجال أدب الطفل، فهي تؤمن أن كل واحدة يمكنها أن تكتب في مجال تخصصها و أن تبدع فيه. وتختم القاسمي حديثها حامدة الله على وجودها في دولة كالإمارات العربية المتحدة إذ تقول: “الحمدالله نعيش في دولة متقدمة ومعطاءة تحثّ المرأة على العمل وتشجع إنجازاتها. إنني أفخر بكل امرأة عاملة أو منجزة. وإننا نسعى دائماً إلى تقديم ورش تعليمية تدعم كل امرأة خجولة وتقدم لها ما تفتقده من دعم وتشجيع”.

نشر للمرة الأولى على صفحات عدد مارس 2020 من ڤوغ العربية.

اقرئي أيضاً: رحلة موسيقية مع الإماراتية فاطمة الهاشمي وإيقاعات فنية مبتكرة

الاقتراحات
مقالات
عرض الكل
مجموعة ڤوغ
مواضيع